مقالات سياسية

التمييز والواسطة في التجارة

يوسف السندي

في ايام حكم الانقاذ حكى أحد التجار من اهلنا الانصار معناته مع الأمن الاقتصادي، ذكر بانه اجتهد وتعب واستوفى كل المطلوبات الرسمية التي تجعله مخولا باستلام توكيل حصه سكر، ولم تكن في ملفه اي مخالفة، وحين جاء موعد التوقيع النهائي والتسليم رفض الأمن الاقتصادي تسليمه الحصة بدون ذكر أسباب واضحة!! ولدهشته تم أمام ناظريه تسليم التوكيلات لبنات وشباب صغار في السن ورجال ونساء بلا اي ملفات ولا شروط، لاحقا علم صاحبنا انهم أهل الولاء الذين جاءوا بتزكية من القيادات الكيزانية النافذة.

هذا السيناريو هو المعتاد في ظل حكم البشير، وهو السائد في ظل أي حكم دكتاتوري غير شرعي، حيث يكون الفساد هو سيد الساحة، وتكون الواسطة والرشوة والمحسوبية هي السمة المميزة، تختفي تماما المساواة ويغيب بشكل كلي حكم القانون، فيكتسب الكثير من الناس مالا ضخما بلا اي جهد وبلا أي ابتكار، ويتم منع مواطنين آخرين من التمتع بحقوقهم في التجارة والمنافسة العادلة، لذلك معظم الذين اغتنوا في عهد الانقاذ تحوم حولهم الشبهات، فهم اما استثمروا علاقاتهم السياسية مع دهاقنة النظام لحمايتهم، وإما اشتروا رضا الموظفين بالمال والرشوة، وفي كلا الحالتين فهذا فساد يذكم الأنوف.

الإنقاذ في بداياتها استهدفت الرأسمالية الوطنية التي كسبت مالها بعرق جبينها، استهدفت بصفة خاصة التجار المنتمين إلى أحزاب المعارضة كالامة والاتحادي، وضيقت عليهم حتى أوصلت بعضهم إلى الإفلاس او الهجرة، ثم قامت بإنشاء طبقة تجار بديلة فاسدة ومصنوعة تدين بالولاء للتنظيم الحاكم، هؤلاء التجار الفاسدين هم الذين تتلى أسماءهم في كشوفات الاراضي والمزارع والأصول في مؤتمرات لجنة إزالة التمكين.

لكي يظهر الفرق بين حكومة الثورة وحكومة الكيزان، مهم ان تتبع الحكومة الانتقالية الشفافية والمنافسة العادلة وعدم التمييز بين التجار في المعاملات التجارية وفي كل ضروب الاقتصاد، يجب ان يكون المواطنون سواء امام القانون التجاري لا واسطة ولا محسوبية ولا تمييز سياسي أو عرقي أو ديني، فإنما يهلك الاقتصاد الفساد، ويرفع الاقتصاد المساواة، الحكومة عليها ان ترعى التنافس الشريف في السوق، عليها أن تحفز المبتكرين وأصحاب المشاريع التجارية الخلاقة المنتجة للفرص والوظائف، وعليها أن تضرب بيد من حديد كل تاجر فاسد.

لكي تنتعش السوق التجارية وصيتنا لوزارة التجارة ان تحرص على المساواة بين المواطنين المشتغلين بالعمل التجاري في أربعة أشياء: أولا أن تكون تكاليف إنشاء الشركات وإطلاق الأعمال مناسبة وممكنة ومشجعة. ثانيا تقليل البيروقراطية العقيمة في دوواين الوزارة وتسريع إجراء العمليات التجارية المتعلقة بالقوانين والرسوم والقيود والخ. ثالثا كف يد النافذين في الدولة عن التدخل في النشاط التجاري وتقديم الواسطة والحماية لزيد او عبيد ومحاسبة كل سياسي فاسد يقوم بهذا السلوك. رابعا توحيد وتسهيل الشروط اللازمة لحصول المواطنين على التمويل من القطاعات المالية وعدم احتكارها لاشخاص او طبقات بعينها.

اذا استطاعت الحكومة تنفيذ هذه الوصايا الأربعة فإن البلاد ستشهد انتعاشا اقتصاديا تكون فيه الغلبة للأفكار التجارية الرائدة والمبتكرة وليس لأصحاب الولاء والواسطة والرشاوي، مما ينعكس على المواطن وفرة وجودة في السوق.

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. يقول الكاتب:
    “هذا السيناريو هو المعتاد في ظل حكم البشير، وهو السائد في ظل أي حكم دكتاتوري غير شرعي، حيث يكون الفساد هو سيد الساحة، وتكون الواسطة والرشوة والمحسوبية هي السمة المميزة”
    بس يأخي كان هو السائد بقوة ايضا ايام حكم الصادق.. كانت المحسوبية تتم بشكل مشين ..
    حين كان المرحوم عمر نورادائم وزيرا للمالية كان صف كوادر حزب الامة يمتد من داخل مكتب الوزير حتى الشارع وكل واحد شايل له ورقة فيها رقم عربية حكومية عشان الوزير يصدقها له وبالتالي يلجونها ليه ويبيعوها ليه بملاليم باعتبارها ملحنة.. معظم عربات الدولة وهي بحالة ممتازة تم تحويلها بقرار الوزير الى لجنة التلجين بالنقل الميكانيكي وتحويلها من ملكية مؤسسة حكومية لواحد من المرضي عمهم من اعضاء حزب الأمة!
    والله لو اتكلمنا عن الفضايح من هنا لي بكرة ما تخلص.. هي بدأت بتعيين بشير عمر وزير مالية لتمرير مبلغ ال 19 مليون جنيه لال المهدي وحين تم اكتشافها احدثت ضجة كبيرة للغاية…
    كن ذا مصداقية حتى ولو كنت منتم لحزب الأمة!!!

  2. ماقلنا من زمان الاحزاب والكيزان وجهان لعمله واحده… المشكله في صدقية الناس المصرين انو الفساد خاص بالكيزان اما الباقين فماشاء ألله ابناء السودان البرره وده الجنن عبد القادر.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..