انقطاع الطمث… حلول طبيعية لمساعدتك

لا مفر من مرحلة انقطاع الطمث التي لا بد من أن تمرّ بها كلّ امرأة، يتراجع في خلالها نظامها الهرموني شيئاً فشيئاً إلى أن يتوقف نشاطه تماما فتصبح عاجزةً عن الإنجاب، ما يؤدي إلى آلام تتفاوت حدتها من امرأة إلى أخرى وفقًا لطبيعة كلّ واحدة. لحسن الحظّ تتوافر حلول طبيعية تساعد المرأة على تخطي هذه المرحلة بصفاءٍ وهدوء.
تشير الإحصاءات إلى أن المرأة تمر بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث بين عمر 45 و48 سنة، وبعد أربع أو خمس سنوات ينقطع الطمث بشكلٍ نهائي. من الناحية الطبية، يُستدلّ إلى انقطاع الطمث بتوقف الدورة الشهرية لفترة تزيد عن 12 شهراً، وتُعنى النساء اللواتي خضعن لجراحة استئصال المبيضين بهذه المرحلة أيضاً.
ليس انقطاع العادة الشهرية العلامة الوحيدة، إذ يستمر النشاط الهرموني لفترة أشهر إن لم يكن أكثر، بل تتعدد العلامات منها زيادة سريعة أو خفيفة في الوزن استناداً إلى نمط الحياة الذي تعتمده كل امرأة، تغيير في شكل جسمها، لا سيما في البطن والردفين واليدين والظهر، جفاف البشرة بالإضافة إلى تراجع نشاط الميلامين، فيصبح الشعر رقيقاً ويُصاب المهبل بالجفاف، ما يؤثر على الحياة العاطفية الحميمة.
بعيداً عن العامل الجسدي، لا يجب الاستهانة بالناحية النفسية. ما يسبب القلق في حالات انقطاع الطمث هو المعنى الرمزي للفكرة. تشير هذه المرحلة إلى نهاية مرحلة الشباب والخصوبة وبداية مرحلة التركيز الدقيق على العيوب، بشكلٍ يدفع بعض النساء إلى التفكير بالطب والجراحة التجميليين.
قد ينتاب بعض النساء في خلال هذه المرحلة الاكتئاب، لا سيما أنها تترافق مع عوامل اجتماعية مثل خروج الأولاد البالغين من منزل العائلة بحثاً عن حياة خاصة، أو حالات طلاق عندما يراود الشريك شعور بالأبوة في وقت تفقد المرأة قدرتها على الأمومة…
لا داعي للهلع، يعني انقطاع الطمث أنك ما زلتِ على قيد الحياة، وبصحة جيدة ولا تشبهين جدتك بشيء حين كانت في مثل سنّك. صحيح أنه يستحيل تجنّب التغيرات الفيزيولوجية ولكن لحسن الحظّ يمكن محاربة الآثار المضرة.
إجراءات ضرورية
يُستحسن استباق علامات انقطاع الطمث واتخاذ إجراءات مفيدة ومن بينها:
1- تناول مكملات غذائية، كنوع من الوقاية، من شأنها أن تعيد التوازن نتيجة نقص غذائي معين، فمضادات الأكسدة تكافح التقدّم في السنّ.
2- زيارة اختصاصي أمراض جلدية، لإجراء تشخيص بسيط يساعدك على تحديد مشاكل تساقط الشعر والبشرة، في حال واجهتها، فيصف لك أقنعة، أو قد ينصحك بتغيير المستحضرات التي تستعملينها بدءاً من الصابون إلى هلام الاستحمام والكريم المرطب للوجه والجسم. تذكري أن مهمة الاهتمام بنفسك والعناية بها تقع على عاتقك أنت، خصصي مزيداً من الوقت لنفسك لتحافظي على مظهرك قدر المستطاع.
3- زيارة الطبيب النسائي أمر ضروري لا مفر منه، ذلك أن التوازن الهرموني يتغيّر ويفرض علاجات، استناداً إلى ما تشعر به المرأة، في انتظار أن يضع انقطاع الطمث أوزاره بشكلٍ نهائي.في أغلب الأحيان، يصف الطبيب النسائي البروجسترون لمدة 10 إلى15 يوماً كلّ شهر أو لفترة أطول، ويمكن أن يكون مصحوباً بإستروجين طبيعي على شكلٍ هلام أو كريم لتعويض الخسائر البسيطة.
