الحكومة كسبت الجولة و خسرت المعركة

الحكومة وحزبها وأجهزتها على يقين أنها خسرت المعركة ، وخسرت كثيرا ! وعلى الارجح فهنالك شكوكا كثيفة أنتابت الدوائر المرتبطة بالحكومة حول ما اذا كانت كسبت الجولة ولو بشكل مؤقت رغم التكلفة الباهظة التى دفعتها و ستدفعها جراء ذلك، باعتبار أن مقاييس الربح والخسارة تتعدى مجرد بقاء الحكومة فى الحكم بأى شكل متناسية ما يتهدد البلاد من مخاطر الانزلاق فى حرب اهلية لا تبقى شيئآ و لتكشف عن مدى غربة الحكومة و عزلتها لدى قطاعات واسعة من ابناء الشعب السودانى و حتى فى وسط دوائر فاعلة من بين انصارها ومؤيديها ، تتعدى ذلك لأن أحدا لم يكن ليتوقع أن تتعامل الحكومة بهذه القسوة والبرود مع حركة الأحتجاجات بعد ان وصفت الجموع الرافضة لسياساتها بالمخربين و العملاء ، هذه الاحتجاجات التى كانت اجراءات الحكومة الاقتصادية هى السبب فى تفجرها ، ربما كسبت الحكومة الجولة ولكنها خسرت المعركة رغم الدعاية الكثيفة لتصنيف المحتجين ودمغهم بصفات أقل مايقال عنها أنها محفزة لارتفاع سقف الكراهية بين فئات تقع جميعآ تحت سقف المتضررين من سياسات الحكومة و محاولتها توظيف هذه الاحتجاجات بما يؤجج المشاعر لجهة كون الرفض قد جاء بتوقيع فئات بعينها و يدخل الاخرين مدخل الموافق على ما تم من اجراءات ، الا ان تداعيات اشاعة الكراهية اردت على الحكومة بحيث ولاول مرة يتم طرد المسئولين الحكوميين من صيوانات العزاء تشيعهم الهتافات الغاضبة واللعنات ، فبينما حاولت الاجهزة الحكومية منع المواطنين من التعبير عن حزنهم لسقوط ابنائهم شهداء وجرحى بالمئات فى غصون ايام قليلة ، وشكلت استعراضآ امنيآ كثيفآ حول بيوت العزاء ، و بينما يحدث ذلك يذهب بعض المسئولين عن هذه الاحداث لتقديم ” واجب ” العزاء فى أستفزاز واضح لمشاعر أهالى الضحايا ومن جاء مواسيا من المواطنين ،حتى الان لم تعلن الحكومة عن أسفها ولم تعتذر عن ماحدث ولم تكشف عن حدود مسؤليتها لما حدث فى حالة أنكار تامة لوقائع واضحة وموثقة ومشهود عليها وهم يعلمون ونحن نعلم مدى فداحة ما أرتكب من جرائم والانتهاك الواسع للقانون والدستور ولحقوق الانسان تحت حجج واهية وأتهامات لجهات بعينها بانها كانت وراء الاحداث والتخريب ، كان واجب الحكومة بافتراض صحة هذه المزاعم ان تعمل على منعها بوسائل أقل عنفا و التدرج فى استخدام القوة حسبما يتفق وصحيح القانون ، ولعل من المفيد فى هذه المرحلة اعلان الحكومة نيتها اجراء تحقيق حول الاحداث سيكون على عاتقها الوقوف على ماحدث هذه اللجنة يجب تكوينها من شخصيات قومية ذات مصداقية وحيادية لكي تكتسب مخرجاتها الشفافية المطلوبة لمعرفة حقيقة ماحدث ،الواضح أن الحكومة ورغم تصريحات كبار المسئولين فيها عن توقعاتها للاحتجاجات الا أنها فوجئت بحجمها و تنوعها وأنتشارها فى كافة انحاء البلاد ولعلها ظنت ان ساعتها قد دنت ، فتعاملت بطريقة فاقت كل التوقعات و تعدت ما يسمى فعل ( الصدمة و الترويع) بهدف كسر حدة الاحتجاجات و عزلها والحد من إتساعها وشن أكبر حملة اعتقالات جماعية شملت قيادات معارضة تلونت بما يخدم مرحلة مابعد الاحتجاجات وتقديم المبادرات والحوارات ممن كان تقديرهم أن الأحداث والأحتجاجات ماهى الا محفز للجلوس الى طاولة الحوار ، تخطئ المعارضة مرة إن ظنت أنها يمكن أن تعوض أو تغطى على فشلها فى قيادة الاحتجاجات والتظاهرات و الحفاظ على سلميتها و رفع شعارات تعبر عن رفض الاجراءات الاقتصادية ، و تخطئ مرة اخرى خطأ فادحآ باعتقادها المتأخر أن السبيل الى مقارعة النظام يتم من بوابة التحالف مع الجبهة الثورية ، وستخطئ لمرة ثالثة فى مسلسل اخطاءها أن كانت تعتقد فى تماسك وفعالية التحالف الذى يجمعها ومدى قدرته على الاستمرارعلى هذا المنوال فى المرحلة القادمة من عدم وضوح الرؤيا و العجز التام و العزلة المميتة، كانت المعارضة تتحدث عن مائة يوم تحضر فيها للانقضاض على النظام فقدمها الشارع فى بعض يوم ، خسرت الحكومة المعركة وفشلت المعارضة فى أستثمار الفرصة ( التاريخية )التى أهدتها لها الحكومة وخسرت المعارضة الشارع الذى أنتظر مؤازرتها ومشاركتها دون جدوى ،
و لا عطر بعد عروس،،
[email][email protected][/email]
العميلان الصادق المهدي والميرغني هم من مكنوا للحكومة كسب الجولة ولكن خسرا هم والحكومة المعركة ..