حكايات الحزن المقيم..!

نبض المجالس
جلس (محمد احمد) الرجل السبعيني صاحب الدخل المحدود والاسرة ذات الاطفال القصر السبعة وهو يحاول ان يجد حلولا سحرية لمعادلة اقتصادية بالغة التعقيد وفواتير شتى تحتاج السداد العاجل ..اللبن والغاز والكهرباء والموية وجرعة الدواء ورسوم الدراسة , لم تكن كل هذه المطلوبات سوى انها كوابيس حاضرة في حياة كل مواطن سوداني مهدود الحال ومشلول الارادة لكن الآمال والرجاءات من العلي القدير تظل هي ملح الحياة .
ومحمد احمد السوداني المواطن الممكون والموجوع تداهمه كل يوم وربما كل ساعة حكاية جديدة من حكايات الحزن “القديم” في بلد مازوم واقتصاد غارق في اوحاله , وبمثل ما ان كل مواطن تتملكه حالة الارباك والاضطراب في سبيل بحثه وكده من اجل عيش وحياة بحدها الادني فان الحكومة نفسها تبحث عن بوابات الخروج من الانفاق المظلمة الى فضاءات مضيئة ..ولكن كيف يتثنى لها ذلك وهى معصوبة العينين وكانما هى صماء بكماء لا تسمع انين كل ما حولها ..خياراتها تساقطت من بين يديها ومعين الافكار ربما نضب عندها فلم تعد تملك فكرة ولا عبقرية ولا منهجا وانما كل الذي تدير به شان الناس كانما هو خبط عشواء او (قطع اخضر) بلا ترتيب او تخطيط او بلا رؤى استراتيجية .. فلا عجب اذن ان يطول انتظار (محمد احمد ) وهو حالم بالفرج القريب . .
فالحقيقة هى اننا بتنا نتوارث بؤسا علي بؤس ..يا للهول زيادات اخري في الاسعار علي ضروريات (محمد احمد) اوهنت قواه (وكسرت عظمه) فاتسعت الحاجة الى الغاز والكهرباء ووقود السيارات فاصابت (محمد احمد) في مقتل وهو في صبر نبيل يتصل ليله بنهاره عله يكافي مطلوبات الحد الادني من معاشه اليومي , بجهد مضاعف وحيل ماكرة فسقط رهانه في سباق غير متكافي مع معادلات المال والاقتصاد وحتى البشرى والوعد الذي حملته اجواء الحوار الوطني ومخرجاته تبددت واصبحت هباءا منثورا , فلم تعد لمحمد احمد حاجة ولا بشري تنتظره في حوار معطوب او مخرجات “تائهة” وبلا قيمة بالرغم من ان شركاء الحوار هذا اوصلوا ليلهم بنهارهم وهم متحلقين على مدى اكثر من عامين سكبوا فكرهم حبرا على الاوراق وانتجوا للسودانيين اكثر من (900) توصية او مخرجا لما نحن فيه ..ردحوا كثيرا ..وجعجعوا ولكننا لا زلنا في انتظار “الطحين” .
صحيح ان الدولة مازومة في ذاتها وان قواها السياسية غارقة الي اذنيها في اوحال (ساس يسوس) كل كيان فيها يحاول ان يبني امبراطوريته الخاصة فيما غير مبالاة بقواعدهم او موكليهم الذين منحوا هؤلاء “القادة” تفويضا وشرعية ولكنهم اقاموا جسورا للفصل والتمايز بين شعب حائر وحكام لا يبالون , رغم ان السودانيين كتبوا في ادبياتهم القديمة انه (ليس في شرعتهم عبدا ومولى) ” .
نعود ونقول ان اسوا ما في هذه الزيادات “الفاجعة” ربما وسعت المسافات الفاصلة بين الشعب وحكامه وبين احتياجات المواطن وميزانياته الخاوية فتلك هى الوضعية التي جعلت ما بين الحق والباطل خطوطا واهية ان لم تكن معدومة تماما لان الجوع حينما تشتد وطأته علي البطون الضامرة سيرتد كفرا واجراما وهلاكا ليس علي الصعيد الفردي فحسب وانما حتي علي مستوي الدولة .
كان بالامكان ان تخفف هذه الصدمة علي المواطن لو ان هؤلاء الذين هندسوا وانتجوا هذه الزيادات وجهوا كل هذه الخيارات ناحية (الجيوش الدستورية) في الدولة وقلصوا من عدتها وعتادها واتبعوا منهج الترشيد في الصرف الكيري والتوظيف السياسي والقبلي او انها شددت من قبضتها على ولاية المال العام وردعت المفسدين وجعلت من القانون هيبة وسيادة للدولة , لكن يبدو ان كل هذه الفضائل والقيم قد غابت تماما علي حكامنا واهملها كذلك الفكر الاقتصادي الرشيد .

الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..