مقالات وآراء

انتفاضات البطالة ..والأسعار..وظاهرة الانتحار..وسياسة اللعب بالنار..

انتفاضات البطالة ..والأسعار..وظاهرة الانتحار..وسياسة اللعب بالنار..

محمد عبد الله برقاوي..
[email protected]

بالأمس شاهد العالم باسره..وعبر الفضاء المفتوح .. انتفاضة الشباب الجزائري في شوارع المدن التي اشتعلت نارا..بعد ان ضاقت الأجساد والأرواح بنار البطالة ..وغلو اسعار السلع الضرورية..في بلد المليون شهيد .. تلك الدولة النفطية بدرجة عضو في منظمة………. ( الأوبك ) وهي دولة تقول الأخبار ان احتياطيها من النقد الأجنبي يقارب المائة واربعين مليار دولار عدا ونقدا..ويبدو ان الشباب الذين تحركوا بصورة تلقائية دون ان يحرضهم حزب بعينه أو غرض سياسي معين.. قد خرجوا من مرحلة الململة ورموا قلوب الخوف..بعد ان بلغ سيلهم الزبا.. من جراء البطالة الطويلة التي عانوها بعد اكمال دراستهم أو الانقطاع عنها.. وفي ظل عدم الامكانية للهروب من البلاد الي جهة أخري بحثا عن كرامة لم يجدوها في ديارهم .. ففضلوا الذل تسولا لاكل العيش وبناء المستقبل المجهول المعالم في بلاد الآخرين..بل وقد بلغت ظاهرة .. ركوب البحر غربا الي اروبا في قوارب متهالكة يكتظون فيها ( للحريق ) وتلك عبارة تعني في بلاد المغرب المغامرة بالدخول غير الشرعي الي تلك البلاد ..وهي رحلات تحفها المخاطر الجمة و كثيرا ما تنتهي بكوارث راح ضحيتها الاف الشباب الذي يدفعهم اليأس والأحباط وعدم الأمل في بلدانهم.. الي الهروب من الموت بطالة الي الموت غرقا في لجج البحار..

ولعل ما حفزالشباب الجزائريين للتحرك بالأمس الذين كانت حكومتهم مشغولة برصد حركات التنظيمات الارهابية التي هزت هيبة سلطة تلك البلاد علي مدي العقدين الاخيرين..ولم تتحسب لحركتهم المفاجئة ..انما استوحوا صرختهم من.. صوت الشباب التونسي الذي انتفض في الأسبوع الماضي اثر محاولة انتحار شاب جامعي اشعل النار في جسده امام مبني بلدية مدينة سيدي بوزيد.. احتجاجا علي عدم ايجاده وظيفة بعد انهاء دراسته الجامعية ..مما اضطره الي العمل كبائع للخضار ..فلاحقته ( كشة ) السلطات البلدية وصادرت بضاعته ومصدر رزقه..ورغم ان رئيس البلاد قد تفاعل مع الحادثة في حد ذاتها وزار الشباب في المستشفي قبل وفاته بالأمس .. وتجاوب الرئيس ايضا مع الدوافع العامة التي قادت الشارع عقب الحادثة الي الآنتفاض واعدا بايجاد الحلول وسعيا للتهدئة.. الا ان وفاة ( قرشي ) انتفاضة تونس قد اججت النيران من جديد حتي تطاير شرارها الي الجارة الجزائر.. ثم توالت في تونس ظاهرة الانتحار.. اذ حملت أخبار الأمس ان رجلا خمسينيا قد شنق نفسه احتجاجا علي بطالة بناته الجامعيات الخمس..

كل ذلك يحدث في بلاد كانت تبدو متمتعة بالاستقرار السياسي..والأمن الاجتماعي ولم نسمع باضطرابات فيها الا منذ مايزيد عند ربع قرن .. فيما عرف في ذلك الوقت من حكم الرئيس بورقيبة ووزيره الأول الهادي نويرة…………. ( بثورة الخبز )

يحدث كل ذلك والدوافع واحدة في تونس والجزائر.. فيما سلطاتنا السودانية تتخذ من القرارات الخطيرة المتعلقة بلقمة الناس في ظرف هو الأخطر في تاريخ السودان الذي لا تقارن نسبةعدم استقراره الأمني وتفكك مفاصل وحدته السياسية واهتراء ثوب غطائه الوطني ..بما تتمتع به دولتا تونس والجزائر من نعمة الهدؤ وان كان نسبيا يسوده الحذر الذي تبدي مصاحبا للاحداث الأخيرة..

تصدر حكومتنا الرشيدة ..قرارات الزيادت التي لن تجد لثقلها مكانا في ظهور المواطنين التي تمددت فيها جراحات الاحمال ..في غياب الدعم للمتطلبات الأساسية والخدمات الضرورية التي توفرها افقر الدول في العالم . لشعوبها. اما بالدعم المباشر ..واما بمجانيتها الكاملة وكذا بتوفير الوظائف للعطالي من شباب الجنسين.. وبرلمان السلطان يغني ويصفق خلف خطاب الظلم البائن والتحدي السافر للشعور الشعبي في غياب الصوت الذي يمكن ان يسكت نبرة التهديد والوعيد التي يطلقها مدير شرطة النظام والذي يفترض انه ..في خدمة الشعب..ولكنه تحدث بلغة ( الراجل يطالعني الخلا ) حينما رد علي المعارضة التي اطلقت همسا خجولا لم يخرج حتي من نوافذ الغرفة التي اجتمعت فيها..

