فلتحسبها بالعقل … يا سيادة الرئيس..!

الزعامة لها مقوماتها يا سيادة رئيس الجمهورية والحزب الحاكم والمرشح القادم للتمديد ..وهي لا تُشترى إلا بالثمن الذي يدفع للوطن وتثمنه الأمة برضاها ، وإلا لما نالها نيلسون مانديلا سداداً من تلك القيمة الوطنية..!
والذي قضى دورة واحدة في الحكم وخلد عظيماً بعد مماته مثلما عاش .. إذاً هي لا تتأتي ولا العظمة بالتقادم أو التكلس ..!
والقوة ليست هي رفع القبضة في وجه الخصم دون إعمال العقل في تحديد موضع الضربة و تقييم أثرها عليه أو ردة فعله بعدها ..!
ولو كان علو الصوت وحده يهزم الأعداء لما كانت نكسة يونيو 67 في مصر.. ولما كان هلتر قد وضع حداً لحياته بطلقة مزقت حنجرته التي بحت من صراخ الخيبة والعنجهية وجنون العظمة ..!
والرئاسة لها مطلوباتها .. و القوة مطلوبة ولكن بحساباتها.. والخطابة الإنفعالية قد تهيج المشاعر في الجيوش والشعوب لكن بعد تحديد إتجاهاتهم وأهدافهم بالمعاني لا بالشعارات والأماني .. !
والمسئؤلية لها عواقبها في شخصية القائد .. وقربه من الناس يؤجج من عاطفتهم نحوه … لكن ذلك كله يصبح شتاتاً في أرضِ بلقع مالم يجتمع في كنانة حكمته التي يآتلف عندها كسهام يُطلق كلٌ منها في آوانه وصوب مكانه..!
والكلمة كالطلقة إن لم توجه بتمعنٍ وروية ، فهي سترتد الى نحر مطلقها بالضرر الذي قد يستعصي جبره بكلمة آخرى !
والقيادة لا ينبغي أن تصبح رداءاً فضفاضاً يتعثر فيه من يرتديه دون معرفة الذي يؤائم جسده ..! والسياسةلابد أن يتملّك من يرتادها المجسات اللازمة لمعرفة قياسات الجحر الذي يمكن أن يدخل فيه يده دون أن يثير الحية التي بداخله فيمسك بملمسها الناعم في مكان جسدها الذي يجنبه لدغتها !
قد يقول لك المطبلون أنك مقابل كل تلك الصفات ..التي قد لا تتوفركلها في شخص بعينه مهما بلغ من القبول ، فحسبك أنك تمشي بين الناس دون خوف في أفراحهم وأتراحهم و أنت محفوف بحبهم أوترقص وسط حشودهم آمناً و مطمئناً لجانبهم ..!
وهم في ذلك نافقوك بما هو من صميم ثقافة شعبنا ولم يأتوا بما هو من خالص خاصيتك أو تفردك به لميزة ذاتية فيك أو هو ملكية فكرية لنظامك مُقتبساً من بنود مشروعكم الذي دمر في ذلك الصدد أكثر مما أضاف ..!
وإلا فلماذا كان الفريق عبود الذي بدأ في عهده أسلوب الإعدامات السياسية لأول مرة في الحقب الوطنية، ورغم أنه سقط بغضبة شعبية داوية .. لم يقذفه أحدٌ ولو بفردةِ حذاء بغرض الإنتقام فكان يتجول في الأسواق حراً وسط عاطفة الذين هتفوا ندماً فيما بعد على سقوطه..!
ألم أقل لك إننا شعبٌ عطوف وعاطفي ..؟
ولولا ثقافة التسامح الراسخة ربما سلباً فينا لما قضى سلفك و قدوتك المشير جعفر نميري بقية حياته حراً متسكعاً في بيوت الأعراس و صيوانات العزاء ولم تسقط عمامته من دفعة مغبونٍ أو ركلة متضرر وهو الذي أسال من الدماء ما جعل مجرى النيل يُفرِغ ماءه ليفسح لها طريق المرور بعيداً عن ذاكرة هذا الشعب الطيب ، وقد كان إبان حقبة حكمه يعتلي السيارات المكشوفة وعربات القطار فلم ينله حجرٌ من ثكلى أوطلقةٌ من جندي ناقم..!
الان من أطربوك يا سيادة الرئيس بالتقريظ عند مسرحية التمديد ليسوا صادقين في قولهم بأنك رجل المرحلة الذي لا غنىً عنه .. ولكنهم لعلملك يريدون بقاءك درعاً واقياً لهم لأنهم خائفون من سداد فاتورة مراحلهم السابقة معك ويريدونك أن تتحملها وحدك مع فاتورة لاحقتها والحالية أيضاً مجتمعة .. !
وأما الذي با ت يقيناً لا يتزحزح في قناعة هذا الشعب العظيم أنكم جميعاً أهل هذا النظام قد إرتكبتم ماهو أضعاف ما أتي به سابقوكم ومع سبق الإصرار والترصد تقتيلاً وتجويعاً ونهباً وتسلطاً وإقصاءاً وتشتيتاً وإنتهازية وتقية تتستر بالقداسة التي تبرأت منكم في الدنيا قبل يوم الموقف العظيم !
