أفورقي بعد الزلزال

بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع، على تحرك الإصلاحيين في جيش الدفاع الإريتري والتي هزت كيان نظام “هقدف” الاستبدادي في أسمرا، أطل الطاغية أسياس أفورقي أمس الأول برأسها من شاشة الفضائية اليتيمة، شاحب الوجه متجهماً عابساً مهموماً، كيف لا وقد واجه لتوه زلزالاً كاد يعصف بنظامه، أو حلمه المقدس!!.
الإطلالة البغيضة للطاغية فسرها المراقبون والمتتبعون للشأن الإريتري بأنها تأتي لطمأنة أتباع النظام في الخارج الذين عاشوا كابوساً وأحلام سوداوية على مدى الأيام الماضية، وقد كسا السواد وجوهم وزاد شحوبهم خشية سقوط النظام الذي دعموه بشتى الطرق ودافعوا عنه بالباطل لسنوات، خاصة في ظل صمت قيادات الشعبية المطبق واختفائها شبه التام عن الساحة بشكل أغلق مضاجعهم.
ظهور أفورقي لم يأتي بالجديد بل كان مبهماً ومشتتاً، ولم يخلوا كعادته من المراوغة والتلاعب بالألفاظ السوقية، ولم يتناول أساس القضية التي شغلت الرأي العام الداخلي والخارجي على حد سواء، أو الأشخاص أو الجهات المتورطة في المحاولة وعددهم أو حتى مطالبهم ودوافعهم الحقيقية، ولكنه أشار ضمنياً إلى حدوث حملة اعتقالات عشوائية التي طالت أعداد كبيرة من القيادات العسكرية والمدنية في مختلف مناطق إريتريا وجلهم من المسلمين.
إن حادثة 21 يناير المجيدة، لن تكون المحاولة الأخيرة في سيناريو سقوط نظام الطاغية، بل تؤسس لمرحلة جديدة وعاصفة، وأن تحميل إسلاميين مسؤولية القيام بالحركة التصحيحية هدفها تفريغ الخطوة المباركة من مفهومها الوطني، ولكن هذه الفبركة سوف لن تفيد النظام أو تزيد في عمره، خاصة وأن الشعب الإريتري سأم هذه الترهات وبات أكثر وعياً، فلا مجال للتلاعب بمكونات الشعب خاصة بعد أن ذاق الأمرين من هذا النظام الهمجي الذي أوصل شعبه إلى الدرك الأسفل وافقده إنسانيته وجرده من أبسط حقوقه باسم الوطنية الكاذبة.
يقول الأديب الانجليزي الشهير صموثيل جونسون (1709 ـ 1784) ((الوطنية هي الملاذ الأخير لكل نذل أو وغد))، فأوغاد إريتريا استبعدوا المواطن باسم الوطنية وسخروا قوته ومكتسباته لمصالحهم الشخصية مستغلين بذلك حداثة عهده بالسيادة وتعطشه للانتماء الوطني الذي حرم منه لعقود ودفع في سبيله الغالي والنفيس من دمه وماله وجميع ما يملك، وهذا الشغف بنسيم الحرية أوقعه فريسة سهلة في أنياب ومخالب عصابات الجبهة الشعبية المشكوك في انتمائه لتراب هذا الوطن وهذا الأمر يدركه الجميع ولا أريد أن أتوغل أكثر في هذا الشأن و اللبيب بالإشارة يفهم”.
قد ينخدع المرء لعام أو عامين بأكذوبة الوطنية، ولكن من الصعب أن يستمر هذا الخداع لعقدين أو أكثر دون أن يكتشف المخدوع أساليب المكر والخبث، أو يعي الكذبة التي لا أساس لها، والتي ترمي إلى تنويمه مغناطيسياً وإخضاعه بالكامل لصالح مشروع جهنمي هدفه تدمير البلاد وتفريغها من عمادها المتمثل في شبابها أما موتاً في حروب عبثية لا طائل من ورائها سواء إشباع رغبات الدكتاتور، أو الدفع بهم إلى صحاري أفريقيا دون زاد أو غطاء حتى يكونوا طعماً للرمال الزاحفة، ومن حالفه الحظ يكون صيداً ثميناً لأسماك القرش في المياه الإقليمية القريبة والبعيدة.
وهنا أود أن أوجه رسالة قصيرة، لكل من ساند هذا النظام وقدم له الدعم المادي والمعنوي على مدى سنوات عمره الطويلة التي جثم خلالها على صدور أبناء هذا الشعب وكتم أنفاسه، أن النظام الشعبية دخل مرحلة العد التنازلي،وأنه ويمر بحالة عدم توازن وفقدان الوعي التي تسبق مغادرة الروح للجسد، فهو بلا حليف أو مؤازر في المنطقة بعد أن نثر بعنتريته العمياء العداء بين جيرانه، ولم يتبقى له من عضد سوى من حليفه وشبيه المنبوذ من شعبه والمطارد من قبل المجتمع الدولي الرئيس السوداني عمر البشير، خاصة وأن أفورقي كان قد فقد بعد زوال مجنون ليبيا العقيد معمر القذافي السند والمدد، وها هي الآن بوادر التباعد والخلاف قد أطلت برأسها بين الدكتاتور وأمير قطر الشيخ حمد الذي وقف بجانب النظام على مدى عقدين، وهو ما اتضح جلياً في تغطية قناة الجزيرة للأحداث الأخيرة.
وفي الختام أدعوا كل من دعم هذا النظام مادياً ومعنوياً أو شجع أعماله الإجرامية ضد أبناء الشعب، وأغلبهم كما أسلفت مدفوعاً بالوطنية وحب الوطن الناتج عن الحرمان، إلى مراجعة مواقفه وليتبرأ من أفعال نظام “هقدف” حتى لا يقع تحت طائلة المسألة القانونية بعد زوال النظام، لان الشعوب لا تنسى جلاديها.. ولنرى ما تحمله الأيام المقبلة من مفاجآت تدحض أكاذيب الدكتاتور المريض.
موسى إدريس حامد ـ جدة
بريد إليكتروني:
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا اخ موسى ادريس حامد تاكد ان الحرية والديمقراطية وكرامة الانسان عائدة وراجحة فى اريتريا والسودان طال الزمن او قصر لان دولة الظلم والكبت ساعة ودولة العدل والحرية الى قيام الساعة!!!!
    تاكد من ذلك !!!!

  2. ارتريا بلد جميلة وحلوة وشعبها مثقف وواعى وقد ذاق ويلات الحروب فترة طويلة من الزمن-وكم كنا نتمنى فى السودان ان يأخذ هذا الشعب زمام امره ويستنشق هواء الحرية التى دفع ابناؤه وبناته دماءهم غالية من اجلها- وكم كنت استغرب لماذا يحرم افورقى هذا الشعب من اخذ قسطا من الراحة فى ارض ارتريا الجميلة الخلابة الساحرة وهوائها العليل؟اتمنى من كل قلبى ان ارى الشعب الارتيرى والذى تربطنى علاقات حميمة مع الكثير من الاصقاء منه ان يستعيد حريته ويعيش بكرامة فوق ارضه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..