مقالات وآراء

حكاية المؤجر والمستأجر و الصراع المستمر

عبد المنعم على التوم

يعتبر السكن أو المأوى من ضروريات الحياة  بل  هو حق من حقوق الانسان وهو يعنى إستقرار للاسر ليس فى السودان وحده  بل فى جميع أنحاء العالم لذلك تسعى جميع حكومات العالم بالتعامل مع عنصر السكن بأهمية خاصة سعيا وراء تحقيق الاستقرار المجتمعى والذى يمثل الاستقرار الاسرى  القاعدة الاساسية لكل نشاط بشرى من تعليم و صحة و زراعة و صناعة وتجارة حيث لا يوجد إستثمار حقيقى دون إستقرار أسرى .!!!
وحتى نستطيع أن نسلط الضوء على هذا الصراع القائم فى السودان بين المؤجر و المستأجر لا بد لنا ان نعرف من هو المالك ومن هو المؤجر وم من هو المستأجر .!!!
المالك هو صاحب العقار أو الارض الذى يحمل صك التملك  الرسمى من سلطة الدولة الرسمية بإسم العين المعينة  (شهادة بحث رسمية)
المؤجر : هو الشخص الذى يقوم بالتعاقد  عن جزء او كل ما يملكه مقابل عوضا ماديا معينا فى الزمان و المكان المحددين  بصفة التعاقد  أو يكون المؤجر وكيل عن المالك له حق التصرف فى الوحدة العقارية او العقار كاملا بما تقتضيه الوكاله الممنوحة له من  طرف المالك ويمكن الوسيط المؤجر يكون وكيل عقارى أو أى فرد يرجع إليه المستأجر فى شئون الوحدة العقارية المؤجرة له .
المستأجر : هو المستفيد من الوحدة العقارية المؤجرة له ويمتلك الحق بالاستفادة من الوحدة العقارية دون أى إزعاج من المؤجر او من ينوب عنه وبما يقتضيه عقد التأجير المبرم بينهما وله الحق فى التمتع بالوحدة العقارية طالما يقوم بسداد ماعليه من إلتزام  ويحافظ على العين المؤجرة .
بداية الحكاية بين المؤجر و المستأجر تبدأ ودية تماما حيث يخرج المالك عن ملكه دون تدخل من الدولة و يذهب بواسطة نفسه أو من يفوضه الى  وسطاء(سوق الله أكبر) ويعرض عليهم عرضا يطلب فيه الايجارة عن العين التى يملكها سوى كانت منزلا او دكانا أو شقة  أو مزرعة  أو أرض ، وهنا يتحول من مالك للعقار أو الارض  الى مؤجر ويتنازل عن ذلك الملك الى  مستأجر مقابل عوض من المال او عوضا عينى ، بكل تراضى و أريحية ونفس مطمئنة ويضع شروط ذلك التنازل ويتراضى الاثنان على ذلك الاتفاق !!!(تمام إتفقنا ) – هناك فرق كبير بين المالك و المؤجر ، فالمالك اولى بملكه قبل أن يتحول و يتمحور الى مؤجر يريد أن يستغل ملكه فى جنى الاموال التى ربما يريد أن يستفيد من تلك الاموال فبما يخصه من احتياجات  أو كمصدر غير إنتاجى فى زيادة الدخل وتراكم الثروة !!!!
المستأجر هو ذلك الشخص الغلبان الضعيف الذى لا يملك منزلا يأوئ أسرته يقوم بالبحث عن منزل للإيجار من هؤلاء الاقطاعيين الجدد ربما يدفع كل دخله ويستعين فى كثير من الاحيان ويطلب الدعم من قريب او صديق حتى يستطيع شراء ثمن إستقراره !!! وهؤلاء المستاجرين ربما يمثلون 80% من السكان !!!
بعد فترة من الزمن يبدأ تمرد المؤجر على المستأجر فى أغلب الاحوال ولم نسمع بأن هناك مستأجرا تمرد على المؤجر فى السودان ويبدأ الصراع بين الطرفين وكل ذلك يحدث بسبب طمع المؤجرين وبسبب إنفلات أسعار الصرف وزيادة أسعار السلع لإنخفاض القوى الشرائية للجنيه السودانى وهذه الزيادات او الانخفاض فى سعر صرف الجنيه السودانى لم يكن للمستأجر أى دور فيه وبذلك تنتهى العلاقة الطيبة بين المؤجر و المستأجر فى أروقة المحاكم والتى لم تكن (المحاكم) أصلا  طرفا فى  بداية الاتفاق !!!! وتجد المؤجرين هم الذين يجرؤن بالشكوى ويسكبون الدموع أمام القضاء السودانى و يولولون بأنهم هم المظلومين !! و إن المستأجرين كانوا إخوان الشياطين ظلمة فجار يستمتعون بملكنا الذى كان ! ولا يعطوننا المال الكافى حتى يشبعوا جشعنا و ظمأنا !! مع إنفلات الاسعار و كأن المستاجرين هم السبب فى إرتفاع الاسعار والذى يعانى منه الجميع !!!
