التكنوقراط أم حشاش بي دقنو..

د.هاشم حسين بابكر
*قبل أن أجيب علي هذا السؤال أود تشريج الحالة السياسية السودانية وباختصار,وهي ما أوصل البلاد الي الفوضي السياسية…!
*حالة الضعف والتمزق السياسي والتشظي التي عانت ولا زالت تعاني منها الأحزاب السياسية واختلافها أثناء حكمها “والذي كان اختلافآ في المصالح”هو من فتح الباب أمام العسكر لطرق أبواب الحكم بالبندقية..!
*ومن سخرية القدر ومما يثير الضحك والاشمئزاز معآ,أن تجربة العسكر في الحكم تفوق تجربة محترفي السياسة وتجارها سبعة أضعاف(هذا ان اعتبرناهما مجازآ تجارب سياسية)فالعسكر حكموا السودان اثنان وخمسون عامآ بينما حكم محترفو السياسة فقط ثمانية أعوام..!!
*وفي كل الحالات كانت دعوة العسكر للحكم اما دعوة صريحة يتم تسليم الحكم باليد أوبدعوة مبطنة كما حدث في المرة الثالثة,ووراء كل عملية تسليم وتسلم نجد أن وراءها محترفي السياسة من الاحزاب المهترئة,وفي كل الحالات انقلب السحر علي الساحر.!
*اننا بصدد مشاهدة فلم ممل أجبرنا علي مشاهدته علي مدي ستين عامآ متتالية…!!!
*وهذا يعني أن المعادلة السياسية في السودان مختلة الاركان,معادلة أهم معطياتها مجهول,لا يعيره لا محترفو السياسة ولا العسكر اهتمامآ,الا وهو الشعب,الذي يتقاتلون ويتآمرون من أجله,يسرقون الحكم بليل باسمه وهو مجهولهم المتعمد..!!!
*وفي اهمال الشعب التقي كل من محترفي السياسة والعسكر,وتباينت مصالحهم الذاتية فاختلفوا..!!
*ولا يلتقيان الا حين شعورهما بأن الأمور قد تفلت من أي منهما ففي الحالة الراهنة اليوم يجد النظام نفسه مجبرآ علي تقديم الجزرة لما يسمي بالمعارضة بالحوار الوطني وماة,فما عادت هناك دولة,تفككت الأحزاب,ولم يسلم من التفكك حتي جيش البلاد هو بذلك,انه مجرد خوار..!!
*ولنراجع حصاد ستين عام مضت,ماذا حصدنا.؟
*تفكك مفهوم ما يعرف بالدولة الوطنية,فما عادت هناك دولة,تفككت الأحزاب,ولم يسلم من التفكك حتي جيش البلاد الوطني,الذي هو الآخر أجبر علي دخول غابة السياسة السودانية المظلمة.وظهرت كيانات مسلحة جديدة تبحث لها عن مكان في الدولة المفككة,أو في متن الدولة الحديثة المتوهمة,أكاد أجزم أن الأمور في النهاية ستئول الي ترضيات لمصالح ذاتية لا يزداد الشعب منها الا خبالا..!!!
*اننا في وضع يقود الي ما يعرف بالتطرف,والذي بدوره يقود الي ما يعرف بالفوضي الخلاقة ويعرفه العقلاء بثورة الغوغاء التي لا تحمل اية مرجعية سياسية,فقد ضاعت منذ ستين عامآ, ضاعت بسبب الصراع علي السلطة بين السياسيين والعسكر,واختفت في ظلام المصالح الذاتية..!!!
*وغياب السياسة يعني أمرين اما الديكتاتورية التي يتبعها الفساد و الفوضي والغوغائية,فالسياسة لا تحتمل الفراغ.
*وما يمهد للغوغائية عدم الاكتراث يعاني منه الشعب, وتحديه بالعبارات من قبيل (الحس كوعك)و(والزارعنا غير الله اليجي يقلعنا)و(اطلعوعلنا في السهله)والغرور الذي عادة ما ينتاب الظلمة,الذين صب الله عليهم صوت عذابه,من أمثال فرعون قديمآ والقذافي حديثآ علي سبيل المثال لا الحصر.
*ولنأخذ مثالآ حيآ,أمريكا نشأت في البدء بالعصابات,التي كانت تقتل لتستولي علي حقوق الآخرين,رعاة متجولون يبحثون عن الماء والكلأ,يتعرضون لهجمات العصابات وتدور بينهم المعارك,هذا يسلب والاخر يدافع عن حقه الي أن تم تنظيم الحياة بأن نال الرعاة الارض,وانشئت الطرق البرية والحديدية,تنقل المواشي للأسواق,وتحافظ علي جودة الانتاج,وبهذا نمي الاقتصاد وازدهر.من قام بهذا العمل؟ التكنوقراط,الذين عمل النظام علي تشريدهم منذ بواكيره.!!
