في شأن تعضيد الاقتصاد المدني ودعم الحكومة المدنية الإنتقالية (1-100)

حسين أحمد حسين
تقديم
من التمارين الديمقراطية العصيبة للمفاوض المدني لثورة ديسمبر 2018، هِيَ أن يحمل هتافات المتظاهرين الساخنة الطازجة لردهات التفاوض الباردة طقساً وأعصاباً، وأن يحمل خلاصات التفاوض الخديجة من تلك القاعات الباردة لشارع يتلظَّي بالقتل والجراح والانتهاكات المستمرة والظلم والغبن والاحباط وحمارة الغيظ. ولا غروَ أن تأتي تلك النتائج بما لا يشتهي المتظاهرون: فجاءت الوثيقة السياسية خرقاء والوثيقة الدستورية عرجاء.
ويُمكن إرجاع ذلك لعدد من الأسباب التي تناولها كثيرٌ من النَّاس؛ كضعف قدرات المفاوض المدني، نَصَب المفاوض/المعارض المدني، الإرتكان للأديولوجيا والمحاصصات حول المكاسب المتوقعة، إحتماء المفاوض العسكري الضعيف القدرات هو الآخر بعدد من المستشارين من أعوان النظام الذين لهم مصلحة حقيقية في تعطيل التفاوض، التدخلات الخارجية عن طريق تزويد لجنة البرهان الأمنية بالسلاح وتزويد بعض المدنيين بالرِّشى لصالح قضايا غير وطنية، والمحاولات المستميتة لتعطيل تجريم لجنة البرهان الأمنية بما اقترفت في قتل المعتصمين – محاولةً وصلت استلهام البرهان ذات نفسه للعفو الذي تمَّ بين الهوتو والتوتسي في رواندا.
وبعد توقيع الوثيقة الدستورية بعِلَلِها وعلاَّتِها والتبديل فيها نتمنَّى أن تكون لجنة البرهان الأمنية – والتي هي الآن جزء من المجلس السيادي – قد قرأت حلم الشباب السوداني (الذين يمثلون 63.2% من المجموع الكلي لشعب السودان) المتمثِّل في حكومة مدنية قراءة صحيحة؛ والذين من بينهم بطبيعة الحال أبناء أعضاء هذه اللجنة الأمنية أنفسهم. ونرجو أن يعني الشق العسكري في مجلس السيادة ما يقول حين صرح أحد أعضائه قائلاً: “عهد الخلافات بين العسكريين والمدنيين ولَّى بلا رجعة”؛ ونتمنَّى أن يكون ذلك اتفاقاً لمصلحة المدنية لا لمكاسب شخصية ولا لديمومة إنقلاب لجنة البرهان الأمنية وخرقه للبناء المدني.
ونرجو أن تكون رسالة قوى الحرية والتغيير التي تلاها الأصم حين قال لأعوان النظام المتساقط: “لن نكون أمثالكم، سنقاضي مجرمَكم، ونطهر فاسدَكم، ونقتصَّ لشهدائنا منكم، وبعد ذلك من أراد أن يلحق بركب المدنية فيفعل” قد فُهِمت في سياقها الإشتمالي بلا تفريط. كما آمل أن تكون رسالة حمدوك التصالحية العظيمة المبثوثة في عبارته “بعد أدائي للقسم، فأنا رئيس وزراء كل السودان” قد فُهِمَتْ فهماً إيجابياً يليق بعظمتها؛ فهي تستبطن تجربة جنوب أفريقيا ورواندا وإثيوبيا وزمبابوي وغيرها، من غير إفصاح.
ولعمري العقلية التصالحية (Accomodationist mentality) المبثوثة في قول حمدوك بعاليه هِيَ أولى لَبِنات بناء الدولة المدنية والنظام المدني؛ وهي التي، مع ما جاء آنفاً من قول قوي الحرية والتغيير، قد حثَّتْ مجموعات من النظام المتساقط (لعلها مجموعات شبابية) لإلتقط هذا القول الواعي فبادروا واتصلوا مؤيِّدين لحكومة حمدوك المدنية ولو سِرَّا. ولعلَّ هذا الإتجاه التصالحي هو الذي يجعل الفترة الإنتقالية خالية من العوامل التي يُمكن أن تُحدث شرخاً في البناء المدني.
