مقالات وآراء

أحداث دارفور تعيد أشباح الفصل السابع إلى المشهد السوداني

 

 

وائل محجوب

• الجرائم المنكرة التي صاحبت الهجوم على كرينك بغرب دارفور، ومن قبلها جبل مون، وغيرها من مواجهات الاقتتال الدموي ظلت مستمرة طيلة عمر الحكومتين الانتقاليتين وما بعد الانقلاب، تتخذ أشكال التصعيد القبلي الذي يتم فيه انحياز القوات النظامية، والمليشيات، والحركات المسلحة، لهذه القبيلة أو تلك، ويسقط مئات الشهداء جراءه لن يمر مرور الكرام.

• هذه الجرائم لن تقود مع وضع السلطة الانقلابية المعزولة والمرفوضة من العالم بدء من الاتحاد الأفريقي وانتهاء بالأمم المتحدة ومجلس أمنها، إلا لإعادة تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في مواجهة البلاد، وسيقود في نهاية المطاف لإعادة نشر القوات الأممية في دارفور، لعدم قدرة السلطة على تحقيق الأمن في الإقليم، ولتورط عناصرها في الاقتتال الأهلي، وبسبب استخدام الأسلحة الثقيلة والمحرمة في مواجهة المدنيين والعزل، ما يندرج في إطار جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية بحسب القوانين الدولية، وهو ذات الوضع الذي كانت عليه دارفور، خلال عهد الإنقاذ وحتى تشكيل الحكومة الانتقالية الأولى.

• لقد قادت جرائم دارفور من قبل على عهد الإنقاذ، لتحول هذا الملف لبند دائم في مناقشات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وقادت لمزيد من العقوبات على نظام الإنقاذ شملت حظر استيراد الأسلحة، والتعامل العسكري مع النظام، ومحاصرة عدد من المؤسسات الاقتصادية والأفراد نتيجة لدورهم في الحرب، وأدى لتشكيل قوات لحفظ السلام الدولية وابتعاثها إلى الإقليم، بموجب قرار صادر من مجلس الأمن وبتفويض أممي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يتيح للمجتمع الدولي التدخل العسكري في البلاد، وقد ظلت هذه القوات بدارفور خلال العام الأول للانتقال، قبل أن تتقدم الحكومة الانتقالية بطلب لسحبها، وقالت بقدرتها على حفظ الأمن والاستقرار، وهو تكشف هذه الصراعات والحروبات وتورط افرادها فيها بعكسه.

• وقادت جرائم دارفور وتورط قادة نظام الإنقاذ وأركان حربه فيها، ورفض البشير للتعامل مع خطوات المجتمع الدولي بالجدية المطلوبة واحتقاره للمؤسسات الدولية، لإحالة الملف للمحكمة الجنائية الدولية التي خلصت لتحريك دعاوى قانونية، وتهم تتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في مواجهة رموز العهد البائد، وعلى رأسهم المخلوع عمر البشير نفسه، وملاحقة قيادات الأجهزة العسكرية والأمنية وقتها، حيث قدرت المحكمة أن هذه الجرائم البشعة يقف خلفها تسلسل قيادي ينتهي عند رأس الدولة باعتباره القائد العام للجيش والمسؤول الأعلى لكل القوات النظامية، وبحسب طبيعة عمل القوات النظامية فهي تمتثل للأوامر الصادرة إليها من قادتها، وحاليا يمثل كوشيب أحد مطلوبي المحكمة أمامها، ويقبع أحمد هارون ثاني المطلوبين في السجن.

