أخبار مختارة

ما هو سقف توصيات آلية مبادرة حمدوك؟

صلاح شعيب

مشكلة السيد حمدوك الأساسية هي أنه يبحث عن الضوء بينما هو يملأ أرجاء ناظريه. فهو قد أتت به ثورة، ومنحته بثقة مطلقة التفويض الكامل لاتخاذ ما يراه مناسبا في الجهاز التنفيذي. فكيف إذن يعود لنا بعد عامين ليحدثنا عن ضرورة عقد إجماع حول كذا، وكذا، من القضايا العالقة، وكأن التفويض الذي حاز عليه لم يكن من ثورة أجمع عليها شعب السودان؟. وقد توقعت أن صديقنا ياسر عرمان سيكون أكبر معين لرئيس الوزراء في المضي قدما لتحقيق الممكن خلال عامين قبل انقضاء تفويضه. ولكن يبدو أن الأستاذ عرمان لن يعين في هندسة ما أخفاه حمدوك من وضوح مطلوب، وشفاف، مع الثوار في ما خص شمل الإسلاميين في مركب الشركاء، أم لا.

حمدوك يدرك حقا أن الوثيقة الدستورية قررت عقد الانتخاب الذي سيكون بعد عامين، كما جزم وزيره لشؤون الرئاسة الأستاذ خالد عمر. إذن فليس أمام الدكتور أي وقت كثير ليضيعه في تكوين لجنة المبادرة، والتي تنبثق عنها لجان، ولجان..لتتوصل إلى ماذا؟ ..الله أعلم. وما دام العامان سيمران سريعا فأمام حمدوك وقت قصير لإنجاز ما لم ينجزه أللهم إلا لو أننا موعودون بتمطيط جديد للفترة الانتقالية قد يتجاوز الخمسة، أو الستة أعوام، أو قل عشرة فمن يوقف النافذون سلطويا عن رغائبهم في غياب المحاسبة البرلمانية؟. وما الذي يمنعهم عن تجاوز الوثيقة – على عينك يا تاجر – ما دام هؤلاء النافذون قد رموا بفكرة المجلس النيابي المعين عرض الحائط.؟

بجانب كل هذا فإن التنظير الذي احتوته ديباجة المبادرة حول معضلات منعت توافق “الكتلة التاريخية السودانية” ليس شغل حمدوك بالأساس، والإحساس. فالمؤتمر الدستوري الذي اقترحته الوثيقة الدستورية هو الوحيد الذي ستنعقد له الولاية، والأهلية، في بحث هذه المعضلة التاريخية لنظام الحكم، وهناك معضلات أخرى تتعلق بهيكلية الدولة السودانية هي معقدة، ومتفرعة.

فحمدوك ولأن لديه مجرد عامين فقط فإنه بحاجة إلى تجويد أدائه التنفيذي الآن، وهذا هو معنى، ومظان، تفويضه الثوري. فصميم فكرة مبادرته التي جاءت معممة بحيث أن تبين الشياطين في التفاصيل لن تسعفه توصياتها في ضبط الأداء الوزاري الآن. فهناك إخفاقات اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وإعلامية، ودبلوماسية، إلخ تحتاج فقط للمعالجة التنفيذية، ولا أظن أن خلاصات المبادرة تمثل أولويات أفضل من أولوية معالجة هذه الإخفاقات.
الملاحظ أن العضوية الذكورية بنسبة ٩٥ من المئة لآلية المبادرة ضمت تقريبا معظم المؤيدين للشركاء في الحكم الانتقالي، وإذا كان الأمر كذلك أفلا من الأفضل توفير الوقت، والطاقة، إذا تركوا لمجلس الشركاء البديل للمجلس التشريعي نفسه مهمة إيضاح أمر المبادرة، وقيادتها لخواتيمها، حتى يتفرغ الدكتور لشأنه التنفيذي، وما أقسى المهام المدرجة في جدول أعماله!.

دعك من كل هذا لنسأل عن أقصى سقوف التوصيات التي ستخرج بها مبادرة رئيس الوزراء: هل ستصدر توصية بالمصالحة مع الإسلاميين مثلا، هل ستقنع الحزب الشيوعي، وتجمع المهنيين – المهمشين دون عضوية الآلية – للعودة للمشاركة في السلطة؟ وهل تحل التوصيات قضية جيوب الاقتصاد العسكري، والامني، وهل تضع حلولا للإصلاح الاقتصادي العام بعيدا عن الروشتة المعمول بها حاليا، وهل ستعيد السلام على مستوى الأرض، وهل تنادي بتنظيف الدولة من عضوية المؤتمر الوطني؟ إلخ “الهلات”.