النشاط العقارى الطفيلى فى السودان هو واحد من الاسباب الرئيسية  نشط بصورة كبيرة جدا بعد مجئ الانقاذ فى العام 1989 حيث قاموا بحملة شعواء ضد المستأجرين ونصبوا محاكم عسكرية فورية أخرجوا جميع المستأجرين بقوانين ما أنزل الله بها من سلطان بحجة القول الفقهى ( المالك أولى بملكه ) لم تراع حقوق المستأجرين البسطاء الضعفاء كما لم تراع  حق المستأجرين فى العقود المبرمة  بين المؤجر و المستأجر كما لم تراع مصلحة الدولة الاقتصادية العليا  !!
حقيقة لقد أخفق المشرع فى ذلك الوقت وخلط بين مالك العقار  ومؤجر العقار (المؤجر هو صاحب العين المؤجرة)فالمستأجر لم يدخل الى العين المؤجرة عنوة وإنما بمحض التراضى وكان من أوجب واجبات العدالة أن تقف على  الحياد مسافة و احدة بين الطرفين وتحترم ذلك التراضى حفاظا على النسيج الاحتماعى وعلى إستقرار الاسر وحفظ حقوق المستأجرين من التغول و الابتزاز وحمايتهم من التشرد و الضرر الذى يصيب الاسرة من جراء الاخلاء الذى حصرته قوانين حقوق الانسان فى نطاق ضيق للغاية فى حالة عدم سداد قيمة الايجار المتفق عليه أو فى حالة خراب ودمار العين المؤجرة بقصد من قبل المستأجر عدا ذلك لا تسمح القوانين بالاخلاء إطلاقا مهما كانت حوجة المؤجر!!!فأستقرار المجتمع والحفاظ على النسيج الاجتماعى اهم من ثراء الافراد !!!!
يقول الدكتور العالم المصرى محمد دويدار فى كتابه الرائع مبادئ الاقتصاد السياسى و الذى يعنى ويهتم بسياسة الانتاج (ص183) ( الهدف العام من النشاط الاقتصادى هو ، كما نعلم إشباع حاجات أفراد المجتمع ، و الحاجات اللازم إشباعها هى نتاج لمجموع ظروف الحياة فى مجتمع ما . تحديد هذه الحاجات يحدده فى نفس الوقت الغايات التى تقصد من وراء الفيام بالنشاط الاقتصادى فى هذا المجتمع المعين ، وهى غايات تستقر عن طريق العادات و الاخلاق الاجتماعية ، ويقرها الدين ويحميها التشريع فى بعض الاحيان . فإذا كان الهدف العام من النشاط الاقتصادى (هو إشباع حاجات افراد المجنمع ). فإن الغاية المباشرة من القيام بالنشاط الاقتصادى ، أى الهدف المباشر من وجهة نظر من يتخذ قرارات الانتاج ، هذه الغاية المباشرة تتحد إجتماعيا – ومن ثم تاريخيا – وتختلف من طريقة الى آخرى من طرق الانتاج . )
لقد ذكر كثير من علماء الاقتصاد وإتفقوا بأن تعريف:( الانتاج هو أى مجهود ذهنى أو عضلى يبذله الانسان و يحقق منفعة لإشباع حاجيات الناس وقد إشترط علماء الاسلام بشرط أن يكون فى الحلال الطيب ) وقد أجزم جميع علماء الاقتصاد بأن النشاط الانتاجى محصور فى ثلاثة محاور أو ثلاثه قطاعات  1/ الزراعة 2/ الصناعة 3/ الخدمات فقط .
النشاط العقارى فى السودان نشاط طفيلى وهو واحد من اكثر النشاطات التى تعمل ضد الاقتصاد و ضد إستقرار المجتمع ويكرس لعطالة من الاثرياء يركبون الفارهات من السيارات و جيوبهم تمتلئ بالنقود ولا يوجد ما يقدمونه فى الاقتصاد الكلى للدولة سوى زيادة الطلب على العملات الصعبة لإستيراد مواد البناء  وخنق الاقتصاد السودانى مما جعل رأس المال الخاص يهمل النشاطات الاقتصادية ذات الاهمية الاقتصادية فى بناء الامة (الزراعة ،الصناعة) أضف الى ذلك إرتفاع اسعار الاراضى فى السودان بسبب هذا النشاط الطفيلى لأرقام فلكية قياسية  سبب  الهلع للشباب وزاد  الرغبة لهجرة الاوطان !!!

