أخبار مختارة

خطاب آلية الانتقال الذي أعاد الكرة إلى ملعب رئيس الوزراء

د. وجدي كامل

أوردت شكوكي من قبل حول شيطان التفاصيل الذي يسكن مبادرة السيد رئيس الوزراء. وذكرت فيما ذكرت أن المبادرة تستبطن اهدافاً غير تلك التي تعلنها، وأنها محض فرقعة على الهواء تحاول مغازلة أفق خفي غامض معلوم في الوقت ذاته، وها ذا نحن الآن أمام الشيطان مجسداً في خطاب آلية المبادرة الصادر بالأمس.

فبعد مخاطبة الدكتور عبد الله حمدوك لشرائح وقطاعات مهنية، ومجتمعية، وشرائحية عديدة ولقاءات تمت مع ممثليهم، عن طريق المقابلات الشخصية او الاسفيرية، خلص وتفتق التفكير إلى تكوين آلية لا يعلم أحد حتى الآن عن المعايير، والكيفيات التي شكلت بها، ومن ساهم في تشكيلها، ووفق اي تقديرات.

أقول إن الألية، وبعد اجتماعات داخلية منفردة متكررة للجانها التخصصية قد خرجت بتعبير حاجتها الملحة إلى برامج، ووصفات علمية بمجالات شتى تكاد تغطي كافة عناوين المكونات التنفيذية للمرحلة، داعية للخروج، بما أسمته، من الأزمة الوطنية التى تستفحل منذ نيل السودان استقلاله.

وبالنظر إلى تفاصيل المطلوبات التي ذكرتها الآلية، ووردت في خطابها نكاد نتأكد وبصفة جلية من أن كل ما تم اراده ليس له أدني علاقة بالأزمة الوطنية ( التي نشهدها منذ الاستقلال) بالقدر الذي له علاقة بالفقر الحلولي للمشكلات التنفيذية الحكومية التى تظل معلقة منذ الإنقاذ.
سبب ذلك يكمن في عدم حيازة الجهاز التنفيذي لبرامج مستندة إلى المعلومات الدقيقة التى تقود إلى خارطة طريق تعين على حل مشكلات الجهاز،

والانتقال المعقدة العتيقة . فالمذكورات جميعها التى وردت بالخطاب، ذات الاحتياج إلى المعالجات تنتمي إلى عنوان اصيل واحد ومحدد هو أن الحكومتين المشكلتين بعد الثورة، برئاسة من الدكتور عبد الله حمدوك عملتا بدون برامج تفصيلية تنظر إلى المشكلات القطاعية من منظور معلوماتي، وبياني ومسحي جاءت به الجهود البحثية للسودانيين المختصين، من اصحاب الكفاءات، فيما قبل وبعد الثورة.

ويذكر الجميع أن الفترتين اللتين سبقتا واعقبتا التوقيع على الوثيقة الدستورية تمثلتا في قيام العديد من السمنارات، والورش والمبادرات لمجتمعات المعرفة والخبرة والعلم من السودانيين بداخل وخارج السودان، والتي قدموا فيها عصارة جهودهم بغرض إنتاج الأفكار لوضع الحلول، وترقية الأداء، وبالتالي إغناء قوى الدفع الذاتية للانتقال.

غير أن ما طرحه خطاب الآلية لا يمت بصلة للأزمة الوطنية بقدر ما يقر بفشل السيد رئيس الوزراء في التوظيف الإداري الصحيح لما تم بذله من قبل الكفاءات عندما ذهبت حهودها سدى دون أن يطالبهم أحد من وزراء ووزارات الحكومتين ( رغم اقامة العديد من تلك الأنشطة داخل دورهم التنفيذية) بتسليمه تسجيلات من فعالياتهم، أو نسخ من بحوثهم وأوراقهم، حتى تذهب إلى مجالس استشارية متخصصة داخل الوزرات أو المؤسسات الحكومية المعنية بمقترحاتهم البحثية ليتم التعامل والتفاعل معها، وترجمتها الى واقع ملموس يفيد في تحسين الأداء والخدمات بالمؤسسات التنفيذية. بل نكاد نقرأ ونسمع عن عدد من المبادرين الذين وصلوا وتواصلوا بصفة شخصية بالمسؤولين التنفيذيين المباشرين وتم صدهم وإدارة الظهر لمبادراتهم.

السيد رئيس الوزراء كان قد تقدم إلى الرأي العام بمبادرة تأسست على فكرة تكوين الكتلة الانتقالية التي يمكن أن تؤدي الدور الرئيس في إنجاح الانتقال. ولكن، كما تابعنا، فإن ذلك أسفر عن تكوين آلية أثار تكوينها جدلاً كثيفاً، أسفر بدوره اليوم خطابها عن توصيف احتياجات برامجية علمية هى بالأصل موجودة ومنجزة، وليست غيباً يستحق الرجم، أو القراءة.

