ما بين النظم الملكية والجمهورية

بروفيسور محمد زين العابدين عثمان

تعرضنا فى الحلقة الماضية أن النظم الملكية هى أرحم بشعوبها من النظم الجمهورية وأن الحريات فيها متاحة نسبياً أكثر من النظم الجمهورية وأن الأرهاب فيها أقل أيضاً أقل من النظم الجمهورية. وسنحاول فى هذه الحلقة أن نعدد مساوئ النظم الجمهورية مدنية أو عسكرية ومقارنتها مع النظم الملكية فى مجالات الكبت والأرهاب والعنف والحروب والفساد. ونتعرض هنا لكلا النظم الجمهورية المدنية والعسكرية فى دول العالم الثالث وخاصة عالمينا الأفريقى والعربى.

لو نظرنا فى عالمنا العربى للعراق فى عهد الملك فيصل وفى العهود التى بعده منذ انقلاب عبد الكريم قاسم ومرورأ بعهد الأخوين عبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف وأنتهاءً بحكم البعثيين فى عهد صدام حسين وهى عهود كانت أكبر مصداقية لعهود الكبت والأرهاب والقتل وأنعدام العدالة كدولة بوليسية بحتة أسامت شعب العراق سوء العذاب قتلت أبناءه واستحيت نساءه وأنتشر الفساد فى كل النخبة الحاكمة وبلغ قمته فى أبناء صدام حسين عدى وقصى هذا غير استشراء الفساد الأخلاقى الذى كان يمارسه منسوبى الحزب الأيدولوجى الحاكم. هذا غير أنه أدخل وطنه فى الحرب الأيرانية ليلهى شعبه عن كل مساوئه وسواءاته ليضمن أستمراره فى الحكم بمثلما يفعل نظام البشير حالياً فى السودان. هذا غير تدخله فى شئون الدول الأخرى وهذا هو شأن كل الجمهوريات العسكرية الأيدولوجية وفى هذا المنحى مات خيرة الشباب العراقى بالملايين ودمر وطنه وفتح باب الذرائع للتدخل الأجنبى عسكرياً بمثلما تدخل هو فى الكويت عسكرياً.

والمثال الآخر للنظم العسكرية الأيدولوجية فى عالمنا العربى هو النظام الناصرى فى مصر. وهذا النظام غير أنه كان حكماً ديكتاتورياً شاملاً كبت الحريات وقتل وأعدم اصحاب الرأى والمفكرين وسام الشعب كل صنوف الكبت وتدخل فى الحرب فى اليمن مما أدى لفقدان خيرة شباب القوات المسلحة المصرية وأدعى تحرير فلسطين المحتلة والقاء اسرائيل فى البحر وكانت النهاية أن ألقت به اسائيل فى البحر فى حرب 1967 وكانت هزيمة شنعاء وسماها هو نكسة ليغطى على سؤاته. تدخل عسكرياً فى كل الدول العربية ببذر تنظيمات الضباط الحرار فى جيوش كل الدول العربية ليتامر على النظم الديمقراطية فى كثير من الدول العربيةلأن أندباح الديمقراطية فى الدول العربية سيكون مهدداً أستمراريته فى الحكم . وأقرب مثال والذى كان مضرباً للخيانة وعدم الوفاء ونكران الجميل من عبد الناصر للنظام الديمقراطى عندما جاء للسودانبعد هزيمته النكراء من اسرائيل فرفع رأسه النظام الديمقراطى القائم فى السودان بمؤتمر اللاءات الثلاث ، جاء مطاطئ الراس ومع ذلك بمخابراته وتنظيمه للضباط الأحرار المغروز فى الجيش السودانى تأمر على السودان بأنقلاب مايو 1969م لوأد الديمقراطية فى جنوب الوادى التى لا يحتمل أن يراها سائدة وهو يحكم شمال الوادى بالحديد والنار وتامر على الملك السنوسى بأنقلاب القذافى فى ليبيا وأنى لأكثر أستغراباً للأحزاب السودانية التى تتسمى بالناصرية بئس للسودانيين بدلاً. وفى كل المسارات كانت هذه النظم الجمهورية كارثة على شعوبها ما زالت آثارها باقية وممتدة فى العراق ومصر ولن تزال آثارهما بسهولة.

واذا تركنا ذلك وأخذنا أمثلة النظم الجمهورية المدنية الغير عسكرية نجد تونس الحبيب بورقيبة وخليفته أبن على كانا أسوأ على الشعب التونسى رغم نضال بورقيبة من أجل تحقيق الأستقلال من فرنسا لشعبه ولكن جاء ليكون كابتاً لهم مثلما كان كبت المستعمرين الى أن ثار على نظامهم الشعب التونسى ليفك أسر نفسه من الأغلال التى كبلهم بها بورقيبة وأبن على والذى فساده فاح حتى أزكم أنوف الأقطار المجاورة له. ولم تكن الجزائر بعد حكم الثوار بأفضل حالاً فحكمت جبهة التحرير حكماً شمولياً أسام الشعب الجزائرى سوء العذاب.ً

