
للمُتأمل في حال كل ما تُعانيه بلادُنا مُنذ أن أصبحت دولة ذات إستِقلال يجد أن كل أزماتها اللاحقة وتأخُرها وتوقُف التقدُم فيها وحُروباتها نتيجة للتفكير الأناني في كيفية حُكمها و الإستيثار بمواردها لفئيات معدودة ومُعينة وذهاب التنمية فيها لمناطق محددة نتيجة لذات العقلية التي قدمت العِرق أو الدين أو الإنتماء للمؤسسة العسكرية في حُكم البلد وتسيير شؤونه ..
فلم يقدم هذا الثالوث للسودان غير كل ما نحن فيه الآن .. إن أي إصرار علي إعادة ذات هذا التفكير في حُكم السودان وتسيير أموره والعمل له وفقاً لها سيُنتج مزيداً من الفشل والتقهقر .. لا مجال إطلاقاً للدوران في ذات الفلك الذي أورد البلد مورد التهلكة ..
للذين ظنوا أن الحُكم بالدين سيُقدم البلد وسيرضي عنا الله وعلي شعبنا قاموا بإفقار أكثر من ٪ 90 منه و أشعلوا الحروب في ثلاث أرباع السودان ودمروا مُستقبل أجيال مابين معسكرات النزوح والتشرُد والمنافي وتوجوها بإضاعة ثلث مساحته ! .. لا يأتي أحدهم ليقول لنا لكنهم لم يُطبقوا الدين الصحيح في الحُكم ، عفواً فالسودان وشعبه ليسا حقلاً للتجارب .. أما الذين حكموا بالآلة والقوة و العسكرية وإستحوذوا علي النسبة الأكبر من حُكمه فهولاء أثبتوا حقيقة وحيدة أن الفشل في الحُكم والعسكرية وجهان لعملة واحدة .. لن نتحدث عن الحُرية أو التحضُر أو التمتُع بالإنسانية والإحساس بها فهذه وفقاً لكل الشواهد في كل بلدان العالم التي حكمها ويحكُمها العسكر مفقودة ! .. ولكننا نذكر فقط كل الخراب الأخلاقي و الإقتصادي والتنموي والصِحي والتعلِيمي والإجتماعِي والثقافِي في ظل حُكمهم البغيض لجميع الحكومات العسكرية ! ..
أما الحُكم بالعِرق ، وأعني به هنا تغليب الإنتماء القبلي والإثني أو حصره في منطقة معينة جُغرافياً أو إقليمياً هو الذي ساهم في تمزيق الإنتماء للسودان كوطن و أفشي الأحقاد و التفكير المُنكفئ والإنفِصالي .. ففي الوقت الذي يتجه فيه العالم المُتقدم نحو الوحدة والإنفتاح والتوسُع ، تأبي بعض العقول إلا أن تتقوقع وتنظر للحُكم من هذه الزوايا الضيقة ، فضعُف نتيجة لهذا الشعور بالوطن الواحد المتحد ، و تاهت المسؤلية تجاهه ، وتولدت مظالِم و تمددت الضغائن نتيجة لتفكير البعض في السيادة المُطلقة علي كل البلد من مفهوم قبلي وإثني وعُنصري .. فإنقسمت الهوية الوطنية بالعِرق مابين عرب وأفارقة ومسلمين وغير مسلمين فتشظي نسيج البلد وأصبح السودان دولة تتلاعب بنخبها من كل الإتجاهات أجهزة الإستخبارات الأجنبية والدول أصحاب المصلحة في تغذية الكراهية وتفتيت نسيجها الوطني طمعاً في ثرواتها العظيمة عظمة شعبها وتاريخها ..
نعم فلم يكن الخالِق العظيم ليهب هذا البلد كل تلك الثروات لشعبٍ هو لا يستحقها ! ..
علينا إذن أن نستيقظ جميعنا ، علينا أن نتيقن أننا دولة عظيمة وشعب عظيم بكل تنوعه هذا ، و علينا أن نتخلص وإلي الأبد من هذا الثالوث المُدمر لحُكم بلدنا لنعود دولة متحدة وعظيمة لا تستجدي المعونات و سفارات الدول الأجنبية وخارجياتها ، بل هم من سيركضون إلينا حينها ..