إن الناظر للمشهد السياسي اليوم يلاحظ أن مشكلة الفترة الانتقالية واضحة، ولا تحتاج لبحث، أو نظر استثنائي، أو خارق. فهناك كتل ثورية متنائية لا يجمع بينها رابط، وضف المكون العسكري الذي آلت إلى مسؤوليته الشرطة، والأمن. وهناك مجلس الشركاء الذي جمع جزء من مكون قوى الحرية والتغيير، والعسكر، والحركات المسلحة، وحمدوك.

وأهداف هذا المجلس المعيّن بذكاء متناغمة حتى الآن. وعلى الجانب الآخر هناك جزء من مكون الحرية والتغيير، وجزء من الحركات المسلحة، يقفان على نقيض أهداف مجلس الشركاء، وكما نعلم أن نصفاً من قحت وعد من قبل بإسقاط شراكة المجلس، وسلطته المتضامة. وعلى ناحية ثالثة هناك معارضة الحركة الإسلامية بشقيها الوطني، والشعبي، فضلا عن اتجاهات معارضة أخرى، وهؤلاء يقترب من هدفهم الاستراتيجي سياسيون ليسوا بإسلاميين…سقط بعضهم مع البشير، وآخرون تخلوا عن النظام في الساعة الخامسة وعشرين.

هل تريد مبادرة حمدوك مثلا عجن كل هذا الخبيز السياسي ووضعه على طاولة المشهد السياسي مثلا حتى تتغذى به القيادة الرشيدة للبلاد؟

عملياً، هناك استحالة في توحيد كل هذه النثارات المجتمعية لكونها تمثل جيوبا لمصالح جهوية، وعسكرية، وذكورية، وأيديولوجية، ومجتمعية، موروثة منذ الاستقلال، وأخرى حديثة لا شك. والسؤال هو: إذا كان حمدوك قد عجز في توحيد المكونات التي ساهمت في إسقاط سلطة البشير بهدف إنجاح الفترة الانتقالية فكيف تستطيع مبادرته توحيد أهل القبلة السودانيين جميعهم في مقابل بقية الكتل السياسية غير الثورية؟

عودا إلى بدء: الضوء واضح أمام حمدوك. فأمامه يرى حربا شرسة ضد سلطته يقودها الإسلاميون بطوائفهم كافة، وجزء من قحت ترى بوجوب إسقاطه، ولا مانع في الحوار معه في ذات الوقت، وهناك مكون عسكري يمشي خطوة لدعم الانتقال الديموقراطي وخطوتين لتعويقه.

لو أن قصرت مبادرة حمدوك هدفها على توحيد المكونات الثورية التي قادت الثورة عبر إعلان الحرية والتغيير فإن ذلك يبقى أمرا واضحا وواجبا لدعمهم. ولكن أن تصل توصيات المبادرة إلى تفريق دم الفشل القيادي على الكتلة التاريخية التي يجد فيها الإسلاميون مقعدا ضمن تحالف الراغبين في الشراكة، فذلك بعض من توقع أرجو أن يخيب بشدة.

[email protected]

‫9 تعليقات

  1. ما تمنيت خيبته لن يخيب لان كل القديم القاتل للوطن بدا يتجمع واخره الذي وصل للتو من الشمال العدو التقليدي potential enmy

  2. فعلا الأمر لا يحتاج لتفويض أو مبادرة جديدة اطلاقا، فهو مفوض من الشعب وليس بحاجة لضياع وإهدار المزيد من الوقت، وإلا كان الأجدر اتخاذ قرارات فعالة وجريئة تكنس وتزيل العقبات التي تعترض المسيرة وهي واضحة وبينة.

  3. آلية تنفيذ مبادرة حمدوك تشمل 71 عضو بس ما كان تتمهم 100عضو او حتى 1000 عضو ولا اقول ليك خليهم 10000…!!!

    شايفك عينت الهدافين كابتن جكسا وفيصل العجب،، ما في ممثل للمدافعين وحراس المرمى…؟؟؟

    ….. غير فضل الله برمه ما شايف اي عسكري عضو في اللجنه وين العميد ودالريح،، وين اللواء المصادم احمد إدريس، وين محمد صديق صاحب مقولة الرهيفه التنقد، الذي تم فصله من الجيش بواسطة الكباشي لوقوفه مع الثوره.وين اللواء عثمان عبدالله..

    تاني جبريل ومناوي وحجر ممثلي قبيلة الزغاوه يعني دارفور كلها ما فيها غير الثلاثي المرح دا،،،؟؟؟!!!

