صحن الفول : عندما تستعصي عليهم الحياة.. فما الخيار

الخرطوم – سارة عثمان الحاج
في كل يوم يزداد ضيق العيش على الأسر الفقيرة، ويحاط بها من كل جانب، ارتفاع في الأسعار، وضغوط يستحيل تحملها، حتى صارت غايتهم في الحياة أن لا يموتوا من الجوع، والصمود في وجه الظروف التي تقف ضدهم، لتتكون مجتمعات أخرى غير التي كنا نعرفها.
وتظهر طبقات جديدة أشد فقراً من الطبقات الفقيرة تصارع من أجل البقاء ما جعل الفقراء يبحثون عن طرق بديلة لمجابهة تلك الظروف، فنشأت أسواق وأماكن تخصهم يستفيدون منها قدر المستطاع.
سيد الوجبات
لا يمكن ذكر الفول دون التطرُّق لسيد الوجبات الشعبية السودانية (البوش)، فهو ليس مجرد وجبة، بل هو يعبر عن أعمق مظاهر المشاركة بين أفراد المجتمع السوداني، فهو صديق دائم لتجمعات العمال والفقراء الكادحين الذي يحتمل فقرهم، فما يدفعه البعض يجُب الباقين في صحن البوش، ولكن بعد ما كان الفول وجبة الفقراء ومعه بعض المواد الغذائية مثل العدس والطعمية وأنواع دقيق الذرة المختلفة والكثير منها التي كان يعتمد عليها الفقراء بدائل لغلاء أسعار بعض المواد مثل اللحمة والخضروات ودقيق القمح، فقد بحثوا عن بدائل لها تسد خانتها الفارغة في قائمة طعامهم، فنجد إحلالاً وإبدالاً حدث لتلك الوجبات، فوجدت لها مكان في أسواقهم، فالناس هناك غارقون في فقر مدقع ولا يجدون ما يقتاتون به.
أسماء غريبة
وفي بادئ الأمر استعاضوا بـ (الكمونية)، وهي أمعاء الخروف أو البقر، معروفة في مجتمعنا ومنتشرة بكثرة، لكن بعد أن ارتفع ثمنها للأضعاف، حلت محلها (كمونية) أخرى، وهي أمعاء الدجاج وبعض الطيور الأخرى، وكذلك كوارع الضأن والبقر التي حلت مكانها كوارع الدجاج، ولها تسمية فيها بعض طرفة، مثل (أصبر) الكلمة التي دائماً ما نستخدمها عندما نريد أن نحث أحداً على تحمل أمر معين، وكذلك سميت قوائم الدجاج (مونيكا) وجلود آذان الأبقار (ساوند سيتم) أما جلود وشحوم البقر يطلق عليها (أمبولكسات)، وفي مجتمعنا نقول لها (الجلافيط)، ونجد أيضا أن البليلة حلت محل الفول في معظم الدكاكين الموجودة في الأحياء الفقيرة، وحتى (مويتها) استخدمت في البوش بدل (موية الفول)، فلم يعد للفول مكان بعد صعوبة الحصول عليه، حتى أطلق عليه (زمني الخاين).
عظام للحلة
وقد أطلق على نص ربع كيلو اللحم (مس كول)، وهناك من يقوم بشراء بعض العظام للحلة، وفي حالة تعذر ذلك يشترى بعض الجلد، بعد سلخ الجزء الداخلي من الجلد بالموس، وفي حالة العدم هناك أيضا خيارات أقل تكلفة مما سبق وهي شراء رؤوس الدجاج أو الأسماك فقط، أو مخلفات المطاعم من بقايا الطعام وخاصة عظام الدجاج واللحوم التي طهيت من قبل، فهي تأتي في آخر المراتب من حيث الأسعار، لأنها قد تم استخدامها ولا تلجأ إليها تلك الفئات الفقيرة إلا في حالات العوز الشديد.
