مقالات وآراء

الحقيقة العارية..الإطارى هل يصمد أم يطير؟

 

✍ مجدى عبد القيوم(كنب)

 

المركزى يجسد لوحة جان ليون

عقبات حقيقية أمام الإطارى

إمساك القوى السياسية المناطقية فى الشرق بالملف تطور إيجابى

هل بإمكان موجة أخرى من الثورة تعديل شروط التفاوض

*حبل الكضب
ملحوق..
*ضل الوهم ما بحوق..
محجوب شريف

لعل الراحل الكبير شاعر الشعب وهو يمارس قدرته الفذة وبشاعريته الفطرية ويلتقط من قارعة الطريق المؤدى للمدرسة التى تفتح على الناصية اليسرى للشارع المثل الشعبى”حبل الكضب ملحوق قد كفى الكثيرين عناء توصيف ملابسات الاتفاق الاطارى وما اكتنفها من غموض بعد ان اتضح جليا ومن خلال الوقائع المحضة ان المركزى ظل يدبج التصريحات والبيانات التى تنفى اى مفاوضات تجرى فى الخفاء بينه والعسكر ويقول ان تلك اباطيل مرجفو المدينة ومن فى قلوبهم مرض والمشاؤن بنميم والزنادقة الى ان تكشفت الحقيقة فى تجسيد بليغ للوحة الرسام العالمى جان ليون الحقيقة العارية والتى تتناول اسطورة الكذب والحقيقة التى تقول ان الكذب والحقيقة التقيا ذات يوم فقال الكذب ان الجو اليوم جميل فنظرت الحقيقة للسماء فاذا الجو بديع وصحو فعلا فقررت ان تتمشى مع الكذب الذى لم يلبث ان قال ان ماء هذه البئر جميل تعالى ننزل وثانية نظرت الحقيقة بشك ثم لمست الماء فاذا هو فعلا كما قال فتجردا من ملابسهما ونزلا وما الا برهة وقفز الكذب من البئر ولبس مسرعا ثياب الحقيقة وجرى
خرجت الحقيقة من البئر عارية للحاق به ولما راها الناس غضبوا منها واداروا وجوههم هذا بالضبط ما حدث وهو تجلى للمثل الشعبى الذى صاغه شعرا جزلا الراحل محجوب شريف.
يبدو ان حظوظ الاتفاق الاطارى فى تخطى العقبات والتحديات التى تجابهه تزداد تضاؤلا مع مرور الايام وبدا ان امل رئيس البعثة الاممية السيد فولكر فى تخطى الاتفاق لهذه العقبات لا تتعدى “امل ابليس فى الجنة” الا ان كان السيد فولكر يتبع سياسة الداهية هنرى كيسنجر المعروفة بسياسة الخطوة خطوة وان فى جعبته المزيد والكثير المثير الذى يجعل اشباه الساسة يمتعون انفسهم بالدهشة فالدهشة ليس من سمات السياسي.
لعله من المهم الاشارة الى اننا لا نرفض التسوية من حيث المبدا ولكن التسوية التى نرى انها هى ما ينبغى ان تكون هى التسوية التى تعيد بلادنا الى منصة التأسيس لمعالجة كل القضايا التى لازمت الدولة السودانية منذ النشأة وبالتالى لا نؤيد اى تسوية تعلق هذه القضايا المركزية ونراها محض تسوية “خلاقة” كما فى الموروث الشعبى.
كذلك ادراكنا ان التطورات فى المشهد السياسي العالمى والتباينات فى المواقف بين دول الاقليم تلقى بظلالها على المشهد الداخلى ندرك جيدا ان الجيوسياسي يمثل عنصرا هاما وان المصالح الوطنية تتداخل واحيانا تتقاطع مع مصالح دول الجوار الاقتصادية وكذلك تاثير الصراع الدولى على الموارد فى عالم اليوم وانه لا يمكن تجاهل تلك العوامل.
صحيح اننا لا نرفض مساعى وجهود المجتمع الدولى والاقليمى لمساعدة بلادنا فى تجاوز عثرات الانتقال ولكننا لا نقبل قطعا نسخة سودانية من “بول بليمر” ولا “صلاح سالم” جديد وان كان ارفع رتبة من الصاغ .
صحيح انه لا ينبغى ان نتعاطى مع المشروع الدولى فى السودان بذهنية حركات التحرر الوطنى ولكن هذا لا يجعلنا نبصم على الاتفاقيات المشبوهة التى تراعى المصالح الوطنية.
ان المعركة ليس مع هذه التحالفات التى قضى منها رعاتها وطرا لكن مع وكلاء هذا المشروع حتى داخل التنظيمات نفسها .
يجب ان نؤسس لجبهة شعبية واسعة عابرة للكتل والتنظيمات لتعديل ميزان القوى لصالح المشروع الوطنى.
فى التقدير ان التداعيات التى اعقبت الاعلان لا تؤهله للصمود فبخلاف ان كتابات قدحت فى نصوص الاتفاق واعتبرته نهائيا لا اطاريا وثنائيا مغلق بالشمع الاحمر وبالتالي اتخذت موقفا رافضا تاسيسا على ذلك.
اطراف عديدة ومهمة من القوى التى قبلت بالعملية السياسية اعلنت بوضوح رفضها للاتفاق وامتنعت عن التوقيع عليه ومن بينها قوى بالمجلس المركزى بل وغادرت قوى التحالف نفسه وشيعت الاتفاق باللعنات .