    .. هذا عبث ومضيعة للوقت واهدار للاموال يا حمدووووك انت رئيس حكومة الثوره ويحق لك اتخاذ القرارت الثورية التي تصب في مصلحه الثوره بدلا من ال عشرومية مستشار من الإنقاذي فيصل محمد صالح لقريبك. ادم بخيث ولم تكتفي بكل هذا العدد من المستشارين،، وافقت على ما سمي بمجلس الشراكه واليوم اتحفتنا بمجلس آلية تنفيذ مبادرة حمدوك..

    كل ما قمت به يا دكتور حمدوك تعيين اللجان، ،والمجالس،، واليات المبادرات وصرف بذخي دون اي نتائج مرجوة…

    .. دونك يا عبدالله حمدوك لجنة فض الاعتصام التي كونتها قرابة الثلاث أعوام برئاسة الوضيع الرعديد المرتشي نبيل أديب والتي ما زالت تحصد الريح…

    … لا أمل مرجو من حمدوك ،لم يكن في مقام الثورة بل تم تعينه لوأد الثوره وافلات الكيزان اللصوص القتله من الملاحقه والعقاب وتم له ما أراد

  4. مزيدا من الخيبات واللجان والعبث الثوري
    الحل كما قال الامام الحقاني عليه شابيب الرحمة
    اي كاني ماني أنتخابات عاي طول وتفويض شعبي
    اهو ده الكامي ماني زاتو
    لن يقوم المجلس التشريعي والذي اصبح بلا قيمة او فائده تزكر
    ما هي الاسس لقيامه
    سيتسلل الفلول والكيزان عبر الاجسام الهلامية المطلبية كما تسللوا في ولاة الولايات كماحدث في ولاية القضارف والغريق لسة فسمبلة الولاية الشمالية مؤتمر وطني ولها وثيقة منشورة اثناء وجودها في الدراسات العليا بجامعة دنقلا
    بالعقل كدة ان تسللوا في اختيار ١٨ والي فأي عبث ينتظرنا في مجلس يضم المئات
    حمدوك راح ليهو الدرب في الموية بعد كنس شلة المزرعة من اليسار المغاضب واتي بياسر عرمان ومعه خلافاته العميقة في الجبهة الثورية ليزيد نار التشظي والخلاف حطب جديد
    الحل في انتخابات عامة لايسمح فيها لاي شخص شارك النظام في الثلاثين عاما الماضية من المشاركة فيها ورد الامر للشعب السوداني لاختيار قادته والسلام اي كلام غير كدة لولوة وسواقة بالخلا

    1. تسللوا بالفعل

      **الان الارزقي مناوى ضم العديد منهم للجانه الهلامية الكلامية الفشوش

      **سيصرفون المخصصات والحوافز والرواتب والسكن والترحيل والسيارات والبترول والصيانة والسفر داخليا وخارجيا ببدلاته ونثرياته وهم (الكيزاااااااااااااااان) الذين ثار الشعب لكنسهم

      **من يحاسب هذا المناوى المركب مكنة (ملك للسودان)

  5. ياجماعه فهمونا نحن راح لينا الدرب…!!! بطء شديد في كل شيء، في مجلس السياده ، في مجلس الوزراء، في المستشارين المعنيين حديثا … ما في ناس شغالين غير لجان التفكيك الثوريين، أمد الله في جهدهم واعمارهم… اليوم ١٧ أغسطس ٢٠٢١ موعد قيام المجلس التشريعي، أين هو؟؟؟ * بل أين رئيس القضاء الجديد ، واين النائب العام الجديد، واين المحكمه الدستوريه، واين محاكمات القتله والفاسدين من العهد البائد… ؟؟؟ الحاصل شنو يامن سلمناهم أمورنا؟؟؟ فيدونا بالحاصل افادكم الله!!! ولو عايزننا نترسها ونطبق العصيان المدني تاني، مستعدين نعملها… تحسبو لعب ؟؟؟!!!

    1. الدرب راح ليهم زاتو
      لانهم ناشطيين سياسيين وليسو رجال دولة لانهم صحفي غفلة واشاعات وصحافة صفراء ويستسهلون الكلام ويرسلون الاشاعات المغرضة وليسو صحفي بروفشنال يلتزمون المهنية والصدق والجدية والتغصي
      لانهم من احزاب انا ماكوز وانا ماشيوعي ولكن افعالهم واقوالهم النتنة اشبه بافعال اسلافهم الكيزان الملاعين والشيوعيون الموهومين
      الحكم والكتابة تتطلب الاستقامة الاخلاقية والتاهيل الاكاديمي والسياسي والتجرد ونكران الذات وهم يفتقدونها فليس كل من يحمل المؤهل العالي يشترط فيه النجاح المهني والسياسي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..