على دولة العدل و الحرية و السلام أن تلتفت  لوقف هذا القطاع الطفيلى الهدام و الذى تسيطر عليه الطبقة العليا من رموز النظام السابق والذين يمثلون السلطة السابقة فى كل درجاتها الوظيفية وتقطع طريق الثراء الطفيلى وإبتزاز الشعب وتوقف هؤلاء العطاله  الذين  يسيطرون على سوق السكن  ويضيعون زمن الدولة فى أروقة المحاكم تحت زريعة الحوجة الماسة و اجرة المثل فى إتفاقيات لم تكن الدولة طرفا فيها وإحترام العقود وقف تسليع السكن والحفاظ على استقرار المجتمع لكى تنخفض اسعار الاراضى ويجد ذو الدخل المحدود إمكانية الحصول على منزل وعلى هؤلاء المضاربين من سماسرة و ملاك للاراضى حتى التوجه  بأموالهم نحو الاستثمارات الحقيقية المنتجة التى تصلح الدولة و تشبع حاجيات الافراد !!!

الجمعة 9/يوليو 2021
[email protected]

‫10 تعليقات

  1. مقال مختل وغير متوازن..
    نفرض ان شخص ورث مالا واستثمره في بناء منزل للايجار، هل هذا نشاط طفيلي؟ هذا الشخص أجر لك المنزل قبل خمسة سنوات قل ب 400 جنيه فهل تريده أن يقبل اليوم بنفس المبلغ الذي لا يكفي اليوم لكيس خبز بينما نفس المنزل يؤجر اليوم ب 20 ألف جنيه مثلا.
    هل تريد من هذا المؤجر معالجة هذه المشكلة الاجتماعية على حسابه بمعنى ان يترك منزله للشخص المؤجر؟ خاصة انه اذا اراد أن يركب ركشة من الحارة الأولى للحارة الثانية لتحصيل المبلغ فإن سعر الركشة ماشي جاي اعلى من ذلك؟
    مقال مختل تماما ولا يراعي العدالة. والان اتجه اصحاب العقار لعدم التاجير لتلك الاسباب مما خلق مشكلة كبيرة في السكن.. فهل نحمل مسؤولية ذلك للدولة ام لصاحب العقار المسكين الذي عليه أن يتناز عن عقاره حتى لا ننعته بأسوأ النعوت بأنه جشع وطفيلي وسدنة نظام سابق؟!

    1. اوافقك بكل حسرة والم وتضرر

      صاحب الملك يضطر ليستاجر جزء من منزل للسكن لان القانون منح المستاجر سنوات اخرى ليبرطع ويدمر الملك الحر؟؟

      لا عدالة بسودان مازال عسكرالكيزان وجنجويدهم يتحكمون به

  2. مقال خارج المنطق تماماً … فالقطاع العقاري هو قطاع مهم كالزارعي والصناعي ووو فهي تمثل السند لهذه القطاعات.
    وإذا تم تجفيفه فسوف تحدث ندرة وهروب رأس المال الخاص به إلى دول الجوار التي تفتح ذراعيها إلى المستثمرين في القطاع العقاري … ودونك أملاك السودانيين في القاهرة التي تبلغ 16 مليار دولار.