*حين يتنافس المتنافسون علي حكم دولة,لابد من ان تتوافر العناصر التي تؤهل المتنافسين للحكم,وأهمها التجرد,والمشروع المقدم للحكم,وبرامج التنفيذ,وفوق هذا وذاك القرار,وهذا ما يفتقر اليه محترفو السياسة لعدم الخبرة,واهمال الكفاآت التي تبني,وما لم يستوعبه العسكر خلال أكثر من ربع قرن من الحكم.!!!
*استوقفني حديث للرئيس قال فيه انهم يخططون لزراعة اربعين مليون فدان,عندما اطلق مثل هذا التصريح يجب أن أكون واضعآ يدي علي كمية المياه التي تكفي لزراعة هذه المساحة الضخمة,من أين سيأتي بالمياه؟وحجمها يقدر بثمانين مليار متر مكعب!؟هذا مع تجاهل بقية المتطلبات الأخري,من مدخلات زراعية ووسائل نقل وطرق وغيرها.
*أهم عنصر من هذه العناصر هو المياه,علي أي مصدر من مصادر المياه سيعتمد؟أعلي المخزون منها في السدود؟المخزون في كل سدود السودان لا يتعدي بضع وعشرين مليار بمخزونها الميت,مع الأخذ في الاعتبار التوليد الكهربائي,الذي يتناقض مع الري,لذلك تخصص السدود اما لتوليد الكهرباء أو للري.وهذا يخرج سد مروي صاحب أكبر مخزون من المعادلة.,!!
*أم أنه سيعتمد علي مياه الأمطار,وهذه علمها عند منزلها,وزد علي ذلك,أن السودان لا يملك جهاز ارصاد يؤهله رصد الرياح ومسارات السحب,في حين أن الارصاد يأتي في قمة اهتمامات الدول..!
*وأضرب مثلآ,قدمت هولندا عونآ مائيآ للسودان,وكان أن توطدت العلاقة بين مديري المشروع الهولندي والسوداني,وبعد انتهاء المشروع تواصلا بالخطابات,وصدف أن ذهب المدير السوداني الي هولندا,وذهب لزيارة صديقه في مقر عمله,فاذا به يتفاجئ بأن صديقه ترك العمل في مركز أبحاث المياه,وانضم لأحد الأحزاب السياسية,فذهب اليه في مقر الحزب فرأي عجبآ,حيث وجد أنه في مركز أبحاث مياه ضخم تابع للحزب السياسي.!!!
*سأل صديقي صاحبه,أنت باحث في مجال المياه ما الذي أقحمك في السياسة؟فرد عليه “أنا كما تري أعمل في نفس عملي أرصد امكانيات هولندا المائية,وأقدمها للحزب حتي يضع برنامجه الانتخابي علي أساسه,لا يستطيع الحزب تقديم برنامج سياسي للصناعة او الزراعة أو أي منشط حياتي آخر ما لم يأخذ في الاعتبار امكانيات البلاد المائية.!!!
*هكذا تدار السياسة في العالم بالعلم وليس بغيره,فهل يستطيع وزير المياه والكهرباء وجهازه ال(funny )مد رئيس البلاد بمعلومات بهذه الدقة!؟ليس في مقدور أي منهم الجرأة,فالسياسة في السودان هي من يقود العلم,ويهوي به في الدرك الأسفل من الجهل والتخلف والانحطاط.!!!
*التكنوقراط بالعلم يقودون السياسة,والسياسيون بالجهل يقودون العلم.!وأذكر أنني تقدمت بمقترح كهذا لأحد كبار قادة الأحزاب حتي يسير علي هذا النهج,فقرأ الورقة المقدمة,وقال لي سأعرضها علي أمانة النقابات,ومن يومها لم أتصل به ولم يتصل بي,وكنت قد طالبت بانشاء أمانة علمية في الحزب,ولكنه كان يصر ان تكون تحت العمل النقابي,وبيني وبين نفسي قلت هذا فراق بيني وبينه.!!
*نحن نطالب بحكومة تكنوقراط,والنظام الحاكم يتخلص منهم حتي من وظائفهم الادارية,ويضع مكانهم من لا صلة لهم بالعلم والمعرفة والخبرة من خريجي كليات الآداب,أوحتي خريجي الفصائل المتمردة.!!!
*لهذا تطالب الغالبية العظمي بالتكنوقراط الذين بالعلم والمعرفة يقودون البلاد وسياستها,وكفانا تجارب سياسية لا تقود سوي الي التخلف والفساد,فقد جربهم جميعآ من سياسيين وعسكر,فهل ندخل بلادنا في تجربة المجرب..!!!؟
*وليكن مطلبنا التكنوقراط لا حشاش بي دقنو…!!!
