تفاعلات قضية قصف بورتسودان

عماد عبد الهادي-الجزيرة نت

ازدادت التساؤلات المحلية بالسودان بشأن قضية قصف الطيران الإسرائيلي سيارة قرب مطار بورتسودان على ساحل البحر الأحمر مساء الثلاثاء عن مدى قدرة السودان على حماية أراضيه من جهة وإدانة إسرائيل دبلوماسيا وسياسيا من الجهة الأخرى.

لكن ما تسرب حول فشل محاولة اغتيال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبد اللطيف الأشقر المستهدف إسرائيليا دفع بكثير من الأسئلة لحيز الوجود، خاصة بشأن مدى قدرة الحكومة السودانية على حماية من تتعامل معهم سواء كانوا من الحركات الفلسطينية أو غيرها من الجماعات الأخرى.

وكانت الخرطوم قد اتهمت إسرائيل رسميا بتنفيذ الغارة الجوية، نافية في الوقت نفسه في بيان لوزارة الخارجية مزاعم الإعلام الإسرائيلي باستهداف الأشقر في تلك الغارة، ومؤكدة عدم وجود أي عنصر أجنبي في السيارة المستهدفة وأن ملكيتها تعود لسوداني والقتيلان هما السودانيان عيسى أحمد هداب وسائقه الشخصي أحمد جبريل.

وبينما لم يتضح موقف الخرطوم بعد بشأن ما إذا كانت ستقود حملة دبلوماسية لإدانة الجريمة الإسرائيلية أو مواجهة الموقف بشيء أكثر حسما وحزما، اعتبر محللون سياسيون وخبراء قانون أن صمت حكومة الرئيس عمر البشير وعدم تصعيدها لقضية الغارة الإسرائيلية السابقة ?التي أدت لمقتل أكثر من 119 سودانيا ? قد أغرت تل أبيب بمواصلة هذا النهج في السودان.

وتساءلوا عما أسموه بالضعف الحكومي تجاه ممارسات ما يعد عدوا للسودان وشعبه، معتبرين أن ذلك يمثل فشلا سياسيا غير منظور، مهما كانت مبررات المسؤولين الحكوميين.

ضعف غير مبرر
فأستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم بابكر أحمد الحسن وصف موقف الحكومة السودانية بالضعف غير المبرر، متسائلا عن مقدرة الحكومة السودانية في حماية ضيوف البلاد "بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والأيديولوجية".

وقال للجزيرة نت إن ضعف التعاطي الرسمي مع الغارة الجوية في العام 2009 سمح لذات الجهات بتنفيذ جريمة أخرى ربما تعد رسالة جديدة بقدرة المعتدين على تنفيذ عمليات أخرى في عمق البلاد دون أن يجدوا المواجهة الحقيقية.

ولم يستبعد ما أسماه بتحسس الحكومة "خوفا من اتهامها بدعم الإرهاب رغم عدالة القضية الفلسطينية"، متسائلا عن كيفية مساعدة المظلومين "دون أن تكون تلك المساعدة بأيدي وتحت بصر أعدائهم ومن يظلمونهم".

أما أستاذ القانون الدولي بجامعة الخرطوم شيخ الدين شدو فاعتبر الغارة مخالفة صريحة للقانون الدولي وكل الشرائع الأخرى" لأنها اعتداء على دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة".

وأشار إلى عدم وجود أي بينات على دعم السودان للحركات الثورية -المصنفة عند بعض الجهات ضمن المنظمات الإرهابية- "ما يجعل إدانة الاعتداء أمرا واجبا على كافة الدول ومجلس الأمن".

عمل دبلوماسي
ودعا في تعليقه للجزيرة نت الحكومة إلى تكثيف العمل الدبلوماسي والتقدم بطلب لمجلس الأمن لإحالة القضية للمحكمة الجنائية الدولية "لتعلقها بقتل مدنيين سودانيين داخل الأرض السودانية".

وأبدى شدو خشيته من "أن تمتد العمليات الإسرائيلية ?في ظل الوضع الحالي? إلى عمق البلاد" باستباحة غير قانونية للحدود السودانية ولسيادة الشعب السوداني.

من جهته وصف خبير القانون الدولي أمين مكي مدني العملية بالتحذيرية لكل دول المنطقة "بإمكانية إسرائيل تجاوز كل الخطوط الحمراء وتنفيذ ما تريد تحت غطاء ودعاوى محاربة الإرهاب في المنطقة"، لكنه طالب الحكومة بعدم التعجل في اتخاذ أي خطوة غير مدروسة.

وقال للجزيرة نت إن الحكومة "مدينة للشعب السوداني بأن تطمئنه بالمحافظة على أمنه"، لكن ذلك غير متوفر الآن بعد هذه العملية، على حد تعبيره.

غير أن الخبير الدبلوماسي الأمين عبد اللطيف توقع أن تدخل مصر في خط الرفض للعمليات الإسرائيلية في المنطقة خاصة في ظل الظروف الحالية في الشرق الأوسط، داعيا إلى تكثيف العمل الدبلوماسي لمواجهة العدوان المتكرر على البلاد.

