قصــة الـ (19) .. تفاصيـــل ما جــرى

الخرطوم: خالد فتحي
كانوا ساهمي النظرات، مطأطئي الرؤوس، ضربت عليهم الذلة والمسكنة، عبرونا بخطى متسارعة رسمت طريقهم إلى قاعة الحكم في انتظار ما ستسفر عنه الجلسة الختامية في قضيتهم التي ملأت الدنيا وشغلت الناس طيلة الأيام الماضية. كانت عقارب الساعة تقترب من الحادية عشرة قبل منتصف نهار الأمس داخل مجمع جنايات أم درمان وسط عندما وصل رتل كثيف من عناصر الشرطة، وبدأوا في إعطاء توجيهاتهم بصوت مسموع لجميع الذين احتشدوا بالردهات المؤدية إلى القاعة المخصصة لانعقاد الجلسة لإفساح الطريق لدخول المتهمين الـ (19)، وبعد أن اطمأنت القوة لخلو الطريق المؤدي إلى القاعة تماماً إلا من عناصرها؛ جاءت بالمتهمين مسرعين، كلهم بلا استثناء يحرص على مداراة وجهه بيده مخافة أن تلتقي أعينهم بأعين الحشود أو يتعرف عليهم أحد.
بعدها سمحت الشرطة التي فرضت طوقاً أمنياً صارماً على المكان الذي تضاعف عدد الحضور فيه بطريقة لفتت أنظار الكثيرين فقد وافقت جلسة الشبان التسعة عشر، فاتحة جلسات قضية مقتل رجل الأعمال والأخ غير الشقيق لوزيرالآثار والسياحة كمال بابكر نهار. سمح للجميع بالدخول حتى امتلأت القاعة الواسعة عن آخرها، وما إن استوى الجميع جلوساً على المقاعد حتى أطلق الحاجب الصيحة الشهيرة (محكمة) إيذاناً بدخول القاضي ثم أعطى توجيهاً إلى الكافة بضرورة إغلاق الهواتف النقالة أو إبقائها صامتة على أقل تقدير.
ودون أن يلبث إلا قليلاً؛ ولج القاضي عبد الله علي الأمين لمجريات الجلسة معتذراً في بادئ الأمر عن التأخير بداعي المشاركة في افتتاح مجمع جديد للمحاكم بدار السلام أم درمان، ثم بدأ في النداء على المتهمين الذين أجابوا تباعاً بـ (نعم) في ما يفيد بالحضور.
الشباب المتهمون تراصوا بانكسار لا تخطئه الأعين من وراء قفص الاتهام، تطاردهم أعين الجميع بلا رحمة وتشيعهم اللعنات، وبدا معظمهم مأخوذاً برهبة المكان، وبتداعيات الكارثة التي حطت على رؤوسهم دون سابق إنذار، بعد أن تحولوا بين عشية وضحاها من مجرد مرتادي حفل عادي جرت فيه تفاصيل غيرعادية خرجت عن المألوف من الأعراف وخدشت ? حسب الاتهام? الحياء وآذت الشعور العام من استخدام البعض لمستحضرات تجميل (روج ومرطب) وارتداء البعض الآخر لأزياء نسائية، فانحرف مسار القضية إلى منحى آخر شديد الوعورة بالاتهام بالشذوذ الجنسي والادعاء بأن الحفل كان لزواج (مثليين).
ومن المؤكد أن المتهمين كافحوا بشدة متناهية لحصر المصيبة في أضيق نطاق، فقد كان لافتاً خلو الجلسات من متابعة ذوي القربى إلا في ما ندر، كما لم يستعن أي منهم بمحام للظهور إنابة عنه طيلة الجلسات. ولعلهم فوجئوا بالاهتمام الرهيب الذي وجدته قضيتهم والحكايات التي سارت بها الركبان، إذ تناثرت أقوال وتناقل البعض أقاويل وسردوا روايات عنهم وعن احتفالهم تجاوزت في بعض الأحيان الممكن وقاربت حدود اللامعقول.
القاضي أبلغ الأطراف أن الجلسة مخصصة للفصل في القضية بعد أن استمعت المحكمة إلى طرفي النزاع من الاتهام والمتهمين. حيثيات القرار بدأت بالتساؤل: هل تحققت المحكمة من مسؤولية المتهمين عن الأفعال المنسوبة إليهم التي تلخصت ? حسب الاتهام- في إتيان فعل أو سلوك فاضح أو مخل بالآداب العامة حسب المعيار الذي يعتنقه الفاعل أو عرف البلد الذي يقع فيه؟ وهل ضبط المتهمون يسلكون في مكان عام فعلاً مخلاً بالآداب العامة يتعارض مع معيار الدين وعرف البلد؟ وأشارالقاضي إلى أن الإجابة على التساؤلين تقتضي تعريف المكان العام حسبما ورد ضمن تعريف قانون النظام العام لسنة 1996م كالمطاعم والمقاهي والأندية والشارع العام.
