غزة! مرة اخرى؟

مرة اخرى تعود قضية غزة و القضية الفلسطينية لشغل الناس في بلادنا و المنطقة عن واقعهم و مشاكلهم التي تتعدى هذه القضية بمراحل. ما زلت اذكر ذلك المساء عندما زرنا معرضا تقيمه رابطة طلاب فلسطين في احد مجمعات الجامعة. كانوا يضعون علما اسرائيليا على الارض بحيث تدوسه بقدميك عندما تدخل الى الخيمة التي يقيمون فيها المعرض. شعور عجيب بالسعادة و النصر شعرت به عندما دست على العلم بقدمي, كررتها عدة مرات, نبهني صديق ان هذا لا يؤثر في شئ. نعم, كانت لهذه القضية مكانة كبيرة عندي مثل غيري في بلادنا و كل هذه المنطقة التي يسيطر على وعيها اعلام و مؤسسات لها خبرة واسعة بالتضليل.
في الحقيقة ان التعاطف مع المظلوم امر طبيعي و اخلاقي و من العبث محاولة قول العكس. كما ان اسرائيل دولة دينية عنصرية, تقوم على ادعاء لا يمكن اثباته بأن شعبا منحه الله ارضا بغض النظر عن من يسكنها. و قامت في سبيل الاستيلاء على هذه الارض بالكثير من الجرائم. المشكلة تتلخص في ان هذه القضية اصبحت اداة لتخدير شعبنا و شعوب المنطقة و حشدهم ضد العدو الخارجي لكي ينسوا مشاكلهم و الحكام الذين يستولون على الحكم بقوة السلاح دعك من الذين يتركون البلاد و من عليها من ضمن التركة لابنائهم!.
تشير الاحصاءات ان قتلى الفلسطينين منذ الانتفاضة الاولى في ثمانينات القرن الماضي في حدود العشرة الاف. رقم قبيح؟ نعم. لكنه لا يساوي شيئا امام ضحايا صراع دارفور او النزاع السوري او ضحايا تفجيرات العراق و هي صراعات لم تتجاوز سنوات قليلة. يتضح من هذا بوضوح ان الحملات الاعلامية الضخمة الموجهة لنصرة للقضية الفلسطينية لا شأن لها بنصرة المظلوم و لا الدفاع عن المسلمين و الا كان الدرافوريون و العراقيون و الابرياء الذين تذبحهم الجماعات الدينية المتطرفة التي تجوب المنطقة اولى بالنصرة و الدفاع.
تقوم المنطقة المحيطة باسرائيل و هي ذات ثقافة اسلامية عربية في الغالب الاعم على نظام محكم من التضليل و التزوير يقوده حلف بين المؤسسة الدينية الغالبة و النظام السياسي المتسلط. هذا الحلف هو من يحدد الخطاب السائد في المنطقة مع فزاعة العمالة او الكفر لإخافة كل من يجرؤ على قول رأئ غير الذي ربي منذ طفولته على ترديده. تستفيد هذه النظم من هذه الصراعات و يفيدها ذلك في توحيد الشعب حولها لمحاربة العدو الخارجي و اتخاذه شماعة لكل فشل. نفس هذا الخطاب التضليلي هو الذي يدعم نظرية المؤامرة و اكسب اسرائيل قوة خارقة حتى ان الشيخ الكاروري -وهو رجل دين سوداني موال للحزب الحاكم- قال يوما ان هناك تسريبات تقول ان زلزالا ضرب ايران هو من صنع اسرائيل! يقوم هذا الخطاب ايضا بالمبالغة في وصف اسرائيل -و كل اعدائه- بالفساد و الظلم, رغم انهم يعلمون جيدا انها الدولة الوحيدة في المنطقة التي يختار فيها الناس الشعب حكامهم و انهم يعاملون -على الاقل- مواطنيهم بعدل. و للكل ان يتخيل هذه البلاد التي تسب اسرائيل ليل نهار ماذا يمكن ان تفعل -اذا امتلكت قوة اسرائيل- في شعب ضعيف غير مسلح. الجميع يعلم هول الظلم الذي يمارسه اهل هذه المنطقة ضد بعضهم البعض,سجونهم المليئة بالمعارضين, التعذيب و الفساد الخ. لكن الخطاب الديني و القومي السائد لابد ان يقوم على فكرة الشعب المختار (و من العجب انها نفس الفكرة الصهيونية) و ايهام شعوب المنطقة انهم هم وحدهم اهل الاخلاق و القيم و الحق المطلق رغم الفظائع التي يرتكبها المسلمون من الجماعات الدينية و غيرهم مثلهم مثل كل اهل الارض. الجميع يعلم ان اليهود لا يذبحون بعضهم كما يفعل جيرانهم. و لا يخطفون بنات المدراس كما تفعل (بوكو حرام) بصمت مطبق من الذين ينسبون جرائم اسرائيل لطبع اليهود “الخبيث”.
