مقال سياسي

قبل أيام أعلنت الحكومة السودانية رفع الدعم عن الدواء، وكان تعليلهم هو “الحصار الاقتصادي” او “زيادة سعر العملة الصعبة” و قبل ثلاثة اعوام -اي عام 2013- خرج الشعب السوداني من صمته فثار الشعب الصامت و كان السبب شبيه للذي يحدث اليوم وهو رفع الدعم عن المحروقات.
ولأسباب أخرى من الممكن أن تكون غير رئيسة في اندلاع ثورة 2013 هي خطابات الرئيس السوداني التي تعمد فيها اثارة غضب الشعب، ففي أحد الخطابات قال:”نحنا علمناكم أكل الهوت دوق والبيتزا…..” “…..والما عاجبو يلحس كوعو” و الكثير من مثل هذه الخطابات المستفزة.
في ذلك العام قتل من قتل واصيب من اصيب بطلقات من بنادق “الزناديق” وحقيقة لا نستطيع ان نجزم ان كلهم من الجيش المنظم، بل اغلبهم من “الجنجويد” (الجنجويد هم قطاع طرق وغيرهم، اعطتهم الحكومة السودانية سلاح فأصبحوا جزءاً من الجيش).
“صلاح مدثر سنهوري” هو أحد الضحايا الذين ارادوا لنفسهم ولشعبهم حياة أفضل فقتلوا حتى قبل أن يبدأوا ما كانوا يزعمون. الضحايا مثل صلاح كُثر ولكن يمكن أن نقول أنه حظي بصيت ضخم ربما لأنه كان أحد الذين يقودون هذه الثورة أو ربما لقصة وفاته المؤلمة والتي سأذكرها لاحقاً. ربما تناسى الناس الضحايا ونجحت الحكومة في خطتها بأن تقتِّل بعض الأبرياء حتى يجعلوا بقية المتظاهرين يخافون ويعودون الى صمتهم ويكتموا غيظهم وتحبط آمالهم.
من ذاك اليوم وأصبحت الحكومة تفعل ما تريد دون اعتراض من أحد، فمن يقول عكس ما يقولون أو يعترض على ما يفعلون لن تدري حتى أمه أين موضعه.
صلاح كما ذكرت سابقاً أنه كان من قوّاد ثورة 2013 فربما كانت الأعين موجهة عليه فكان قتله هو الحل الأمثل لإطفاء غيظهم. فكان قتله بطريقة وحشية انكمشت بسببها القلوب ودمعت لها لأعين. قُتل صلاح برصاصة بالقرب من قلبه وكان مراد بها قتله -اي مقصود بها هو تحديداً- فأستلقى على الأرض ولم يفارق الحياة بعد؛ فجرّه بقية الثوار وادخلوه في منزل بغرض محاولة اسعافه لكنهم لم يستطعوا لأن الجرح كان في موقع حساس وكان لابد من اسعافه على الفور فلما ارادوا الخروج به ليطلبوا المساعدة في نقله للمشفى قابلتهم على الباب نفس البندقية التي ضُرب بها صلاح فهددهم صاحبها بأنه في حال خرج أي أحد من المنزل سيلاقي الذي لاقاه فلم يخرج أحد وتوفي صلاح متأثراً بالرصاصة التي اخترقت جسده دون أن يكمل حلمه، قُتل صلاح وقُتلت بعده آمال الشعب السوداني.
وبعد ثلاثة أعوام يتكرر تقريباً نفس السيناريو القديم برفع الدعم عن الدواء الذي هو من أهم الإحتياجات فزيادة من 200-300% ليست بالهينة. فمثلاً كان سعر بخاخ “الفنتولين” ب 127 جنيه فأصبح اليوم ب701 جنيه وأصبح سعر جلسة غسيل الكُلى الواحدة ب1200 جنيه فما بالك عندما تكون ثلاث جلسات اسبوعياً! وأذكر أنه قبل أيام أُرسلت كميات كبيرة من الدواء فلم يكن على هيئة الجمارك إلا مصادرتها ومنعها من الدخول الى الشعب المسكين بحجة أنه لا يمكن إدخال أكثر من ثلاثة أنواع من العلاج دفعة واحدة!!
ترتفع أسعار الدواء، السلع والوقود وتبقى الأجور ثابتة على ما هي عليه، الشئ الوحيد الذي لا يزيد.لا يعلم أحد ما الذي يخبأه الدهر لهذا الشعب المسكين المناضل الذي تحمّل عبّ سنوات وسنوات.ذا المقال من كتابتي وهذه القصة المسرودة ادناه موثوقة مئة بالمئة وعلى مسؤوليتي
[email][email protected][/email]