سامحنا يابروف

من نعم الله علينا أننا من الجيل الذي تتلمذ وعمل مع علماء أفذاذ مثل البروفسير محمد هاشم عوض أستاذ علم الاقتصاد فقد نهلنا العلم عنه مباشرة ونحن نجلس أمامه في قاعة المحاضرات ثم تتلمذنا منه بصورة غير مباشرة ونحن نقرأ مؤلفاته القيمة منذ سبعينات القرن المنصرم ثم تتلمذنا على مواقفه السياسية عندما كان وزيرا للتعاون وهو يركل الوزارة لأن النميري لم يأخذ برأيه وهو يزيد رطل السكر ثلاثة قروش. تتلمذنا عليه ونحن نجلس الى جانبه كأعضاء في لجان لمناقشة الرسائل العلمية من ماجستير ودكتوراة. تتلمذنا عليه وهو يحكي عن حراسته لمرمى فريق الموردة ولماذا لم يلعب للهلال أو المريخ.
ومع كل الذي تقدم أجد نفسي مختلفا مع الصديق الأستاذ ضياء الدين بلال وهو يناشد جامعة الخرطوم بعدم إخراج أسرة الراحل المقيم من منزل الجامعة بالخرطوم شرق، ففي رأيي المتواضع أن تعطيل القانون ضرره أكبر من الضرر الذي سوف يقع على أسرة البروف المحترمة. إذا قال قائل إن الدولة كلها ليست ملتزمة بالقانون وإن خرقه أصبح على قفا من يشيل وإن الفساد قد عم كافة الجهات والأرجاء (هو بس الحكاية بقت على صغار وأيتام البروف الراحل المقيم)، نقول له صدقت ولكن معرفتنا بالبروف تجعلنا نقول إن روحه لن تسعد إذا خرق القانون له كما أنه سوف يسعد إذا تمسكت جامعة الخرطوم التي أفنى عمره فيها بالقانون في زمن أصبح فيه المتمسك بالقانون كالقابض على الجمر.
كان من الممكن أن يكون البروف مالكا لمنزل من عدة طوابق في قلب العمارات عبر الخطة الإسكانية في زمن عبود وبقرض مريح جدا من البنك العقاري أسوة بكبار الموظفين في الدولة أو مالكا لمنزل فاخر في الرياض عبر الخطة الإسكانية في زمن النميري يبنيه ذات البنك كما يحدث لرصفائه من علية القوم في الزمان الذي تلى الزمانين. كان يمكن أن يكون البروف هاشم مالكا لأجمل فيلا في أغلى منطقة في الخرطوم كما يفعل تلاميذ تلاميذ تلاميذه من اغتراب أو من ادخار محلي، ولكن البروف للذين يعرفونه جيدا كان زاهدا. كان صوفيا متبتلا لذلك غادر الدنيا كما دخلها.
المشكلة أخي ضياء ليست في الدولة ممثلة في جامعة الخرطوم التي طبقت القانون بلا كبد كما تراها بل مافعلته الجامعة تشكر عليه وتشجع على التمسك بالقانون في كل ما تأخذ وتدع، ولكن المشكلة في المجتمع المدني السوداني الكسيح المشكلة فينا نحن تلاميذ البروف. المشكلة في البنوك الجاحدة خاصة المسماة إسلامية لأن البروف قدم لها من علمه وتقواه وورعه الكثير. المشكلة في كل مجايلي ومعاصري البروف. إذ كان على كل هذه الفئات أن تحول زهد البروف وسيرته العطرة وإرثه الفكري الضخم إلى رعاية اجتماعية ورفاهية لزغب الحواصل الذين تركهم البروف خلفه. أتمنى على بنك فيصل وبقية البنوك العاملة في السودان أن تتولى مسؤلية إيجاد المسكن الذي يليق بأسرة البروفيسور محمد هاشم عوض، وأتمنى على (السوداني) الصحيفة كمؤسسة تبني هذا الأمر. أتمنى على تلاميذ البروف المنتشرين في الداخل والخارج أن يردوا بعض دينه عليهم، وكل هذا يجب أن يتم بدون شيل حال فالهدوء والتواضع كانا من سمات البروف وشيمته.

السوداني

تعليق واحد

  1. انا عند كلامي خلي البروف في حالوا وقدم نصيحه للحكومه خليها تهتم بمشروع الجزيره وولاية الجزيره وأنسانها الغلبان لان الله حايسالك عن قلمك وماذا كتبته به لنصرة اهلك والجزيرة محتاجه ان تكتب عنها كل يوم حتي يلتفت اهل السلطة لها كدي شوف ناس مالك عقار ديل ماجابوا حقهم مع أني مامويدهم وما بريدهم

  2. فى واحد من حلتنا راكب فى المواصلات زمن البكاسى وطبعا البوكسى بيكون نظام المقاعد كنبه طويله فى الجهه اليمنى وواحده فى الجهه اليسرى المهم صاحبنا ركب وقعد فى الكنبه وشويه شويه البوكس اتملاء بالركاب ومن ضمن الركاب واحده جارتوا فى الحله الا عقولها شويه فيهو مشكله ومسكينه كدا ،،المهم قام صاحبنا دا دفع ليها وقال ليها يا حاجه انتى خالصه الحاجه بدل ما تقول ليهوا بارك الله فيك قالت ليهوا يا ولدى دافع لى مالك انتوا براكم ظروفكم صعبه وحالتكم تحنن وحيتطكم رمتها المطر واختك طلقوها جاتكم بوليداتها والله ما كان تكلف نفسك ،،، صاحبنا قال والله فضحتنى فضيحه الحله كلها عرفت مشاكلنا وظروفنا والله تانى لمن اموت ما بدفع لى لزول فى عربيه (البونى قال من غير شيل حال وبهدوء)
    دنيا غريبه لكن

  3. الزهد ده مشكلتنا الكبيرة
    كيف استاذ فى الاقتصاد ومخطط ما يخطط لمستقبل اسرته الصغيرة وعايز يخطط لبلد كامل
    رفاهية البلد تبدا من رفاهيو الاسرة الصغيرة
    الفشل فينا كلنا اننا بنسعى للكفاف بس والكسل بنسميهو زهد
    كنا بنكتفى بالفتريته والحليب لانها ما عايزة مجهود وبنلقاهعا قدامنا وحجتنا البائسه الدنيا اصلو فيها شنو
    الواحد حيطو جالوص ما يليسا الا لما المطرة تقرب تجيب خبرها
    كل ده باسم البساطه ونلعن سنسفيل الخكومه ليه ما تتطور شعب غير طموح
    الله يرحم البروف والحمد لله ما مسك الاقتصاد ما عارف بى زهدو ده كان ودانا وين

  4. فعلا ده انعكاس لواقعنا الاجتماعي وسلوكنا المتعالي الاناني وعدم مقدرتنا او رغبتنا علي ردالجميل!!!واعترافنا بلاجلاء من الاساتذه والعلماء !مما عمق الاحساس بعدم الانتماء وجعل المثالية نادرة فقفز اساتذة الجامعات للهجرة الداخلية والخارجيه فرارا بانفسهم من مجتمع لايقدر وحكومة لاتبشر ولا تقدر ولاتفهم شيئا من قادة العسكر الذي لايقدرون ولا يساعدون الا اخوة الكاكي فلل وشققا تتطاول مكافاة علي نجاحات اقرب للانتصار علي السايبر !!في دولة اللاعلم والجهل المطبق!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..