آثار جانبية مزعجة
لا تعاني النساء جميعهن الأعراض عينها، فالبعض لا يلاحظ إلا ضعفاً بسيطاً في الشعر والأظافر في حين يعاني البعض الآخر على الصعيدين النفسي والجسدي. الأهم أن هذه المرحلة انتقالية ولن تدوم إلا بضعة أشهرٍ أو أكثر بقليل.
خلافًا لأجيال النساء، منذ ثلاثين عامًا، في جعبة الأطباء مجموعة من الحلول لذا لا فائدة من الانعزال والشعور باليأس والإحباط، بل راجعي طبيباً ليُنقِذك من هذه الحالة.
من ضمن الآثار الأكثر إزعاجًا نذكر التهيّج وهبات الحرارة التي غالبًا ما تعتري المرأة ليلا وأحيانًا نهارًا لتشكل عائقاً حقيقياً.
هبات حرارة وتعرّق
تتعرّض النساء، لفترة موقتة، لهبات ساخنة وتعرق ليلي، فما هو مصدر الهبات الساخنة هذه؟ في الواقع، تتداخل الهرمونات في ضبط حرارة الجسم، لذا من الطبيعي أن يتجلى تراجع النشاط الهرموني أو توقفه في ارتفاع الحرارة.
يشير الأطباء إلى أن ثلاث نساء من أصل أربع ممن يراجعن العيادات الطبية يعانين هبات ساخنة. أصعب ما في الأمر أنها لا تعتري المرأة إلا ليلا فتمنعها من النوم لتجد نفسها في الصباح مضطربة ومتعبة. تبدأ هذه الهبات عادةً في الرأس قبل أن تنتقل إلى أعضاء الجسم، وبما أن التعرّق يصيب المرأة في الليل، تجد نفسها مجبرة على اتخاذ إجراءات وقائية أو علاجية للحدّ من الإرهاق والضعف اللذين يسببهما.
يعاني بعض النساء هبات الحرارة نهاراً وهو أمر مزعج ومرهق، لا سيما بالنسبة إلى العاملات، وقد يكون التعرّق شديداً فيترك آثاراً تحت الإبطين ويعلو الوجه احمرار غريب. في حالات مماثلة تستصعب المرأة الحديث عن الأوجاع التي تشعر بها لأنه اعتراف واضح بسنها.
علاجات طبية
عمومًا، يصف الطبيب الإستروجين للحدّ من هبات الحرارة، يمكن للمرأة التي تشتكي ظروفاً معينة تمنعها من استعمال الإستروجين أن تلجأ إلى حلول أخرى تتجلى في بعض الحبوب التي تحدّ من ارتفاع الضغط الشرياني أو علاجات تحتوي على نبات البلادونة.
هرمون بديل
لا يجب الخلط بين العلاجات التي تتناولها المرأة لمواجهة أعراض ما قبل انقطاع الطمث وتلك التي تتناولها عند انقطاعه فعلياً، فالطبيب لا يصف علاجاً هرمونياً بديلا إلا بعد توقف الدورة الشهرية بشكلٍ نهائي، لتوفير الإستروجين والبروجستيرون اللذين توقف الجسم أساساً عن إنتاجهما. تتعدد أشكال العلاجات فمنها ما يمكن تناوله عن طريق الفم ومنها على شكل كريم، إلا أن فاعليتها تبقى واحدة، والغرض من التنوع منح النساء فرصة اختيار ما يناسبهن.
