الإجازة جات

إجازة المدارس السنوية هي فترة مهمة جداً للتلاميذ في جميع المراحل، فهم جميعاً أطفال، وفي حاجة إلى برامج مختلفة أثناء هذه العطلة التي ستستمر ثلاثة أشهر، وهي فترة طويلة جداً يجب أن يجدوا فيها ما يملأ وقت فراغهم بأشياء ممتعة ومختلفة عن برامج المدرسة، وإلا فلا قيمة لها، بل تصبح أكثر ضرراً، والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو كيف يقضي طلاب التعليم العام من مرحلة التعليم ما قبل المدرسي وحتى الثانوي إجازتهم السنوية في السودان سواءً في الريف أو المدن، الإجابة ببساطة في منتهى السوء، فهناك عدم اهتمام واضح من الدولة بالأماكن التي تستوعبهم في مثل هذا الوقت من كل عام، ربما في الريف الإجازة أفضل من المدينة لما يتمتع به الريف من مناشط وحركة وتعدد للبرنامج الاجتماعية، مع أن الريف نفسه لم يعد ذلك الريف الممتع.
العطلة المدرسية في السودان مأساة يعيشها الأهل وتلاميذ المدارس في وقت واحد، فليس هناك أماكن مخصصة لرعاية المواهب ليلحق الأهل أبنائهم بها خاصة وأنهم أطفال لا يستطيعون البقاء دون نشاطات، ولذلك نجدهم دائماً يبحثون عن النشاطات الممتعة في أي مكان حتى وأن كان خطر عليهم وكثيراً ما يقعون في المصائب، حتى الأماكن الموجودة الآن وتهتم بنشاطات الأطفال قليلة جداً وتعمل بأدنى كفاءة لها لا تستوعب 10%، من جملة التلاميذ بجميع مراحلهم، وما “قصر الشباب” والأطفال ذلك الصرح الذي يهوي الآن أمام عين الدولة إلا شاهداً يحكي عن كيف تقتل تلك الروح المفعمة بالحيوية لأن تتطور وتعد من أجل مستقبل مشرق لها وللوطن.
الآن المشهد يحكي عن المأساة، فجميع الشوارع بدأت تمتلىء بالأطفال يلعبون الكرة في مساحات ضيقة أو أنهم يتجولون في الأحياء من دون هدف، في منظر يجعلك تلعن القائمين على أمر الدولة ألف مرة في كل لحظة، وبعد أيام حين تستمر الإجازة قليلاً وتضيق بهم الشوارع والبيوت وتشتد وطأة الحر ستبدأ حكايات أخرى، بعضها، بطلها النيل الذي يبتلع في كل إجازة الكثير من الأطفال الباحثين عن المتعة والتغيير بعيداً عن شوارع اشمأزوا منها ومضايقة الناس لهم، وآخرون ستجرهم أقدامهم الصغيرة الباحثة عن الفرح إلى ما خلف المشاهد، حيث لا يوجد إلا الندم.
لن نقول للحكومة افعلي شيئاً، لأنها لن تفعل، وما قلناه من قبل أن كانت تضعه في الاعتبار لحضنت هؤلاء الأطفال ورعتهم، ولكان اليوم حال البلد يحكي قصة نجاح خرجت من بين جبال الفشل، ولكننا نقول لأهل الطلاب اقترعوا من عندكم برامج مفيدة وممتعة لأطفالكم بعيداً عن الدولة، فهي لم تعد أمينة عليهم بما فيه الكفاية، والأهم من كل ذلك لا تكرروا لهم برامج المدرسة بحجة أنها فصول تقوية، فهي لن تنفعهم، فقيمة الإجازة تأتي من التغيير في البرامج المدرسية ببرامج جديدة تمنحهم الإحساس بالراحة والمتعة، وتكون بالنسبة لهم جائزة بعد عام دراسي متعب، فتجعلهم مستعدين للعام المقبل بروح جديدة ويجتهدون فيه وهم في انتظار إجازة أخرى.
الإجازة جات ساعدوا أطفالكم ليقضوها بمتعة، فكروا ألف مرة قبل أن تتركوهم بين شوارع الأحياء أو تفرضوا عليهم برامج لترتاحوا من إزعاجهم فقط.
التيار