وجدي صالح: متمسكون بتكليف الولاة والتشريعي لحساسية الأوضاع

قال عضو قيادة قوى الحرية والتغيير وجدي صالح أثناء وجوده في مدينة جوبا، بغرض التفاوض والوصول لاتفاقات سياسية “باعتبارنا الحاضنة السياسية للحكومة” وللإسهام في نجاح عملية السلام، إن “هناك ضرورة حقيقية لتكليف الولاة حتى الوصول لاتفاق سلام نهائي ودائم وشامل، لأنه الذي سيحدد كيفية تعديل هذه الهياكل وبالتالي نحن نعمل جاهدين للوصول إلى توافق” وأضاف أن مسألة مكان مثول البشير للقضاء تحدده المحكمة، و”نحن لا يمكن أن نحدد لها إجراءاتها داخل مفاوضات سياسية” مؤكدا أن “السلطة الانتقالية ستسهل عملية مثول البشير في أي مكان أمام المحكمة”. وبشأن الجدل الذي أثاره لقاء نتنياهو والبرهان قال “قد تأتي قضايا تحدث حالة من الخلاف والارتباك ما بين المكونات الثلاثة ولكن علينا الاستمرار في تصحيح المسيرة ونسمع بعضنا بشكل هادئ وبعيدا عن الإثارة نتناقش بموضوعية في نقاط الخلاف ونصل فيها إلى حلول” مؤكدا إن موقف الحرية والتغيير واضح بالنسبة للقضية الفلسطينية هو دعم حق الفلسطينيين في قيام دولتهم المستقلة والعودة لأرضهم، و”نحن في الحرية والتغيير موقفنا هو موقف الشعب السوداني الداعم للقضية الفلسطينية وما زال مستمرا”. وفي ما يلي نص الحوار:
حاوره: عمار عوض
*ما هي طبيعة مهمة وفد تحالفكم الحرية والتغيير هنا في مدينة جوبا؟
**هذا الوفد يتكون من شقين أحدهما ضمن الوفد الحكومي للتفاوض والآخر سياسي للاتصال بقوى الكفاح المسلح من الذين هم ضمن منبر جوبا بغرض الوصول لاتفاقات سياسية وتيسير التفاوض باعتبارنا الحاضنة السياسية للحكومة وللإسهام في نجاح عملية السلام.
*الشعب السوداني يشعر بكثير من الضجر لعدم اكمال هياكل السلطة المدنية وتعيين الولاة والمجلس التشريعي ما طبيعة الخلاف مع الجبهة الثورية في هذه القضية؟
**أولا من مهام قوى الثورة اكمال هياكل السلطة الانتقالية التي تبقى لنا منها تعيين الولاة والمجلس التشريعي، وهي قضية ملحة تطرح نفسها الآن.
وفي إعلان جوبا مع الحركات المسلحة في أيلول/سبتمبر الماضي تم الاتفاق على إرجاء تعيينهم لحين التوصل لاتفاق دائم، ونحن متمسكون بعدم تعيينهم، ولكن نتحدث عن تكليف ولاة والسير في إجراءات تعيين المجلس التشريعي لضرورة ذلك في المرحلة الحالية الحساسة خاصة والولايات الآن تشهد فراغا حقيقيا وهناك مهام تنتظر السلطة التنفيذية داخل الولايات خاصة وأن نظام الحكم الاتحادي يضع كل الصلاحيات في يد الولاة وهناك مشاكل حقيقية في إدارتها بالوضع الحالي وهذا واقع لا جدال عليه. بالتالي هناك ضرورة حقيقية لتكليف الولاة حتى الوصول لاتفاق سلام نهائي ودائم وشامل، لأنه الذي سيحدد كيفية تعديل هذه الهياكل وبالتالي نحن نعمل جاهدين للوصول إلى توافق.
عموما الفراغ الذي يستشعره الشارع يفرض ضرورة ملحة جدا لتكليف الولاة، وكذلك التشريعي الذي يسن التشريعات ويراقب الجهاز التنفيذي.
*وما الجديد في الغرف المغلقة هل ستقومون بتعينهم الآن؟
**لا.. تم تمديد إعلان جوبا مرتين قبل الآن لمدة شهرين بغرض تحقيق السلام ومع ذلك لم يتم التوصل لاتفاق رغم مشاكل الفراغ الماثلة، ولذلك هذه المرة تمسك الوفد الحكومي لأول مرة بضرورة مراجعة إعلان جوبا في المادة ج 3 المتعلقة بإرجاء تعيين الولاة والتشريعي، وتم تمديده لمدة 21 يوما، الأسبوع الأول (ينتهي اليوم) بغرض بحث مسألة تكليف الولاة، وبعد الاتفاق النهائي تتم مراجعة هذه المسألة.