استعمل هذا العلاج، في البداية، للحدّ من أعراض انقطاع الطمث التي يصعب تحملها ومن بينها هبات الحرارة، وبدا قادرًا على إرساء نوعٍ اصطناعي من التوازن الهرموني الذي فقده الجسم ما يساعد على تجنّب الضيق، وقد أثبت العلاج الهرموني البديل فاعلية في مواجهة هبات الحرارة والتعرق. علاوةً على ذلك، يؤثر هذا العلاج على الغشاء المهبلي ويترك أثراً إيجابياً على مشاكل البول التي قد تواجهها المرأة. إلا أن نساء كثيرات انتقدن هذا العلاج، لا سيما أنه كيماوي ويزيد الوزن في مرحلة عمرية يصعب في خلالها التخلص من الوزن الزائد.
علاجات طبيعية
الإستروجين النباتي
إزاء الخوف الذي أحدثته دراسات إنكليزية تناولت العلاج الهرموني البديل، اتجهت نساء كثيرات إلى أنواع أخرى من العلاجات، أبرزها الإيزوفلافون الذي يُستخرج أساساً من الصويا.
تتعدد النباتات التي تحتوي على مادة الإيزوفلافون، منها الحبوب والفاكهة وحتى الشاي… ويبدو اختيارها ضرورياً لمعالجة هبات الحرارة والجفاف المهبلي.
تُصنف هذه المنتجات ضمن فئة المكملات الغذائية، لأنها غالبًا ما تمدّ الجسم بفيتامينات ومضادات الجذور الحرة، وتؤدي إلى نتيجة مهمة. لا داعي أن تحظى هذه المنتجات بموافقة مسبقة قبل طرحها في الأسواق ما يجنب الشركات المنتجة عملية طويلة معقدة، إلا أنها تضطر إلى تقديم دراسات مرفقة بنتائج تُثبت فاعليتها. مع أن الدراسات التي أجريت في هذا المجال لم تقدّم نتائج نهائية، إلا أنها بينت أن الإستروجين النباتي ينشط الأوعية الدموية، وهو في الحقيقة أمرٌ مقبول.
معالجة تجانسية
لا تترك المعالجة المثلية آثاراً جانبية أو خطراً على الصحة وتساعد المرأة على تقبّل فترة انقطاع الطمث من خلال الحدّ من هبات الحرارة والوزن الزائد والأرق وترقق العظام…
? بيلادونة: (9CH، ثلاث حبات مرة واحدة يومياً). يوصف هذا الدواء لمعالجة الهبات الساخنة.
? 9CH) FSH ثلاث حبات مرة واحدة يومياً. علاج عضوي (استخدام مستخرجات الغدد الصماء للمعالجة)، يوصف هذا الهرمون في المعالجة المثلية مخففاً وبجرعات عالية، على غرار العناصر الفاعلة الأساسية سواءٌ كانت من أصل حيواني أو نباتي أو معدني.
يصف اختصاصيو المعالجة المثلية هذه الأدوية على المدى الطويل، بالإضافة إلى الأدوية التي تتناسب مع بعض الأعراض الخاصة.
أدوية لمعالجة هبات الحرارة
? القصقاص3،9CH حبات مرة يوميًا. يعالج هذا الدواء الكلاسيكي هبات الحرارة التي تترافق مع احمرار وشعور بالانقباض، غالبًا ما تكون أوضح في ساعات الصباح الأولى.
? 4CH ،Sanguinaria ثلاث حبات مرة واحدة يومياً. يُستعمل هذا الدواء حين يترافق العرق مع احمرار في الوجه.
? ليليوم تيغروم CH، ثلاث حبات مرة يومياً. يُنصح بتناول هذا الدواء حين تعتري الهبات الساخنة المرأة ليلا وتكون مصحوبةً بعرقٍ بارد وخفقان شديد.
نباتات فاعلة
تتوافر نباتات تعالج أعراض انقطاع الطمث، مثل هبات الحرارة والانتفاخ وغير ذلك من المشاكل التي ترافق مرحلة تراجع النشاط الهرموني:
? لوغاتلييه: تنتشر هذه النبتة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وقد أظهرت قدرات علاجية تحدّ من الآلام والمشاكل المرتبطة بأعراض ما قبل الدورة الشهرية ومرحلة انقطاع الطمث. يتأثر المبيضان بأكملهما ويطال التنظيم أساساً إفراز هرمون البروجسترون الذي يُحقن بكميات قليلة داخل الجسم.
