النهب باسم الاستثمار

في كل عام يطل علينا صافي حساب الاستثمار بالقيمة الصفرية وبالسالب تاكيدا على ان من يسمونهم بالمستثمرين ..هم من زمرة علي بابا وعصابته ..
وكيف لا يكون العائد على الاقتصاد صفر وقوانين ولوائح الاستثمار تمنح الاعفاءات الضريبية والجمركية ..والاراضي بعد نزعها من ملاكها السودانيين ..ثم تعطي المستثمرين الحصانة من المحاكم وتبيح لهم استجلاب العمالة الاجنبية ..
والمستثمر يحول ارباحه ..علي داير المليم ..والدولة تعوضه متي ما تعرض للخسارة ..فاي استثمار هذا ؟؟
اما تلك التي تدعي الاستثمارات الزراعية فحدث ولا حرج ..تمنح الارض لمدة 99 سنة قابلة للتجديد ..وبسعر يكاد يكون بالمجان ..والماء من حصة السودان ..وتوصيل الكهرباء من التزامات الدولة ..رغما عن حرمان المواطنين من الكهرباء بألف حجة وحجة ..والمستثمر يزرع كيفما يشاء ويصدر كيفما يشاء ..ولا ضرائب ولا جمارك ..والارض التي تمنح للمستثمر وان كانت مملوكة لسودانيين تنزع منهم ..ولو طالبوا بحقهم ..قمعوا بالقوة المسلحة ?
وفي اي موقع استثماري تغيب النقابة ..ومن يطالب بتكوينها يرمى في الشارع كما حدث للماحي ورفاقه ..والعقود مؤقتة ولا التزام بالتامين الصحي او الاجتماعي ?
لماذا يحدث ما يحدث ..؟ الاجابة نجدها في ثنايا المصالح المتشابكة بين المتنفذين ..بالداخل ..واللصوص القادمين من الخارج ..وهذا سر التسهيلات والامتيازات ..طالما دفعت الرشاوى والعمولات ..
وضرر هذه الحرمنة باسم الاستثمار ..انها عطاء من لا يملك لمن لا يستحق ..وان بعضا من هؤلاء يحصلون على التمويل من البنوك السودانية عن طريق اللف والدوران ..خصما على التمويل الضروري للقطاعات الانتاجية وهذا سر ازمة الاقتصاد ?
والجنيه السوداني عند المستثمرين غير معترف به ..لانهم ان باعوا بعض اصولهم طلبوا السعر بالدولار ..كما هو حال شركات الطيران والسفارات التي ترفض التعامل بالجنيه السوداني عيانا بيانا دون ان يسالها احد ..والسبب لان الجنيه اصبح ورقة ساكت ..تطبعه الحكومة كلما احتاجت للمال ..
فان كانت العملة السودانية بلاقيمة ..فلماذا تدفع الاجور والمعاشات بالجنيه السوداني ؟ لقد كادت المواهي ان تصل للصفر ..الا ان غضب الكادحين آت لا ريب فيه ..والنضال من اجل تحسين الاجور يعني النضال من اجل كنس الانقاذ..
ولهؤلاء التنابلة الذين يحسبون عمولاتهم بالدولار نقول ان الحد الادني للاجور وهو 425 جنيه كان يساوي في يناير الماضي 23.6 دولار ..واليوم يساوي 8.2 دولار ..ومعناه ان الاجور الان تساوي ثلث الاجور في بداية السنة ..ولو زيدت المواهي بمقدار الضعفين لما وصلت قيمتها الشرائية الي ما كانت عليه قبل 10 شهور .
لقد ضرب اهالي الجريف شرق مثلا في التصدي لسرقة ارضهم ..بالدفاع عنها ..وشكلوا لجنة الاعتصام التي نبعت من مقاومتهم ?
ولجنة هنا ..ولجنة هناك ..واعتصام لاحق ..ثم مظاهرة ..تفتح الطريق نحو العصيان المدني والاضراب السياسي وعندها لن تطير الانقاذ وحدها ..بل يطير معها المستثمرون المستهبلون ..ليس الي بلادهم بل الي المحاكم والسجون ..