توهم هذه الخطابات الناس ان من حقهم الحديث عن عودة الاندلس و لكن ليس لليهود احتلال ارضهم. لكن لا يتحدثون عن لماذا يهزمهم هذا الشعب قليل العدد منذ سبعين سنة رغم الدعاء و التضرع و الاشعار الحماسية. و ان تحدثوا, فليس لهم الا تكرار المقولة المكررة “ان كل ما يحدث لنا من هزائم انما مردة الى البعد عن صحيح الاسلام”, كأن اسرئيل هي دولة اسلامية تطبق الشريعة. و توهمهم ايضا بوجوب ان تتوحد دول المسلمين و و العرب التي يزيد تعدادها علي المليار ضد شعب لايزيد عن ثمانية ملايين! لماذا؟ لأن هذا هذا من ضمن اجندة القوميين و الاسلاميين. و ان زالت اسرائيل فهناك دائما عدو: الشيعة, الكفار, الصليبين الخ. العدو موجود و وجوده ضروري لحشد الناس خلف القيادة.
هذا صراع سياسي قائم على مصالح متضاربة و حله الوحيد هو توزان في القوى يتبعه تسويه تحفظ للطرفين حقوقا معقولة في الارض و الوجود, لتعيش الاجيال القادمة بعيدا عن هذه الصراعات و تجارها. و يجب على الاقل عندما يذكر اهل بلادي عدد قتل غزة ان يسألوا انفسهم: كم قتل اليوم من اهلهم في السودان؟
بكري عبد القادر
[email][email protected][/email]
احى كاتب المقال واحى دولة اسرائيل واتمنى اباده حماس والجهاد زبالات المسلمين
ما أروعك يا بني ، إلى متى سنظل ندور في هذه الدوامة القاتلة ( اسرائيل،اسرائيل) ، يا أبنائي كم مرة في القرآن الكريم ورد ذكر ( بني اسرائيل ، والذي كما تعلمون هو سيدنا يعقوب عليه السلام ) أين كان يعيش وبنوه ؟ و ما هي قصة سيدنا موسى عليه السلام وهروبه باليهود من مصر إلى الأرض الموعودة بعد سنوات الهيام الأربعين ، وهل دخول سيدنا عمر ( رضي الله عنه ) القدس فاتحا” واسترجاع صلاح الدين الأيوبي لها كاف لإلغاء حقيقةوجود يعقوب ويوسف وداوود وسليمان وموسى عليهم السلام على تلك الأرض ؟،نعم إن لنا حق في القدس الشريف بحكم وجود المسجد الأقصى المبارك ، وفي نفس الوقت هنالك حق ديني وتاريخي لليهود والنصارى حيث لهم أيضا” أماكن مقدسة بها، ولذلك علينا عدم انكار حقوق اللآخرين والاحتفاظ في نفس الوقت بحقوقنا ، ويكفينا هذا الهوس الذي أرهقنا سبعين عاما بمسح (دويلةالكيان الصهيوني من الوجود).لهم حق ولنا حق والعقل يقضي بالتفاهم والحوار ( إقتسموها ووفروا هذه الدماء ).
كذلك أعجبني ما ورد بالمقال عن الأندلس التي يصفها (بعض الذين يسيرون في نومهم) بأنها فردوس العرب المفقود ، بالله ما المنطق الذي يدعم ذلك ، ارض ليست لكم قمتم يا عرب باحتلالها ثم ثارت وتحررت وعادت لاصحابها فلماذا البكاء عليها . مصيبتنا اننا عاطفيون ننقاد كالأنعام دون تفكير ، خاصة إذا استغل الدين في ذلك . بالله تصور معي حال الأندلس لو لم تتحرر من العرب ؟أعوذ بالله.