جاهلية

سمة طيبة ما زالت موجودة في مجتمعنا رغم كل الاستلابات الحضارية والحياتية، وتعتبر أمرا مميزا له على، الأقل بين الشعوب العربية. عندما يبث مواطن سوداني على شاشة التلفزيون أو من خلف مكرفون الإذاعة في السودان في مناسبة أحد الأعياد، فإن هذا المواطن السوداني أيا كانت جذوره وايا كان موطنه،سواء في شمال السودان أو شرقه أو غربه أو وسطه، فإنه يبدأ حديثه بعفوية شديدة بتقديم التهنئة للشعب السوداني بمناسبة العيد المبارك،ويقول، مثلا،أهنيء الشعب السوداني بحلول عيد الفطر المبارك أعاده الله على الجميع بخير، ثم ينتقل إلى تهنئة الأسرة الصغيرة والكبيرة والجيران والأصدقاء. الشيء المشترك بينهم جميعا أنهم بعفوية شديدة لا يقدمون التهنئة لحاكم ما. التهنئة للشعب السوداني ثم للأسرة والجيران والأصدقاء وزملاء العمل والحي والفريق الرياضي والنادي وغيرهم، لكنهم لا يخصون حاكما بتهنئة، وهذا التفرد يميز المواطن السوداني البسيط على غيره، وماركة خالصة مسجلة باسم المواطن السوداني.
لم يتغير هذا التميز تحت جميع الأنظمة العسكرية والمدنية في ظل جميع الأنظمة التي تعاقبت على حكم السودان،منذ فجر الاستقلال وحتى يوم الناس هذا. ومن جانب آخر لم يتخل الحكام،مهما كان رأينا فيهم، عن صفاتهم البشرية،يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، ويختلطون بالناس في المقابر والمآتم والأفراح، ولا يتوعدون أحدا منهم، وهذا سلوك من موروث الشعب السوداني، وليس صفة يتميز بها حاكم أو مسؤول عن آخر.
مسؤول ولائي شذ عن هذا الموروث. أصبح أحد نجوم المجتمع الجدد وانتقل بأسرته من حال إلى حال، فتطاول في البنيان وفي الأعمال التجارية، واتخذ زوجة ثانية استكمالا لمتطلبات المظهر الجديد، ولم يحسده أحد أو يتساءل أحد عن مصدر الجاه المفاجيء والثراء غير الموروث. حدث خلاف عادي بينه وبين مواطن سوداني آخر مقيم في دول خليجية. توهم أنه فوق القانون، ليس فقط داخل حدود الولاية أو الوطن، ولكن في بلاد الآخرين. أطلق التهديد والوعيد لذلك المواطن السوداني المغترب وقال له إن يستطيع بواسطة السفارة السودانية أن يطرده من ذلك البلد الخليجي ويعيده للسودان بالأغلال. دهشت.. كيف لمسؤول سيادي،أو دستوري، ينهج هذا النهج، ويطلق هذا التهديد وهو يعلم أنه لا يستطيع تنفيذ ما هدد به وإن أراد،فذلك أمر خارج سلطانه وسلطان أي سفارة، فضلا عن أن البلد التي توعد ذلك المواطن السوداني بالإبعاد منه، بلد ذو سيادة كاملة، وتحكمها قوانينها ونظمها. المسؤول الذي يفكر بهذه الطريقة القاصرة، و يتوهم أنه أوتي كل القوة والمكنة،وأنه يستطيع أن يفعل بالآخرين ما يشاء حتى لو كانوا في دولة أخرى ذات سيادة وذات قوانين ونظم، يصبح،على الأقل، غير جدير بالمنصب الذي يشغله، لأنه يعاني من علة نفسية ويعيش حالة من “جاهلية القرن الحادي والعشرين”، تستوجب ابعاده فورا من ذلك المنصب، وهناك أكثر من منتظر في قائمة المنتظرين الطويلة.
قبل الختام:
أطيب التهاني للشعب السوداني بشهر رمضان الكريم.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أخي الكريم ، هذا المسئول المهدد للمواطن السوداني أظنيه يعتبر نفسه داخل السودان الذى ورثنا فيه هأمثال هذه التهديدات من جد لأب ، لكن أقول له هيهات أن تمكنك قدرتك علي فعل مثل هذه الدناءات التي أصبحت في السودان عاديه جدا أن تستبدل شخص باخر أو ابعاده من موقع عمله واستبداله بمن يروق لك في موقعه وهذا هو أس البلاء الذى أبتلينا به في هذا الوطن الممزق .

  2. الاخ الكريم عبد الله … لك منى السلام والتحية …. وبعد،،، أخى صاحبك هذا يذكرنى

    بالمثل القائل :( الكيس الفارغ لا يقف مستقيما ) ويضرب للذى ينحرف عن المألوف والموروث

    والعرف والعاده … فهو كالطبل الاجوف …. ســـــــــــلام،،،ن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..