ما يحدث حالياً هو أقرب إلى مضيعة الوقت بعدم مواجهة السيد رئيس الوزراء لمسؤولياته التنفيذية الحقيقية، التي وافق ورضى من خلالها بإدارات وزارات خالية من تصوراتها وبرامجها للإصلاح، ومن ثم سياساتها العلمية في التنمية الادارية للمرحلة، فقامت على المحاصصة الحزبية، وليس الاعتماد على الكفاءات كما حددت ذلك الوثيقة الدستورية التي كانت قد اختارت الدكتور عبدالله حمدوك رئيساً للوزراء بوصفه كفاءة علمية وإدارية اصلاً، وليس رمزاً حزبياً، او قائداً عسكرياً لإحدى الحركات المسلحة.

ذلك وبتقديري ما يمثل أساس الإخفاق والفشل اللذين لازما هذه الحقبة من الانتقال الرمادي المشبوه الذي يغري الفلول وأعداء الانتقال على الانقضاض عليه. ذلك ما يشرح بالفعل أسس المشكلة المؤثرة بشكل حيوي في أزمة الحكم وعلاقته بثورة تخسر جراء ذلك كثيراً من أراضيها، وانسحاب ملامحها، وعدم وحدة قواها، باتصال دقيق بسوء أوضاع وحدة إعلان الحرية والتغيير، رغم الإعلان السياسي الصادر والموقع قبل يومين من بعض مكوناتها.
إن الآلية وبخطابها التفصيلي المهم الذي صدر تشكر على ما قدمت من خطاب أوصلنا -على خط سريع- إلى التعرف على الشيطان بأسرع ما يمكن، وبنحو لم نكن نضعه بالحسبان، او حتى نتخيله بأن أعادت الكرة إلى رئيس الوزراء بملعبه واضعة إياها تحت قدميه اللتين كانت قد ركلتا الكرة لهم عند تشكيل الآلية. فهل رأى يا ترى الدكتور عبد الله حمدوك الكرة واستلمها أم تغابى عنها؟.

[email protected]

‫10 تعليقات

  1. فعلا ايام الاعتصام ومن خلال المخاطبات والمنصات تم الاعلان عن تكوين لجان من مختلف التخصصات واصحاب الخبرات والكفاءات العلمية والعملية ، لوضع برامج علمي شامل لادارة البلاد وليس علي الجهاز التنفيذي -المفترض تكوينه-سوى التنفيذ لبرامج ودراسات وبحوث وخطط جاهزة للتنفيذ

  2. المطلوب الضمير الحي والروح الوطنيه والمؤسسية من اعلي من يتقلد منصب الي ادني منصب في الحكومات وهذا ما نفتقده ،وليس مبادرات
    ثانيا… اذا كان هناك من يعرقل الدوله من داخل الدوله فكيف ينجح اي برنامج او اصلاح مهما كان، كبر او صغر

  3. مع احترامي الشديد لك يا دكتور انت تبسط الأمور. المشكلة الكبرى هي الصراع على السلطة (يعني ببساطة المشكلة سياسية بحتة).كل المبادرات و ورش العمل والندوات التي أشرت اليها تقدم حلول أكاديمية للمشكل الاقتصادى.التدهور الاقتصادي و ما يعانيه الناس في حاجياتهم اليومية هو نتاج طبيعي للصراع على السلطة. اذلام النظام السابق ما تذال نشطة لاستعادة مجدهم الغابر و انصاف سياسيين و أحزاب كرتونية همها الأول والأخير الوصول لكراسي الوزارات و الاستمتاع بالمخصصات و الامتيازات، وحركات مسلحة انتهازية عادت اليها الروح مع ثورة الشباب ،و مليشيات قبلية مسلحة تمتلك الأسلحة المتطورة و تجلس على مناجم الذهب و غيره من المعادن النفيسة و تضع رجلها علي أعلى قمة هرم السلطة. د.عبد الله حمدوك عندما قبل التكليف كان على دراية كافية بكل تحديات المرحلة و لذلك كان همه الأول ايجاد وصفة (سحرية) للخروج بالبلاد إلى بر الأمان و تفادي الانزلاق الي اتون الصراع المسلح . وضع السودان تحت البند السادس والرقابة الاممية، إتفاقية جوبا للسلام، محاولة إشراك أكبر عدد من الأحزاب الكرتونية في الجهاز التنفيذي،لجم اطماع العسكر في الانفراد بالسلطة، و عدم الانقياد للمحاور الإقليمية المتربصة ،عودة السودان إلى المجتمع الدولي و تخليصه من العزلة و العقوبات الاقتصادية،.هذه إنجازات كبيرة قياسا على فداحة تركة الإنقاذ.
    العاقل من اتعظ بغيره (و لكم في الصومال، واليمن،ليبيا، و سوريا عبرة).

