بين الجيوب العارية .. والجيوب الخاوية !

تحليل سياسي

البعض يسعدهم شقاء الناس .. يتربصون بأى ما سانحة يجد فيها العباد متنفسا ينسيهم بعض هموم الحياة ومعاناتها إلا وهبوا لسد ذلك المتنفس .. وخنق المتنفسين … ولا ينسى هؤلاء بالطبع إستخدام سلاح الدين كهراوة يهشون بها على كل من تسول له نفسه الوقوف أمام حملاتهم التأديبية على المجتمع .. ولنقف عند آخر نمازج هذه الحملات .. عبر ما كتبه السيد الطيب مصطفى .. صباح السبت مفتتحا الإسبوع

بـ ( زفرة ) حرى .. ويبدو جليا أن ما وضعه الطيب كأساس لزفرته تلك لا يعدو أن يكون رواية نقلها اليه أحدهم .. أو ربما سمعها عرضا .. نقول ذلك لسبب بسيط .. أن الرجل وبما كتب لا يمكن أن يكون من مرتادى منتزهات شارع النيل .. فهو يرى تلك التجمعات ضربا من ضروب الفتنة .. وآفة ما بعدها آفة .. كما أن أحدا لم يسمع أن سلطة مختصة قد ضبطت بائعة شاى وهى تدس المخدرات فى اكوابها.. كذلك لم نسمع أن جهة علمية قد أجرت تحليلا مختبريا على بعض شاى شارع النيل وتوصلت الى أن ذلك الشاى يحتوى على مواد مخدرة .. إّذن الأرجح هى رواية سماعية تلك التى أوردها الرجل من أن بعض بائعات الشاى يضعن فيه مخدرا .. وللأسف فالتبعيض هنا لا قيمة له فى غياب التحديد .. لأنه و الحال كذلك تتساوى جميع بائعات الشاى أمام هذا الإتهام الخطير .. فكم من حرائر بريئات قد طالهن الإتهام .. ووجب السؤال .. بأى ذنب أخذت .. عبارة واحدة أطلقها دون تبصر دنست شرف كل بائعات الشاى .. فكيف يلاقى مطلقها وجه الله ..!؟؟

ثم لا ينسى الرجل أن يورد واقعة ما عرف بـ (زواج الشواذ ) ورغم أنها واقعة معزولة لا سابق لها .. إلا أنه يصر أن يتناولها كظاهرة .. وكأن المجتمع برمته قد أصبح من ( قوم لوط ) .. ولا يلتزم الكاتب حتى بقاعدة أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته .. فقد حاكمهم وأصدر حكمه رغم أنف إجراءات التقاضى المعروفة .. ويمضى الطيب مصطفى فى سرد قصص الإنهيار المجتمعى ليتحدث عن إنتشار الإيدز فى الجامعات مستشهدا بآخر تقارير البرنامج القومى للأيدز .. ولو كنت مكانه لما إستشهدت بذلك التقرير .. لماذا ؟ لأنه لا البرنامج القومى ولا أية جهة أخرى قد أجرت مسحا إحصائيا علميا شاملا على جامعاتنا لتخرج بنتيجة دقيقة يمكن الإستشهاد بها ..! ولكن الواضح أن الرجل وضع النتيجة اولا ثم راح يؤسس للحيثيات ..!

و .. قبل أعوام قليلة كان الطيب مصطفى يبشرنا بأن مجرد إنفصال الجنوب وذهاب الجنوبيين سيحول الشمال الى جنة .. والى مدينة فاضلة .. فما الذى جرى .. وهل يعقل أنه وبعد كل ما جرى يعود الطيب مصطفى ليتحدث عن دور نيفاشا فى أزمتنا الأخلاقية ..!!؟؟