والآن الوقت يمضي وليس هناك من جديد والوضع في السودان لا يتحمل ذلك، ونتمنى ان يحدث توافق قبل نهاية المدة.
*لكن خصومكم أو حلفائكم من الجبهة الثورية يتهمونكم بانكم تسعون للمحاصصة الحزبية في تعيين الولاة مثلما حدث في الوزارات؟
**بشأن اتهامنا من قبل الجبهة الثورية بالمحاصصة في الجهاز التنفيذي أو في أجهزة السلطة الانتقالية الأخرى، فإنني أقول في مجلس الوزراء الكل يعلم انه بلا محاصصة بل أن كثيرا من المكونات الأساسية في كتل الحرية والتغيير غير ممثلة به.
أما إذا كان المقصود بالمحاصصة استشارة المكونات الحزبية في كل ولاية فهذا منهج يتمثل في أن تجد المكونات القاعدية نفسها في مرحلة التشكيل المقبل هذه هي المحاصصة، ولكنها ليست لحزب سياسي ولا لمكون من الحرية والتغيير وانما هي تخصيص حصة من الحصص للإقليم على حسب طبيعته أو لأي مكون حسب وجوده فيه.
وبالعودة لمسألة المحاصصة في الوزراء، نحن أوجدنا تمييزا إيجابيا، ولذلك وضعنا داخل المجلس لمناطق النزاعات سواء كان ذلك في الشرق أو النيل الأزرق أو جبال النوبة أو دارفور وهذه محاصصة لأننا وضعنا حصة لكل منطقة، ولكن بغرض التمييز الإيجابي وتمثيل كل السودان، وهذا هو منهجنا الذي نريد أن نسير عليه في تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي ليمثل كل السودان.
*أثارت كلمة (مثول) المخلوع البشير كثيرا من اللبس في الشارع، هل سيحاكم البشير في السودان أم خارجه؟
**قضية المحكمة الجنائية الدولية تم الاتفاق مع الجبهة الثورية السودانية ومسار دارفور تحديدا على التزام الحكومة السودانية تيسير عملية مثول الرئيس المخلوع والمطلوبين لدى المحكمة، وهو التزام قطعته الحكومة على نفسها في التفاوض وفي ذلك إقرار بالاعتراف والتعامل مع المحكمة.
لكن مع ذلك مسألة مكان مثول البشير تحدده المحكمة، ونحن لا يمكن أن نحدد لها إجراءاتها داخل مفاوضات سياسية، فالمحكمة لها قواعد وميثاق يحدد طريقة عملها، ولا نستطيع أن نحدد لها شكل إجراءاتها في محاكمة البشير، ولكن ما تلتزم به السلطة الانتقالية هو أن تسهل عملية مثول البشير في أي مكان أمام المحكمة.
*أثار لقاء نتنياهو والبرهان الكثير من الجدل وأدخل الشراكة السياسية في السودان في أزمة كبيرة، كيف وضعها الآن، وهل تجاوزتم هذه المسألة أم ما زالت هناك رواسب ورفض للخطوة؟
**بالطبع الشراكة والسلطة الانتقالية ستواجه بتحديات ومطبات، ولكن المهم كيف يمكن أن ندير هذه الاختلافات التي تحدث بين الفينة والأخرى بين الجهاز التنفيذي ومجلس السيادة وقوى الحرية والتغيير، ولكن مثل هذه المسائل بالإصرار والعزيمة لتحقيق أهداف الثورة التي توافقنا عليها في الوثيقة الدستورية، نستطيع تجاوزها وليس من مصلحة البلاد وجود اختلافات عميقة بين الأضلاع الثلاثة لهذه السلطة.
أعتقد أننا الآن نسير في اتجاه تعزيز الشراكة وتقويتها ووجودنا في جوبا يعزز دور السلطة الانتقالية بغرض الدفع بعملية السلام إلى الأمام ونحن قادرون على مواجهة كل هذه التحديات ولن تكون هذه آخر نقاط الاختلاف التي مرت خلال الأيام الماضية، قد تأتي قضايا تحدث حالة من الخلاف والارتباك ما بين المكونات الثلاثة لكنها شيء طبيعي ولكن علينا الاستمرار في تصحيح المسيرة ونسمع بعضنا بشكل هادئ بعيدا عن الإثارة نتناقش بموضوعية في نقاط الخلاف ونصل فيها إلى حلول، وهذا ما تم في المراحل الماضية وما سيتم في المستقبل أن حدث مثل هذا الخلاف مرة أخرى.