هذه القوى كان لوبى المركزى الذى يسيطر على اتخاذ القرار فيه يتوهم انها لن تغرد خارج السرب ولو تفطن لطبيعة هذه القوى من حيث المنطلقات النظرية لها لادرك انها لن تمضى معه الى نهاية الشوط لكنه اوغل فى الاحلام او بالاحرى الاوهام وفات عليه ان قبول هكذا اتفاق بالنسبة لهذه القوى دونه خرط القتاد الى ان افاق مع انحسار ضل الضحوية وصدق شاعرنا ثانية وهو يقول :
ضل الوهم
ما بحوق
يبدو ان بعض اعضاء المركزى وبدافع ما كانوا مهتمين بعودتهم لدست الحكم باكثر من عنايتهم باخراج البلاد من هذا النفق الذي ساهموا فى ادخالها فيه بقدر مساهمة العسس ومن شايعهم من الانقلابيين لذا لم يركزوا جيدا و”لعبوا لصالح ورقهم” فطارت احلامهم وتبددت حين اصطدمت بصخرة صماء هى كتلة الرفض ولعله حرى بهم الاقتداء بباكثير وهو عند صخرته والبكاء على اللبن المسكوب
هذه الصحرة
جئناها صباحا .
ومساء
وروينا قصص
الحب عليها
سعداء
ما الذى فرق
شملينا فصرنا
غرباء
اتمنى والمنى لا تسمع اليوم
رجاءا
انا وحدى فيك يا شط فاعنى
فرقت ايدى الليالى بين احبابى وبينى
اه من حائر امالى ومن جائر
حزنى
يا حبيبى
ظمأت روحى
وحنت للتلاقى
وهفأ قلبى الى الماضى
ونادانى اشتياقى
انا ظمأن الاقى من حنينى
ما الاقى
فاسقنى واملا من النور
ليالي البواقى
والمثير للدهشة ان لوبى المركزى ظل يكرر دوما انهم لا يرغبون فى العودة للحكم وفى ذات الوقت صاغوا وثائقهم سواء الاطارى او الميثاق السياسي وكذلك الدستور دون يقطعوا بذلك نصا بل استخدموا مصطلح كفاءات وطنية والاحرى انه كان يجدر بهم النص بوضوح على ان تكون هيئات الحكم من الكفاءات الوطنية المستقلة ولكن تحاشيهم لاستخدام مفردة مستقلة يكشف عن طبيعة التفكير عندهم مع ان وصف الكفاءات نفسه فى تقديرى حسب ما تبين من سابق تجربتهم لا ينطبق عليهم دون ان نقدح فى وطنيتهم.
كذلك اثار الاتفاق عواصف عاتية وزوابع سياسية ضربت ساحل البحر الاحمر تزامنت مع الامطار الغزيرة التى اغرقت مدينة بورتسودان ويبدو ان السيول التى اغرقت المدينة جرفت ضمن ما جرفته اوراق الاتفاق فذهب مع الزبد جفاء
واعادت ازمة الشرق كتابة نص الاتفاق من جديد مثلما فعلت امطار لبيد بن الربيعة والسيول تجلى الطلول كانها زلر تجد متنوها اقلامها .
سواء ان خرجت افاعى النظام المباد من جحورها او ان تداعيات مشروع ابو عامة اتاحت فرصة ذهبية لعبث الاجهزة الاستخباراتية الاقليمية فالشاهد ان معطيات واقعية شكلت المشهد فى شرق السودان وصنعت عقبات جديدة امام الاتفاق الاطارى
من زاوية اخرى ينبغى النظر للجانب الايجابى فى تداعيات الاتفاق على ازمة شرق السودان ومن بينها بايجاز :-
١/دخول الشرق فى صناعة العملية السياسية الجارية .
٢/بروز دور القوى السياسية المناطقية هناك بدلا عن الادارة الاهلية.
هذه تطورات ايجابية على درجة عالية من الاهمية وايا كانت الخلافات والتباين فى المواقف السياسية فهى فى النهاية فعل سياسي يستخدم قواعد اللعبة السياسية.
قبل ان ترزق مرابيع النجوم فى ساحل بحر القلزم بودق الرواعد اعلنت حركتى العدل والمساواة وتحرير السودان والاتحادى الديمقراطى الاصل عن رفض التوقيع على الاتفاق وهى قطعا قوى لا يستهان بها وفشلت كل محاولات “استردافها” على قول الدكتور جبريل ابراهيم فى لقائه على قناة العربية مع تاكيده على ترك الباب مواربا حال تم تعديل الاتفاق وبنوده مع توسيع قاعدة المشاركة فيه .
ومع ان الدكتور جبريل :تاكا الباب متاكا” الا انه بدأ وكانه لا ينتظر طارقا هذا علاوة على ان القاعدة الحقيقية لثورة ديسمبر الظافرة والتى تمثل لجان المقاومة قلبها النابض قاطعت العملية السياسية من حيث المبدأ وهى مع قوى مركز الحل الجذرى ربما تكون قادرة على ان تعيد صياغة المشهد برمته من جديد وتعديل ميزان القوى ربما بموجة ثالثة فى مسار الثورة بحيث تحسن شروط التفاوض وبالتالي التسوية نفسها بحيث تكون اكثر اقترابا من التأسيسية ام سيصمد الاطارى ام “يطير” ويذهب مع الريح؟
ان غدا لناظره قريب .

تعليق واحد

  1. مسعولين من الخير انتو وين الكاتب المختصر الشاب الفيلسوف شُكريّ عَبدَ القَيُّوم؟؟ أوعا يكون جرى ليهو حاجة في الفوضى الأمنية الحاصلة بعد وصول همج الحركات المصلحة من جوبا ودخول الخرطوم واحتلال العاصمة المثلثة وتولية القميء عنان وزارة الداخلية؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..