لكنه عاد وانتقد تصريحات الحكومة بأن إسرائيل تعمل لمنع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مشيرا إلى أن "الأنظمة الشمولية عادة يكون تفكيرها فقط في نفسها كما أنها تعطي الآخرين أفكارا جديدة كمسببات لأخطائهم نحوها".

المصدر: الجزيرة

تعليق واحد

  1. الاشقر ليس ضيفا.هو هنا ضمن علاقة سياسية.هذه العلاقات السياسية مع فلسطين ومنطقة الشرق الاوسط يجب ان تطرح ليقرر بشانها الشعب السوداني بناء على مصالحه وقدراته. فهي علاقات لا تطرح بشفافية مثلما هي ليست من اولويات قضايا بلد يعاني شعبه فى دارفور .والانفصال وابييي…والخ الخ الخ

  2. ما حدث في الشرق أفرز كثيرا من التحليلات والتوقعات المختلفة لعدم شفافية النظام ومعرفة كنهه وكيفية السياسة التي ينتهجها كشأن كل الدول والنظم الحاكمة في العالم بأن لها سياسات واضحة المعالم. في رأي:
    الواضح أن النظام السوداني لا يمكن تصنيفه لأي جهة لا هو إسلامي ولا غير ذلك إنما ( شيء ) غريب وكيان لا يوجد مثبل له في العالم إلا أننا يمكن أن نتخيله كالكائنات الفضائية حيث بشاعة منظرها . لذلك يمكنني أن أقول في هكذا نظام بهذه الصورة واللعنة أرجح أنه خطط ودبر حادثة الشرق الأخيرة بالتعامل مع الكيان الصهيوني . فقد رأينا ( خط الرجوع ) والتباطؤ الذي أبدته أمريكا لرفع إسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب , والحكومة تنتظر هذا الوعد رغم تعاونها مع أمريكا في شأن الإرهاب ورغم إستجابة الحكومة بإنفصال الجنوب والعمل عليه – كان لزاماً عليها أن نخرج من هذا الموقف وتبدي بياناً بالعمل في محاربتها للإرهاب ومن ثم كان هذا الحادث لكن ( بحبكة ) إستخباراتيه أي أن النظام ربما خدع إسرائيل بعدم وضع ( الأشقر) مع ركاب هذه السيارة , ففضل التضحية بمواطنين سودانيين . المهم في الآخر هو صورة النظام في عيون أمريكا , لذلك فهي تلعب علي الحبلين :
    الحبل الأول: هو إحتضان قادة حماس بحيث يمكن أن تضحي بهم مثلما احتضنت بن لادن من قبل وأرادت التضحية به وكادت أن تنجح في ذلك لولا أنه فلت ,أي أن الحكومة تضع القادة الوسطيين من حماس وحزب الله ومعهم مخابرات من الإيرانيين كـ خراف تضحية.
    أما الحبل الثاني فهو : إحتضانها لهؤلاء حتي تبدو الحكومة في نظر الآخرين أنها تدافع عن القيم الإنسانية والعدالة والظلم علي الشعوب ووقوفها مع القضية الفلسطينية.
    طالما الحكومة كانت هي المخطط الرئيسي لحادثة الرئيس مبارك بأديس أبابا – وهو رئيس دولة عربية كبيرة وضامناً أكبر لمصالح أمريكا وإسرائيل والدول الغربية في المنطقة – فليس من المستغرب أن تضحي بمسئول فلسطيني من حماس يعد من قادة الصف الثاني.
    عليه يري النظام أن بقائه يعد خطاً أحمراً له في سياساته الداخلية والخارجية.
    داخلياً حيث القبضة الحديدية علي كل تحرك من شأنه زلزلته وقد شهدنا ممارساته ضد شعبه ومعارضية وإنفلات أعصاب مسئوليه وذلك الوعيد والترهيب بالسحق والقتل والإساءات الشخصية لرموز المعارضة .
    وخارجياً التضحية بالإسلاميين الموجودين بين ظهرانيه وفي حمايته وفي نفس الوقت التخابر والتجسس عليهم والتعاون مع المخابرات الأمريكية ضدهم. وقد اعترفت أمريكا بهذا التعاون من قبل لكن دون رفع اسم السودان عن القائمة السوداء حتي الآن لمزيدا من الضغط علي النظام . فأمريكا مع نظام الإسلامويون في السودان مثل نار جهنم التي تقول هل من مزيد !!! مزيداً من الإنبطاحية والتنازلات .
    ستعمل أمريكا علي أن ( يبلع ) هذا النظام شعاراته التي رددها من قبل ضدها. ويقيني أن الورقة الأخيرة التي ستلقيها أمريكا في وجه هذا النظام بعد الإعلان الرسمي لإنفصال الجنوب وهي زواله فهو عندها مثل ورقة المناديل متي استعملته وتمخطت عليه قذفته وتستبدل بغيره .
    أمريكا بعد إنفصال الجنوب تريد ضماناً آمناً لهذه الدولة الوليدة وهذا الضمان يتوفر في الدول المجاورة لها وليس هنالك أكثر تهديداُ لها غير النظام الحالي بالسودان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..