مقالات سياسية

من ذكريات زمن الشموخ أساتذتي (12) المناضل المعتق عبداللطيف محمد الحسن

بحكم مسؤولياته التنظيميه سابقا قد يكون عبداللطيف هو الاول فيمن باشرت نشاطي الحزبي معهم واذكر انني وفي اول تكليف حزبي احمله معي الى قيادة الحزب بالمدينه وكان ذلك قبل حوالي ثلاثه وثلاثون عاما طرقت بابمنزله ونحن في اوائل المساء ففتحته لي سيدة تبدو على ملامحها الطيبه وتسبقها ابتسامة صادقة الترحيب وقادتني الى حجرة انتظرت فيها مقدم تيفه وهذا اسم شهرته بيننا نحن تلاميذه وكانت تلك اول مره اقابل فيها زوجته ست النسا وهي سيدة طيبه ومربية فاضله وانسانه نادرة المثال متعها الله بالصحه
وفوجئت برجل ممتلئ القامه متوسطها يضع على راسه طاقيه انصاريه من النوع المعروف بقبة الامام حتى ظننت للوهلة الاولى انني دخلت منزل احد زعماء حزب الامه الا ان لغته الحزبيه وهو يرحببي قائلا (مرحب يازميل) اعادتني الى الجو
يعتبر عبداللطيف من الجيل الذي انتمى الى الحزب في الخمسينيات فهو بكل تأكيد من الجيل الذي تلى جيل المؤسسين وقد بدأ حياته موظفا بالبنك الزراعي واستمر به حتى نزوله على المعاش
قد لايكون تيفه من المشهورين جماهيريا ولكنه معروف على نطاق واسع بين من يعملون في تنظيم الحياة الداخليه للحزب الشيوعي وقد زامل عشرات من متفرغي الحزب ونجومه الزرقاء كما اسماهم استاذنا د محمد سليمان امثال يوسف حسين وصديق يوسف وسليمان حامد وفاروق زكريا وغيرهم وهذا جيل يستحق ان نتابع حياتهم بالتدوين فهم بناة الحزب واعمدته الثابته وقد طبعتهم حياتهم الصارمه بطابع ثابت من التقاليد في العمل والحركه وربما انماط التفكير قد لاتكون مهضومة لابناء جيلنا المندفع الحيويه ولكنهم ظلو على قناعة تامه بان اساليبهم وتقاليدهم في العمل الداخلي حفظت حزبهم من الضياع وحمت جسده من الاختراقات ولهم في هذا الصدد قصص وحكايات
وقد عرف ذلك الجيل بانضباطيته العاليه وكنموذج لذلك حكي لي عبداللطيف قصه من زمان حكم الفريق عبود فقد اعلن الحزب مقاطعته لانتخابات المجلس المركزي الذي انشأه عبود ليكون برلمانا صووريا يجمل به وجه نظامه العسكري فقامت مجموعه من شباب الحزب (انذاك) بكتابة شعارات على الحوائط تدعو الناس الى مقاطعة تلك الانتخابات وبعدما انهو كتاباتهم تلك وعادو فرحين منتصرين فوجئ عبداللطيف وصحبه بقرار جديد من الحزب بموافقته على خوض تلك الانتخابات فما كان منهم الا العوده الى الشوارع ومحوتلك الشعارات بنفس الهمه التى كتبوها بها وبعد ذلك جلسو في الاجتماعات لسماع تفاصيل قرار حزبهم
هكذا تلاحظ ان ذلك الجيل يقدم الانضباط وينفذ القرارات وكان منهم زملاء اشتهرو بشجاعتهم ومنهم الراحل المقيم محمد كوكو وهو زميل صنديد من جبال النوبه زاملته شخصيا اواخر ايامه رحمه الله وكان بالاضافة الى عضويته بالحزب امام مسجد ديم النور مربع 2 وكان نصف امي وقد قال لي عبداللطيف انهم كانو عندما يخرجون في حملات كتابة الشعارات الليليه كانو يخشون من محمد اكثر من خشيتهم من البوليس فقد كان يتولى حراسة كتاب الشعارات وهو يحذرهم قائلا(اعمل حسابك يازميل الخط يكون واضح ومامايل عشان الناس مايقولو الشيوعيين كتبو الشعارات وهما خايفين)وقد حصل في احدى المرات ان احد شباب الحزب لم يلتزم بتوجيهات كوكو فوخذه بيده الضخمه وخذة اطارات شياطينه وهو يهتف به (اكتب كويس يازميل)
وفي ذات مرة من المرات خرج عبداللطيف مع محمد لكتابة شعارات معاديه للنظام وكان محمد يراقب عربة الشرطه بدون خوف او وجل فقد كان كل مايهمه هو انهاء التكليف الحزبي حتى ولو كادت العربه ان تدهمهم وعبداللطيف يكتب واحدى عيناه على الحائط والاخرى مع كوكو اذا بذكيبة ملابس ضخمه تهبط على ام رأسه وخلفها صاحبها وهو لص هبط من حائط المنزل وفوجئ بالزميلين فصاح بهما وهو يهرول حاملا غنيمته (انتو شيوعيين والله مافي زول مرتاح))وعندما هم عبداللطيف بالصياح خلف اللص وبخه كوكو قائلا(( مالك ومالو كمل الكتابه ))
ظل عبداللطيف مواصلا نشاطه الحزبي طوال مختلف الحقب السياسيه التى مرت ببلادنا منذ عهد عبود والى زمان الانقاذ وقد زاملته اكثر من مره بالمعتقلات وخاصة ايام الانقاذ الاولى وهو من الزملاء الذين رحلو الى كوبر وقد كان ممثلنا في اللجنه العامه للمعتقلين بكوبر فهو زميل ثابت الجنان صامد بالنعتقلات اشتهر بهدوء شخصيته وقلة كلامه ولكنه لم يكن يتردد في دعم وتوجيه الشباب وافادتهم بخبراته
بالرغم من أنتماء عبداللطيف الى المدرسه الحزبيه التقليديه بحكم سنه الا انه تمكن من التعايش مع اجيال مختلفه ومازال وابناء جيله يمثلون تاريخا حيا وزاخرا بالتجارب الثره متعه الله بالصحه والعافيه وخالص امنياتنا له ولاسرته _السيده الباره المبروره ست النسا واناءه وبناته وكل زملاء مراحل حياته النضاليه المختلفه

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..