تفصيل مشتروات
أما في سوق الخضار، فيمكن أن يبيع فيها بالحبة، ويمكن أن تشترك عدد من النسوة لشراء بعض الخضار ثم يتم تقاسمها فيما بعد، ثم يتوجهوا بعد رحلة التسوق المشتركة إلى الفرن بغرض شراء الخبز المجفف، الذي يقصد صاحب الفرن تجفيفه حتى يبيعه بأقل من سعر الخبز العادي، وبذلك تقضي ربة المنزل حوائجها، ففي تلك الأسواق تجد كل السلع في متناول اليد، وليست هناك موازين ولا مقادير معينة تحكم السوق، بل تفصل مشترواتك بحسب إمكانياتك، وفي ركن قصي تجد عدداً مقدراً من بائعي الأعشاب والأدوية البلدية التي تعالج جميع الأمراض النفسية والعضوية، كما ذهب أصحاب المهنة ذو الخبرة والباع الطويل إلى أنها أفضل من العقاقير الطبية المستخدمة في المستشفيات ويستوي عندهم (المحريب) بـ (البنسلين) والعرق بـ (البندول) والكنقوا عندهم أفضل من الأنسولين.
عشوائيات منظمة
منى ووالدتها الحاجة فاطمة (دلاليتان) وتغسلان الملابس أيضاً بأجر، إذا ما ضاق بهما الحال تشتريان بأجورهما بعض الأغراض وتقومان ببيعها بمنطقة طرفية لا تبعد كثيراً من مكان سكنهما، الواقع في جنوبي الخرطوم بمنطقة مشهورة بعشوائيات منظمة، السوق يحوي العجب، فهناك تجد ما لا تحسب أنه حقيقة.
سوق (بروس)
حتى تصل (سوق بروس) الذي أخذ هذه التسمية من النبت الذي يخرج من الماء في شكل جذور، ويطلق على عديم الأصل في كل شيء، تمر بمنعرجات وأزقة وحفر، فهو سوق يقبع على منطقة طرفية في الخرطوم، داخل حي الوحدة بمايو ولا تختلف تلك المناظر عن واقع السوق الذي يتكون من مجموعة رواكيب مصنوعة من الخيش أو جوالات البلاستك أو المشمعات وجوالات أخرى مفروشة على الأرض عرضت عليها بضائع شتى، ودرداقات تحمل في جوفها المكشوف أصنافاً مختلفة من جميع المواد الغذائية وغير الغذائية.
من بقايا الطعام
اشتهر سوق بروس بأسعاره الزهيدة وبساطته، التي فاقت سوق (ستة) الذي كان ذات زمان سوق (المرحوم قدرك) الشهير، الذي اشتهر ببيع الملابس القديمة أكثر من الأشياء الأخرى، لكن ما يتمتع به سوق (بروس) أنه تخصص في المأكولات الجاهزة ناهيك عن وجود المأكولات الجافة والشعبية، وهو آخر صيحات موضة الفقر وتدني المستوى الاجتماعي في السودان، حيث أن الوجبات تتكون من بقايا الطعام، ولها سماسرة طعام يقومون بما يتوجب عليهم للتخلص منها ببيعها لأولئك الفقراء.
اليوم التالي
يا اخي والله كرهتنا عديل كدا —- با اخي خليها مستورة — وبشر الصابرين —-وبعد الموت يستوي الجميع امام الرب وحسابه.
عندما يتعزز الفول . او قل البوش . كان الله في عون الشعب السوداني الفضل
كسرة بي موية وعصيدة بي لبن!!!!
شكرا لكاتبة المقال . مقال مؤلم لواقع مؤلم ومر لا يعرفه الا الذين عاشوه . ربما ان تعيش في نعمة يفتقدها غيرك قد يجلعلك لاتشعر به . ليت هذا المقال ينشر على كل مواقع التواصل الاجتماعي .احسست ان غصة تقف بحلقي ودموعي احتبسبت ولم تنهمر لانها تعودت الاحتباس . هذالمقال حرك بقلبي ثورة لم تسطيع الخروج واظنها نفس الحال لكل من قرأ المقال او عاش المأساة اوعايشها. لايستحق السوداني الكريم غير الاحترام والحياة الكريمة. ولايستحق وطني الا العلا . اللهم يااااااااااااااارب دعوة مظلوم وبلسان كل طفل محروم وام تحت الشمس تبيع حملت الهموم ووالد يأتي في المساء ولايستطيع ان ينوم لالام جسمه وقلبه وعقله الذي يحمل هم الابناء ياااااااااااااااارب اذل الذين ااذوا هذي القلوب وانهكوا هذي الجسوم يااااااارب ارفع واعز تلك القلوب ياااااااااارب لاتسلط علينا من لايرحمنا ولا يخافك فينا ياااارب اااااااااااااميييين