أخبار السودان

نقطة نظام فى حكاية الإمام المهدى

جمال الجمل

أطالب رؤساء تحرير الصحف بصرف «بدل شتيمة» لكتاب الرأى، لتشجيعهم على تحمل ما يتعرضون له من «بهدلة» القراء لهم، إذا خالف الكاتب رأى أحدهم.

لكن الجديد لدى القراء، الآن، هو شتيمة الكاتب على ما لم يكتبه، ولكن على الاستنتاج الذى يتصور القارئ المحترم أن الكاتب يرمى إليه، أو «يرمز» إليه!

فقد فوجئت بحملة هجومية على بريدى الإلكترونى تتضمن أقذع أنواع الشتائم، وأحد الاتهامات، لمجرد أننى كتبت عن القائد السودانى الأسطورى محمد بن فحل، الشهير بالإمام المهدى، وهو الأب الروحى لحركة الأنصار، وقطاع كبير من الحركة الإسلامية والوطنية فى السودان.

المثير للدهشة هو أنى لم أصرح برأيى بعد، وكل ما كتبته مجرد سيرة ذاتية وموضوعية للظروف التى نشأ فيها الشيخ الصوفى فى سودان القرن التاسع عشر، وقد اعتمدت فيها على مصادر متنوعة فى قلبها مؤلفات لمريدى الشيخ، وأنصار المهدوية.

لا أخفى أن الهجوم أربكنى، فأنا لم أعد أعرف ماذا يريد «القارئ»، نحن نسميه هكذا بصيغة المفرد «القارئ»، لكن الحقيقة أن هذا القارئ صار وحشا غامضا بمخالب خرافية، أو لنقل أخطبوطا بملايين الأذرع، وكل ذراع تتحرك من تلقاء نفسها دون أى تأثير أو توجيه من عقل مركزى، وبالتالى لا يستطيع الكاتب أن يرضى كل هذه الأذرع المتباينة فى فهمها وطريقة تفكيرها، وانحيازاتها، وبالتالى بعدما تسلح القارئ بمنصات للهجوم العلنى لا تقل تأثيرا عن منصات الكاتب، صارت هناك مشكلة كبيرة فى فهم العلاقة بين المتن والهامش، أو النص الرئيسى والتعليق عليه، وكذلك بين وظيفة الكاتب ودور القارئ، بل أقول بمنتهى الأسف والحزن إن فكرة الكتابة ذاتها فقدت مكانتها، بعد أن تعمقت أزمة الثقة من القارئ تجاه الكاتب، ودخلت العلاقة ساحة التربص والتطاول والتعصب.

ارتباكى وخوفى لم يكونا بسبب لغة الشتائم، ولكن بسبب تفكيرى فى المساحة المتاحة لمناقشة القضايا الخلافية فى واقعنا وفى تاريخنا، وهى كثيرة جدا، وسألت نفسى: كيف يمكن أن أصل بموضوعية لعقل قارئ يستسهل «شتيمتى» بدلا من مناقشتى أو مناقشة نفسه أو أصدقائه فيما أكتب؟، خاصة أننى أقترب فى المقالات القادمة من المنطقة الشائكة فى حياة المهدى، وأدخل عنفوان السنوات الخمس الأخيرة فى حياته، التى شهدت الثورة المهدية، وموجة التكفير والقتل، والقدرة على تأسيس دولة فى مواجهة جيوش الإمبراطورية البريطانية، والحكم التركى المصرى، بل تطاوله فى رسالة مكتوبة على الخديو توفيق، ودعوته لاعتناق المهدوية وإلا فلينتظر المصائب الجسام!

الحقيقة أننى لم أهتم بشخصية المهدى، لمجرد مناسبة ذكرى ميلاده، لكننى بدأت هذا الاهتمام منذ سنوات، ونشرت عنه دراسات متنوعة تناولت سيرته فى الأدب، خاصة فى رواية «الريشات الأربع»، التى عالجتها السينما أكثر من مرة فى أفلام روائية طويلة، وصورته المتباينة فى مذكرات قادة ومسؤولين ومفكرين من السودان ومصر وبريطانيا.