فأنتم تدعون أن فصل البلاد الى شقين جاء بغرض جلب السلام ولكن كل الشواهد تقول أن الصواب جانبكم إن كنتم حقاً ترون الحقائق الماثلة الآن خلف سحب الدخان في كلتا صفحتي الوطن المنقسم ..!
وإن كنتم تتبرأون من كل الحروب التي تأكل أذرع وأقدام الوطن وتطعن في خاصرته وتصّدِع رأسه وتحملونها لحركاتٍ مارفعت السلاح لو أنكم أعليتم من رأية العدالة في معالجة قضاياهم ونالوا حقهم المشروع وقد تقاسمته أقليتكم سحتاً على حساب الغالبية المسحوقة تحت أحذية ظلمكم ..!
فسموؤلية فشلكم في إطفاء تلك النيران فقط كدولة مثلما يفرض عليكم الأمر الواقع الذي فرضتموه علينا ،هي أكبرمن مسئؤلية الآخرين مما يستجوب أن تتحملونها أمام الله والوطن والشعب والتاريخ ..!
الأن أنت تعلم قبل الذين زينوا لك الغد رسماً بالوان دماء أمسك القريب وحاضرك الماثل ودموع الألم المسكوبة من كل المقهورين ، أنك تضع الوطن في كفة مقابل ذاتك وعلى ميزان الذين يختبئون خلفك ليدفعوا بك في نهاية المطاف تحت عجلات قطار الزمان الذي يمضي على خط التبدل .. ويدهس كل من يسقط امامه ولا يقتنص فرص النجاة على جانبي الطريق..!
فمواجهة المصير بمواقف الرجال من أجل الوطن هي أخف وطأةً من ذِلة الملاحقة التي تسد منافذ الهواء على شعبٍ حبسته سجيناً خلف زنزانة إنكارك التي تراها واسعة في حركة توجسك الدائم وهي في الحقيقة اضيق بكثير عن محبسك هناك وإن كان بين جدران من تراهم كفرةً غير طهورين .. ولكن لا تنسى أنك من جلب نجاستهم الى ثوب هذا الوطن .. بكلماتٍ لطالما طاشت سهاماً من حنجرة إنفعالك المثقوبة بعدم التريث و قلة إحكام التفكير في مخاطبة العالم وأنت تشير بعصاك الى حذائك فجعلت من أسميتهم الأعداء يأتونك من خلف فورة إندفاعك ويستعمرون من جديد وطناً حرره الأجداد بدماء عدت انت وتفوقت عليها وأستعبدت ببحورها التي أفاضت في سني سلطتك أحراراً بالتمزيق والفرقة والنزوح واللجوء بعد أن كانوا مستقرين راضين ولو بكفاف العيش في ديارهم البسيطة !
كثيرون من حولك يا سيادة الرئيس من يتظاهرون بإضحاكك وإدخال السرور الى نفسك كذباً بما تشتهى الأمارة بالسوء ولكنهم في الواقع يضحكون عليك ويسخرون منك بتسخيرك مطية لتحمل اوزارهم التي أوهموك كثيراً أنها حسنات في ميزانك الذي بات مثقلاً بالكثير .. !
فلما الإصرار على تحميله المزيد …وقد حانت لك من الفرص ما تمكنك من الإغتسال عند ضفتي طلب الغفران و السماح ، ومن ثم الترجل من على ظهر هذا الشعب الذي كان ولا يزال نهراً ثراً لا يتسخ بعكر الإنتقام ولكنه في ذات الوقت يرتضي بفهمه العميق جريان العدالة لتأخذ مجراها وليسود الحق على حسابِ كلِ باطلِ !
فعلتها تلك المرأة التي أبت إلا أن تتطهر من ذنبها ..رجماً بعد أن إستنفدت بالرفض الشجاع كل فرص النجاة التي كانت أمامها .. فما بال الرجال يخطئون مرتين .. مرة بارتكاب الخطأ .. وثانية بالإصرار عليه حتى يحنيهم الإعوجاج من ثقله .. وهو ما تأبى عنه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب .. طالباً من القوم تقويمه بالسيف إذا مارأوه فيه !
فالعقل ميزان الرجال نأئياً عن شيطان الغواية ..والحكم ظلٌ الى زوال مهما زينته عيون الضلال والرجوع الى الحق فضيلة .. طالما أن في دربه ثمة مجال ..!
والله من وراء القصد.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هذا الأبله لا يتعظ مما سبقوه في هذا المجال من السخف فاتركوه ختي يأتيه اليوم المعلوم لكل كافة أهل السودان ( اليوم الذى لا ينفع فيه مال ولا بنون الا من أتي الله بقلب سليم ) صدق الله العظيم .

