إنزلاقنا من الإنقلاب الأبيض الى الأحمر..وحتى الأسود ..!

ما يطلق عليه بحركة الباب الدوار في تصوير تقلبات الحكم قصير التيلة مدنيا وطويل الكوارث عسكريا ..هو حقيقة تمثيل في محله لما له من إنعكاس في الحياة السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية التي تبدأ من نقطة ما لتدور وتنتهى عندها مفضية الى فراغ ماساوي !
تدخل البلاد في حالة استقطاب سياسي في ظل تناحر أحزاب لم تقم على فكرة سياسية واضحة المعالم الوطنية الخالصة وإنما على ميراث كرسه الأحفاد والأبناء على غير ما خطط له الأجداد !
في عام 1958 وحينما ضاقت حلقة حالة الشد والجذب بين إئتلاف حزب الأمة برئاسة السيد عبد الله خليل و الختمية المتمثلة في حزب الشعب الديمقراطي .. من جانب و إمكانية نسفه من على البعد بالذراع المصرية التي كانت تهدده بتقارب إتحادي يبعده عن الختمية ليأتلفوا مع الآزهري .. فضحى عبد الله خليل بالديمقراطية التي كانت تتعلم المشي على عوارض عنقرب الإستقلال الهشة وأقنع كبار الحزبين السيد عبد الرحمن والسيد على بأن المسالة ستكون مجرد نزهة عسكرية خفيفة القصد منها تجنيب البلاد حالة من الصدام قد تعصف بها ..ولكن العسكر هم دائماً مثل الكواسر متى ما شموا دماء فريسةالحكم تمسك أنيابهم بها أكثر !
وتلك كانت قد سميت بالثورة البيضاء ..!
ذات الآحزاب عادت خارجة من قمقمها بعد ست سنوات محمولة على أكتاف الشارع ..ولكنها لم تستوعب من الدرس إلا المزيد من عدم الوعي بمسئؤلياتها الوطنية و لم تذاكر في لوح الديمقراطية وولو على مستوى شرافة تزيين مؤسساتها داخلياً حتى لتقوي عودها بتحمل الغير .. فأنقلبت على عقبيها تستنكر وجود حزب إسمه الشيوعي و أن يكون له نواب مثقفون وإن كانوا منتخبين من صفوة من صوتوافي دوائر الخريجين .. ثم يطردوا برفع أصابع الولاء الأمية وقد حرضها الإخوان المسلمون الذين أحسوا أنهم لن يجدوا متسعا من المساحة فوق سرج الديمقراطية في وجود مهماز الوعي اليساري محركا لزاملة الطريق التي يتخذونها وسيلة للوصول الى أهدافهم وليست غاية في حد ذاتها !
فكانت تلك التي بدت حمراء اللون 1969 وتقلبت في رماديتها و حتى سقطت في براثن الاخوان الذين لعبوا بكرتها في كل الإتجاهات حتى غابت بعيدا في رياح أبريل وبقيوا هم خلف كواليس المسرح يعدون فصول مسرحيتهم الخاصة و يخدعون شركائهم بأن المسرح مكتظ بالمشاهدين و العرض يسير على مايرام !
حتى أطفأوا الأنوار في صالة عرضهم الممل ليدخل السودان في نفق ليلهم الطويل ..وهاهم يتمنون الآن أن يعود بهم الزمن القهقري بعد أن أتى بهم الباب الدوار الى ذات نقطة الفراغ التي إنطلقوا منها محملين ديمقراطية ما قبل إنقلابهم الأسود 1989كل ما حاق بالسودان من كوارث إقتصادية وتشرذم سياسي وحالة ميئوس منها في الجنوب قالوا أنهم جاءوا لإخراج الوطن من غيبوتها ففعلوا فيه سياسة البصيرة أم حمد التي قطعت رأس العجل و كسرت الجرة وضحكت منتشية لنصرها على المعضلة !
الان هم يبحثون عن طوبة ولوهشة ليقف عليها نظامهم من الإنهيار.. فعادوا يمارسون سياسة الكذب بدغدغة مشاعر الذين يظنون أن في حوارهم مخرج .. ولكن هذه المرة فنهاية الباب الدوار الى هاوية محتمة بعد أن إنهارت كل المساحات التي كان الخارجون منه يجدونها ممتدة للعبور الى خارج جدران الورطة !
اتحداك يا عووضة تكتب مقال واحد بهذا المستوي لمنازلة احد فرساننا.
ان اول مسمار فى نعش الديمقراطيه كان من صنع الصادق المهدى عندما كان رئيسا للوزراء وعمره 30 سنه ( قام من نومه لقى كومه) وصهره حسن الترابى عندما كانوا متحالفين فيما كان يسمى وقتها اتحاد القوى الحديثه بعد اكتوبر . وهو اول بذره للاسلام السياسى الذى ضرر منه السودان والبشريه عامه.عندما تأمروا على الديمقراطيه وقاموا عن طريق بعض المهوسين امثال على عبدالله يعقوب وسعاد الفاتح باختلاق حادثة معهد المعلمين التى كان نتيجتها طرد نواب منتخبين من البرلمان وحل الحزب الشيوعى . والادهى والامر ان المحكمه حكمت ببطلان حل الحزب ولكن السيد الصادق رفض التصديق على قرار المحكمه مما ادى الى تقويض استقلال القضاء والفصل بين السلطات . ومن ساعتها لم تقم لا للقضاء ولا للديمقراطيه ولا للسودان قائمه .
نجاح الكاتب الي ان يصير محبوبا بين الجماهير يعتمد علي صدق الكاتب وثقافته المتشعبه ومعرفته بكل فنون المجتمع يحتم علينا نحن االقراء أن نقف إجلال واحتراما للكاتب أمثال الاستاذ برقاوي