لا شك أن حياة رجل كهذا لا يمكن إهمالها، فقد كانت حياة قصيرة فى سنوات العمر، لكنها تجربة ثرية تكشف عن عوامل خطيرة كامنة فى شعوبنا، يجب أن ندرسها ونتعرف عليها بموضوعية، إذا شئنا أن نتحرك نحو المستقبل بالعقل والمعرفة والأمل، أما إذا استمر التربص، وإغلاق سبل الحوار بالتطاول الساخر أو العنيف، فلا تنتظروا مستقبلا طيبا، ولا تحلموا بأكثر مما نحن فيه من ضعف وهوان، أما عن نفسى، فليس معى سوى كلمتى، واستعدادى للحوار والنقاش والتعلم من أخطائى، وأخطاء آبائى وأجدادى، فليس بيننا من يمتلك الحكمة الصافية، ولا الحقيقة المطلقة، فقط نجتهد بإخلاص ومحبة، وأرجو ألا يزعجكم هذا، لأننى لن أتوقف.

[email][email protected][/email]

المصري اليوم

تعليق واحد

  1. هناك من لا يريدون الحقيقة لان امجادهم مبنية على
    المصلحة المالي و الوراثية فقط ولا يريدون مناقشة النضال والحقيقة
    ابدا ولا يحبون النصح ولا يتراجعون

  2. ولايهمك , اكتب بكل حرية , فالذين يشتمونك لايمثلون غير انفسهم , وانت تعلم ان ارضاء الجميع امر مستحيل فحتى كلام الله لايوافق عليه الجميع ! . على كل حال يجب تحمل (الشتائم) لانها قد تكون هى ثمن الحقيقة.

  3. التاريخ يجب أن يكتب ليستفاد من دروسه لا أن يسهم فى إمتداد تخلفنا. هذا ما فعلته أوربا فأخرجها من القرون الوسطى إلى تطورها الذى لا تخطيه العين. إستمر أيها الكاتب المحترم فمثلك من تفتح لنا الطريق للمستقبل ولعل البقية من الكتاب يسلكون ذات الطريق. تاريخنا الإسلامى كذلك هو الجدر بالمراجعة.

  4. وانت الان ما الذى يجعلك تقول تطاوله على الخديوى توفيق؟ . هذا يجافى الموضوعية ايضا. فقط امامك مقايسة قدراته وتماسك سلطة توفيق. لتستنتج, لو كان ضروريا ان تسنتج الممكن وغير الممكن.
    ليس المهم المهدى او الخديوى المهم والاخطر هو ان يكون لديك ولنا معك مناهج قادرة ونقدية لتناول التاريخ. والبحث الذى يبتدر ب(تطاول) لا يبشر بذلك.

  5. قرأت مقالات السيد جمال الجمل وهي مقالت جيدة لحد كبير
    وليس فيها ما يغضب فهو سرد جيد لتاريخ كلنا يعرفه

    وهو ليس علي غرار الكتاب المصريين الجهلة الذين يتحدثون عن السودان بما لا يعرفون

    لا تفسير للغضب الا اننا كسودانيين وصلنا لدرجة من الضغط النفسي بعد 50 سنة حرب الي حد الغضب من انفسنا ومن الاخرين تجعلنا حساسين من كل ما يقال عنا

    حساسيتنا المفرطة سببها وعي حقيقي بانفسنا وغضبنا من انفسنا

    “” زي الزول لمن ما يكون طايق نفسو…. لو زول تاني فتح خشمو معاو بيهيج فيه “”
    والزول التاني ده ما قال حاجة تزل ….

