بذار في بذار

* إسهامات غالب رجال الأعمال في مجال الأعمال الخيرية أمر لا تخطئه العين ولا يجحده إلا جاهل، حيث ظل ذلك القطاع يدعم دون من ولا أذى الأفراد والجماعات في ساعات الكرب والشدائد، وظلت الرأسمالية الوطنية فاعل أساسي في التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية ببناء المشاريع التعليمية والصحية، ومئات المؤسسات تقف شاهدة على ذلك.
* حدث ذلك قبل أن يصير مبدأ المسؤولية الاجتماعية شرطاً من شروط تأسيس المؤسسات التي تحرص عليه باعتبار مساهمته في التصنيفات الدولية للأعمال التجارية ويمنحها رصيداً إضافياً يضمن منافستها وحصولها على الجوائز التقديرية محلياً ودولياً.
* إذاً من الطبيعي، والطبيعي جداً أن تبادر أسرة داؤود عبد اللطيف عبر شركة كابو لمنتجات الألبان بتقديم كيس لبن يومياً للفقراء والفقيرات من تلاميذ محلية شرق النيل، وبحسن ظن في الأسرة، فإنها لا تبتغي من ذلك غير ثواب الآخرة، يوم لا ينفع فيه مالُ ولا بنون.
* الأستاذ عثمان عمارة، مدير الإدارة العامة للشؤون التعليمية بمحلية شرق النيل، كان تقديره غير ذلك، حينما نشر إعلاناً مدفوع القيمة على مساحة نصف صفحة ملونة في إحدى الصحف، واضعاً فيه صورته الشخصية في مساحة (طويلة وعريضة)، ومعرفاً باسمه الرباعي ? عثمان عمارة زائد عثمان ? قبل أن يمضي في شكر أسرة عبداللطيف مذكراً القارئ أولاً بمآثر داؤود عبد اللطيف وزوجته المعلمة فتحية، ومكرساً الإشادة بأسامة داؤود وشركة كابو، والغريب جداً أن الأستاذ عثمان قال بالنص في إعلانه إن (هؤلاء يقومون بذلك في صمت تام بعيداً عن الأضواء).
* إذا كان الأستاذ عثمان يدرك بأن أسرة داؤود عبد اللطيف تقوم بذلك في صمت تام بعيداً عن الأضواء ، فلماذا بادر هو بتسليط الأضواء عليهم عبر هذا الإعلان وبالتالي جاء الإعلان ضد رغبة الأسرة.
* النقطة الأهم في الموضوع ? حسب تقديري ? هو أن سعر الإعلان المعني يفوق الاثنين ألف جنيه ستدفع للصحيفة (جنيه ينطح جنيه) وهو حق للصحيفة، لكن من أي بند في ميزانية المحلية سيقتطع هذا المبلغ؟ وهل في ميزانية المحلية وولاية الخرطوم بنود صرف لتبديد الأموال العامة بهذه الكيفية؟ وأي مبرر سيقال لأي مراجع عام نزيه وشريف يكلف بمراجعة أموال المحلية؟
* كان من الممكن لمحلية شرق النيل إدخار مبلغ الإعلان لتوفير (4) آلاف كيس لبن إضافي لـ(4) آلاف تلميذ وتلميذة من الفقراء والمساكين بواقع (5) جنيهات للكيس، بدلاً من هذا (البذار والتبديد)، أو توفير المبلغ كحافز لمعلمي شرق النيل الذين يعانون ما يعانون شأنهم حال المعلمين في السودان، او حتى صرف المبلغ في حمامات مدرسة واحدة حتى لا تتكرر حادثة وفاة معلمة أم درمان في شرق النيل، وهذا احتمال ليس ببعيد مع البيئة المتردية في مدارس ولاية الخرطوم.
* قد يبدو المبلغ ضئيلاً لدى البعض، لكن في النهاية يعطي مؤشراً عن كيف تصرف الأموال في شرق النيل خاصة وولاية الخرطوم عامة.
*عن صحيفة السوداني

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..