وأوضح القاضي أن ملخص القضية تمثل – حسب أقوال الشاكي وشهود الاتهام- في أن شرطة أمن المجتمع تلقت معلومة عن صالة (أ) للأفراح بشارع الأربعين بأم درمان ارتادها شبان يمارسون داخلها رقصاً خليعاً ويضعون على وجوههم مساحيق تجميل. كما أظهرت مشاهد مصورة على أسطوانة مدمجة (سي دي) لمجريات الحفل مثار القضية، ممارسة المتهم الأول للرقص تتبعه زفة وبخور من حوله ويتبادل القبل مع بعض أقرانه، أما المتهم الثاني فكان يضع مساحيق تجميل على وجهه ويرتدي بلوزة ضيقة (كارينا)، أما الثالث فكان يضع (روج) ويرتدي أيضاً (كارينا)، وكذا بعض المتهمين حيث ظهر أحدهم مرتدياً (سلسل) على رقبته وأظهرت المشاهد أيضا امرأة ترقص متحزّمة الوسط وبعض المتهمين يتحلقون حولها.
وفي المقابل أقر جميع المتهمين بواقعة ضبطهم داخل الصالة، لكنهم أنكروا استخدام المرطب أو الروج (معروضات الاتهام) بيد أنهم عادوا وأقروا بواقعة المرأة التي كانت ترقص حولهم، وذكروا أن الرباط الذي كانت تربطه في وسطها يخص أحدهم. لكنهم لم يقدموا بينة مناهضة لاستخدام المرطب والبودرة والروج عندما عرضت بـ (السي دي) من خلال شاشة العرض داخل المحكمة، كما أن المعروضات التي ضبطت بواسطة شرطة أمن المجتمع وافقت ما ظهربـ (السي دي)، كارتداء بعضهم لملابس نسائية (كارينا) وبلوزة دفعوا بأنها (فانيلة) عادية.
وانتهى القاضي إلى أن المتهمين مذنبون بإتيان فعل مخل بالآداب العامة في مكان عام ويتنافى مع عرف أهل البلد الذي جرت عليه الواقعة، وأكد أن الزينة التي ظهرت بالحفل من مواصفات الزينة النسائية، وبما أن المتهمين يعتنقون الدين الإسلامي الذي لا يبيح التزين بالذهب للرجل ولو كان خاتماً، مستشهداً بما جاء في الأثر (لعن الله الرجال المتشبهين بالنساء) وذكر أن الأديان لا تحرم التعبير عن الفرحة لكنها تبيح للرجل أن يعبر بما يشبهه وأيضا تعبر المرأة بالطريقة التي تشبهها، وما لا يشبه كل منهما لا يحق له، ويصبح محرماً عليه بشكل كامل. كما أن الدعوة إلى التحضر والرقي لا تعني هتك الدين والمواثيق والأعراف.
وأضاف القاضي أن المتهم الأول دافع عن نفسه بأن لديه (تصديق) من شرطة أمن المجتمع لكن الشرطة داهمت الصالة وأوقفت الحفل قبل الوقت المحدد بالساعة الحادية عشرة ليلاً، وأردف متسائلاً هل التزم المتهم باللوائح والضوابط التي ينص عليها (التصديق)؟ ليجيب: بالطبع لا والدليل وجود حلبة رقص مختلط لنساء أمام الرجال وترديد أغان هابطة، واصفاً إحداها بأنها احتوت على عبارات (ما أنزل الله بها من سلطان) ذات مقاطع هابطة، أوضح الـ (السي دي) بعض المتهمين يترنمون بها.
أما أن الشرطة داهمت المكان وأوقفت الحفل قبل الموعد المحدد أي قبل الساعة الحادية عشرة ليلاً؛ فأكد القاضي أن الشرطة تملك الحق في إيقاف الحفل إذا أخل الشخص بالشروط أو ضوابط التصريح, والواضح أن المتهمين لم يلتزموا بها، كما أظهرت أسطوانة (السي دي) بالصوت والصورة، كما أنهم لم يقدموا بينة مناهضة سوى إنكار غير مسنود بأي دليل أو إثبات. وأكد القاضي أن الاتهام استطاع إقامة الحجة على المتهمين فوق مرحلة الشك المعقول وأنهم مذنبون حسب المادة (152) من القانون الجنائي والمادة (7) من قانون النظام العام.
وفي اتجاه ثان انتقد القاضي طريقة تناول مجريات القضية بوسائل الإعلام التي حادت ? حسب قوله – كثيراً عما جاء في حيثياتها، في إشارة إلى التقارير التي وصمت المتهمين بأنهم مثلييون وشاذون جنسياً وكان يتوجب أن تنحو منحى آخر في العرض بما يصلح العباد ويلفت انتباه أولياء الأمور والأسر في تربية أبنائهم.
وبعد إدانة المتهمين طلب منهم القاضي تقديم ظروف مخففة قبل توقيع العقوبة آخذاً في الاعتبار خلو صحيفتهم من السوابق الجنائية.. ثم صمت.
لوهلة وجم الشباب، أغلبهم في ريعان العمر لم يتخط سنين مراهقته بعد، لم ينبس أحدهم ببنت شفة ولا نظر أحدهم لأخيه، وسريعاً قام القاضي بتلاوة الأحكام بعد دقائق انتظار تطاولت دون أن يتقدم أي من المتهمين بإيراد أسباب مخففة.
وتلا الحكم الذي قضى على المتهم الأول بالجلد (30) جلدة والغرامة ألف جنيه وفي حالة عدم الدفع السجن لثلاثة أشهر، وعلى المتهمين من الثاني إلى السابع عشر بالجلد (30) جلدة أيضاً والغرامة خمسمائة جنيه وبالعدم السجن لشهرين متتابعين، وعلى المتهم الثامن والتاسع عشر بنفس عدد الجلدات والغرامة مائة جنيه وبالعدم السجن أسبوعين.