  2. يا سلام عليك أستاذبرقاوي!….متعك الله بكامل الصحة والعافية وأدامهما عليك بفضله ورحمته. لك كل الحب والتقدير منا يا رمزا شامخا وعلما بارزا وكاتبا ذو فكر وعقل ثاقبين… وفقك الله.

  3. كلام فى الصميم با أستاذ
    لكن الجماعة ديل جلدهم تخين لا بيشعروا ببرد أو سخانة، وعندهم غباء غير محدود، الواحد فيهم يقطع ألإشارة وهى حمراء وتقول ليه”يابا حاسب” يلتفت إليك ويقول “إيه فى إيه”.
    أصبر وخليهم فى ضلالهم هذا،إنفجار البركان قرب.

  4. من القصص القرآن قبيلة عاد موطنها وادي مغيث بارض اليمن وهم نسل اصحاب السفينة الذين نجوا من الطوفان كانوا أقوياء لم يخلق الله مثلهم بعد قوم سيدنا نوح عليه السلام ولكنهم كانوا فاسدين ومفسدين لم يقدروا نعمة الله اذ جعلهم خلفاء في الارض بعد قوم سيدنا نوح وزادهم في الخلق بسطة كما زادهم اولادا ونسلا ً وبنوا البنيان العجيب وماوا الي الترف واقاموا القصور املاً في طول العمر وطغوا وبطشوا وتجبروا واغتروا بكثرة الاموال والاولاد ثم قالوا من اشد من قوة
    حتي اذا مات واحد منهم ردد الباقون وماذا يضيرنا فلارض تبلع والارحام تدفع
    اما التاريخ الحديث والامس القريب فلنا دروس و مواعظ وعبر فصدام حسين و معمرالقذافي وعلي عبد الله صالح وحسن مبارك وزين العابدين بن علي ودكتور العيون بن الاسد وانك لا تهدي من احببت والله يهدي من يشاء استاذ برقاوي وبارك الله فيك فقد كنت مخلصاً في نصحك بقولك كلمة الحق

  5. استاذ برقاوى
    إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ .
    صدق الله العظيم

  6. من أين أتي هؤلاء؟؟؟
    عندما تري أفعالهم و تصرفاتهم كأنهم ليسوا ببشر و كأنهم من عالم آخر يعيش أصلاً علي الغش و الخداع و المراوغة و التلاعب و المكر… فكلما نظرت ما يفعلونه وجدت الإجابة هي (من أين أتي هؤلاء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..