[email][email protected][/email]
اتفق معك يادكتور وانت رجل مؤهل بمعنى ما تحمله الكلمة ورجل غيور على هذا البلد الضائع.لذلك اريد ان اوضح لكل السودانين تجربة اندونيسيا في عدة مجالات
اولا في مجال التدريب المهني برعوا بصورة قوية جدا بل اصبح خير التدريب المهني شاملا في جميع التخصصات.
في مجال السكة حديد توجد قطارات حديثة جدا ومتطورة وسريعة تجوب جميع المدن وبتكلفة رخيصه جدا.
ثالثا في المجال البحري عندهم سفن ممتازة واسطول متكامل .وكذلك تم الاستفادة من الثروة السمكية الهائلة .حتى ان بعضعهم يربي الاسماك في البيت
رابعا في مجال الطيران لهم مجموعة كبيرة جدا من الطائرات مثل قارودة وlionوغيرها
خامسا في التعليم العالي الجامعات تخرج كفاءات في جميع المجالات
سادسا في مجال الزراعة عندهم تقنية متطورة جدا
سابعا في مجال التواضع تجد حاكم جاكرتا يقود دراجه نارية
والشرطة تبتسم في وجه المواطن ولايوجد فرد من الشرطة او الامن يهين او يضرب مواطن
والكلام يطول وان اردتم مقال تفصيلي عن التجربة الاندونيسية لفعلت ونسيت ان اقول لكم طلاب الخلاوي يدرسون تدريب مهني ويتعلمون ثلاثة حرف على الاقل كما ان المساجد تستعمل بعد الصلاة ك قاعات دراسة لذلك يجب ان يقود السودان تكنوقراط امثال د.هاشم ومولانا سيف وغيرهم وان يترك العسكر الحكم وعطالة السياسة ويخضعوا لدورات مكثفة في مجال التدريب المهني حتى يكونوا منتجين
لن يسمع هؤلاء يا دكتور ، و لن يعقلوا كلمة مما تقول .. الحل الوحيد يتألف من خطوتين لا بد منهما ، الأولى : تكوين و تسجيل حزب التكنوقراط (و ليكن بالاسم الذي اقترحته في إحدى مقالاتك الأخيرات “حزب البناء و التنمية” ، أما الخطوة الثانية و التي لا بد منها لكي يسمع للحزب قول ، فهو : تكوين الجناح العسكري لحزب التكنوقراط ، يعني من غير فصيل مسلح للحزب ما ممكن يسمعوك الجماعة ديل ..
عندما حصل انقلاب الانقاذ اتفقت جميع القوى السياسية والحركة الشعبية على وقف العدائيات وعقد مؤتمر قومى دستورى لكيف يحكم السودان يعنى تخلوا عن حزبيتهم وكونوا حكومة الوحدة الوطنية لحل المشكل السودانى!!!
الامريكان نعم توسعوا فى حيازة الاراضى والتنقيب عن الذهب الخ الخ نعم كانت هنتاك عصابات ولكن عملوا وثيقة الاستقلال ووثيقة الحقوق والدستور المكون من سبعة مبادىء فقط اى فى صفحة واحدة وليس مئات الصفحات وكل ما احتاجوا لتعديل اى مادة يعدلوا فيها حسب القانون والاجراءات القانونية والدستورية وسادت الحريات تحت سيادة القانون والدستور واتخذوا من النظام الراسمالى بتاع آدم سميث دعه يعمل دعه يمر وطبقوا راسمالية مرنة بتدخل حكومى محدود(الايدى الخفية) لحماية نظامهم المالى والاقتصادى من الخلل!!!
يا استاذ لو استمرت الديمقلراطية بى سجم رمادها وطائفيتها كنا وصلنا لحل مشكلة البلاد سياسيا واقتصاديا وكان ممكن الاحزاب تقتنع بعمل مراكز ابحاث يعمل فيها التكنوقراط الخ الخ الخ البريطانيين ليهم 800 سنة بيمارسوا الديمقراطية من زمن الماقناكارثا ولى هسع بيطوروا فيها ونحن فى السودان ما تستمر لدورة واحدة حتى ينقض عليها العسكر حتى ولو مبرأة من اى عيب لانه فى حاجة اسمها الضباط الاحرار والعقائديين يمين او يسار او اسلامويين معجبين بانظمة العهر والدعارة السياسية بتاعة الرئيس القائد والحزب الرائد!!!