    1. نعم عزو

      ” نصَحْتُ لهم نُصْحي بمُنْعرج اللّوى * فلم يستبينوا الرّشد إلى ضحَى الغد ” وضحى الغد إما الحرب الاهلية او الانقلاب المخطط ومدعوم مصريا اماراتيا سعوديا ومسوق للغرب وامريكا ” والغرب وامريكا تهمه مصالحه ومصر والسعودية والامارات ادوات امريكية وغربية” ويثق الغرب فيما تقوله وتسوقه له من سلعة( عسكر انقلابيين)…والسلعة هى البرهان والجنجويدى المجرم حميرررتى.

      ونكون نحن المدنيين قد أكلنا الهوااااااء ” على رأى الشوام”

  4. مشكلة السودان مشكلة سياسية المتمثلة في طبيعة تركيبة هذه الاحزاب احزاب حازت على المال ومهتمه بالعلاقات الخارجية للحزب اكثر من الدولة والمواطن حتى دول الجوار خليكم من الدول الكبرى مدخلها للسودان بواسطة طواغيت مفروضين بواسطة طمعهم للعسكر يغازلون العسكر والشارع رافض ومتابع هذه سبب تقوقع الثورة والعمل بكل دواوين الدولة بالاول هذه الاحزاب تتفق على ميثاق ملزم ويعلن على الملا ثانيا هذه الاحزاب اين دور كوادرها في مصلحة البلد يختفي كل نمور الاحزاب وقت الاستقطاب يطلق لهم العنان لا توجد ثقة بين العسكر ولا الاحزاب مع المواطن خلاف الخلاف الذي يتظاهرون بهحزب الامة متواطي وعاوز يرث الكيزان حتى يفوز بالسلطة والاتحادي كذلك والشيوعي بقوا جبناء يتضاروا بالشارع

  5. ياجماعة هذا فساد حكم 30 عام للحكم والاحزاب ايضا فاسدة لازم الاحزاب تصحح اوضاعها اذا لم تكن الاحزاب فاسدة ومريضة نفس مرض النظام السابق لما تعثرت الثورة نكون واضحين نحن مواطنين ما بنطبطب ما بنتكلم بدبلماسية

  6. الاحزاب التى نفشت ريشها …..لتعود وتتحكم بالبلد هى نفس الاحزاب ( المنتهية) والتى تسمى زورا وبهتانا باحزاب سياسية…..ولو عملنا مقارنة بين اى من الدمى الكرتونية التى تسمى احزاب عندنا مع اى من الاحزاب الحقيقية فى دول اخرى نجد ان الاخيرة طورت وبنت دول من الصفر الى أمم تأمر فتطاع فورا وتقول فتفعل! وعندما هدمت ودمرت ماتركه الاستعمار.
    ماذا قدمت للسودان ماتسمى بالاحزاب الكبيرة منذ نيف وستون سنة ( منذ الاستقلال)
    كل المغامرات التى قام بها العسكر كانت نتيجة للاحزاب الكرتونية الواهنة الضعيفة العائلية وشبه العائلية العملية لدول الجوار ولطلابها السابقون دول الخليج؟!

    وهاهى نفس الاحزاب الان تخرب فى الثورة …لا بل خربتها وانتهى الامر

    طالما هذه الاحزاب تسير على نفس خطاها منذ تكوينها وتأسيسها بيد المستعمر الانجليزى وبعض دول الجوار……فسنظل من عراك لاخر ..دولة محطمة مهدمة فقيرة” وهى غنية”غير أمنة نهب للجار القريب والبعيد الى يوم تشليعها الى محميات مليشياوية قبلية واثنية.

  7. مع اعتراف الجميع بان احزابنا ضعيفه وتفتقد للوطنيه وتحتاج للاصلاح يبقي السؤال هل نحتاج لفترة انتقاليه طويله ومايمكن ان يترتب عليها من تدهور الاحوال لأسوأ مما هي عليه الان ام الافضل استعجال الانتخابات علي امل ان تاتي بكتلة مستقلين يمكن ان يقودوا البلاد الي التقدم والنماء.

  8. خلوا الهجمي والرجمي بتاع الناس المابتعرف سياسة ، احزاب شنو البتتحججوا بيها. هي وينة الاحزاب دي ما خلوا ليكم الملعب من زمان، ياكم الاحزاب الكرتونية الماعندها وجود في الشارع المتسيدة الموقف منذ الثورة. ناس الحزب الشيوعي وحزب البعث والمؤتمر السوداني وما شاكلهم. حزب الامة غير متسيد الموقف ومشاركته رمزية وكذلك الاتحادي. اها اوردتو البلاد مورد الهلاك بالتقصاء والتخبط وعدم الكفاءة واسي حايين تتحججوا. مافي طريقة يجب ان تتحملوا مسئولياتكم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..