*تقدم رئيس الوزراء بطلب للأمم المتحدة بنشر بعثة منها في السودان ما أثار حفيظة عدد من القوى في الشارع السوداني. ما الجديد في هذه القضية؟
**الطلب الذي تقدم به رئيس الوزراء للأمم المتحدة بخصوص تقديم الدعم الفني للسودان بموجب البند السادس هذه النقطة تحديدا تم النقاش حوله وتم الاتفاق حول تموضعه ما بين أضلاع الحكومة الثلاثة بعد أن تم تقديم الطلب وتم الوصول إلى صيغة من صيغ التوافق ما بين الحرية والتغيير ومجلس السيادة والوزراء وبالتالي تجاوزنا هذه النقطة الخلافية بيننا، ونعمل حاليا بوصفنا أطرافا في أضلاع هذا المثلث بشكل متناغم لإكمال متطلبات الفترة الانتقالية مع تأكيدنا ان هناك قضايا تحتاج لدعم من الأمم المتحدة ولذلك ما تم التوافق عليه يمكن أن يقودنا إلى الأمام.
*تجاوزت الحكومة الانتقالية مسألة التعويضات للمدمرة كول وتمت دعوة البرهان قبلها لزيارة الولايات المتحدة، هل تعتقدون في الحرية والتغيير أن رفع العقوبات عن السودان صار وشيكا؟
**قضية رفع العقوبات ليست من القضايا البسيطة التي يمكن تناولها عبر العناوين فهي معقدة تحتاج إلى صناعة قرار بخطوات محددة داخل مراكز صنع القرار الأمريكي، ولكن يمكن أن نقول إن هذه خطوات يمكن أن تقودنا إلى رفع العقوبات الاقتصادية ووضعنا في لائحة الإرهاب، وهناك خطوات سبقت هاتين الخطوتين كلها ستقودنا لوضع أفضل، ولكن لابد من القول إن رفع العقوبات قضية ضرورية لأنه ليست هناك مبررات لاستمرارنا في لائحة الإرهاب خاصة وأن النظام الذي تسبب في ذلك انتهى بالثورة السودانية وليس من العدالة أن تستمر مثل هذه العقوبات بعد انتهاء من صنعوا هذا الوضع، والسودان الجديد الحالي الذي يتشكل لا يشبه سودان ما قبل الثورة التي هي تطور وتحول ديمقراطي حقيقي وبالتالي يجب للولايات المتحدة أن تنظر لسودان ما بعد الثورة بعين مختلفة عن السودان السابق ونحن قادرون بوحدتنا وتماسكنا على تجاوز كل العقبات المفروضة علينا بفعل الواقع القديم مثل العقوبات الاقتصادية التي تثقل كاهل البلاد.
*ما هو موقفكم في التحالف الحاكم من القضية الفلسطينية بعد لقاء البرهان نتنياهو؟
**موقف الحرية والتغيير واضح بالنسبة للقضية الفلسطينية هو دعم حق الفلسطينيين في قيام دولتهم المستقلة مع حقهم في العودة لأرضهم، ونحن في الحرية والتغيير موقفنا هو موقف الشعب السوداني الداعم للقضية الفلسطينية وما زال مستمرا.
*هناك أزمة اقتصادية خانقة تحيط بالبلاد وأوجدت غضبا في الشارع، هل أنتم واعون لخطورة هذه القضية الحيوية وما هي خططكم ومعالجتكم لها؟
**لا يمكن ان ننكر ان هناك أزمة اقتصادية خانقة وهي حقيقية، حيث هناك ارتفاع في الأسعار وتدهور حقيقي لقيمة الجنيه السوداني ونحتاج بعد هذه الثورة العظيمة أن نعالج هذه القضايا وبعضها عاجل وملح ولذلك وضعت لها خطة إسعافية، وهناك قضايا اقتصادية معقدة تحتاج لمعالجة على المدى المتوسط وأخرى على المدى الطويل بنهاية الفترة الانتقالية، وحاليا شرعنا عبر السلطة الانتقالية في مخاطبة بعض القضايا مع الإقرار بمواجهتنا لتحديات مثل أزمة الدقيق والخبز والوقود والآن تقريبا نحن تجاوزنا مسألة الوقود وفي طريقنا لتجاوز أزمة الدقيق والخبز بفعل الإجراءات الجديدة والرقابة التي فرضت من قبل وزارة الصناعة والتجارة، ولكن هذا لا يعمينا عن وجود مشكلة حقيقية في الاقتصاد السوداني والتي لابد ان تعالج بوضوح الرؤية والتوجه المقبل، وهذا ما سيناقشه المؤتمر الاقتصادي شهر اذار/مارس المقبل، وهو نتاج اتفاق بيننا والحكومة الذي سيضع كثيرا من السياسات والعمليات الجراحية التي ستعوض صبر الشعب السوداني طوال العقود الماضية وفترة الثورة الأخيرة، باعتبار أن ذلك واجب على الحكومة أن تضع حلول لأزمة المعيشة وقفة الملاح كما يقول السودانيين.
