الحلم الأمريكي في الخرطوم

في هذه الايام نجد دعوات التقديم الهجره الي أمريكا ( اللوتري)
عبر ملصقات ويا فطات محلات التصوير الفوتوغرافي منتشره في كل مكان في الخرطوم
تأتي الدعوات هذه المره مع تباشير رفع الحظر الاقتصادي عن السودان الذي دام
لأكثر من عشرين عاما
دعوات كانت في الماضي تدعو الي نبذ أمريكا فهي بلد الشيطان الاكبر
عبارات مثل)أمريكا قد دنا عذابها ) وغيرها من العبارات لطاما كنا نسمعها في فتره التسعينات
فنحن من جيل ( الانقاذ ) شبينا عن الطوق علي هذه العبارات وتربينا عليها
كنا نرددها كثيرا في المدارس في طوابير الصباح
ومعسكرات التجنيد واحيانا في المسيرات الهادره في قلب الخرطوم
عبارات كانت لها تاثيرها وايقاعها الخاص لدي البعض منا
و كان البعض يتوق الي الجهاد الي العلو والسمو ونيل الشهاه
كانت سنوات حالكه السواد مليئه بالتوتر والتربص والعدوان
و حادثه ضرب سلاح الجو الأمريكي لمصنع الشفاء للأدويه بالخرطوم بحري
ليست ببعيده عنا
ولكن مرت السنوات ,وتغير الحال وتغير العالم من حولنا
ومرت مياه كثيره تحت الجسر
واليوم كل ستد يوهات التصوير الفوتوغرافي في الخرطوم
في حاله وهج موسمي فريد تعيش الحلم الأمريكي مع اولئك الناس
البسطاء الذين يتوافدون بشكل راتب ويومي الي ستديوهات التصوير
ناشدين الأمل والحظ في الحصول علي البطاقه الخضراء والعيش في أمريكا
قال لي احد المقدمين وهو شاب عشريني يافع عندما سألته لماذا يريد
الذهاب الي امريكا قال انه لايريد ان يحسن وضعه الاقتصادي بقدر ما يريد ان يعيش الحلم
فهو يحب المغامره علي حد قوله
وفتاه اخري تحلم بان تكمل دراستها فوق الجامعيه و تبني أسره سعيده هناك في أمريكا
وشاب اخر في نهايات سن المراهقه يهوي اغاني الهيب هوب اخبرني بانه يتمني
ان يعش وسط نجوم الغناء والفن في أمريكا وفي باله
(ماريا كاري , بيونسي , ريانا , جنفير لوبيز , , ليل جون , فاريل ويليامز, واخرين)
واخبرني شاب اخر مثقف علي مشارف الاربعين من العمر بان هذه هي المره الثالثه التي يقدم فيها
ولم يحالفه الحظ في المرات السابقه واخبرني بانه سوف يظل يقدم في برنامج الهجره العشوائيه اللوتري لاخر لحظه من عمره
فهو قد يخسر مره ومرتين ولكنه لن ينهزم ولن ينكسر الحلم الذي في داخله فهو يبدو لي مثل بطل روايه العجوز والبحر للكاتب الأمريكي ارنست همنغواي الذي صارع سمكه القرش في عرض البحر حتي النهايه ولم ينكسر
أمريكا علي كل حال يا أصدقائي
هي ذاك البلد الملئ بالجنسيات والعرقيات من كل بلد ومن كل دين ومن كل لون هناك الكل لديه فرصه متساويه
في النجاح علي اساس واحد فقط هو مدي تفوقه بغض النظر عن واسطته او عرقه اوجنسيته او حسبه ونسبه
فأمريكا هي بلد الفرص والخيرات الوفيره
و الدستور الأمريكي هو الضامن وهو الاساس الذي تنبعث منه الروح التي تغذي هذا الحلم الأمريكي وينص علي ان لكل مواطن الحق في المساوه والحريه وبالتالي ديمقراطيه هذه البلد توفر كافه الحقوق لمواطنيها والقاطنين فيها وكل هذا ينعكس علي سلوك السكان وعلي توجهاتهم الاقتصاديه والاجتماعيه و الثقافيه
والتعدديه هي ميزه تتميز بها امريكا دونما باقي المجتمعات الاخري في العالم ويعد هذا المناخ بالتالي من اهم ركائز وجود مفهوم الحلم الأمريكي الذي يتطللب ظروف معينه وارضيه مواتيه لكل ينمو ويترعر بدون قيود تحد من تحقيقه
أقول للذين قدموا للهجره هذا العام
ولمن يريدون ان يتمتعوا بالعيش بكرامه وبسعاده وبحريه في امريكا أقول لهم من حقكم ان تحلموا
فنحن محكمون بالأمل , ولايوجد مستحيل تحت الشمس , و لكن عندما يتحقق الحلم الذي في دواخلكم
ارجوكم يأ أصدقائي لاتنسوا وطنكم السودان , واذكركم بمقوله الاديب الراحل الطيب صالح
( آه , أي وطن رائع يمكن أن يكون هذا الوطن, لو صدق العزم وطابت النفوس وقل الكلام وزاد العمل)



