أخبار السودان

الرئيس وموهبة البحث عن المشاكل

أبو الحسن الشاعر

قيل إن أردت أن تقتل قضية فكوّن لها لجنة ونقول إن أردت أن تقتل أي محاولة للسلم والحوار في بلادنا فاعقد مؤتمرا صحفيا للرئيس ودعه يتحدث.
ما يفعله السيد الرئيس ويقوله في وطنه وحزبه وحكومته والمتحاورين والمتحالفين معه والمتحلقين حوله لا يمكن أن يصبر عليه عاقل أو يطيقه سامع.. كل مسئول في الدنيا حتى وإن كان عمدة أو شيخ حارة أو رئيس رابطة طلاب أو جمعية يسأل المقربين منه ومعاونيه عن تقييم ما يريد طرحه من أفكار وعن أهداف ما يقول ومآلات ما يرى .. إلا الرئيس فهو نسيج وحده ، يرفع شعار فرعون ” قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ” وهو للأسف يحسب أنه يحسن صنعا فيما يسبح بحمده أعوانه من أهل الضلالة وعميان السياسة وفاسدي الرأي .. يقول ما يشاء .. يدمر في لحظة ما بناه الآخرون وسعوا إليه في شهور وسنوات عديدة .. ينسى أنه رئيس فيخاطب قطاعات واسعة من الشعب بازدراء ، وكأنه في ” شكلة ” في إحدى الحواري .. يقرر وهو غضبان ويفتي في السياسة دون تروّ على الهواء مباشرة كفقهاء الفضائيات للسائلين عن الحيض والغسل.

لا أعرف كيف يقيّم حزب الرئيس لقاءه الأخير بالإعلاميين فهو لقاء مذل لقيادات الحزب أولا لأن علوم السياسة تقتضي أن يتوزع الساسة الأدوار فيقول هذا شيئا ويقول الآخر خلافه ويتوسط ثالث بينهما وهي سياسة فتح الأبواب أو جعلها مواربة لعل الوسطاء يجدون منها منفذا للحوار والمصالحة بين الخصوم .. لكن الرئيس ببساطة قال لقادة حزبه وأبرزهم مصطفي عثمان إنهم لا يساوون عنده ” تعريفة أو نكلة ” أو أنهم تحت جزمته التي وضع تحتها من شاء من قبل .. يقولون ما يشاءون ويقرر هو ويفعل ما يريد !!

تأملوا معي مفارقات الرئيس .. فهو يرسل مفاوضيه للدوحة وأديس والقاهرة وألمانيا وفرنسا ويزودهم بكلمة ” لا ” .. وهو يتحدث عن وثبة ما زال ضفدعها منذ عام في البيات الشتوي .. وهو يبشر بالحوار المجتمعي في مجتمع تقطعت أوصاله وجاع عياله وقل ماله وبئس الحال حاله ! وكل ذلك بزعم كاذب هو البحث عن السلام !!. لكن رئيس النظام المصاب بالشيزوفرينيا يخاطب ذات الذين يسعى للتصالح معهم باستعلاء ويقطع الطريق أمام الحوار ويسد المنافذ أمام السلام ويحطم هيكل الحوار على من فيه معلنا أن لا حكومة قومية ولا تأجيل للانتخابات ولا دمج لمنابر الحوار ولا ولا .. ولو كان الرئيس وحزبه على قدر من الحصافة لما أعلن بصلف أنه لا تأجيل للانتخابات في وقت كان أهل الرأي يأملون أن يكون التأجيل أول أسباب حسن النوايا المفضية للحل ومدخل صدق للحوار ومخرج صدق من الدمار .

وهو يذهب في التوهم بدافع الفشل لآخر مداه لحد وصف مشروع الجزيرة بأنه تركة شيوعية وكاد أن يطلق عليه مشروع لينين أو ماركس مع أنه يحكم السودان لربع قرن ما عرف خلالها كيف يحصدهم حصدا ويفرقهم بددا ويشتت شملهم عن المشروع مع أنه حصد أرواح ربع سكان السودان وشتت نصفهم في منافي أصقاع الدنيا !! ويبدو أنهم سقطوا عن الذاكرة في مؤتمرات الدعاء التي عقدها نظامه وبذلك كسب الرئيس بلسانه، وهو يشكك في وطنية وأخلاق المزارعين، من العداوة الكثير! وهل تنفّر الشعب عنكم إلا حصائد ألسنتكم ؟ ” خير فوق خير” !!