الاحداث

تعليق واحد

  1. أسباب تشبه الشباب بالنساء

    1-نقص الإيمان وقلة الخوف من الله

    2-التربية السيئة

    3-وسائل الإعلام: فيها تبث وتنشر الأفكار الضالة والمنحرفة التي تغوي الشباب وتشجعهم على التمرد على الدين والمبادئ السليمة، وتشجع الشباب على المطالبة بحقهم في التصرف والحرية، وتعرض أنواعاً من الثقافات المنحرفة والفاضحة والمشابهة للثقافات الغربية. .

    4-رفقاء السوء: قال الصادق المصدوق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحاً خبيثة (متفق عليه، فالشاب المجالس للجنس الثالث من الشباب لابد وأن يتأثر بهم في لبسهم وتصرفاتهم، مجاملة أو تقليداً لهم كي لا يكون شاذا بينهم.

    5-التقليد الأعمى: فهو يلبس ويتصرف دون وعي أو إدراك لما يفعله، ودون تفكير في فوائد أو أضرار ما يعمله، فهو يقلد من حوله من أصحاب أو فنانين وإن كان الأمر منافياً لطبيعته.

    6-النقص النفسي ولفت الأنظار:

    7-القدوة السيئة: قد يوجد من يقتدي به ذلك الشاب من الجنس الثالث سواء من أقربائه أو من يعجب به من الجنس الثالث، فيكون ذلك سبباً رئيساً في محاكاته وتقليده.

    8-انعدام الغيرة من الأهل: تجد أحياناً الأهل يرون تصرفات خارجة عن الحياء والأدب ولا تتحرك الغيرة في نفوسهم

    9-عدم قيام العلماء ومن لهم شأن في المجتمع من تربويين وإعلاميين، والأسر والأفراد، بواجبهم نحو إصلاح ذلك وتقويمه ومنعه

    10-وجود خلل في الهرمونات لدى بعض الشاب، أي أن المشكلة مشكلة خلقية، وهذا معناه أن الشخص يملك الجهازين التناسبيين للأنثى والذكر (خنثى).