  3. يعنى اترك ملكى للمستاجر يسكن به الى يوم ان ينفخ اسرافيل فى الصور

    العقد شريعة المتعاقدين

    ينتهى العقد ويرفض المستاجر ان يسلم البيت لعلمه انه سيضطر لدفع مبلغ اعلى لاى وحدة سكنية سيستاجرها؟؟

    انا مالى ومال المستاجر ؟ هذا عرض وطلب وعقد لمدة محدده؟

    والله اهد البيت واسويه بالارض او اتركه خاليا ولا أؤجره لمواطن سودانى

    1. صحيح، وكل ما تزيد بلاوي المستاجرين يرفض اصحاب الملك تاجير عقاراتهم مما يتسبب في قلة العرض مع تزايد الطاب فيرتفع الاجر.
      في يوم من الايام كان الناس، وخاصة المغتربين، بيشترو بيوت في السودان كسكن ومصدر دخل عند التقاعد ولكن الان الكل بيشتري في مصر والامارات وتركية. دي كلها اموال كان ممكن تدخل السودان ولكن قانون الاليجارات بيعطي المؤ جر حق في مال صاحب الملك اكثر من صاحب الملك نفسه فهاجر راس المال.

  4. يعنى اترك ملكى للمستاجر يسكن به الى يوم ان ينفخ اسرافيل فى الصور

    العقد شريعة المتعاقدين

    ينتهى العقد ويرفض المستاجر ان يسلم البيت لعلمه انه سيضطر لدفع مبلغ اعلى لاى وحدة سكنية سيستاجرها؟؟

    انا مالى ومال المستاجر ؟ هذا عرض وطلب وعقد لمدة محدده؟ يتخارج باحترام والله يرفض الاخلاء ثم يرفع قضية يتلقفها تماسيح القانون الذين لايعرفون منه الا نصوصه والمبالغ التى سيجنونها

    كثر من السودانيين المتغربين (المغتربين) مؤجرين بيوتهم لاناس رفضوا الاخلاء ورفعوا القضايا ومادفعوه للملاك خلال سنوات الانتفاع لايغطى صيانة حمام بالمنزل؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  5. عندما تبني لك بيتا يكلفك 10 مليار وتأجره لساكن يدفع لك في الشهر 5 الف جنيه ويرفض أن يزيد لك الإيجار بتعرف كلامك النظري ده

  6. انت بتستعبط.

    نفسك تكتب مقال والسلام.
    الزيادة في الأسعار والتضخم لا يخفى على الأعمى.
    لكن كما قالوا ( القلم ما بزيل بلم )

  7. مقال موفق جداً وبالفعل فإن أسعار العقار في السودان فلكية بل في بعض المناطق أغلى من أوربا

  8. يا استاذ التوم
    مقالك هذا يدل على انك بعيد كل البعد عن العقارات ومشاكل المستاجرين والمؤجرين وفات عليك ان بعضا من المستاجرين بمجرد دخولهم المنزل المؤجر يظن انه قد ملك المنزل ولا يستطيع صاحبه ان يتصرف فيه ..اخي الكريم انا من المغتربين خارج البلاد و لي منزل في السودان( امدرمان) وكان تحت اشراف اخي فجاءته اسرة من الحي واشتكت له بانها لم تجد اي سكن وتريد ايجار المنزل الى ان تجاد منزلا اخر وبحسن نية وافق لها على ان تذهب للمحامي وتوقع معه العقد فوافقت هذه الاسرة وطلبت منه ادخال العفش وستمشي للمحامي وتوقع العقد وبالفعل ادخلت العفش ولم تذهب لتوقيع العقد وبدأت في التهرب وبعد مدة طويلة اجرت لاختها المنزل من الباطن وبدون اخطار صاحب المنزل الذي لم يكن بينها وبينه عقد ايجار موقع ثم طلب منها صاحب المنزل( المغترب) اخلاء المنزل لان اسرته قادمة للسودان للاستقرا ر واتصلت على صاحب المنزل ( المغترب) بالخارج فوافق على اعطائهم شهر مجانا للاخلاء علما بانهم كانوا يدفعون ايجارا رمزيا واستمرت المماطلة في الاخلاء ولهم الان ستة شهور لا يدفعون ايجار ولم يخلوا المنزل واسرتي عادت للسودان ويقيمون مع اقربائهم .. ونسبة لانهم من الحي لم نلجأ للمحاكم وطلبنا منهم الاخلاء دون دفع المتأخرات ولم يفعلوا …والان يا سيد التوم ضع نفسك في مكاننا واعطينا الحل ..ونحن من قبلنا نعتبر هذا التصرف تعدي واحتلال لمنزلنا ..وسنذهب ان عاجلا او آجلا للقضاء وان كنا نعلم تماما ان القضاء في كثير من الاحيان يقف مع الظالم وليس المظلوم وليس له اي قوانين يستند عليها خاصة في مجا العقار ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..