في الذكرى الـ ( 46) لرحيل الفنان إبراهيم الكاشف ..كان حاضر البديهة, سريع الحفظ ? يحب كل أغنياته

إعداد : نوح السراج
صادف أمس الأول الجمعة الموافق 21 / 8 / 2015 الذكرى الـ ( 46 ) لرحيل الفنان إبراهيم الكاشف, وإحياء لذكراه نكتب هذه السطور نستعرض من خلالها بعض الملامح عن رحلته في دنيا الغناء, الفنان إبراهيم الكاشف هو بلا شك رائد الفن السوداني الحديث, وصاحب المدرسة الفنية التي ظلت تسيطر على الغناء السوداني منذ نهاية عهد الشيالين حتى يومنا هذا, وهو صاحب هذا المنهج الذي تسير فيه الأغنية السودانية الحديثة, وتأريخ الفن السوداني شاهد على ذلك, وليس دور الكاشف في الفن قاصراً على أنه نقل الأغنية من ( الصفقة والشيالين ) إلى الأوركسترا الحديثة, وليس دوره قاصراً على أنه أول من لحن ووضع الموسيقى المعبرة عن معاني الكلمات, وليس قاصراً على أنه أول من أدخل الكورس الحديث في الأغنية, بل أن دوره الأكبر هو ذلك الدور العظيم الذي لا يؤديه إلا من منحه الله القدرة والموهبة الخلاقة, إن الدور العظيم الذي قام به إبراهيم الكاشف في دنيا الأغنية السودانية الحديثة هو أنه خلق لهذه المدرسة جمهوراً ضخماً ظل يزداد على مر الأيام .
ولد إبراهيم أحمد أبو جبل الذي اشتهر باسم إبراهيم الكاشف في حي ود أزرق في مدينة ود مدني عام 1915, وبعد أن بلغ من العمر ثلاثة أعوام توفي أبوه, فتولى رعايته جده لأمه علي الكاشف الذي انتسب إليه واشتهر به, استفاد الكاشف في حياته الفنية من وجود الشبلي ومصطفى الشيخ عثمان, وقد كانا علمين من أعلام الغناء في ود مدني, وكان يمدهما الشاعر علي المساح بإنتاجه الشعري, كما سعى الكاشف للتعرف على رائدين من رواد الغناء السوداني, تصادف وجودهما في مدينة ود مدني في ذلك الحين هما: الحاج محمد أحمد سرور وكرومة, وقد كانا يعملان في شركة الفيات في ود مدني, عندما كان الكاشف يشق طريقه الفني, وبدأ نجمه في الظهور وجد معارضة وعناداً من أهله وذويه, ولكن عزيمته لم تنهار وقناته لم تلن فواصل المشوار فاضطر جده إلى طرده من المنزل, فاستأجر الكاشف منزلاً بالقرب من منزل الأسرة, وأقام فيه مع ابن خالته حيدر عثمان بحيري, اشترك الكاشف في فرقة الشبلي, ومصطفى الشيخ ( كورس ) وقد زامله في ذلك المرحوم الفنان عوض الجاك, ثم ما لبث أن ترك الكاشف فرقة الشبلي وكوَّن مع المغني مصطفى الشيخ ثنائياً, لهما إنتاجهما الخاص, ثم انفصلا بعد عام, وبدأ الكاشف الانطلاق بمعاونة الشاعر المساح وكانت ثمرة اللقاء بينهما أغنية ( زمني الخاين ما بدور لو شهود ** ظلمك باين جافيت النوم ) وهي أولى الأغنيات التي صدح بها الكاشف, وقد صحبه عوض الجاك ( كورس), انتقل الكاشف من مدني إلى العاصمة نهائياً عام 1940م, وسكن الديوم ومنها انتقل إلى أمدرمان, لم يتعلم أصول الموسيقى, ولم يكن يعزف على أي آلة موسيقية غير الرق, ورغم ذلك فقد ألَّف كثيراً من الألحان جعلت له رصيداً ثراً, سجلت له الإذاعة أكثر من 60 أغنية, الفنان إبراهيم الكاشف كان حاضر البديهة, سريع الحفظ, يحب كل أغنياته, ولكنه كان دائم التحدث عن أغنيتي ( وداعاً روضتي الغنا ) و ( حليل زمن الصبا الماضي ) كانت آخر أغنياته التي تغنى بها هي ( ألفت نظرك مهما تحاول وتأخذ حذرك).
آخر رحلة له كانت إلى روسيا وبلجيكا وفلندا وفرنسا واستغرقت سته أشهر, كانت له صلات بكل الفنانين ولكن صلته بالتاج مصطفى كانت راسخة ووطيدة, بعد عودته من رحلته الأخيرة سافر إلى بورتسودان لاستلام عربته التي أحضرها معه وهناك أصيب بجرح في رجله, ولما كان يعاني من مرض السكري سبب له الجرح مضاعفات خطيرة فلزم سرير مستشفى الخرطوم فترة من الزمن, ثم انتقل إلى مستشفى أمدرمان حيث أجريت له عملية, ولكن القدر كان يترصده فأسلم الروح إلى بارئها في 21 / 8 / 1969 , رحم الله الفنان إبراهيم الكاشف رحمة واسعة , فقد كان كالشمعة تحرق ذاتها لتهب الضوء إلى الآخرين.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..