علي عبدالله صالح لا يزال الرئيس الفعلي لليمن

يكاد انتقام الرئيس اليمني السابق ان يكتمل ممن أخرجوه من الحكم. كسروا بعضهم البعض.

ميدل ايست أونلاين

بقلم: د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب

انزلق اليمن نحو صراع عبثي نزفت فيه دماء يمنية بأيدٍ يمنية. لم تكن سيطرة أنصار الله على صنعاء مفاجأة لمتابعي الوضع اليمني. لكن السرعة المذهلة التي جعلت صنعاء تسقط في أيدي الحوثيين هي ما حير المتابعين، وكيف تم تسليم السلطات الأمنية في صنعاء للحوثيين.

وقع الحوثيون مع الرئيس عبدربه هادي مبادرة “الشراكة والسلم” كغطاء على المرحلة التي تلي مرحلة السيطرة على صنعاء، وكانت الجماعة ترى أن السيطرة على صنعاء هي مرحلة أولى نحو الاستيلاء على الدولة بالكامل.

لم يوافق علي عبدالله صالح على تنحيته من الرئاسة بموجب المبادرة الخليجية برعاية أممية إلا نتيجة تعرضه لمحاولة الاغتيال التي ضغطت عليه للتنحي، فوجد الفرصة في التحالف مع أعداء الأمس للقضاء على أولاد الأحمر وعلي محسن الذين كانوا السبب في الإطاحة به من الحكم، خصوصا وأن علي عبدالله صالح يمتلك جماعة كبيرة تابعة له في الجيش منذ أن كان رئيسا لليمن لضمان عدم الانقلاب عليه من قبل الشركاء.

هل ورط الرئيس علي عبدالله صالح الحوثيين، وورط كذلك إيران لتخويف السعودية التي تتوهم أنها تسيطر على اليمن؟ يبدو أن علي عبدالله صالح ينتقم من الجميع بالجميع.

استفاد الحوثيون من وهن الأجهزة الأمنية في كافة أرجاء اليمن وفي كافة المحافظات. قد يكون الوهن أيضا بسبب اليمنيين الذين يرون أن الحوثيين هم أبناء الوطن وليسوا غزاة. فعقيدتهم العسكرية جعلت هذه الأجهزة تترك الحوثيين لكي يتمددوا عبر الأراضي اليمنية. لكن أبناء القبائل شيء مختلف ولن يتركوهم ليستمروا في البقاء في مناطقهم.

أتت هذه الحركة العبثية لإسقاط مخرجات الحوار الوطني التي رعتها المبادرة الخليجية برعاية أممية بعدما اتفق الجميع على أن اليمن الموحد سيكون الثمن الذي يدفعه الجميع والتي تجعل العديد من الكيانات تخسر مكتسباتها وخصوصا علي عبدالله صالح فأراد أن يستبق أي مرحلة تصحيحية بالفوضى.

هذا ما جعل اليمن يدخل مرحلة خطيرة. استولت عليه فكرة الانتقام والثأر بعيدا عن التسامح، وانزلقت جميع القبائل نحو صراع فرض عليها خصوصا بعدما شعر الحوثييون بنشوة الانتصار وحصولهم على أسلحة ضخمة من الخصوم ومن الدولة رغم أنهم يدركون أن تحالفهم مع علي عبدالله صالح تكتيكي ولكنهم يعولوا على قدرات إيران.

تخلص علي عبدالله صالح من خصومه من أولاد الأحمر ومن علي محسن، وإضعف حزب الإصلاح. ولكن في النهاية، هل يستمر التحالف بين علي عبدالله صالح وبين الحوثيين، أم أنها مرحلة يثبت فيها علي عبدالله صالح لدول الخليج وللأمم المتحدة بأنه هو الرئيس المتحكم في اليمن، ولا يمكن أن تستغني عنه الدول الخارجية، ويثبت لهم بأنهم أخطأوا حينما أصروا على إزاحته من الحكم، ويثبت لهم بأن الرئيس هادي مهدد من الحوثيين إن لم يستجيب لمطالبهم، وأثبت لهم كذلك بوهم “السلم والشراكة” الذي تبنوه في اليمن.

لم يكن يخطر ببال رعاة المبادرة الخليجية أن تنهار مؤسسات الدولة ولم يبق لها تأثير فعلي على الأرض، أي تحولت اليمن إلى دولة فاشلة، ولن يتمكن من إدارة الوضع في اليمن سوى علي عبد الله صالح.

يدرك علي عبدالله صالح المظلومية التي كان يعاني منها أبناء المذهب الزيدي من قبل الجماعة السلفية، خاصة من قبل حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يرتبط بالتنظيم الدولي للإخوان. فدرس الخارطة السياسية في المنطقة، وترك الحوثيين ينتقمون من السلفيين بدعم جيشه، ومن ثم ترك إيران تخطط للحوثيين للتمدد في اليمن من أجل استنساخ حزب الله في اليمن. ولكن علي عبدالله صالح يدرك أن اليمن ليس لبنان، ولن تستطيع أي دولة الدخول في المستنقع اليمني.

الأوراق اختلطت في اليمن. عاد المبعوث الدولي إلى اليمن، مما جعل الرئيس هادي يهاجم الحوثيين ويتهمهم بإضعاف الدولة. ولكنه لم يذكر علي عبدالله صالح لأنه بدأ يدرك الدور الفاعل الذي يلعبه صالح في اليمن، وهو الوحيد القادر على ضبط الأوضاع وإعادة الأمور إلى نصابها. لا ننسى أن الطائرات الأميركية بدأت تضرب القاعدة في البيضاء. إشارة مهمة.

د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..