الحشف وسوء الكيل

حين نتحدث عن الضائقة المعيشية في بلادنا، ندسُّ رؤوسنا في الرمال، وهو حديث يجرنا إلى آخر عن الأزمة الاقتصادية والاجتهاد في البحث عن التبريرات، وفي واقع الأمر لا توجد أزمة اقتصادية، فما هي إلا محض أوهام، وتسمية للأشياء بغير أسمائها، والحقيقة التي يجب أن نهتدي إليها أن الأزمة التي نعيشها هي أزمة “إدارة” اقتصادية رشيدة لمواردنا التي يسيل لها لعاب الدول من حولنا، وغياب لـ”الإرادة السياسية”. نعم مشكلتنا هي فشل الدولة في إيجاد إدارة اقتصادية فاعلة ومؤهلة، تستعين بالخبرات، وتسترشد بالتخطيط العلمي السليم، ثم “الإرادة” السياسية القادرة على حماية الإنتاج ومنع التبديد والسفه والإهدار والعبث والفساد.. وأكرر لو أني سُئلتُ عن الأزمة الحقيقية التي تعاني منها بلادنا لأوجزت المشكلة في أمرين فقط، فشل الإدارة الاقتصادية، وضعف الإرادة السياسية..
ومن بؤس الأقدار أن المنتج الحقيقي يُحرم من التحفيز كخفض الضرائب والرسوم، والتسويق والتسهيلات بل وتُقام في وجهه المتاريس والعوائق، وتُسد الطرق أمامه تماماً، لصالح إمبراطورية المستوردين من الرأسمالية الجدد.. أعلم يقيناً أنه في كل عام توفر الدولة التمويل للمزارعين بالمليارات لكل قطاعات الزراعة المروية والمطرية، الآلية منها والتقليدية، ثم تذهب كثير من هذه المليارات إلى أيدي بعض التجار والسماسرة والطفيليين والوسطاء من الذين لا علاقة لهم بالزراعة ولا يملكون أرضاً زراعية أصلاً، وإنما يشهرون شهادات وهمية فيها آلاف الأفدنة على الورق وليس على الأرض، وهؤلاء يستثمرون علاقاتهم الجيدة مع موظفي بعض البنوك كما أشرت لذلك في مرات عديدة ، بينما تحصل الجمعيات الخيرية “المستهبلة”، وشركات “أهل الحظوة” على الإعفاءات والتسهيلات، والامتيازات، ونتيجة لهذا العسف توقفت مئات المصانع، وانفجرت البطالة، وتردى المزارعون في السجون ومع ذلك تفتح الدولة أبوابها لاستيراد “الكريمات” ومساحيق “فسخ” الوجوه وألعاب الأطفال، والسلع الكمالية!!!- مليارات الدولارات تذهب لهذا العبث بينما لا نجد هذه الأموال لجلب الأدوية المنقذة للحياة وزيادة ودعم الإنتاج وتشجيع المنتجين..
وفي كل عام تتصاعد صرخات المنتجين الحقيقيين وتعلو نبرات أصواتهم في وجه كثير من البنوك بسبب تأخير التمويل وضعفه..
أعود وأقول إن مشكلتنا هي فشل “الإدارة” الاقتصادية، وضعف “الإرادة” السياسية التي تكبح جماح السياسات الفاشلة وتحارب الفساد بقوة وتمنع التشوهات، والفوضى بحزم، وتقهر البذخ والسفه..
وكما قلت سابقاً وأعيده الآن أن بعض التجار يأخذون التمويل المخصص للمزارعين ثم “يمولون” به المزارعين، أي يعملون ? كوسطاء ? بين البنوك والمزارع المغلوب على أمره.. اللهم هذا قسمي فيما أملك.
ـ نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين
الصيحة




” لو أني سُئلتُ عن الأزمة الحقيقية التي تعاني منها بلادنا لأوجزت المشكلة في أمرين فقط، فشل الإدارة الاقتصادية، وضعف الإرادة السياسية..
ومن بؤس الأقدار أن المنتج الحقيقي يُحرم من التحفيز كخفض الضرائب والرسوم، والتسويق والتسهيلات بل وتُقام في وجهه المتاريس والعوائق، وتُسد الطرق أمامه تماماً، لصالح إمبراطورية المستوردين من الرأسمالية الجدد..”
ياخي!لقد قلتها، و الله العظيم!
” لو أني سُئلتُ عن الأزمة الحقيقية التي تعاني منها بلادنا لأوجزت المشكلة في أمرين فقط، فشل الإدارة الاقتصادية، وضعف الإرادة السياسية..
ومن بؤس الأقدار أن المنتج الحقيقي يُحرم من التحفيز كخفض الضرائب والرسوم، والتسويق والتسهيلات بل وتُقام في وجهه المتاريس والعوائق، وتُسد الطرق أمامه تماماً، لصالح إمبراطورية المستوردين من الرأسمالية الجدد..”
ياخي!لقد قلتها، و الله العظيم!