بالطبع لاأحد يحرض علي الفوضي .. ولسنا في مقام من يقبل نتائجها اذا كانت ستنتهي الي التخريب ودمار الممتلكات العامة والخاصة..لكن نقول لحكومتنا وفتواتها من رجال الأمن وشرطة حماية النظام الذي طفح كيل استخفافه بالناس و بالشارع ..ظنا منه.. ان العصا التي يلوحون بها بيد و ينثرون قرارات التحدي بيد اخري.. ستخيف الناس.. في هذا الظرف الدقيق الذي بدت فيه عدوي الانتفاضات التلقائية تنتقل كوباء الطاعون القاتل عبر الحدود.. ويشاهدها الملايين من اصحاب الدوافع المشابهة والتي تزيد عندنا بدوافع اخري اقوي بكثير..لتحريك الشارع..بصورة تلقائية..فعلي حكومتنا و عصابات ( الكابوي ) التي تغتر بقوتها وتبالغ في تقديرها لتلك القوة في مقابل ضعف الشارع.. وظنها ان زمان الانتفاضات قد ولي .. نقول لهم .. كفي غرورا ومباهاة بقوة لو كان فيها الخير لما سقط شاوسيسكو التي كانت دوائر امنه المتداخلة تشغل سراديبها ومخازن اسلحتها وعتادها الحديث مساحات بسعة مدن بحالها تحت الآرض.. ولما وجد صدام حسين نفسه وحيدا في حفرة بسعة اللحد..بعد ان انفض عنه سامر المنافقين والحماة الزائفين..

وان من يقبل ان ينحر نفسه بيده. من الشعوب المقهورة. لايهمه ان يموت بيد زيد أو عمر .. مضروبا بالرصاص او معلقا علي أعواد وان صمدت الي حين ..ولكنها ستسقط باتفه مخلوقات الله في الارض وهي السوس.. فما بالك حينما ينتفض الأنسان وهو أرفع مخلوقاته علي البسيطة ..وينفث لهيب صدره في وجه جلاديه .. وظالميه ومحاربيه في عيشه ..وامنه..حتي بلغ الحال ان دخل النصل في اللحم الحي ولمس العروض التي بيعت لسد الرمق..وانكسرت عيون رجال ما بكت الا من القهر .. وتعرت اثداء الحرائر.. التي ما انكشفت حبا في العار.. او تلمسا لشهوة حرام..

فيا ولاة امرنا الذين سلطهم علينا الزمان الأغبر. في ليل دامس وبهيم كم طال سواده….اعلموا..ان.. الدهر يومان.. وتيقنوا انكم لو غيبتم العقل .. ولم تحترموا عقول شعبنا الصابر..فان للصبر حدودا..فشمس يومكم لن تضيء لكم الي ما لانهاية.. ولابد لها ان تنزوي في عتمة حفرة الظلم التي حفرتموها لدفن كرامة هذا الشعب الذي … سيخرج منها منتفضا عن غبار الغفلة.. فالشواهد باتت تأتي من هنا وهنا .. ومن بلاد ما حسب ولاتها ..انهم سيشهدون يوما كهذا الذي سطعت شمسه في تونس وتسللت خيوطها الي الجزائر ..والشمس لو تعلمون لا تستأذن حينما ترمي ضؤها الفضي في طرقات الناس وتدلهم علي مسارب الانطلاق…فكلها شعوب .. هي في الهم والامال شرق.. والله المستعان ..وهو من وراء القصد..

تعليق واحد

  1. يبدو ان الشعب السوداني الفضل راضي كل الرضا عن الزيادات ومستبشر بها والدليل الجموع الغفيرة التي خرجت فرحة وترقص مع البشير في افتتاح كبري الحلفايا اليوم لذلك اصبح من المعيب لوم الحكومة طالما الشعب مؤمن عليها

  2. اخي استاذ برقاوي :
    كما عهدناك دائما رجل لا يخاف في الحق لومة لائم , وطني جسور و سوداني قح مثل كل بني وطني من الذين لم يتلوثوا بنجاسات الانقاذ و قاذوراتها , اما هؤلاء الدخلاء علي السودان (مثل السيد الفريق شرطة) فهم مثل من ( و دخل الي جنته و هو ظالم لنفسه و قال ما اظن ان تبيد هذه ابدا ) , دعهم اخي في طغيانهم يعمهون و سنريهم ( اي منقلب سينقلبون ) , فالثورة قادمة و لو جاءوا بكل اسلحة الصين و روسيا .

  3. تحرك وحراك الجزائر حرضت عليه الجماعات الاسلاميه حيث ان الوضع فى السودان حتم على الحركه الاسلاميه العالميه ان تجد لها مؤطى قدم سريعآ فاحتلالهم للسودان صار غير مضمون استمراره مع تزايد التذمر وسط السودانيين والدولتين المرشحتين للسقوط فى يد المتأسلمين الجدد هما مصر والجزائر ولما كان رد الشعب المصرى على تفجير كنيسة الاسكندريه يعد ضربة موجعه ودرس فى الوطنيه تبين ا ضخامة خيانة البشير وزمرته من رؤساء اتحادات الطلبه الذين لا يعرفون الفرق بين ادارة وطن بحجم قاره وادارة بوفيه الطلبه فلم يتبقى لهم الا الجزائر وهاهو عباسى مدنى يخرج زافآ الفتنه القديمه الجديده نسأل الله السلامه لجزائر بومدين وعبدالعزيز بوتفليقه

  4. الا تتابع حكومتنا أخبار العالم ألم يسمعوا ماحصل فى بوليفيا والباكستان وما يحصل فى اجزائر الآن؟ السبب القرارات الخاطئة بالتضييق على الشعب فى إحتياجاته المعيشية. يا ناس خافو الله فينا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..