• لقد قلنا من قبل حينما كان المكون العسكري يسابق الزمن للتمهيد لانقلابه، إن أوضاع البلاد ستشهد انفجارا في كل الأنحاء، وأشرنا لقضية وضعية البلاد مع المؤسسات الدولية، باعتبارها واحدة من القضايا الكبيرة التي ستشهد انهيارا لكل الجهود المبذولة، لاستعادة البلاد لدورها كعضو فاعل في المنظومة الدولية، وسيرتد عليها ذلك ببعث العقوبات والملاحقات من جديد، وهانحن نقترب من ذلك الوضع، لا سيما وأن هذه المجموعة الانقلابية في سعيها اللاهث للاستئثار بالسلطة، أهملت أهم قواعد العملية العسكرية المتصلة باتفاقات السلام التي وقعتها عمدا وقصدا، من حصر للجيوش واستلام للأسلحة وتحديد أماكن تجميع للجنود خارج المدن، وهي من الإجراءات الأولية التمهيدية، منعا للفوضى وحصرا لجنود هذه الحركات، تمهيدا لبدء عمليات الدمج وإعادة الدمج والتسريح، وخلقت بيئة من الفوضى لا تقود الا لما ظللنا نشهده داخل المدن في دارفور وعلى مستوى البلاد، من انفجارات لصراعات دموية، واستشراء لعمليات متصلة من السلب والنهب والقتل، يشترك فيها من يقودون المركبات ويحملون الاسلحة والبطاقات العسكرية لهذه الجهة أو تلك.

• إذا كان البعض يتصورون أن ابتعاث بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي برئاسة بيرتس فولكر تحت الفصل السادس، انهت العقوبات واشباح الفصل السابع، فإن ذلك التصور غير صحيح، فالبعثة لم تلغ العقوبات السابقة على البلاد، إنما جمدتها الأسرة الدولية بعد الثورة، غير أنها باقية وسيتم خلال الفترة المقبلة تحريكها لوقف ما يجري في دارفور، حال استمرت هذه الجرائم المنكرة، كما إنها ستسرع من العقوبات في مواجهة قادة ومساندي الانقلاب عسكرا ومدنيين، وستكون البداية بتفعيل القانون الامريكي لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، الذي سيفرض أول مجموعة عقوبات تشمل قادة الانقلاب ومسانديه من الحركات المسلحة والمليشيات والمدنيين من الساسة، كما ستشمل عقوبات اقتصادية وحظر للتعامل لكل المؤسسات والشركات التابعة للقوات النظامية من جيش وأمن ودعم سريع، وقائمة طويلة من العقوبات، وكانت العقوبات على شرطة الاحتياطي المركزي “أبو طيرة” أولى إشاراته، ثم سيتم تحريك هذا الملف في المنظمة الأممية، وستضيق الأرض بما رحبت بهذه السلطة الانقلابية.

• هذه الجريمة النكراء في كرينك وغيرها من جرائم السلطة الانقلابية، لن تتوقف، فعقيدة هؤلاء الحكام التي تربوا عليها طويلا في حاضنتهم الإنقاذ بنهجها الاستعلائي والدموي والعنصري، هي عقيدة “فلترق كل الدماء”، لكنها ستشهد عقب رمضان ردود فعل شعبية ضخمة، وسيكون لتداعيات هذا الإجرام والقتل والعدوان، الذي ترعاه جهات منها يبدأ من دارفور ويشمل جميع أنحاء البلاد، رد فعل أكبر مما يتصورون.. سيواجهوا تبعات أفعالهم داخليا وخارجيا.. وسيدفعون ثمنا باهظا لما اقترفت أيديهم بحق الشعب.

مداميك

‫2 تعليقات

  1. لا بد للقانونيين وخبراء في ملفات جماعات الارهاب ان يسعو بكل ما اوتو من القوة وجمع الملفات الخاصة بجرائم الدعم السريع الذي اساسه الجنجويد… لجعل هذه المليشيات جماعات ارهابية .

  2. سبحان الله انتو ما عندكم حلول محلية لمشاكل البلد غير الفصل السادس والسابع والعشرون انتو قايلين المجتمع الدولي فاضي ليكم وانتو الواحد لو شال موزه من التاني مستعد يقتلو فيها.. ياخي اقعدوا واطه وحلوا مشاكلكم براكم المجتمع الدولي تعب معاكم من ٢٠٠٣ وصرف الأموال وما جابت نتيجة تاني يعملوا ليكم شنو.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..