الجرجار

إعداد : أسماء ميكائيل اسطنبول
كل قبيلة سودانية لها ما يميزها عن بقية القبائل الأخرى وقد يكون هذا التميز عن طريق شيء بسيط حتى يكون رمز لها أو حتى أنواع معينة من أنواع الطعام، وهنالك أيضاً ما يميز قبيلة عن قبيلة أخرى قد تكون عن طريق زي أو هندام معين من أجل تمييزها من رصيفاتها من القبائل الأخرى وقد يكون هذا الزي بالنسبة لها بمثابة زي رسمى وثابت ولا يجوز تبديله أو تغييره لأي سبب من الأسباب، فمن ضمن هذه القبائل قبيلة الحلفاويين وهذه القبيلة تقطن في شمال السودان في منطقة وادي حلفا منذ زمن بعيد. وعند إنشاء السد العالي انقسمت القبيلة بسبب التهجير إلى ثلاثة أقسام الجزء الأول شدّ رحاله نحو مدينة أسوان جنوب دولة مصر( المجاورة) والجزء الثاني توجه نحو الولاية الشرقية في منطقة كسلا بالقرب من خشم القربة (حلفا الجديدة) والجزء الثالث مازال موجوداً فى منطقة وادي حلفا، ولكن ليس في المنطقة القديمة، وتعتبر الرطانة هي اللغة السائدة في المنطقة وهي لغة تكتب وتقرأ ولها كتب ومؤلفات، فتميزت قبيلة الحلفاويين بزي يميزها عن بقية القبائل الأخرى وخاصة المجاورة لها، فهذا الزي يسمى بالجرجار، ويطلق عليه الجرجار لأن شكله قصير من الأمام وطويل من الخلف، وهذا الطول الخلفي يجعله مجروراً على الأرض لكي يساعد على مسح خطوة المرأة عند المشي، لأن خطوة المرأة تعتبر في معتقداتهم عيب كبير لو شاهد الرجل خطوتها أو لم يشهدها فكلما تخطو خطوة يقوم الذيل الطويل الموجود في نهاية الجرجار الخلف بمسح تلك الخطوة من على الأرض تلقائياً، علماً بأن الأرض رملية، ويمتاز بأكمام طويلة، فعند السلام تكون هذه الأكمام نازلة إلى أسفل الكف ويمتاز بنوع معين من القماش بحيث يلائم أجواء الشمالية، وكان الجرجار الزي الوحيد الموجود في ذاك الزمان فلذلك كان لابد للمرأة أن ترتديه سواءً كانت متزوجة أو غير متزوجة، وكان اللون الطاغي هو اللون الأسود (بيد أنه أصبح ملوَّناً) ويقال: أصبح اللون الأسود هو اللون الأساسي خاصة عندما توفى الملك ترهاقا فأصبح لون الجرجار هو اللون الأسود والسائد في المنطقة، ولكن المرأة غير المتزوجة (الفتاة) ترتدي الجرجار وعليه طرحه ملوَّنة حتى يميزها من المرأة المتزوجة. ومن الجرجار اشتقت العباءة التي نراها الآن في أشكالها وألوانها وخاماتها المختلفة ومازالت حتى الآن المرأة الحلفاوية ترتدي الجرجار ومتمسكة به وهذا ما يميزها عن بقية نساء القبائل الأخريات.

التيار