خليل فرح (2)

٭ أواصل الوقفة مع ديوان خليل فرح الذي حققه علي المك بمناسبة الذكرى 97 لرحيل صاحب الديوان وكنت بالأمس أوردت الكلمة التي كتبها الراحل علي المك تمهيداً للتحقيق والتي قال في آخرها والمقدمة التي ستلي هذا التمهيد ليس فيها زعم بمعرفة نقد الشعر وليست هي دراسة ولكنها كلام والسلام.
٭ في الحقيقة الذي جاء في المقدمة ليس كلاماً والسلام ولكنه دراسة من فنان مبدع لكلمات فنان مبدع آخر من علي المك لكلمات خليل فرح.
٭ علي المك قسم المقدمة إلى أقسام تحدث فيها عن المولد والنشأة وخص جزيرة صاي بوقفة أبرزت موقف خليل من الطبيعة ومن الاستنارة فقد قال قصيدة بمناسبة زيارة البرنس اوف وليز للسودان في رحلة صيد ومن أبياتها:
يا صايد الأنام المولى عاطينا
طبيعة غنية في بواطينا
ما أخصب جزائرنا وشواطينا
وخيرات الجزيرة الدفقة من طينا
٭ في غمرة التغزل في الطبيعة لا ينسى أن يذكر الزائر بما فعله ويفعله أهله بالوطن الحبيب:
ما تهمك مدارسنا ونوادينا
أهلك أهملوا تأسيسه عامدينا
ساد الجهل وسادت به عوادينا
وعم الفقر مداينا وبوادينا
٭ من المحطات التي وقف عندها علي المك «العلة» التي أودت بحياته والتي تعامل معها بواقعية وصبر انها علة السل الرئوي التي أشار إليها في قصيدته الشهيرة عزه في هواك:
عزه جسمي صار زي الخلال
وحظي في الركاب صابه الكلال
وقلبي لسه ما عرف الملال
أظنه ود قبيل وكريم الخلال
٭ وأيضاً وفق علي المك مع الوظيفة التي شغلها خليل فرح في مصلحة البوستة والتلغراف قسم الصيانة وأشار علي الملك إلى أن في سجل خدمة خليل فرح ما يشير إلى ان علاقته مع رؤسائه لم تكن حسنة تماماً فقد كتب المراقب الميكانيكي للبوستة والتلغراف في 15 أغسطس 5191م خطاباً للمدير يذكر فيه أسفه ان خليل أفندي فرح كثير الغياب والتأخير رغم النصح بل التحذير وأنه لم يحضر للمكتب واتصل بالتلفون يقول انه لم يدرك الترام.. ويوصي المراقب واسمه هوكس بعقابه عقاباً صارماً إذ ان النصح لم يجد معه نفعاً.
٭ وفي المقدمة خصص علي المك حيزاً كبيراً للخليل في ساحة الشعر والغناء وفي هذه كأنه استصحب معه مقولة حكيم الصين كونفشيوس في قوله «انني لا أحفل بالذين يضعون للناس قوانينهم ودساتيرهم ولكني أحفل بالذين يضعون لهم أغانيهم» وأورد ما كتبه اسماعيل العتباني في فراش خليل فرح.
٭ ولكن شد ما ينقبض له القلب هو ان الغناء عندنا خال من العنصر الانساني السامي عنصر الوطنية والايمان بالحق والذود عنه لذلك نجد نفوس الجماعة في غنائنا خالية من جذوة المثل الصبا منغمسة في بحور المادة وكل ما يصيب شهواتها وبطونها من متاع..
٭ وجاء خليل ومن معه وجاهدوا لمحو ذلك الاسفاف وتلك الركاكة وذلك الضعف. ويري المبارك ابراهيم ان تاريخ الأغاني السودانية في مبتدئه لا يعترف إلا بوجود الزعماء المجودين الثلاثة ابراهيم العبادي.. صالح عبد السيد أبو صلاح.. وخليل فرح وهذا قد اتسم شعره بصفة عامة بحب الطبيعة والوطن وتقول ان القصيدة تصدر عنه بلحنها مثلما هو يشفق عليها ان تقع في أيدي العابثين فكانت الحانه فريدة والعمل الغنائي يخرجه خليل فرح كاملاً كلمات ولحناً وغناء والذي أسماه المبارك ابراهيم تهذيباً انه كان في واقع الأمر ثورة.
أواصل مع تحياتي وشكري

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..