  2. امن المجتمع والنظام العام والقضاء العاجز الخانع الله لا يطرح فيكم بركة
    1- القانون الاسلامى لا ياخذ الناس بالشبهات اما انهم مرتكبى فعل شاذ مما حددته الشريعة او لا . لاتوجد حالة بين بين
    2- الاعتراف سيد الادله وهم لم يعترفوا
    3- التلبس غير مستوفى الشروط ولم تقل به الشرطة ولا الادعاء
    4- الحفل مصدق به ولا يخفى على الجميع ان التصديق بحفل يعنى فى عرف امن المجتمع والنظام العام ===كمين== للظبط ومن دون بذل الجهد فى التحرى
    5_ تفشى الممارسات الغير سوية وانتشارها عرض لمرض ومحاربته تتم على عدة اصعدة اولها القدوة الصالحة
    6_ الجميع يخاف ويخشى ان تلصق به مثل هذه التهم وما احجام المحامين ==رغم ضعف البينه الا مثال = وحتى الاهل اثروا السلامة حتى لا يزيد الفتق على الراتق ولكككككككككككن سادتى ماذا لو كان هؤلاء الشباب ابرياء
    ماااااااذا لو كان هؤلاء الشباب ابرياء
    ماذذذذذذا لو كان هؤلاء الشباب ابرياء
    ماااااااذا لو كان هؤلاء الشباب ابرياء
    لا اظن ان قاضيآ نزيه يستطيع النوم غرير العين ومتهمين صغار السن لم توفر لهم كل سبل الد فاع وادينوافى وسائل الاعلام
    سيدى القاضى هل نمت ؟؟؟

  3. يارقم واحد بيقولو ليك في سي دي لمن انكرو في البدايه شغلوه ليهم طوال يسكتوا الجماعة يعني انت عاوز اكتر من قدا شنوا ؟؟

  4. يجب على ولى الأمر وأد هذه الفعلة وهذا السلوك فى مهده قبل أن يستشرى

    وما قصة صاحبة البنطال ببعيد…

  5. الحفل =كما زعم الفتيان == لعيد ميلاد هل سأل القاضى عن تاريخ ميلادهم
    2_ الCDيبين رقيص ولاشئ اخر قد يكون =مايع ولكن الشذوذ شئ اخر
    3_ مرطب الشفاه ليس مستحب ولكن يظل مرطب شفاه
    4_ هذه التهمه ان كانت غير صحيحة هى تدمير تام لجميع من لهم صلة بها لهذا على الجميع توخى الحذر والحرص وفى اقل من هذا تسفك الدماء وان هم مظلومون فحساب هذا عند الله كبير
    5_ ما يقوم به امن المجتمع لا يجعل احدآ يطمئن لقدرة افراده وكفأتهم وتصفية الحسابات لدى مراكز القوى ومحاولة الاستحواذ على مراكز النفوذ وتأكيد السيطرة وارد وما بنطال السيدة الفضلى لبنى ببعيد
    6_ الممارسات المنحرفة لمنسوبى هذه الاجهزة كتضخيم بعض الامور لالهاء الشعب وتخويفه وتركيعه ومن منا لايخشى مثل هذا تشهير حتى ان مناقشة ما قدم من ادلة لم يتصدى لها احد وحتى المحامين قد خافوا نحن هنا نتكلم عن ترهيب وتبشيع وهذه الممارسات صارت ديدن هذه الاجهزه
    7_ المحاكم السودانية لا تتسامح مع اى شذوذ وتتوخى ان لاينسحب فعل المدانين على اسرهم وجميعنا يذكر ان فنانآ بصوته مسحةنسائية قتل وكما هو شائع بيد من له صلة قربى به

  6. من هم شرطة امن المجتمع وما مؤهلاتهم الدينية والشرعية وسيرتهم الشخصية ياخى معظم ما رأيناه فى هذه الشرطة عبارة عن ناس مجرمين وبتاعين سوابق وفيهم ربما الشاذين فهم يتصيدون حركات الناس وتجمعاتهم ويكثرون من الافك والكذب فى تلبيث الجرائم لهؤلاء المساكين من البنين والبنات واحيانا يساومون البنات بفعل الرزيلة معهن وفى حالة رفضهن يلبسوهن تهمة بالباطل ويشينوا سمعتهن وهم طبعا مافى حد يكذب اقوالهم اذا كان رب البيت بالدف ضارب فشيمة اهل البيت الرقص والطرب – حكومة فاسسسدة من كبارها وترجو انصاف او عدل من كلابها كيف كيف يستقيم الظل والعود اعوج خلهم يفسدوا كما يشاءوا وسوف نرى فيهم المصائب والبلاوى – عليكم فقط بالقنوت كل شيىء ممكن يرجع الا فساد الاخلاق وفساد السلوك

  7. هولاء الشباب المراهقين حاكمتهم وسائل الاعلام قبل القاضى باعتباره تشهير واشانة سمعة لهولاء الصبية اما كلاب الامن مايسمى زورا بامن المجتمع ناس جهلة وعديمى اخلاق وزممهم خربة ناس تعاقر الخمر وتسرق المواطنيون بالارهاب وكذابين ومنافقين حتى ولو صوروهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..