التنظير سمة خلقية

تلقيت التعقيب التالي من الأستاذ محمد عبد السيد حول خطاب رئيس الجمهورية أمام البرلمان ولأهميته نفرد له مساحة اليوم
إن إحدي أهم سمات حركات الإسلام السياسي عالميا البراعة والحذق في التنظير مقابل الاضطراب في التنفيذ. ولم تكن امتداداتها أو مثيلاتها محلية التكوين في السودان كالحركة الإسلامية (الجبهة الإسلامية القومية) استثناء. وبما أن منسوبي تلك التنظيمات (صدقا أو رياءً) يمسكون بمفاصل مهمة في البلاد، كان طبيعيا أن يتسم أداؤهم بالتوكل (دون أن يعقلوها) والتردد والرهبة والاجتهاد تنظيرا، لأن الأمر أمر دين، وفوق هذا نقص الخبرات.
دعني أعبر بهذه المقدمة إلى إضافة بضع ملاحظات على ملاحظتك الرئيسة الواردة في عمودك (التحليل السياسي) ليوم الخميس الخامس من أكتوبر كقراءة توضيحية منك لفائدة القارئ لخطاب رئيس الجمهورية. وفي تقديري أن عنوان التحليل الذي ابتدعته (تنظير جديد.. ينتظر التنفيذ) يشرح بدقة حال الحكومات في عشريات الإنقاذ الثلاث (إلا شبر) فقد فرض عليك الاتجاه لكتابة تحليل شبه يومي، الإحاطة بدقة بمدى تطابق أداء المسؤولين في المستويات المختلفة مع الخطط والبرامج المجازة من أعلى مستويات الحزب والحكومة، وبهذه الصفة أيضا لاحظت أن خطاب رئيس الجمهورية أمام المجلس التشريعي الأسبوع الماضي انتقل من مربع التنظير إلى برج المراقبة فاعتبرت (أن أفضل ما حواه ذلك الخطاب هو اهتمامه بآليات التنفيذ والتقويم والمتابعة من مفوضيات ولجان وغيرها فإن غابت آليات التنفيذ يصبح كل ما جاء في خطاب الرئيس كأن لم يكن). دعني ابتداء ـ للدقة ـ أحذف كلمة التنفيذ لأن المكلف بها دستوريا هي المؤسسات القائمة في المركز والولايات، ويعلق الدستور أمر مضاهاة التنفيذ بما هو معلن من خطط استرتيجية وبرامج مرحلية، بعنق المجلس الوطني والمجالس التشريعية الولائية ولكنها ـ لاعتبارات ليس محلها هنا ـ إما تقاعست أو فشلت وكانت دائما على مسافة رقابية بعيدة عن المؤسسات التنفيذية. ووفقا لمتابعتي الشخصية لما يرد في وسائل الإعلام أستطيع القول إن الفقرة التي بنيت عليها تحليلك تحمل بعدا آخر، فقد نقلت الرقابة والتقويم الشعبي المفترض والذي ينبغي أن يعبر عنه المؤتمر الوطني، إلى رئاسة الجمهورية، لأنه هو الحزب الحائز على الأغلبية في الانتخابات الأخيرة مركزيا وولائيا وهو الأغنى موارد وبشرا وينشط بهمة في دوري المحامي والوسيط بين عضويته التي يدفعها الفراغ للتشاكس والكيد والضرب تحت الحزام (الجزيرة، البحر الأحمر وكسلا نموذجا) ولعل هذا يدفعني لأطرح عليك سؤالا تعسفيا وهو: متى سمعت بنشاط المؤتمر الوطني في المحلية التي تقيم فيها، أي بحري؟ وما هي الفعالية التي كان يقودها؟. ولو أن قادة الحزب ابتدعوا آليات للتقييم العلمي والموضوعي لأداء وزراء حزبهم، على الأقل، لما احتاج رئيس الجمهورية لنقل أمر متابعة التنفيذ إلى مؤسسة الرئاسة. واسمح لي أن أضيف لاحتفائك المتحفظ بوعد الرئيس بإنشاء آليات للمتابعة تحت إشرافه واعتباره نقلة نوعية بضرورة النظر مليا لقوله في المحور السابع من خطابه: (أجدد تأكيدي على عزمي بالمضي قدما وبخطى ثابتة راسخة نحو مشروعنا الوطني للحوار حتى نستكمل أهدافه القومية بالتوافق على دستور دائم للبلاد وفق أسلوب ومنهج يمكن الجميع من المشاركة في وضع هذا الدستور المرتقب بما يتيح التشاور الحسن مع القواعد وصولا للمحليات والوحدات الإدارية والأحياء والفرقان.) وأرى أن تحقيق هذا الوعد سيحتاج إما إلى ثورة داخل الحزب أو تجاوزه بشكل ما. فعلاقة الحزب بالوحدات القاعدية الواردة في الخطاب تكاد تكون منعدمة. رجاء راجع السؤال وكفى.
اليوم التالى

تعليق واحد

  1. أنا لا أدري إن بقي هناك أحد يصدق كلمة واحدة مما يقوله الرئيس.
    أنا عن نفسي لا أصدق أي كلمة مما قاله أو يقوله الرئيس، والسبب 28 سنة من التنظير والكلام ولا يوجد تنفيذ، إذن ما الهدف من كل هذا الكلام الذي يقوله الرئيس؟ هل هو لتخدير المواطنين؟ طيب أنت غشيتنى اليوم وبكرة، هل يمكن أن أصدقك بعد ذلك؟ بالطبع لا، لم يعد هناك أحد من الشعب السوداني يصدق كلمة مما يقوله أي مسئول ابتداءاً من البشير ولأصغر مسئول.

    ويقيني أن البشير نفسه يدرك أن لا أحد يصدق كلامه، إذن فلماذا الكلام أصلاً؟

  2. أنا لا أدري إن بقي هناك أحد يصدق كلمة واحدة مما يقوله الرئيس.
    أنا عن نفسي لا أصدق أي كلمة مما قاله أو يقوله الرئيس، والسبب 28 سنة من التنظير والكلام ولا يوجد تنفيذ، إذن ما الهدف من كل هذا الكلام الذي يقوله الرئيس؟ هل هو لتخدير المواطنين؟ طيب أنت غشيتنى اليوم وبكرة، هل يمكن أن أصدقك بعد ذلك؟ بالطبع لا، لم يعد هناك أحد من الشعب السوداني يصدق كلمة مما يقوله أي مسئول ابتداءاً من البشير ولأصغر مسئول.

    ويقيني أن البشير نفسه يدرك أن لا أحد يصدق كلامه، إذن فلماذا الكلام أصلاً؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..