الزي الفاضح ما واضح.. والواضح ما فاضح

موجة من التعليقات الساخرة والغاضبة أثارها الخبر الذي انفردت به الغراء صحيفة الطريق الإلكترونية، وخبر (الطريق) المثير للاستغراب والعجب يقول إن الشرطة ألقت القبض على عدد من لاعبي ولاعبات فريقنا القومي لألعاب القوى أثناء أدائهم لتمارين رياضية بزيِّهم الرياضي بمنطقة جبل أولياء بتهمة ارتدائهم لأزياء فاضحة وأودعتهم الحبس لحين تقديمهم للمحاكمة تحت المادة (152) من قانون النظام العام، قبل أن يتم لاحقاً حفظ البلاغ وإطلاق سراحهم (غالباً بعد تدخل بعض العقلاء).. هذه الحادثة الغريبة تعيد الى الواجهة ودائرة الجدل ما يسمى بقانون النظام العام في مجمله ومادة ما يعرف بــ(الزي الفاضح) بوجه أخص، وتجدر الإشارة هنا الى أن هذه الحادثة المريبة قد وقعت بعد الوعود التي بذلها برلمانيون قبل نحو ثلاثة أسابيع لمسؤولة بالسفارة الأمريكية بالخرطوم بمراجعة المادة (152) المتعلقة بالزي الفاضح بالتعديل أو الإلغاء، والمفارقة المضحكة هنا أن تتم الاستجابة البرلمانية الفورية لمطلب المسؤولة الأمريكية رغم أن العديد من المنظمات النسوية السودانية لم تنفك منذ ظهور هذا القانون تطالب بإلغائه لما يحويه من مواد تذل المرأة وتهينها، ولكن كما يقول الشاعر (أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي)، إذ لم يعرهن أحد أدنى التفاتة، وتصدق على هذه المفارقة عبارة الزميل الكاتب المجيد عثمان ميرغني أن الحكومة لا تسمع سوى بالسماعة الخارجية.
ليس هناك من يمكن أن يغالط إلا مكابرا حول هلامية مادة (الزي الفاضح) وعدم وضوحها، الأمر الذي يجعلها مادة للابتزاز والتطبيق حسب المزاج والتقديرات الخاصة (والخيار والفقوس)، وتشهد على ذلك كثير من الحالات منها حالتنا الأخيرة هذه حين أخلت الشرطة سبيل من أبرزوا لها بطاقاتهم العسكرية عند القبض عليهم مع بقية زملائهم بتهمة ارتداء الزي الفاضح، نقول بذلك ولسنا ممن يدعون الى التفسخ والانحلال وأن تسير النساء (على حل شعرهن) أو أن يلبسن (من غير هدوم) على قول الكوميديان الفنان عادل إمام، كما لا نظن أن هناك عاقلاً وراشداً يسوؤه اللبس الساتر المحترم للرجال والنساء، ولكن مادة الزي الفاضح بشكلها الحالي الذي يبيح لكل من هب ودب أن يحدد أطوال فساتين النساء وأحجام تنوراتهن واسكيرتاتهن وبناطليهن وأن هذا بحسب مزاجه وحالته النفسية زي مثير وذاك زي سابل وساتر، فذلك ما هو محل اعتراضنا، ولعل بقاء هذه المادة الغريبة – كما هي حتى الآن – هو ما جعل الكثيرين يجترحون أرجوزة تقول (الزي الفاضح ما واضح.. والواضح ما فاضح كما يقول المثل).. وأنا ما بفسر وإنت ما تقصر على رأي أستاذنا البوني أعاده الله الى الكتابة.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..