أخيراً فتبعاً لهذا الثالوث غابت في السودان العدالة وإنتشر الظُلم و غُيبت الحُريات وساد الإستبداد والبطش والقهر وتفشي الفقر والجهل والمرض وحلت الحرب وإنعدم الأمن والسلام ..
وإذا لم تُغير هذه النخب في عقليتها وتعدِّل طريقة تفكيرها بعيداً عن هذا الثالوث المُدمِر فيجب أن نغيرها نحن جميعاً والشعب السوداني يستطيع ذلك متي أراد ! ..
يجب أن نستثمر مناخ الثورة وما أتاحته من تغيير للبناء عليه في إتجاه دولة سودانية ديمُقراطية تُبني بالوعي والعِلم والعقل والعمل الدؤوب ، و لا يحكُمها الدين والعِرق والعسكر ، ولا تتحكم فيها الهوية الواحدة والجهوية والطائفية والأيدُلوجيا المنغلقة ، فلننهض بها جميعاً ولنعمل معاً لهذا الهدف و نودع كل الماضي المُظلم لتعيش أجيال المستقبل وتتمتع بالدولة السُودانية الديمُقراطية المُتحدة ..
نضال عبدالوهاب
[email protected]
للله درك يا نضال انت اصبت كيبد الحقبقة
للأسف أنت قلت كلاماً بعيد كل البعد عن الحقيقة والتي يعرفها القاصي والداني، وهي.
الفشل في الدولة السودانية سببه الحقيقي والذي لا جدال فيه هو فشل السياسيين بجميع ألوانهم وأشكالهم وأطيافهم، وفشل طرحهم السياسي وعدم وجود خطط لأي منهم أو أي نوع من الإنتاج الفكري أو الحلول الإقتصادية أو السياسية.
أما مسألة أن الدين واحد من الأسباب فهذا كذب قبيح يكذبه الواقع المعاش حيث هناك ألكثير من الدول الدينية ناجحة إقتصادياً وإجتماعياً وتنموياً والأمثلة لا تكاد تحصى وتبدأ بإسرائيل وأمريكا وبعض الدول الأوروبية.
فشل السودان بسبب فشل القادة السياسيين بجميع ألوانهم وأنانيتهم وتخريبهم وعدم همهم الوطني فلا تحاول خداع الناس بتلميع من هم ضد الدين بأنهم هم المنقذون فهم أيضاً قد جربوا وفشلوا في كثير من بلاد الدينا وعلى رأسهم الشيوعيين فقد فشلت نظريتهم في روسيا والصين وكوبا وكوريا وغيرها، وقد طلع علينا الشيوعيين بمقولة حديثة وهي أن (النظرية صحيحة لكن الخطأ في التطبيق) وهذا كلام لا يقول به عاقل حيث أن الفشل لازم هذه النظرية في جميع البلدان حتى إضطرت الكثير من البلدان لنبذها والإبتعاد عنها، وهذا لن يقنع أحداً.
أما الحديث عن التهميش والهامش فهذه مقولات هدفها سياسي بحت وهي فقط للكسب السياسي الخاص للأشخاص الذين يتبنونها، وأكبر دليل على ذلك أن من يدعونها الآن يفاوضون الحكومة فقط على الوظائف والمناصب والأموال التي تخصهم وتخص القادة المقربين منهم فقط، وقد تم الإتفاق من قبل مع كثير من المتمرين فكان كل هدفهم هو الحصول على مناصب وزارية ورمي شعوبهم ومن أيدوهم خارج الأسوار يعانون الفقر والفاقة والعوذ والجهل والمرض، ونسيان قضية المهمشين والأسماء معروفة للجميع.
لن ينخدع الشعب مرة أخرى بأي قول للسياسيين الكذبة الأنانيين النفعيين فقد بلغ الوعي بالشعب السوداني مبلغاً لا يمكن أن يستوعبه هؤلاء السياسيين الذين يعيشون بعقلية الستينات من القرن الماضي.
دس السم في العسل، كدي يافالح ورينا كيف امريكا دولة دينية؟
ياك زول اخواني او من احزاب الطائفية ، وللاسف زمنكم فات