جبال النوبة …( إعادة اختراع العجلة) !!

قضية جبال النوبة … (إعادة اختراع العجلة )!!
تقرير … حسن بركية
[email][email protected][/email]
لسنوات متطاولة ظلت منطقة جبال النوبة عصية علي الحكومات المركزية المتعاقبة فهي دائما في حالة ?? ثورة?? تتغير الصورة ويبقي الإطار، برتكول نيفاشا حول المناطق الثلاث عزز حالة الإنقسام في المنطقة، طيلة الفترة الإنتقالية كان الإنقسام قائماً والصراع متواصلاً بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، علي الأقل نظرياً كان التقسيم يفرض وجوده ، القبائل العربية مع المؤتمر الوطني والنوبة مع الحركة الشعبية رغم وجود بعض الإستثناءات.
وكانت منطقة جبال النوبة طيلة فترة الحرب مسرحاً لتصفية الحسابات بين الحكومة والحركة الشعبية فهم في نظر الحكومة مع التمرد ولذلك تعرضوا لكل أشكال العنف والتصفيات الجسدية ومن الجانب مع الحركة الشعبية كانوا عظم الجيش الشعبي وأبرز ضحايا الحرب وقضت الحرب علي الأخضر واليابس في المنطقة وبعد نيفاشا لم تحظ المنطقة بنصيب وافر من التنمية يتناسب مع حجم التضحيات والخراب الذي لحق بجبال النوبة.
ومنذ إلغاء أتفاق أديس أبابا الإطاري بين الحكومة والحركة الشعبية ? قطاع الشمال في يونيو من العام الماضي دخلت منطقة جبال النوبة مرة أخري في دائرة الحرب وأحدث الصراع خسائر لاتقدر بثمن وبدا واضحاً أن الرهان علي الحرب رهان خاسر وخاصة أن قيادات بارزة في المؤتمر الوطني ظلت تدق طبول الحرب وراهنت علي القضاء علي الحركة الشعبية ? قطاع الشمال عسكرياً والآن رغم مرور 12 شهر علي بداية الحرب لاتزال المعارك مشتعلة والنصر العسكري الحاسم هدف بعيد المنال ،عاد المؤتمر الوطني مرة أخري لذات الخيارات المجربة ?التفاوض مع بعض القيادات المنسلخة لإضعاف الحزب الرئيسي وهناك تجارب لام أكول ورياك مشار وكانت المحصلة (صفر كبير) وفي إطار الخيار الجديد ?القديم إستقبل المؤتمر الوطني خلال الأسبوع المنصرم قيادات الحزب القومي بالخارج وضم الوفد ثلاثة من قيادات النوبة بالخارج منهم محمد أبوعنجة أبو راس الذي قال في تصريحات صحفية فور وصوله (جئنا إستجابة لنداء الوطن وليس رغبة في المشاركة).
وهنا تطرح العديد من الأسئلة نفسها ماهي الإستجابة لنداء الوطن ولماذا الآن وماهي آليات الوفد لتحقيق الأهداف التي ذكرت وعلي رأسها إيقاف الحرب وإقامة حوار نوبي ? نوبي وخاصة أن الوفد جاء عبر بوابة أحد طرفي الصراع ?الحزب الحاكم وكل تصريحات قادة الوفد فيها هجوم علي الطرف الآخر ?(الحركة الشعبية ?الحلو) كيف يمكن أن تقوم بمبادرة وأنت متحيز لفئة؟. يقول الدكتور صديق تاور الوفد الذي وصل من أبنا جبال النوبة يتكئ علي رصيد لايستهان به ولهم وزن وأرضية جماهيرية ويضيف تاور الوفد جاء تلبية لدعوة فردية ولكن هناك صعوبات سوف تواجه مبادرة الوفد لأنه علي قطيعة مع أحد أطراف الصراع (جماعة الحلو) الحركة الشعبية ? قطاع الجبال. بعيداً عن رؤية تاور هناك مشاكل أخري تواجه مبادرة الوفد وأول هذه البوابة التي دخل بها الوفد والتصريحات المنسوبة لأعضاء الوفد وهي معظمها مهادنة للوطني وفيها نقد لاذع وإتهامات للحركة الشعبية ? الشمال ولعبد العزيز الحلو بصورة شخصية وهذا الوضع يصعب مهمة القيام بمبادرة لحل المشكلة.