وأخيرا يعود الرجل وكأنه يتذكر بكثير من الحسرة أيامه فى تلفزيون السودان فيكتب ما يلى (أخي حسن فضل المولى هلاّ أعدتَ الخمار إلى جيوب المذيعات (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) وأحكمتَ غطاء رؤوسهنَّ كما كنتَ تفعل ذات يوم أيام كنتَ في تلفزيون السودان؟! هلاّ تقربتَ أخي إلى الله بذلك الفعل وجعلتَ من مذيعاتنا قدوةَ خيرٍ لا قدوةَ شرٍّ؟!) .. ولما كان حسن فضل المولى المعنى هنا هو مدير فضائية النيل الأزرق .. فالسؤال الذى يتبادر الى الذهن مباشرة هو .. هل حقا أن مذيعات النيل الأزرق عاريات الصدور ..؟ ثم .. لماذا التخصيص للنيل الأزرق .. رغم أن فضائيات سودانية أخرى تطل من شاشاتها مذيعات مليحات كاشفات النحور .. مرسلات الشعور .. باسمات الثغور .. أم هو الغرض .. ويخطىء الطيب مرتين .. عمم حين كان التخصيص مطلوبا .. ثم خصص حين كان التعميم مفهوما ..!

والمفارقة أن الرجل يرى ( جيوب) مذيعات النيل الأزرق ( العارية على حد زعمه ) ولا يرى جيوب منسوبى التلفزيون القومى الخاوية بفضل السياسات الخرقاء لتلميذه النجيب ..!

وأخيرا.. أيضا .. دعونا نفترض أن أزمة أخلاقية بالفعل تضرب المجتمع .. فأنظر بؤس العلاج عند الطيب مصطفى كما كتب فى يومه ذاك ..(متى تلتفت الدولة إلى مهمتها الأساسية.. متى يلتفت دعاة المشروع الحضاري إلى مهمة بناء الأخلاق.. متى يلتفت جهاز الأمن إلى حماية أخلاق المجتمع بدلاً من حماية النظام في دولة الشريعة؟! )

إذن .. فالرجل لا يرى سبيلا للعلاج غير سلطان الدولة وسطوتها .. وهى دعوة للكبت والتأديب .. لا للتربية والتهذيب .. ولو كان أمينا مع نفسه لأقر ابتداءا بخطأ المنهج الذى طبل له طويلا .. !
[email][email protected][/email] صحيفة الخرطوم

تعليق واحد

  1. يا لطيف يا محمد لطيف :
    حري – بمن يكتب (زفرة حرى) أن يستحي على شيبته: فإن سفاه الشيخ لا حلم بعده
    أما قرأت حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : «ان أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان»
    فهذا منافق – وعنصري.

  2. عفارم عليك ابو الاساتيذ محمد لطيف وكل ما سردته في تحليلك صحيح
    نتمني ان نري فيهم يوما هؤلاء الوحوش الكاسرة
    بعدين عليك الله لو ما كان حكومة السجم دي ظلمة وخونة
    كان في واحد زي صاحبنا دا سمعنا عنو – اقصد المتنطح – الطيب مصطفي
    ناسين ان الاشياء الدخيلة التي احدثت ربكة وعشعشة في المجتمع
    هم من ادخلوها – لانهم نفوسهم مريضة وخاوية
    لو عملنا مقارنة في كل شي بين هذا النظام والانظمة التي سبقته
    لو جدت الفرق الشاسع جدا وبالعكس هم عطلوا السودان حقبة طويلة من الزمن
    وعلي سبيل المثال :-
    1/ الاقتصاد – لما جاءت الانقاذ كان الدولار 12 ج وهم قالوا لو ما جينا لوصل 20ج
    والشعب السوداني يذكر هذا الشي جيدا – لانه كان من ضمن بيانات الانقلاب في اليوم الاول
    2/ تردي الخدمة المدنية – واعتماد المحسوبية والكهولية في تعيناتهم للوظائف وتطفيش اصحاب
    المؤهلات العلمية بحجة انهم مخالفين معهم في الرأي
    وهل يعتمد في اي دولة بأن ترشح لوظيفةدقيقة ومتخصصة بأن تادي بعض التلاوات او حفظ الاحاديت
    النبوية – هل يعقل هذا – وهذا بالتاكيد لا ينطبق عليهم – يدفعون الناس دفعا للخطر وينسحبون
    من مناطق القتال بعد ان تكون الصورة اكتملت لعامة الناس
    3/ تفشي الامراض والسرطانات والمخدرات والايدز وغيرها – لم يحدث هذا الشي في اي نظام سابق
    وطالما خال الرئيس يريد ان يدافع – فليقل كلمته في قريبة الذي يسرق البنوك السودانية بحجة التمويل وعمل مصانع متعددة ومدارس راقية ومن ضمنها مصنع – الواقي الذكري – في عهد حدث هذا
    4/ تدمير البنية التحتية في اي مرفق من مرافق الدولة وظل الهامش ممسوحا تماما من خارطة
    النظام وحتى المنشلآت القائمة والتي لم يستطيعوا اختراقها دمروها وسلطوا عليها شراذمة نهبوها ودمروا كل شي جميل
    هؤلاء بالجد لو اخذتنا الرأفة فيهم – اقل تقدير هو تعذيبهم وقتلهم وانهاء كل انسالهم
    والله يمهل ولا يهمل والشعب السوداني لا ينسي ابدا – ثق تماما