في الواقع، تؤثر نبتة لوغاتلييه (Vitex agns-castus) على نشاط الغدة النخامية عبر زيادة إفراز هرمون البروجسترون على حساب هرمون الإستروجين. تساهم هذه الخاصية في إرساء توازن عملية الأيض لدى المرأة، في خلال الفترة التي تسبق الدورة الشهرية، وتجنيبها الاضطرابات النفسية والجسدية المتكررة.
تحتوي نبتة لو غاتلييه على مادتي casticin وagnuside المسؤولتين عن التنظيم الهرموني، وتؤثران أساساً على إنتاج البرولاكتين، مع العلم أن هذا الهرمون يتطور مع الجسم الأصفر ليحددا معاً دورة المبيض. تصاب النساء في سن الإنجاب ببعض الاضطرابات بما في ذلك تقلب المزاج والانفعال المتزايد. علاوة على ذلك، غالباً ما يعانين ألماً في الثديين أو أثناء الدورة الشهرية. تحدّ هذه النبتة من الانزعاج والمضاعفات خلال الحيض من خلال إنتاج البروجسترون بشكلٍ مستقر.
? السالمية: تحارب بشكلٍ فاعل آلام الدورة الشهرية، غياب الدورة الشهرية، أعراض ما قبل الدورة الشهرية، وانقطاع الطمث… وهي مضادة للاكتئاب وقادرة على إعادة التوازن إلى النظام العصبي وبعث شعور بالبهحة.
يُعتبر زيت نبتة السالمية الأساسي عامل ضبطٍ طبيعي ويحارب آثار التعب والإجهاد (ارتعاش عضلي، اكتئاب، قلق، تعرق، بشرة جافة أو دهنية، شعر دهني، ملل، تعب، تساقط الشعر…). أما في التدليك، فيعزز هذا الزيت الأساسي الاسترخاء والدورة الدموية ويساعد الجسم على التخلّص من السموم واحتباس الماء.
? اليام: بروجسترون نباتي حقيقيي عالج المشاكل الهرمونية التي تصيب المرأة، لا سيما في مرحلة انقطاع الطمث.
استخدم اليام أو البطاطا الحلوة البرية لفترة طويلة في أميركا الوسطى لتخفيف آلام المبيض واضطرابات الدورة الشهرية، إلا أن الطبّ لم يكتشف وجود مادة الديوسجينين في حبات اليام إلا في عام 1939، وهي مادة طبيعية مشابهة للهرمونات التي يفرزها جسم المرأة، ما يسمح للكبد، عند الحاجة، بتحويل هذه المادة الطبيعية إلى هرمونات، علمًا أنه لا يترك على جسم المرأة أي آثار جانبية.
يحفز الديوسجينين إنتاج مادتي دهيدرواپي آندروسترون والبروجستيرون، علماً أن دهيدرواپي آندروسترون الذي تفرزه الغدد الكظرية يؤدي دورًا في مواجهة الشيخوخة، أما البروجسترون الذي ينتجه المبيضان في النصف الثاني من الدورة الشهرية ويفقده الجسم بشكلٍ كبير في فترة ما قبل انقطاع الطمث، فيتميز بتأثير مهدئ ويحمي من آثار هرمون الإستروجين، ويمنع احتباس الماء، ويعزز فرص الحمل.
لا بدّ من أن تدرك كلّ امرأة أن مسؤولية مشاكل مرحلة انقطاع الطمث لا تقع على عاتق نقص هرمون الإستروجين فحسب، إنما على انخفاص مستويات هرمون البروجسترون بشكلٍ خاص. يؤدي البروجسترون الطبيعي دوراً حيوياً ليس في مكافحة ضعف العظام فحسب، إنما في حماية المرأة من الإصابة بأكياس الثدي، وتجنب اكتساب الوزن وظهور الوذمات، ومحاربة الاكتئاب والتهيج…
بهذا، يبدو اليام الحليف الطبيعي للنساء اللواتي يعانين اضطرابات ذات صلة بالفترة التي تسبق انقطاع الطمث أو فترة انقطاع الطمث المبكرة التي غالبًا ما تترافق مع مخاطر الإصابة بترقق العظام.
الجريدة