الخبير الاقتصادي دكتور نجم الدين كرم الله: رفع الحظر قد يخلق فوضى في عملية التحويلات المالية

حوار: اشراقة الحلو
اليوم يدخل القرار الأمريكي برفع العقوبات عن السودان حيز التنفيذ، ومع ذلك، ما تزال ردود الأفعال تتوالى ، البعض يبدو متفائلاً بحذر، والبعض نادى بإعادة هيكلة الاقتصاد، وأكد آخرون أن الاستفادة من رفع العقوبات لن يحدث اي تغيير في المدى القصير. للوقوف على آراء الخبراء في هذا الاطار التقينا بدكتور نجم الدين كرم الله، أستاذ العلوم السياسية، وزميل معهد الإثنولوجيا والأنثروبولوجيا الثقافية، جامعة وارسو، ببولندا وخرجنا بالإفادات التاليه.
* اليوم يدخل قرار رفع العقوبات حيز التنفيذ الفعلي برايك الى أي حد يمكن ان يؤثر القرار على الاستثمار؟
– رفع العقويات له تأثير مباشر على الاستثمارات الخارجية في السودان بصورة إيجابية، كثير من الشركات الأوربية والأمريكية تضررت كثيراً من الحظر المفروض على البلاد ، لرغبتها في الاستثمار في السودان خاصة في مجال النفط والزراعة والتكنولوجيا والبنية التحية فهذه الشركات تحتاج لمعاملات مالية عالمية، والحظر كان سبباً رئيسياً في حجب الاستثمار من السودان على الرغم من وجود استثمارات للدول العربية خاصة الخليجية، لكنها محدودة لارتباطها بالنظام المصرفي العالمي، الذي تسيطر عليه أمريكا، وهناك دول شرقية مثل بولندا والتشيك و لارتباطها بالنظام المصرفي الأمريكي، فبالتالي كانت حذرة جداً وتتخوف من الاستثمار في السودان، ما جعلها شبه مغيبة عن الاستثمار في السودان، وبعد رفع الحظر ستعود الشركات التي كانت تعمل في السودان، لكن حتى نستفيد نحتاج الى زمن على المدى المتوسط على الأقل، أو على المدى الطويل كذلك لابد من خطط اقتصادية ومحاربة للفساد والمحسوبية وتقليل الإنفاق العام، وتحسين أداء المؤسسات ، وبالنسبة للاستثمار في مجال النفط والتعدين قد تدخل شركات لها ارتباط بأمريكا وليس بالضرورة أن تكون شركات أمريكية، وحسب علمي هناك العديد من الشركات الأوربية ترغب في الاستثمار في هذا المجال وكانت العقوبات العائق الوحيد ،اما الآن إذا وضعت خطة محكمة يمكن لهذه الشركات أن تدخل ويمكن الاستفادة من ذلك على المدى الطويل، لكن على المدى المتوسط والقصير فان التطلع للفائدة يعتبر نوع من التفاؤل.
*ما تعليقك على مسألة إنخفاض الدولار بعد رفع العقوبات؟
– مسألة ارتفاع أو إنخفاض الدولار لا ترتبط بالوضع الاقتصادي للدولة، وإنما هي عملية مضاربات، مثلاً خبر كرفع العقوبات يجعل الناس متفائلة أكثر فتبيع أو تشتري الدولار ، ومن الممكن أن تؤدي هذه العملية الى نتيجة عكسية، ، لكن بصورة عامة رفع العقوبات له تأثير على المعاملات المصرفية، وهذه تساعد على استيراد المعدات التقنية والأدوية، لكن هذا قد لا يؤدي بالضرورة لانخفاض أسعارها، كما أن السودان ما زال مصنفاً تحت قائمة الدول الراعية للإرهاب، مما يحرمه من الاستفادة من القروض التنموية التي تقدمها أمريكا أو حلفاؤها من أوربا، كما لن يستفيد من مبادرات إعفاء الديون وسيتسمر الحظرٌ على بعض المسؤولين والنافذين في الدولة، لذلك فإن رفع الحظر تم جزئياً في المجال الاقتصادي والتجاري فقط.
*ما التأثير المباشر على الاقتصاد السوداني؟
– في الوقت الراهن التأثير المباشر لن يظهر بصورة كاملة ماعدا استفادة المواطن العادي من دخول الأدوية وبعض الضرورات الأخرى المهمة جداً كقطع الغيار للمستشفيات، وبعض المصانع المعطلة بسبب عجزها عن استيرادها، أو دخول سلع غذائية مهمة، لكن بالنسبة للاقتصاد ككل لن يكون هناك تأثير ملموس في الوقت الراهن بالنسبة للمواطن، ما عدا الأشياء الطارئة؛ لأن المواطن العادي لا يتعامل بالعملة الصعبة، قد تكون الاستفادة مباشرة بالنسبة للمستوردين من الآن فصاعداً يستطيعون استيراد بعض السلع بسهولة، وفي السابق الاستيراد كان يتم عبر وسطاء، والآن يمكن أن تتم عملية الاستيراد بصورة مباشرة من أوربا، لكن انخفاض العملة كمضاربة قد يؤدي الى ارتفاع أسعار العقارات، وأنا شخصياً متفائل تفاؤلاً حذراً، إضافة الى ذلك فإن رفع الحظر قد يخلق فوضى في عملية التحويلات المالية والبنكية للاعتياد على التعامل عبر الوسطاء ، والآن الطريق مفتوح للمعاملات البنكية ، لذلك لابد من اتخاذ اجراءات حاسمة وقوانين تنظم العملية ، كما أنه ومنذ عشرين عاماً البنوك السودانية لم تكن تتعامل مع العالم بصورة مباشرة، هذا يحتاج الى إعادة هيكلة البنوك من ناحية الموظفين والنظام المصرفي والبنكي تحسباً لدخول أنظمة جديدة كبطاقات الدفع، وهذا قد يؤدي الى زيادة التكلفة في المعاملات البنكية، والأمر يحتاج لوضع نظام مصرفي وخطط جديدة، بالإضافة الى أنه ستكون هناك منافسة من بنوك خارجية ستدخل السودان للاستثمار في النظام المصرفي السوداني، فلابد من توظيف كوادر جديدة وتدريب الكوادر الموجودة وهذا يحتاج الى وقت.
* البعض لا يبدو متفائلاً كثيراً برفع العقوبات عن السودان؟
– نعم بعضهم لا يتفاءلون برفع العقوبات لأن الرفع لم يتم بصورة كاملة، وهذا يجعل البعض حذراً، والبعض يرى أن هيكل الاقتصاد السوداني في الوقت الراهن مترهل، فبتالي رفع العقوبات لن يؤدي الى نتيجة مرجوة، مالم يتم إصلاح اقتصادي حقيقي، والتحدث عن ارتفاع وانخفاض الدولار في الوقت الراهن لا معنى له، فهو لا يعدو أن يكون مضاربات وشائعات، لأن ارتفاع أو انخفاض العملة يأتي نتيجة لتحسن الأداء الاقتصادي، وهذا لن يحدث خلال يومين، بل يحتاج الى وقت.
آخر لحظة.