  3. لو أدركنا أن القلم مابزيل بلم …. لو رجعنا للمثل المصري اللي يقول علم في المتبلم يصبح ناسي لما أرهقنا أنفسنا لافي قراءة مايكتبه الخال الرئاسي أو في التعليق عليه .

  4. تعجبني يا لطيف في الرد بالمنطق وقوة الحجة على هذا المخلوق الذي يتناول قشور وهوامش الأشياء ويضفي عليها صبغة دينية لزوم تعاطف القراء ودائماً تأتي حلوله مبتورة نتيجة ضعف طرحه الذي لاتسنده أي تحليلات.

  5. إنما الأمم الأخلاق مابقيت
    فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

    ثلاثة وعشرون عاماً ونيف والمشروع الحضاري أفرز لنا ما ذكره صاحب الإنتباهة فليكن 45% منه صحيحاً
    هذه مأساه … الدمار الإقتصادي يمكن معالجته على المدى الطويل بوضع الخطط والإستراتيجيات والأنتاج وخفض الصرف الحكومي والتقشف … ألخ
    ولكن كيف لنا أن نردالقيم والأخلاق والشرف والأمانة.
    فالكثير من الأخلاقيات التى كان مجرد التحدث عنها علناً فى المجالس يتم بحياء شديد . أصبحت غير مستهجنة فى المجتمع فعلاً وليس قولاً .
    وإذا أفترضنا محاسبة حكومة الإنقاذ تاريخياً فلتكن على الأخلاق أولاً قبل المحاسبة على تقسيم الوطن وإثارة النعرات القبلية والجهوية .

  6. شكرا أستاذ محمد لطيف فشيت غبينتنا وقعدت هذافي علبو الطيب مصطفى العنصري صاحب رسالة الكراهية ومنبر الحرام الساقط .

  7. والله الانقاذ دى لو فيها واحد بس عنده بعد نظر وبيعرف سياسة او عنده حكمة ما كان ادخر جهد الا ليمنع انفصال الجنوب حتى لو تخلت الانقاذ عن مشروعها الحضارى الفاشل الذى لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى يعنى لا دين ولا دولة!!!
    لكن نعمل شنو ادى الله وادى حكمته ابتلينا بقوم وهم ناس الحركة الاسلاموية اغبى واجهل منهم الله ما خلق اضروا بالاسلام وبالوطن!!!
    والمصيبة انهم بيكابروا وما عايزين يعترفوا بخطلهم وخطأهم وان حواء السودانية ما جابت زيهم!!!
    نعم حواء السودانية ما جابت زيهم فى الغباء وقصر النظر والجهل السياسى ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم!!!!
    والله ان انسب مكان لهم هو مزبلة التاريخ بكل جدارة واقتدار!!!!

  8. شكراً الاخ محمد لطيف عند الحكومة يصبح قول الشيخ عبد الرحمن الكواكبي خير مثال ( الاستبداد يقلب الحقائق في للاذهان فيسوق الناس الي إعتقاد أن طالب الحق فاجر ,وتارك حقه مطيع,والمشتكي المتظلم مفسد,والنبيه المدقق ملحد,والخامل المسكين صالح وأمين .ويعتبر النفاق سياسةً,والتحيل كياسةً,والدناة لطفاً,والنذالة دماثةً ).
    ,

  9. Am following Latif?s writings and comments, always he is genuine and hitting the nail right on the knee, thanks and keep the valuable efforts, you are the most respectful one among them

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..