مقالات سياسية

الشعبي ذو الوجهين

لا أعتقد أن هناك اثنين يختلفان على أن المؤتمر الوطني والشعبي (واحد)، وأن لا فرق بينهما فهما ما زالا حتى الآن يمثلان الحركة الإسلامية التي تاجرت بالدين وانقلبت على الشرعية واغتالت السودان وما زالت تمثل بجثته حتى هذه اللحظة، ومن يقتال وطنه لا يؤتمن على مواطنيه، وكون حزبها الحاكم انشق على نفسه نتيجة خلافات في المناصب فهذا لا يعطي من خرج من السلطة شهادة براءة ونزاهة من ذاك الجرم التاريخي الذي ارتكباه معاً، بل والشعبي يتحمل المسئولية الأكبر لأن قادته هم أصحاب فكرة الجريمة وحكم الاثنان كحزب واحد عقداً من الزمان .

أتعجب جداً (لقوة عين) المؤتمر الشعبي حين يدين الكوارث التي يقوم بها الوطني وكأنه لم يكن شريكه يوماً في الماضي والحاضر، فمنذ أن وقعت أحداث العنف بين الطلاب في داخلية أم درمان الإسلامية وقُتل طالبان وأصيب آخرون والمؤتمر الشعبي يدين ويستنكر بدلاً من أن يعتذر للشعب ويحمل نفسه مسئولية ما يحدث، ويعد الشعب بأنه سيجعل المؤتمر الوطني يدفع الثمن عله يكفر عن ذنوبه.

جناح الطلاب بالمؤتمر الشعبي أصدر بياناً تحدث عن الحركة الطلابية ومسيرتها ونضالها ضد الظلم والاستبداد مما جعل الأنظمة الشمولية والدكتاتورية تستهدفها وتعمل على التقليل والحد من أنشطتها وتحجيم دورها الطليعي وتوجهها نحو التغيير، من خلال أسلوب القمع والإرهاب المعنوي والتصفيات الجسدية والمحاكمات التعسفية الجائرة التي درج عليها النظام. وذكر عاصم عمر مثالاً، ومضى البيان يحكي عن الحادثة المؤسفة ويعرف بالطالب الذي نفذها وأنه هو عضو حركة الطلاب الإسلاميين الوطنيين الملتحق بالوحدة الجهادية (دباب). وطالب البيان بإزالة الوحدات الجهادية ورفض تدخل الأجهزة الأمنية والشرطية في الجامعات، وطالب بإعادة الطلاب إلى سكنهم وإعادة ممتلكاتهم المنهوبة، ثم أدان الحادثة بأغلظ العبارات ( صحي الاختشوا ماتوا). فالمؤتمر الشعبي لديه الآن عدد مقدر من أعضائه كانوا دبابين وعملوا في الوحدات الجهادية وارتكبوا ذات الآثام التي يدينها الآن، وإن كانوا في مكان طلاب الوطني سيقومون بنفس الشيء .

المؤتمر الشعبي الذي يدين الوطني، الآن يقاسمه نفس الحركة المسماة إسلامية، وطلاب الشعبي والوطني هم الآن طلاب الحركة الإسلامة، والشعبي هو الذي شارك في الحوار الوطني الفاشل بفاعلية ويشارك في الحكومة المسماة وفاق وطني بعدد من أعضائه، وهو يعلم علم اليقين أن كل ما يقوم به يدعم المؤتمر الوطني ولكنه يلبس لنا قناع الشرف، وهو في الحقيقة لا يختلف عن الوطني الا بثلاثة أحرف.

إن من يستحق الإدانة الآن هو المؤتمر الشعبي ذو الوجهين، فالمؤتمر الوطني راضِ عما يقوم به من مصائب وفساد وعنف ويعادي كل من يحاول نصحه، ولا يتقبل إلا من يعلم تماماً أنه يدعم بقائه في السلطة ويعالج معه الأمور بعدم شفافية والشعبي أفضل من يفعل .

وما يقوم به المؤتمر الشعبي الآن كله دراما تصب في مصلحتهما الاثنين، فهو يدين ويستنكر عمايل الوطني ويطبطب ويهدد بالانسحاب من الحكومة ولا يفعل، ومصالحه (ماشة) مع الحكومة التي تغدق عليه، فهو الحزب الوحيد الذي يعارض من الداخل وهو تحت الهواء البارد ولم يتعرض له الوطني إطلاقاً مثلما يفعل مع الأحزاب الأخرى.

قبل أيام دعا علي الحاج لاقتسام إدارات الجامعات الحكومية والمواقع القيادية في الخدمة المدنية بين المؤتمر الوطني وأحزاب الحوار، لينال الشعبي نصيب الأسد فيلتئم شمل الوطني والشعبي ويكملان التمثيل بآخر ما تبقى من جثة السودان.
التيار

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..