وعاد المؤتمر الوطني لسيرته الأولي المتمثلة في صناعة أحزاب بلاقواعد وقيادات بلا تأثير والتفاوض معهم. وهنا تحضرني مقولة إينشتاين عن الغباء ?? فعل نفس الشيئ مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات مع إنتظار نتائج مختلفة?? ،علي سبيل المثال عمد المؤتمر الوطني إلي صناعة حزب الحركة الشعبية ? جناح السلام وقال رئيسه الفريق دانيال كودي في أكثر من مناسبة أن بحوزته مبادرة من أجل إيقاف الحرب وفي نفس الوقت هو علي خلاف وقطيعة مع الحركة الشعبية وظل يهاجم قادة الحزب بإستمرار ووقع دانيال كودي في تناقضات كبيرة ودانيال كودي داعية السلام الآن قال من قبل في حوار مع صحيفة الرأي العام في يونيو من العام قبل الماضي وكان وقتها في الحركة الشعبية ((حال حدوث الانفصال فنحن لدينا الخيارات كافة متاحة بالنسبة لنا ولكن بإرادة شعبية، وأمامنا أن نكون في الجنوب أو الشمال أو أن نكوّن دولة أو صيغة نرتضي عليها بدون حرب، وليس صحيحاً أن الناس فترت من الحرب وأنا أتحدث معك الآن وفي داخل غرفتي هذه كلاشنكوف) والآن دانيال كودي ضد الحرب ومع السلام وضد رفاق الأمس.
هذه القيادات كانت مؤثرة في الماضي هكذا بدأ مكي علي بلايل حديثه ل(الجريدة) وأضاف وفد قيادات النوبة القادم من الخارج ضم قيادات كانت مؤثرة في الماضي أنا علي صلة مباشرة بهم ولكن تصريحاتهم تقول أنهم مع السلام وضد الحرب صحيح هم ليسوا علي صلة بقادة الحركة الشعبية ولكن هناك من يرغب في الحوار من القيادات الاخري في الحركة الشعبية.
وتصب التطورات الأخيرة فيمايتعلق بالصراع في جنوب كردفان في خانة الأخبار الغير سارة للمؤتمر الوطني ، الحرب دخلت عامها الأول دون الوصول لنتائج حاسمة والقرار الأممي 2046 نفض الغبار عن أتفاق -عقار ?نافع وإعترف بالحركة الشعبية ? قطا الشمال وبالأمس كان حضورعقار وعرمان لأديس أبابا تدشيناً دولياً لوضعية الحركة الشعبية ? قطاع الشمال. ودفع تطاول أمد الحرب كل الأطراف المحلية والدولية لإعادة النظر في موضوع الحرب في جبال لنوبة وذهبت الرؤي التي كانت تصور لقادة الحزب الحاكم أن الحرب هناك ستكون نزهة تنتهي بالقضاء علي الحركة الشعبية إلي سلة المهملات وكانت وسائل الإعلام العالمية قد نقلت تصريحات عبد العزيز الحلو لقلوبال بوست عندما قال (لا يمكن هزيمتنا ولو بعد 100 عام، فهذا الجبل الصغير يعادل 50 دبابة) .
يقول صديق تاور عبد العزير الحلو مسيطر علي الحركة الشعبية ? قطاع النوبة ولكن هناك من له رغبة في الحوار من أبناء الجبال في الحركة الشعبية ويضيف تاور مشكلة وفد أبناء النوبة الزائر في الحوار مع الحركة الشعبية والتجربة تقول أن المؤتمر الوطني دائماً يعمل علي تجيير كل المبادرات لصالحه وهو الآن يحاول تسخير هذه الزيارة إعلامياً. ويري مكي علي بلايل أن زيارة الوفد كانت ستحقق نتائج أفضل لو جاء الوفد بطريقة مستقلة ويضيف بلايل قضية جبال النوبة ذات أبعاد تنموية ومظالم اقتصادية ولذلك ليس مهماً التوقف عند المصطلحات (جنوب كردفان أم جبال النوبة). ولكن تاور كان أكثر وضوحاً في هذه الجزئية وقال ? هي مشكلة جبال النوبة في شكلها العام لأن الحرب دائرة في جغرافية جبال النوبة ولكن المشكلة تعني كل مكونات المنطقة السكانية والقبلية.
وتظل قضية جبال النوبة مشتعلة وأنهار من الدماء والدموع تسيل بحثاً عن مرافيئ الحلول مابين الخرطوم وكاودا وجوبا وأدريس أبابا.
كلام يعكس وجهات لنظر الذين أدلوا بدلوهم من الخرطوميين والأمريكان وحتى الجباليين بحيادية بناءة من الوجه الإعلامي .. ولكن لم نجد فيه ما يشير إلى “إعادة النوبة إختراع العجلة” .. تشكر على العرض المحايد ..