تاكسي الخُرطوم .. تاريخ وإرث!

كان التاكسي حتى عهدٍ قريب من أكثر الصور التي تُميز العاصمة الخُرطوم وهو يلون الطُرقات بلونه الأصفر الذي يسرُ الناظرين، ويبدو المشهد أخاذاً حين نرى مواقف التكاسي التي يتراصون فيه بكل نظام في إنتظار من سيركب (الصعب) وقد كان يُطلق عليه إسم الصعب فلا يركبة إلا المريشون أو المضطرون من ذوي الأمراض أو المستعجلون فقد تبلغ تكلفة أجرة التاكسي مبلغ ما تكلفه المواصلات العامة لمدة شهر!

الآن لم يعد الحال كالسابق فقد التاكسي هيبته كسيارة الأجرة المهيمنه والمسيطرة على شوراع الخرطوم ولم يتبق منه إلا بقيةً من جيل منقرض لن يكون له وجود بعد قليل، ليس لأن الناس إكتفت من السيارات الخاصة ولم يعد بهم حاجة للأجرة أو لأن المواصلات العامة أصبحت متوفرة وتشق كل الأمكنة بسرعة فائقة، ولكن لأن المنافسة أصبحت مع جيل جديد من السيارات الأخرى التي إخترقت مجاله ومرغت هيبته وسحبت منه البساط خلال سنوات قليله من ظهورها، فها هي حسناء الشوارع الرشيقة (الأمجاد) تسطو على مكانة التاكسي وتستحوذ على كل ممتلكاته فى الطُرق حتى أصبحت الملك بدلاً عنه بينما نجا رفيقة تاكسي المطار من خطر الأمجاد إثر قرار بمنع الأمجاد من دخوله بقرار من إدارة المطار لأسباب لم يتم التصريح بها.

لم يكن التاكسي وسيلة نقل مريحة فحسب بل إن سائقي التاكسي يعتبرون من المراجع المهمة فى المجتمع، فبطبيعة عملهم وتجوالهم الدائم عبر الشوارع والأزقه فإنهم يمثلون خريطة دقيقة جداً موضحة بكل معالمها البارزة وتفاصيلة الصغيرة، بالإضافة الى أن معظم سائقي التاكسي يمتلكون ثقافة عالية جداً من وحي زبائنهم الذين يتفاوتون فى مستوياتهم الجتماعية والثقافية والعلمية فنجد معظمهم يتميز بثقافة متنوعة من كافة المجالات.

تختلف الأمجاد عن التاكسي من حيث تكلفة الوقود وهذا سُر سيطرتها على الشارع، فالراكب يدفع أجرة أقل من تلك التي يدفعها مقابل مشواره بالتاكسي مما دفع المواطنين لهجر التاكسي لصالح الأمجاد وأحياناً لصالح تلك الركشة الكسيحة التى تزحف على ثلاثة عجلات ولكنها أرخص وأكثر توفراً خاصةً فى الأحياء الطرفية.

رغماً عن إندثار التاكسي الوشيك كوسيلة نقل إلا أن له تاريخ وإرث لا يمكن نسيانه فهو واجهة العاصمة الخرطوم و لها معه ذكريات إرتبطت بكل سوداني سكن الخرطوم أو زارها لسبب ما، فهو أول ما يستقبل القادمين من ولايات السودان المختلفه عبر السوق الشعبي وآخر من يودعهم عبر موانيه، وهو من يصاحبهم إلى المستشفيات وإلى المناسبات وهو من يُداعب أحلام الفقراء بإمتلاك سيارات خاصة فيمنحهم لحظات من الخصوصية حينما يركبونه منفردين به إلى أهدافهم أياً كانت.

عبير زين
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. كلما سردتيه عن التاكسى صحيح بالمناسبة انا سائق تاكسى رمت به الامجاد فى شواطى الغربه لك التحية.

  2. قطع شك كان عندكم تاكسى هذا الخزون العريق المعتق بماضى ذكريات تاكسى الخرطوم الجميلة وهذه التفاصيل ذدت الشجون لايعرفها الا الذين كانوا يمتكون وسائقون تاكسى الخرطوم ايام كانت خرطوم وين اهل الخرطوم يااختى سكانيها من اجداد الاجداد من لم يهجر وهم الاغلبية اصبح كالغريب ليس التاكسى وحدة طاله الزحف

  3. كنت اقود كريسيدا 78 تاكسى مدنى نضيفه وجميله وحلوه خامس عربيه على مستوى تاكسى مدنى
    اغلب الوقوف امام الفنادق لا صطياد العرسان . منها مشوار ثمين وثانيا تعطير العربيه بعطر
    كلما انتهت رائحته تجدد بمشوار آخر .. ايام حلوه وجميله يامدنى الجميله ..
    تعال الليله شوف سر الختم والزبير عملوا فيها شنوا ؟؟ شكرا ياعبير شكرا كثيف شكرا عميق

  4. ياحليل ايام زمان عندنا الدفار المواصلات ثم جاءت الباصات ثم الحافلات ثم الامجاد و التنافس الرهيب ادي الي التخلي عن بعض منها

  5. مما لاشك فيه ان التاكسي عنوان لاي مدينة من شكله يدلك علي حال المنطقة فانت تجد التاكسي نظيفا وسائقه صاحب ذوق سليم وتجد نفسك مرتاح بداخله اما هنا فحدث ولا حرج كلما يسئ لك تجده لا راحة ولا كلام منمق وممكن تتسخ ملابسك او تتمزق ما هذا التقهقر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..