وقطع الرئيس أن لا عودة للصادق المهدي فالسيف مصلت في انتظاره لأنه تجاوز بحسب زعمه على الجيش وأعان أعداءه عليه وتجرأ من قبل على قوات حميدتي وهي ليست من الجيش في شيء .. والرئيس لا يميز بين عدو وصديق ولا يبدي احتراما ولا تقديرا لابن المهدي الذي معه بالقصر .. أما كان الأجدر أن يتغاضى عن ” فعايل ” الأب إكراما للابن المهادن المطيع وأبوه شيخ كبير؟ لا أعرف شخصيا أكثر منهما ممن قدم خدمة للإنقاذ في أحلك ظروفها .. فالمهدي إن حاصر العالم الإنقاذ دعا لفك الخناق عنها وضحى عنها بولده وإن شافت العافية زعم أنه أكبر خصومها وإن رضيت عنه منحته دروعها وإن عاندته خرج من بوابة مطارها مغاضبا وشكل لها صداعا دائما بتوقيع الاتفاقيات مكايدة لها !! أما تذكرون ما قال الرئيس في المرة الفائتة ؟ قال ” نحنا الحكومة وعندنا المعلومات وعارفين إعلان باريس وراهو إسرائيل وعملو واحد يهودي .. دايرين يحتلو الفاشر ويعلنو الانفصال ودايرين ليهم قايد !! ” وما شابه ذلك من الهرطقة .. ما دمت تعلم ذلك يا سيادة الرئيس وحكومتك تعلم لماذا لم تخبر مساعدك عبد الرحمن المهدي يكلم أبوهو ما يوقع مع الإسرائيليين !!!؟ أم أنه ليس من الحكومة رغم أنه مساعدك ؟ وجريرة الصادق أنه وقع مع الجبهة الثورية على إعلان باريس وموفدو الرئيس يبحثون الآن سبيلا للتوقيع مع قادتها بل ومحاوروه أنفسهم أيدوا الإعلان فما الفرق بين التأييد الصريح والتوقيع ؟

والرئيس فتح بابا جديدا لمزيد من خنق السودان بالطلب من قوات اليوناميد المغادرة وسط اتهامات منه ومن رموز حزبه للقوات الدولية بارتكاب فظائع أخلاقية وإجرامية لكن أين كان هؤلاء قبل جريمة تابت ؟ ” هذه القوات حتى وإن كانت ترغب في المغادرة فسوف تعاند وتثير الكثير من الملفات وسيرفع الأمر لمجلس الأمن والنتيجة مزيدا من العقوبات على الشعب.. والرئيس وحزبه ينعمون .

الرئيس لم يبق على جهة لم يلعن ” خاشها ” وسنسفيل أجدادها حتى بسطاء المزارعين ولم يبق على طاقة مفتوحة ليتسرب منها الهواء أو يدخل منها الضوء ناحية أي حزب أو باتجاه أي حل .. إنه بتصريحاته الاستفزازية تلك قد خنق كل حوار وأغلق كل باب وسد كل طريق .. وأفسد كل مسعى .. وبقي وحيدا .. وحيدا ..

يا أهل الوثبة من محاوري الرئيس وحزبه أما سألتم أنفسكم ماذا ترجون وماذا تريدون من رئيس هذا خطابه وهذه خواتيم ما بدأتموه معه منذ عام ؟ ماذا حتى إن اتفقتم وجاء الرئيس وألغى كل ذلك بجرة قلم فهو لا يؤمن له جانب ولا يؤخذ له موثق ولا عهد.
نحن نعلم أن تهديدات الرئيس ستذهب أدراج الرياح كغيرها كما عودنا دائما فقد سبق وأن وعد فما وفى وتوعّد وغصبا عنه عفا .. سبق أن رفض دخول جندي واحد من الأمم المتحدة من أصحاب القبعات الزرق فما لبث أن تنازل حتى أنه ليراهم من شرفة قصره وينظر إليهم بجواره في مطار الخرطوم في حله وترحاله وسبق للرئيس أن رفض الحوار مع الحركة الشعبية ثم عاد محاورا يعانق قادتها في القصر وسبق أن منع الحديث مع الجبهة الثورية ورموز حزبه الآن يشربون معهم القهوة في قاعة واحدة في أديس أبابا ومثل ذلك كثير .. وقد يعود المهدي غدا ويلقاه معانقا في المطار .