الف مليون ترليون تفووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو على اى انقلاب عسكرى او عقائدى عطل الديدقراطية بى سجم رمادها وطائفيتها وعولاقها لانها وفى كل الاحوال احسن مليون مرة من اى حكم عسكرى او عقائدى قذر واطى وسخ عاهر داعر غبى دلاهة جاهل وفاقد تربوى!!!! والديمقراطية لو ما مورست واستمرت ولم تنقطع ما ممكن تتطور وتتصلح وتمشى للامام!!!
كسرة:آخر انقلاب اللى هو انقلاب الكيزان اجمع اهل السودان على حل المشلة وتناسوا الحزبية الضيقة(نعم فى الاول كانوا بيناوروا ويختلفوا الخ الخ لكن قبل الانقلاب اتفقوا) ولكن الكيزان عطلوا ذلك الحلم بانقلابهم القذر الواطى العاهر الداعر الفاسد!!!
* لو أذنت في مالطا لأجبت, أما هنا فكيف تسمع من في أذنه صمم، و استحوذ علي عقله الوهم، و بـ(سياساته المفسدة) أظلناالعدم.
تتمة لتعليقي. الأدلة التي أوردتها في مقالك (مشاريع الري) إذا أكملتها بخطوط عريضة للحلول (مقترحات) ، هذا ما نعنيه بالخطوة العملية ، إبدأ بما عندك ليكون حافذاً لمشاركة المختصين ، طبعاً هذا بالتزامن مع باقي التحضيرات: (بدء التواصل و التجميع للتكنوقراط ، وضع خطة مرنة للأولويات ، وضع أسس علمية سليمة لإختيار – المسؤولين عن المشاريع – لضمان ولاءهم الوطني ، المساهمة في الملفات التي بذلت فيها مجهودات سابقة مثل قضايا الفساد ، حصر و إسترداد الأموال المنهوبة بالخارج ، وضع مسودة قانون للمحاسبة و مصادرة الفاسدين و تقنينه دولياً)
رأي يا دكتور أن تبدأ بالإتصال و تجميع إخصائي الإجتماع ، الطب النفسي و الإدارة بالتوازي مع تجميع التكنوقراط ، للحوجة الماسة لإستشاريين يحللون المتغيرات المجتمعية حتى يكون طرحكم عملياً و مقبولاً من جميع قطاعات الشعب. أعلم إنكم تقدرون خطورة طرحكم!! فهو يعود بالفائدة و النفع على الوطن و الشعب ، لكنه في نفس الوقت سيكون وبالاً على محبي المناصب و الكوتات ، و بالتأكيد سيضيق من صلاحيات الوزراء (السياسيين) في التلاعب بمقدرات الأمة ، حيث إنهم سيكونون ملزمون بالتقيد بالخطط و المشاريع الموضوعة ، في حالة نجاح هذا المشروع الوطنى بإذن الله. لذلك توقع حرب ضروس ، و لكن جموع الشعب ستدعمكم
يا دكتور هولاء ضد العلم والوعي لان بالوعي سيكون مكانهم مزبلة التاريخ.
لقد لامس تحليلك اوتارا حساسة فى نصتيف الحالة السودانية والملاحظ ان المسئولية الكبرى فى هذا الفشل الكبير تقع على عاتق الاحزاب السياسية لكونها لا هى تنجز شيئا ولا تترك العسكر ينجزون فعندما تدين لها السطة تشتعل نيران الخلافات بينها ليس على خطط او اولويات ولكن على اقتسام الكيكة وتظل هكذا حتى ينقض عليها العسكر فما ان تسمع المارشات العسكرية حتى تهرع الى الخروح خلسة الى القاهرة اديس لندن باريس كنقاط ارتكاز توجه منها ادوات خلخلة وتخريب البلاد تحت ذريعة استعادة الديموقراطية ودون ان تتورع عن استخدام كل ما هو متاح من الاساليب الفاسدة او الارتماء فى اجضان التخابر الاجنبى ,, ودون ان تتيح فرصة ولو قليلة للعسكر ليعملوا فيضطروا لتوجيه جل اهتمامهم بالامن … وهكذا تدور الامور فى حلقة مفرغة من الفعل والفعل المضاد … ولكن عموما فان غالب المنجزات التى تمت بعد الاستقلال تحسب لصالح الحكم العسكرى كما يحسب عليهم ما تم من تخريب لما كان قائما فهل فى الانكان ابتداع نظام مختلط يجمع ما بين العسكر والاحزاب كالذى كان سائدا فى تركيا مثلا لوضع حد لتلك المتلازمة التى انهكت البلاد ؟
مقال عظيم واسهام رائع يادكتور وكتر الله من أمثالك ونريد منك يادكتور أن تبدأ لنا تجربة مثل الذى تقول ومع اعترافى أن المسأله تحتاج الى امكانيات وديمقراطية بالوطن حتى تقبل بمثل هذه المخرجات ولكن دعونا نبدأ ولا ننتظرهم بأقل الامكانيات .