عندما يغيب التخطيط تأتي الأزمات

مازلنا نعيش بل قل نتعايش مع أزمة انعدام الوقود الأحفوري والتي طفت على السطح منذ بزوغ شمس عام 2018 ومازلنا نمني أنفسنا بجلاء هذه الأزمة لتعود الحياة كما كانت .
أما أنا عن نفسي فلم اجد طريقا يأخذني للتفاؤل فكل المعطيات من حولنا تقول عكس ذلك , فقد غاب التخطيط فأتت النكبات ومن ثم الحلول الآنية والمؤقتة وليست الجذرية فلازلنا نسمع بخطط الحكومة نصف القرنية وربع القرنية والعشرية والخمسية ولكن لا حصاد ولا عائد أو جدوى .
مازلنا نحفظ تلك الشعارات البراقة (نأكل ممانزرع فما زرعنا لا أكلنا ونلبس ممانصنع فما صنعنا ولا لبسنا) كنا نظن إلى وقت قريب أننا سوف ننهل من عذب ماء الإنقاذ فكلما دخلت البلاد في محنة خرج علينا أحدهم ليقول لنا هذه عملية جراحية صعبه في مرحلة مفصلية تتطلب الصبر والمصابره وما علينا إلا الصبر أوالصبر .
كنا نتنبأ بتلك الأزمة الطاحنة منذ قاعات الدراسة عندما علمنا أن تخطيط دولتنا يتنافى مع أسس التخطيط السليم ,فمن أين لنا بهذا القدر من الوقود لنسير به مركباتنا فكل مواطن صار يمتلك مركبة واحدة على الأقل .
إن إدارة الأزمات والكوارث شكلت هاجسا وخوفا يؤرقنا بسبب غياب التخطيط الإستراتيجي والإدارة الجيده ومن ناحية أخرى بعدم التنبؤ بها واستشرافها ثم تدارسها والنقاش حولها والتفكير لمواجهتها ومكافحتها والتصدي لها ولتوابعها بطرق علميه سليمه تقوم على البحث العلمي الممنهج والدقيق النتائج .حينها ستضع الدولة قوانينا تشجع على استيراد المركبات ذات المواعين الكبيرة لتقلل الصرف الزائد والضغط المستمر على موارد الطاقة لدينا , هذه السياسة التشجيعية تتبعها سياسة تعجيزية أو فلنقل منع لدخول المركبات التي لا تسع لأقل من 25 راكب كحد أدنى .وسيختزل عدد المركبات الصغيرة ولا يكون هنالك ضغط على موارد الوقود ولن يكون هنالك ضغط على الطرقات ولن نرى تكدسات مروريه .فهذه الدراسة والتخطيط لابد أن تكون مسنودة بالكامل من أعلى السلطات وبلا استثناء .
ماذا لو تقرر على كل المدراء أن يركبوا عربات ذات وعاء كبير ليرحلوا معهم المدراء الفرعيين ولا يسمح بمرور عربة صغيرة إلا لمن هو في درجة المدير العام أو الوزير هذا على المستوى الحكومي !!! .ليأتي الدور لتقليص أعداد هذه الفيالق من المدراء والمدراء العامين والوزراء الولائيين والولاة والمعتمدين والوزراء الإتحاديين ومايسمون بوزراء الدولة ونواب المجالس المحلية والولائية والمجلس الوطني والمستشارين والمساعدين وغيرهم فمن منهم لا يملك سوى عربة واحدة على الأقل ! اللهم إلا القليل , الم اقل إنها فيالق !!! .
هذه هي العملية الجراحية التي يمكن أن تستأصل ذلك الألم الذي تملك مفاصل الدولة وينعكس مباشرة على هذا المواطن المغلوب على أمره .
لماذا لا نتجه لإستجلاب التقنيات الحديثة التي لا تعتمد بشكل أساسي على الوقود, فقد نجحت هذه الفكرة عندما تم الإستغناء عن محطات توليد الكهرباء المحلية التي تعمل بوقود الديزل وتمت الإستعاضة عن ذلك بمحطات التوليد المائي والحراري , كذلك نجحت تجربة الدراجات الكهربية فلماذا لا نشجع باحثينا وطلاب كليات الهندسة للسير في هذا الإتجاه فبلدنا غنية بمواردها الطبيعية من طاقة شمسية ورياح ومياه وشلالات وغيره .
لو كنا نعي حجم التلوثات التي تسببها هذه الماكينات وحجم المخاطر التي تجلبها وعملنا على تلافيها لصرنا مثالا أخلاقيا تحتذيه الدول العظمى أولا ولصرنا قبلة لمن يريد اأن يستنشق جوا نقيا وينعم ببيئة نظيفه .
لابد أن تشمل تلك القرارات الصارمة أيضا تقنين (ولا نقل منع) التعدين العشوائي حتى لايشكل ضغطا على موارد المواطن الإستهلاكية ولابد أن نضع نصب أعيننا حجم التدهور البيئي الناجم من هذا التعدين العشوائي أيضا .
هذه ملامح لشكل الأزمة وكيفية تلافيها من وجهة نظري في محاولة مني للمساهمة في حل هذه المشكلة ودرء آثارها وللأبد .
ولنا عوده
ناس الإنقاذ يجيدون ال “طخ .. طيط) يعني ضرب النار والضراط بسبب بطونهم الممتلئة من أكل الحرام.
ناس الإنقاذ يجيدون ال “طخ .. طيط) يعني ضرب النار والضراط بسبب بطونهم الممتلئة من أكل الحرام.