واذا نظرنا لعالمنا الأفريقى نجد أن السودان اسوأ النظم الجمهورية العسكرية الأيدولوجى منها والغير أيدولوجى. فنظام عبود قد صعد من الحرب الأهلية فى الجنوب وأراد أن يغير هويتهم بقوة السلاح بل ذهب به الأمر لحرقهم بقتابل النابالم مثل ما فعل صدام حسين فى حلبجة. أما فى العهدين العسكريين الأيدولوجيين فى مايو والأنقاذ فحدث ولا حرج والحال يغنى عن السؤال هذا من غير الكبت والأرهاب والتعذيب فالحرب تدور فى كل اطراف الوطن بسبب توجهات النظام الأبادية. وأذا تحركنا قليلاً جنوباً نجد خير الأمثلة دولة جنوب السودان وملاوى برغم أن رؤسائها كانوا يقودون شعبوبهم أدعاء تحريرهم من الأستعمار سواءاً كان ذلك الأستعمار داخلياً كما يقولون فى حال حكام جنوب السودان أو خارجياً من الأستعمار الأجنبى كما فى حالة ملاوى. والأمثلة فى أفريقيا كثيرُة وأكثرما يميز هذه النظم الجمهورية فى أفريقيا وكقاسم مشترك هو استشراء الفساد بين النخبة الحاكمة فى هذه البلدان الأفريقية لدرجة ندرة أن تجد دولة جمهورية افريقية واحدة تتميز بالشفافية والنزاهة. وامثلة المقارنة تتبدى بصورة جلية بين نظامى الأمبراطور هيلاسلاسى فى أثيوبيا ونظام منقستو فى أثيوبيا. اللهم أجعلنا ملكيين وليس جمهوريين ودبمقراطيين وليس ديكتاتوريين.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا سلام عليك وعلى مقالاتك الرائعة يا بروف واتفق معك تماما فيما ذهبيت اليه!!
    الديمقراطية الثانية فى السودان ايام الازهرى والمحجوب الذين استضافوا المهزوم العواليق عبد الناصر وصالحوه مع الملك فيصل ودعموا مصر بما بستطيعوا وقطعوا علاقاتهم مع الغرب الخ الخ عبد الناصر كان اول المعترفين بانقلاب مايو ويمكن كان له يد فيه مهما اخظأت الديمقراطية فى حكاية حل الحزب الشيوعى وخالفت امر المحكمة الخ الخ ما كان يجب ان ينقلب عليها بل اصلاحها بالنضال المدتى السلمى القانونى والجماهيرى الخ الخ وفعلا انظر الى حال الدول الجمهورية التى حكمت بالانظمة الانقلابية العسكرية او العقائدية الواطية القذرة العاهرة الداعرة الشديدة الباس امام شعوبها واقل شجاعة من العاهرات امام الصهاينة واعوانهم من الدول !!!!
    الف مليون تفوووووووووووووووووووووووووووووووووو يا بروف على اى انقلاب عسكرى او عقائدى عطل التطور الديمقراطى فى السودان وانهم اقسم بالذى فطر السماوات والارض انهم لا ضباط ولا احرار دمروا بلدانهم وشعوبهم بحلاقيمهم الكبيرة وعطلوا التطور الديمقراطى فى بلدانهم وجزمة الانظمة الملكية اشرف واطهر من اى حكم عسكرى او عقائدى واطى وقذر اسود على شعوبهم ونعاج ونعام امام الاعداء الاجانب بالله اتخيلوا مصر لم تتخلى عن النظام الملكى باحزابه ولم يحكمها العسكر كيف كانت تكون والمنطقة من حولها الا لعنة الله على انقلاب 23 يوليو 1952 فى مصر!!!

  2. اين تحن مما تفضلت به ؟ لا فاض فاك __ فهل رجل رشيد بالسودان بعض ان حصحص القول السديد آلا يفقه حكامنا ولا يعون اليس منهم رجل سديد يعي ما ذكرت .

    ولكن اذا اراد الشعب السوداني الفضل ان ننهض ببلدنا اولا يجب ان يكون الآتي:

    تقسيم ولايات السودان للنصف ووتسريح ودمج موظفي وولاة تلك الولايات لتقليل الصرف البزخي على ادارة البلد ويشمل ذلك ايضا الوزاء ومساعدي الرئيس ونوابه والبرلمان التعيس دا للنصف او من كل ولاية خمسة اوست افراد لتكوين البرلمان وذلك لتقليل الصرف من خزينة المواطن .

    تكوين اربعة احزاب بالسودان فقط على الاكثر .
    تكوين حكم رئاسي مثلما معمول به في الغرب تماما .

    فعلى شعبي الفضل التمسك بتلك النقاط للخروج بالسودان وشعبه لمصاف الدول المتقدمة .

    ودا طرح من شخصي الضعيف يا حكومة البشيرة الاغبياء الذين دمرتم الوطن بمن فيه ؟

  3. هل هذا كلام رجل رمتعلم ومثقف ؟ الحكم الملكي يعني حكم بالوراثة كما هو حاصل في بلدان الخليج ..
    وبالرغم من أزمات السودان من التأرجح بين أنظمة عسكرية وديمقراطية الا أنه سيخرج من هذه الحالة بفضل الله الى نظام ديمقراطي أكثر استقرارا …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..