حمل العمامة أهون من حمل الإمامة

يحكى عن القاضي الشوكاني رحمه الله، أنه ذات صلاة بينما كان قائماً يصلي في مسجد نمار، سقطت عمامته، فانحنى وحملها وأعاد وضعها على رأسه، وفي هذه الاثناء كان هناك إعرابي يرصد المشهد وقد غلبه «الشمار»، ولكنه تمالك نفسه وانتظر بفارغ الصبر إنهاء الشوكاني لصلاته، وحالما أنهاها عاجله الاعرابي بالقول: يا شوكاني، هذه لم تعد صلاة، هذا لعب، رد عليه الشوكاني ببديهة حاضرة: حمل العمامة أهون من حمل إمامة، والشوكاني هنا يستشهد بالحديث النبوي الذي جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حمل إمامة بنت إبنته وهو في الصلاة، فسكت الاعرابي ولم يجد ما يجادل به، وبلغة لعيبة الضمنة فقد «كتل الشوكاني الدش في يده»….
الشوكاني لم يقل الإمامة بمعنى الأمانة التي عرضت على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوماً جهولا، ولكنه عنى امامة تلك الطفلة البريئة، من قال الإمامة هو شخصي الضعيف، فقد راقني أن أحوّر قليلاً في مقولته بأن جعلتها كما هي في العنوان أعلاه، لا أقصد بها امامة الشوكاني، بل أقصد إمامة أهل الشوكة، وذلك حتى توافي مقصدي في التعليق على مقولة لنائب الرئيس الدكتور الحاج آدم ملخصها أنهم في المراجع العليا للدولة قد قرّ رأيهم على إحداث تغيير في الحزب والحكومة، يحمل وجوهاً شبابية جديدة تتسلم زمام القيادة في الحكومة والحزب، ولم أر فيما قاله النائب أي درجة من التغيير إذا كان كل المبتغى مما قيل أنه تغيير، هو فقط تغيير وجوه وشخوص أياً كانت شابة أم شمطاء، وهذا ما دفعني لاستعارة مقولة الشوكاني مع التغيير المشار إليه، فالعمامة على أيامنا هذه هي غطاء الرأس الذي إختص به الشيوخ والكهول ونادراً ما تجد شاباً يعتمرها، والعكس فقد إختص الشباب مثلاً بارتداء بناطلين الجينز ونادراً ما تجد شيخاً أو كهلاً يرتديه وإلا لوصف بأنه عجوز متصابي، والتغيير الحقيقي معني بمطلوبات واستحقاقات أخرى أكثر أهمية وعمق من مجرد كونه عملية شكلانية إجرائية تستبدل وجوهاً بوجوه أو كهولاً بشباب، فالقضية ليست في حمل العمامة التي يرتديها كبار السن وإنما هي في حمل الإمامة وأداء الأمانة وحملها بحقها ومستحقها وهذا هو مدار التكليف.
التغيير في أبسط تعريفاته هو الانتقال من حالٍ إلى حال وليس من شخوص إلى شخوص شباباً كانوا أو شيوخ، وهو شيء جديد مختلف عن الشيء القديم، وليس هو الاتيان بعلان الذي يختلف شكلاً وسحنة وسناً عن فلتكان، والتغيير بعبارة واحدة هو تجديد للحياة وقبل ذلك تجديد النظرة للحياة، وهو بهذا المعنى تغيير في السياسات والاستراتيجيات والرؤى والأفكار التي كانت سائدة قبل التفكير في التغيير، خاصة إذا ثبت عملياً فشلها وأنها لم تقود الى شيء سوى الدوران في حلقة مفرغة يصبح معها يومنا مثل أمسنا، أما إذا كان المقصود من التغيير فقط إتخاذ إجراء ما لامتصاص حالة من الغضب أو لإسكات أصوات رافضة لأوضاع خاطئة بترميم وتجميل ما هو قائم وموجود ولا يُحدث أي تحوّل فعلي بل هو فقط تغيير في الأشخاص دون المساس بالسياسات، فذلك سيكون «تدوير» وليس تغيير…
نعم للتغيير بمعناه الحقيقي وأبعاده الشاملة الذي يحقق نقلة إلى الأفضل، والشعب يريد الأفضل وأن يكون هو الأفضل، لأنه يستحق الأفضل، ولن يحدث هذا إلا بالتغيير للأفضل…
الصحافة
استاذ حيدر المكاشفي بالمقال ده ممكن نقول ليك حمدلله على السلامه . ده المكاشفي اللي بنعرفه
نعم للتغيير بمعناه الحقيقي وأبعاده الشاملة الذي يحقق نقلة إلى الأفضل، والشعب يريد الأفضل وأن يكون هو الأفضل، لأنه يستحق الأفضل، ولن يحدث هذا إلا بالتغيير للأفضل…
اديهم … وريهم … شكرا يارجل يافاضل
اسمح لي يا استاذ حيدر ان اضع بعض النقاط فوق حروفك .. عندما يعلن البشر عدم الترشح لدورة رئاسية اخري وتعلو الاصوات وتكثر التصريحات ويدور الجدل الفقهي والدستوري وتبرز التبريرات العاطفيه والنفعيه والانتقاميه وذلك كله في غياب منهج ومسلك وسياسة البديل القادم فان ذلك لا يعتبر تغييرا بل يعتبر احلالا ان لم يكن انحلالا سياسيا وانحرافا اخلاقيا وانجرافا نحو هاوية الفشل الذريع.. وهو يعني ان الفكر الاسلامووي لادارة شئون الدولة قد وقف عند هذه التجربة الفاشلة للحكم علي مدي ربع قرن .. حتي غازي الذي تجراء بانتقاد النهج الحالي للدولة والحزب لم يسعفه فكره غير استيلاد نهج تجريبي من رحم نفس التجربة الفاشلة التي لا تمت بصلة حتي لما كان سائدا قبل اربعة عشر قرن .. بئس التجربة وبئس الاستيلاد وبئس خلافة مطلوب العدالة الدولية.
نعم للتغيير بمعناه الحقيقي وأبعاده الشاملة الذي يحقق نقلة إلى الأفضل، والشعب يريد الأفضل وأن يكون هو الأفضل، لأنه يستحق الأفضل، ولن يحدث هذا إلا بالتغيير للأفضل…