الموظفون…بالعرض…

الموظفون…بالعرض…
نورالدين محمد عثمان نورالدين
[email protected]
هكذا هو إقتصاد السوق الحر لا يعرف الجانب الإنسانى والإجتماعى من رسالة الحياة الاقتصادية ..فهنا مؤسسة تشترط توظيف الذكور فقط وتلك شركة شروط التوظيف فيها مكتوبة فى عقد يجرد الموظف من كل حقوقه ولكن هو مجبر حتى يجد البديل الذى لن يكون احسن حالا ..وايضا هناك مؤسسات لا تعطى بالا عن عمد لحقوق المراة الحامل والمرضع وتسرق منها كل حقوقها ..التى احقها لها فى المقام الأول القانون الإنسانى وثانياً القوانين والمواثيق الدولية التى نحن جزء لا يتجزاء منها رضينا ام ابينا ..وكل هذا يحدث فى دولة ..أولا هى على علم تماما بكل هذا بل تدعم وتشجع هذا القطاع الشرس الذى لا يرحم الانسان ويستخدمه كماكينة فقط مجرد من الروح تماما ..بل والامر هو ان هذه الدولة تحول القطاع الحكومى الى قطاع خاص بالبيع المباشر لحقوق المواطن الاقتصادية والقانونية والادبية ..فاليوم اصبح سوق الوظيفة تحت رحمة ..العرض والطلب وهذا بالنتيجة ما يتماشى مع انفتاح السوق الذى يخدم مصالح طبقية معينة ..واليوم هاهى الدولة تخرج سنويا من الاف التخصصات المختلفة من حملة الشهادات الجامعية وفوق الجامعية والتى تزيد عن حاجة السوق فى الوقت الذى يدار فيه إقتصاد الدولة بعشوائية وعدم خبرة وطفولة إقتصادية وعناد غير مبرر مع عدم إستماع لصوت الخبرة الذى مل من كثرة الصراخ بأن يتوقف هذا العبث الإقتصادى الذى لن تتوقف نتائجه المباشرة والغير مباشرة عند حد العامل البسيط الذى يأكل برزق اليوم وهم السواد الاعظم من بنى شعبى ولا عند حد الموظف الأجير ايضا الذى يجلس تحت رحمة المرتب الشهرى الذى يتم صرفه باثر متقدم سلفا وايضا تجار السوق الذين سيقعون فريسة متطلبات الدولة المالية التى ستحتاج لمال الجبايات والضرائب والجمارك والعوائد والرسوم لتحريك ديوانها المترهل اداريا والمتشبع فسادا ومحسوبية ..فإقتصاد السوق فى بلد نامى كالسودان هو فى نظر الإقتصاديين جريمة يجب محاسبة من قام بتطبيقها فكيف سيتطور نظام إقتصادى لا يدعم ولا يشجع الإنتاج الوطنى ويعتمد اعتماداً كلياً على الواردات حتى فى المواد الغذائية التى بامكان ارضنا إنتاجها وتحقيق الاكتفاء الذاتى بل وحتى تصديرها ..فهكذا إقتصاد حتما سيقع الجميع تحت شراسته الربحية وعدم رحمته الانسانية ..فجميع الوظائف اليوم مرهونة بالعرض والطلب والقاعدة الاقتصادية للخدمات عندما تشرح منحنى العرض والطلب تقول (كلما زاد الطلب زاد السعر)هذا بالضبط ما ينطبق على منحنى عرض وطلب الوظيفة بافتراض الوظيفة سلعة فى سوق الطلب من قبل الآف العاطلين عن العمل من الخبرات وحملة الشهادات العليا ولكن لايجدون وظائف تليق بخبراتهم وشهادتهم فيقبلون بارخص العروض التى تقدمها الشركات التى لا تقدر الخبرة فى ظل دولة ليس بها قانون يحمى الحد الأدنى للأُجور وقوانيين تحمى العمال والموظفين .فالإحساس بالامان الوظيفى هى من اولى مهام الدولة وإلا ستتحول الدولة باكملها الى ما نشهده اليوم فى واقعنا المرئى فى مؤسسات الدولة الخاصة والعامة من اختلاسات وتجاوزات مالية سببها الاساسى هو توجه الدولة الاقتصادى الذى يحمل المؤسسات ما لا تطيق من ضرائب وتحمل المواطن ما لا يطيق من التزامات معيشية فتلجاء المؤسسات الى التذوير واكل حقوق الموظفيين ويلجاء الموظفيين الى الكذب والسرقة والرشوة ..لان النظام الإقتصادى هو العامل الوحيد الحاسم فى بناء اخلاق الامم وادبياتهم عبر سلوكهم اليومى ..فعلى الدولة الإلتفات قليلا الى مهامها الاساسية بدلا من الملاججة فى الاشئ…
مع ودى…
نورى بطة..