هذا الواقع يتطلَّب من لجنة البرهان الأمنية (الشق العسكري من المجلس السيادي) أن يقطع صلته بالنظام السابق تماماً، وأن يكون مستعداً لمحاكمته على ما اقترف من فساد وجرائم في حق الشعب السوداني، وألاَّ يتدخل في استقالية السلطات والمؤسسات (القضاء، النيابة العامة، ديوان الحسابات، المراجع العام، والضرائب؛ المالية، وبنك السودان، وغيرها) وبذلك يكون الشق العسكري في مجلس السيادة قادراً على أداء وظيفة مدنية ومنحازاً للدولة المدنية بالتمام والكمال رغم صفته العسكرية. وسيكتب التاريخ يومها أنَّ مجموعة من الضباط الوطنيين قد ساهموا مع إخوتهم المدنيين في بناء أعظم دولة مدنية سودانية في التاريخ؛ نتعهد نحن المغتربون السودانيون أن نضخ في جهازها المصرفي، بعد الإجراءات اللازمة لتعافيه، ما يفوق الـ 10 مليار دولار كدفعة أولية عبر بنك المغتربين السودانيين (Sudanese Expatriate Bank – SEB) الوشيك الإنشاء.
كما أنَّ هذا الواقع يتطلَّب من قوى الحرية والتغيير أن تتحرَّر بالتمام والكمال من الأيديولوجيا، وأن تنفصل تماماً من عراها الحزبية لصالح البناء المدني السوداني. ويجب أن تُطوِّر حكومة حمدوك الإنتقالية نظاماً مدنياً متيناً للمتابعة والتقويم يشرف على كلِّ قطاعات الدولة (Civilian Monitoring and Evaluation System – C “M & E” S)، ويكون شديد الحساسية تجاه الإنحرافات والشروخ التي قد تُصيب البناء المدني والإقتصاد المدني من هذا الطرف أو ذاك؛ كما يجب أن يتبع هذا النظام لرئيس مجلس الوزراء مباشرة.
يُتْبَع …
حسين أحمد حسين
مؤلف وباحث إقتصادي، أقتصاديات التنمية.
[email protected]
شكرا اخي كلام عملي جميل وخطوه للإمام… ومن هنا يجب أن نبدأ بمد اليد لتقويم الاعوجاج بتصالحيه وبعلميه متجرده عن الغرض كلنا من أجل وطن يسع الجميع… ونتمنى أن تصل فكره بنك المغتربين لكل المغتربين بكل الطرق من وسائل اتصال؛ ليسعم الجميع في تقديم يد العون للبلد.. وأعتقد لو صممت الفكره بصوره عمليه وحيده ستكون رافدا حقيقا للبناء وصيغه مثلي تجمع كل الحادبين بأسهم معقوله ومقبوله وذات صيغه علميه وعليه بديل للخطط الهلاليه وزمن الشعارات الإنقاذيه
1. معقول مائة مقال حول موضوع واحد ليتك اختصرت وابنت المختصر المفيد ولا اعتقد ان العصر عصر للمقالات الطويلة ناهيك ان يكون متسلسلا في مائة مقال
2. Quote : يجب أن تُطوِّر حكومة حمدوك الإنتقالية نظاماً مدنياً متيناً للمتابعة والتقويم يشرف على كلِّ قطاعات الدولة (Civilian Monitoring and Evaluation System – C “M & E” S)، اعتقد الكلام واضح بالعربي فما هي الحكمة في ترجمة الجملة الى اللغة الانجليية؟
لفت نظري أمران:-
الأمر الأول هو الترقيم (١ – ١٠٠) فهل فعلاً أن هناك مائة جزء أم هناك خطأ في الرقم ١٠٠؟
الأمر الثاني أن لغة المقال قوية وخالية من الأخطاء الإملائية على غير الكتابات السودانية حيث انهار التعليم تماماً وضاعت لغة عبد الله الطيب.
فقط أود تنبيهك إلى وجود خطأ واحد متكرر وهو وضع الهمزة في غير محلها ومن أمثلة ذلك:
الإرتكان : والصحيح الارتكان بدون همزة
إحتماء: والصحيح احتماء بدون همزة
إنقلاب: والصحيح انقلاب بدون همزة
الإشتمالي: الصحيح اشتمالي بدون همزة
لإلتقاط: والصحيح التقاط بدون همزة
وهكذا…….
سأعطيك قاعدة بسيطة لتعرف إن كانت هناك همزة أم لا . أضف للفعل الماضي للكلمة الحرف واو فإن نطقت الهمزة تكتب وإلا لا تكتب.
خذ مثلاً كلمة “ارتكان” أعلاه لماذا لا نضع همزة؟ الفعل الماضي “ارتكن” . أدخل على هذا الفعل الحرف واو فتصبح ” وارتكن ” تلاحظ أنك نطقتها دون أن تنطق الألف لذلك لا نضع الهمزة (كأنك انتقلت من الواو إلى الراء دون المرور على الألف.)