  6. هناك من ألفوا قرآناً وانآجيل والمكتبات تزخر بذلك فمن اراد ان يحاجج فعلية بالرد والا فليصمت

  7. هو انت مين يا جمل ؟ كل يوم الواحد يصبح على عشرة فلاسفة وخمسة كتاب وألف بروفيسور وعشرين مغنيا “مبدعا” جددا … يا أخي أقول لك شي من الأبجديات وسيبنا من “وهمة” إنك كاتب كبير بنظارات ودقن .. أسع موضوعك دا ما فهمنا منه أي شي .. ياخي الإمام المهدي كتبوا عنه آلاف الناس ما بين مادح وقادح… سودانيون وعرب وخواجات كمان زي ناس تشيرشل في حرب النهر وسلاطين في السيف والنار وغيرها كثير … خذ هذا التصحيح البسيط … قلت : {{{{{{ ..وكل ما كتبته مجرد سيرة ذاتية وموضوعية للظروف التى نشأ فيها الشيخ الصوفى فى سودان القرن التاسع عشر،}}} مصطلح “سيرة ذاتية” يطلق على الكتابات التي يكتبها كاتب ما عن نفسه “يعني تاريخه الذاتي” كأن يقول مثلا ” ….ولدت سنة كذا ونشأت في كذا ودرست في كذا…” مثل كتاب “كفاحي ” لهتلر أو كتاب “حياتي” ليوسف بدري وما شاكلهما… أما ما يكتبه المرء عن حياة الآخرين فيسمى “سيرة” فحسب كأن تقول “سيرة النبي “ص” فمن الخطأ البين إيرادك لكلمة “ذاتية” ههنا.. عرفت الفرق يا سعادة الكاتب النحرير ؟ … والحمد لله إنك اقتصرت على ذكر اسمك فقط ولم تسبقها بحرف الدال ولا بأف متبوعة بدال بينهما نقطة على السطر… بعدين تعال شوف عبارتك: ” … بل تطاوله “تعني المهدي ” فى رسالة مكتوبة على الخديو توفيق” ياخي هو الخديوي توفيق بتاعك دا نبي وللا صحابي عشان تقول “تطاول”؟

  8. مافيش مشكلة وعلي بركة الله . بس حكاية التطاول علي الخديوي ما صحيحة لأنه الخديوي شخصياً لم يكن يملك أمر تفسه ولا شعبه . كدا إنت بديت غلط .

  9. هناك من يحاول محو و طمس هذه الفترة من ذاكرة الأجيال لأغراض كره و عنصرية و الإستئساد بمكاسب و الإسنمرار عليها تكون خصماً على حقوق الأغلبية من جق الأجيال الحالية و المستقبلية معرفة هذه المرحلة بالذات من تأريخ السودان ففبها مفاتيح حل كثير من المشاكل الآنية و المستقبلية …وفقك الله أستاذ جمال في مسعاك

  10. أكتب ما شئت يا عزيزي وإستعد لسيل من الشتائم “من البعض” …عادي يعني وما يضرش . أكتب وبعد ما تخلص من موضوع المهدي عرج على الميرغني الكبير وجيب لنا “آراره” وخلي الكل يستفيد .

  11. هم الرًسل لم يؤمن بهم كل البشر فمن أنت حتي تجبر الكل ان يرضوا بما تكتب. ولو في واحد لم يقرأ مقالك وأنتقدك لأن شكلك فقط لم يعجبه فهذا حقه؟ ولو كده ما بعجبك أكتب فقط لناس بيتكم ونوم علي كده.

    وأنا أري أن المهدية والمهدي كارثة ومحنة حلت علي السودان ولازالت آثارها مستمرة حتي الآن وهي أول من رسَخ للقبلية والفكر الديني الرجعي وأول من دعي للتخلف وأول من مجَد الظلاميين وفرَخت بيوتات دينية تعيش كطحالب والكائنات الهلامية عالة علي أكتاف الشعب السوداني وتمنيت لو استمر حكم الانجليز و لم تقم ثورة مهدية فوضوية رجعية. ولا أريد أن أقرأ أي توثيق إضافي لهذه الفترة المظلمة التي تمنيت لو تم دفنها من البداية ولم تحدث أصلاً.
    لم أقرأ مقالك ولم أنتقدك ولكن لا نريد مزيد من التوثيق لفترة ظلامية تم توثيقها بأكثر من قلم فما الجديد الذي أتيت به في توثيق 2014 مقارنةً بمؤرخين عاصروا وعايشوا تلك الحقبة المظلمة من تاريخنا.