*التقيتم رئيس الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو ووفده، فماذا دار في هذه اللقاءات وهل تسعون فعلا لضمه لتحالف الحرية والتغيير؟
**نعم نحن التقينا بالحركة الشعبية قيادة الحلو في أربعة لقاءات إلى الآن وهي مستمرة والغرض من هذه الاجتماعات التدليل على حرص الحرية والتغيير في فتح حوار عميق حول القضايا المطروحة للتفاوض والخاصة بالفترة الانتقالية لخلق سودان مستقر دائما يعالج قضايا الحرب والسلام، وتمت مناقشة هذه القضايا بعمق ونحن منفتحون جدا للحوار مع الحركة الشعبية.
أما مسألة ضم الحلو لقوى الحرية والتغيير، فإننا نتمنى أن ينضموا لنا في التحالف بل كل القوى في البلاد في هذه الفترة المفصلية التي نسعى لتأسيس سودان حر ديمقراطي عبرها يقوم على أساس المواطنة ولا تمييز بين المواطنين على أساس الدين أو الجهة أو الثقافة أو العرق أو الانتماء السياسي، وهي الدولة التي حلمنا بها جميعا من أحزاب وقوى كفاح مسلح، ومن الأفيد للبلاد ان نكون تحت مظلة واحدة، ولكن قضية انضمامهم لم تطرح مطلقا خلال اللقاءات الحالية وطرحت القضايا الحيوية ولكن بعد الاتفاق حولها يمكن أن يكون هذا الحديث مطروحا للنقاش حوله مع الأخوة في الحركة الشعبية .
*قضية العلمانية وقفت حجر عثرة أمام مفاوضات السلام، هل ناقشتم مع الحركة الشعبية قيادة الحلو تجاوز هذه النقطة بالنفاذ للجوهر أم أنتم متمسكون أو رافضون للكلمة نفسها؟
**نحن ما نزال نتناقش حول هذا العنوان الكبير فيما يتعلق بالعلمانية وماذا تعني وكيفية إقامة دولة المواطنة الحقيقية، وما نزال في طور النقاش في هذه القضية التي تعيق عملية التفاوض مع الأخوة في الحركة الشعبية، ونحن حريصون للوصول معهم إلى مفاهيم مشتركة مع تأكيدنا على أن دولة المواطنة هي الأساس ولا تمييز بين المواطنين على أساس الدين على الإطلاق، وبالتالي يجب أن نؤسس الدولة على هذا المفهوم الذي نصت عليه الوثيقة الدستورية وبالتالي نحن نناقش الآن الصيغ المختلفة للمصطلحات ولم نتفق على صيغة موحدة، حيث هناك عدد من الصيغ مقترحة الآن والتي يمكن أن تحقق توافقا بيننا وبينهم. وهنا نحن نشيد بالحركة الشعبية التي نقلتنا في الحرية والتغيير والحركة للنقاش الموضوعي والبناء في الحوار الذي نديره معهم هذه الأيام في جوبا الذي يصب في مصلحة البلاد.
*هل أنتم قلقون لرفض عدد من مكونات أهل الشرق لمنبر جوبا للسلام وتحفظهم عليه وما هو موقفكم من هؤلاء الرافضين؟
**نعم نحن قلقون حقيقة بحكم المسؤولية، فالواقع يقول إن تحديد مسار الشرق خلق توترا حقيقيا، وأصبح هناك اصطفاف مع وضد، وبالتالي لا يمكن معالجة قضية السلام في منبر جوبا بهذه الطريقة ولابد أن يشارك الجميع في عملية السلام سواء كان في جوبا أو في السودان، ومسألة المؤتمر التشاوري للشرق أو مسار جوبا، كلها تحتاج لمعالجات حقيقية يرضى عنها أهل الشرق بكل مكوناتهم الاجتماعية والسياسية وهذه ضرورة وإلا سيكون ما سيتم التوافق عليه سلام غير حقيقي، ونحن نستهدف السلام الحقيقي الذي يحقق الأمن والاستقرار ويخاطب القضايا.
وقوى الحرية والتغيير على تواصل مع كل مكونات الشرق بمختلف اتجاهاتها بغرض الوصول إلى صيغة من صيغ التوافق حتى يتم الاتفاق على السلام المقبل، ونسعى لتوحيد الرؤى، وليس هناك ضغط في اتجاه معين ونحن نفكر معهم بعقل مفتوح وبقلب مفتوح لنصل لتوافق لكل أهل شرق السودان حيال اتفاق السلام.
القدس العربي