لكن ليست تلك هي المشكلة .. المشكلة أن ما يقوله الرئيس يدمر كل شيء ويأخذ وقتا طويلا لإعادة بنائه أو ترميمه حتى إذا ما توهم المتوهمون أنهم قاب قوسين أو أدنى من حل جذري ، وصل الرئيس في ريح صرصر عاتية واقتلع أوتاد خيمة التفاؤل والتفاوض مثلما يفعل ” نعيل” .. ألم أقل لكم إنكم لن تستطيعوا معه صبرا ؟.. حاوروه ما شئتم وإن غدا لناظره قريب وسوف تدركون بعد فوات الأوان كيف يلمها النمل ويطأها الفيل.
السيد الرئيس كل ما قلته ما كان يجب أن تقوله..كان يمكن أن تدع آخرين يقومون بذلك لكن بصراحة أنت ” مسلّط ” لهدم كل مسعى للسلام .. أنت ” بتاع مشاكل ” وداعية حرب .. داعية حرب لا غير .. قطعت الطريق بانقلابك المشئوم على اتفاق قرنق / الميرغني في كوكادام وغطست حجر اتفاق عقار مع ” ضار” فمتى تصمت أو تغادر؟
أبو الحسن الشاعر
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. تحياتنا مولانا سيف ونشكرك على التذكير بهذا الموضوع الهام كما لا نزكي على الله جهد أستاذنا على محمود حسنين.
    لا بد من إتخاذ أي إجراءات تحول دون إفلات أحد من سراق ومجرمي الإنقاذ من العقاب حتى لو تطلب الأمر أن نخالف العرف والتقاليد والقانون الذي وضعوه بأقلامهم شعبناقادر بإذن الله الأخذ بثأره وحقه الذي سلبوه ربع قرن من الزمان.

  2. يا اخى الشاعر من قال لك أنه لا يستشير ؟ ماذا تتوقع إذا كان مستشاره الليمبى وزير الغفلة . ومحمد عطا الذى لا يستحق الإسم الأول ولكنه أعطى الأحرار من بلادى من مخازى جعبته المليئة من قذارة وسوء نواياه .

  3. لا فض فووووووووووووووووووووووووووك ……. كلام في الصميم …..

    الراجل اصلا مخرف…… ومن هو لولا …. المصيبة الترابي الذي اجلسه…. على كرسي السلطة فاصبحت طامة على الناس اجمعين …. الا المنتفعين….. حارقي البخور …. مدلكي الالسن …. ملس الخدود….

    ما ينتظر الناس ….. من الكاكي …. العيب على الناس …. الذين يتفائلون …. بامكانية …. حلحلة الانقاذ نفسها واخراج البلد مما هي فيه التيه والضياع…… مثل من يرجو ماءا من السراب…. ان الانقاذ …. التى اهلكت نفسها لهي غير جديرة …. بالمحاورة …. والمداورة ….. والمراوغة…. فلا مكان لها الا ….. ارشيف التاريخ المظلم الكئيب………

    اللهم عليك بعصابات الارجاس …… اقطعهم …….. تك …..
    اللهم عليك بعصابات الارجاس …… اقطعهم …….. تك …..
    اللهم عليك بعصابات الارجاس …… اقطعهم …….. تك …..
    اللهم عليك بعصابات الارجاس …… اقطعهم …….. تك …..
    اللهم عليك بعصابات الارجاس …… اقطعهم …….. تك …..
    اللهم عليك بعصابات الارجاس …… اقطعهم …….. تك …..
    اللهم عليك بعصابات الارجاس …… اقطعهم …….. تك …..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..