  12. يا سيدي الفاضل

    السودانيين في مشكلة اكبر من المهدي وغيره

    السودانيين ربنا ابتلاهم بالكيزان وربنا يزيل

    عنهم هذا الكابوس

    اما المهدي فمثله مثل كل الثوار الذين ثاروا

    علي الاستعمار في بلادهم الا ان الفارق الوحيد

    هو ان احفاد المهدي في السودان مازالوا يسترزقون

    باسم جدهم ولم نسمع عن احفاد عمر المختار في ليبيا

    ولا عن احفاد جميلة بوحريت في الجزائر ولا عن احفاد

    سعد زغلول في مصر ولا ………… ولا حتي عن احفاد

    التعايشي نائب المهدي الذي حكم السودان 14 عاما بينما

    المهدي لم يحكم ولم يعش اكثر من اشهر بعد الثورة ومقتل

    غردون باشا

    مشكلة السودان يا عزيزي الفاضل اذا الواحد ابوه كان فنان

    شعبي في زقاق من ازقة احياء مدن وقري السودان اولاده

    بيطالبوا الشعب بتعويضات بعد وفاة والدهم اما يكون فنان

    يقلد والده والشعب مجبر يستمع ويمجد اما تعويض معنوي

    بمكانة في المجتمع وقس علي ذلك ………

    يا اخي الفاضل …

    اجهل شابين في الشعب السوداني بكل معايير العصر احدهم

    يدعي عبد الرحمن الصاق المهدي والاخر يدعي جعفر الصادق

    محمد عثمان الميرغني والاثنان نواب ومستشاري رئيس الجمهورية

    لا لشئ من مؤهل غير انهم احفاد المهدي والميرغني …….

    والانكت والامر رغم كل هذا هو ان الصادق المهدي ومحمد عثمان

    الميرغني هم زعماء المعارضة

  13. اللي بشتموا ديل اكيد الاخوان المسلمين ، الماسكين الحكم في السودان الان
    المهدي قائد فذ واستطاع اقناع ملايين السودانيين وقتها وضمتهم تحت رايةالجهاد واذاق الاتراك والبريطانيين الويل وطردهم من السودان شر طردة يكفي ان المهدي اول من استخدم الحرب النفسية في العالم (معركة شيكان)
    التي لم ينج من جنودها البالغ عددهم 100000 جندي سوى 250 جندي فقط وكان جيش المهدي كله في الاشجار ووزع المنشورات خارج الغابة واحبط الروح المعنوية للجيش الغازي ويكفي ان المهدي قتل غردون الذي ادب الصينيين ام الهنود لا اذكر وكانوا يحملونه على ظهورهم

    يكفي ان المهدي اسس دولة خلافة اسلامية على غرار الدولةالاسلاميةالاولى
    يكفي ان المهدي كان يضم جيشه رجلا لا تزال خططه العسكرية تدرس في الكليات العسكرية في لندن وامريكا وغيرها من البلدان الا وهو القائد الفذ عثمان دقنة الذي لم يخسر حربا قط ضد الانجليز والاتراك وجنودهم المصريين
    يكفي ان عثمان دقنة طلب جورج الخامس مقابلته في ميناء سواكن عند زيارته الى الهند ورفض دقنة مقابلته وعندما ابلغ برفضه ذهب اليه في السجن ورفض الخروج له وطلب الملك الذهاب اليه في غرفته وعندما ذهب اليه ادار له عثمان دقنة ظهره وامسك بالمصحف الشريف فما كان من الملك الا ان اخرج سيفه وانحنى وحياه ملك الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس آنذاك

    اما من يهاجمونك ايها الكاتب فهم من صعنوا تاريخا سيئا مليئا بالاحقاد والدماء وبيوت الاشباح وفرق تسد والسرقة و الفساد وهم اتباع الحزب الحاكم (الاخوان المجرمين)

    والذين سوف يذكرهم التاريخ بكل سوء
    على انهم اسوأ العصابات التي حكمت بلاد السودان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..