مقالات وآراء سياسية

الانقلاب ثم ماذا بعد ؟

زورق الحقيقة

أبوهريرة زين العابدين عبد الحليم
انبلج الفجر على غيهب خبر انقلاب حلوك غير ناضج فما ورد من اخبار فأظنه مقدمة لعمل ما قادم واختبار للساحة السياسية وللجماهير للتأكد من استجابتها، وهل سوف تخرج للدفاع عن حريتها ام سوف تترك الحكومة ولا تقول لها “جر” كما قيل في ازمان سابقة مماثلة. فما هي دواعي ودوافع الانقلاب في هذا الوقت الانتقالي بالذات.
تاريخيا الانقلاب يحتاج لحالة ثورية وأزمة يعيشها الوطن او قواه السياسية وأحيانا تتم تهيئة الساحة بأعمال شغب وتخريب او غيرها مع استغلال للوضع الاقتصادي والسياسي. فأعمال العنف وعدم الامن في المدن وتردي الوضع الاقتصادي بعد سياسة التحرير الاقتصادي وبدون توفير بدائل محددة لعامة الشعب من الفقراء والكادحين والطبقة الوسطى جعل الحكومة وكأنها تعمل في معزل عن الشعب ومشاكله او غير مدركة لوضعه وتؤذن في مالطة اكاديمياتها وتهويماتها الورقية بعيدا عن طموح وتطلعات الناس في امنهم الاقتصادي والاجتماعي وسلامتهم وسلامة ممتلكاتهم فحيث لم يعد الشخص يضمن ان يخرج موبايله وسط السوق خوفا من الاختطاف. اضف الى ذلك ازمة الماء والكهرباء وتردي الخدمات وامتلاء العاصمة والمدن بالزبالة حيث تدهور صحة البيئة لدرجة لا تطاق مع غلاء فاحش للأسعار وصعوبة الحياة للمواطن العادي حيث يحتاج الشخص لإضعاف مضاعفة لراتبه لكي يعيش بالحد الأدنى.
بالمقابل فالقوى السياسية سادرة في منافسة على لا شيء وطموحات قياداتها واختلافاتهم جعلت عملهم كحاضنة شبه مستحيل وأصبحت الحكومة تتقاذفها قيادات عسكرية وسياسية من لهم وزن شعبي او حتى بدون اوزان وكل جهة تحاول ديمومة الانتقال للمحافظة على ما حصلت عليه من فتات مناصب سياسية ودون الإدراك لرؤية استراتيجية اقتصادية اجتماعية سياسية واشراك أكبر قدر من ممثلي الشعب ولجان الاحياء وغيرهم لرفد الحكومة برؤى وتوسيع الحاضنة لكي تصبح حاضنة شعبية ذات قاعدة عريضة.
مع كل ذلك هنالك جهات سياسية داخلية وقوة خارجية لها مصلحة في تعطيل الانتقال وإيجاد حكومة بيدق تتبع لهم وذلك من اجل مصالح سياسية واقتصادية مثل الموانئ او قضايا الحدود او الصراع في المنطقة حول السد او الحرب الاهلية الاثيوبية وجيولويتيك المنطقة في غياب إدارة بايدن واهتمامها بقضايا داخلية وبعدما حصل في أفغانستان وانغلاق أمريكا على نفسها ومحاولة البعد عن الحروب الخارجية فقد بدأ أوباما ذلك وسار ترمب على هديه وزيادة وواصل بايدن في نفس الاتجاه وسوف تترك القضايا الإقليمية للاخ الأكبر الإقليمي.
ما هي الدروس المستفادة وقبل ان تقع فأس الانقلاب على رأس الناس؟
–       حل الأزمة المعيشية وإيجاد دعم فالأمر لم يعد يطاق ويجب منح حمدوك وحكومته 90 يوما فاذا لم يجد حل فعلى الحاضنة السياسية النظر في إيجاد حل بتغييره.
–       حل الأزمة السياسية بالإسراع في تشكيل البرلمان الانتقالي ولا يوجد أي عذر لتأخير ذلك فإذا شكل البرلمان واشراك قوة سياسية وشعبية كبيرة فكنا ربما نرى مظاهرات للدفاع عن الحكومة اليوم.
–       حل أزمة الحاضنة السياسية وإدخال الجميع وهيكلتها فالخطوات الأخيرة مشجعة ويجب المواصلة.
–       إذا لم تحل الأزمة المعيشية والسياسية فهناك خياران لإقالة حمدوك: الأول عبر الحاضنة بعد هيكلتها واتفاقهم والثاني بعد ان يشكل المجلس الانتقالي من ممثلي الشعب واختيار رئيس وزراء جديد ببرنامج جديد بحكومة كفاءات وطنية وحتى تتفرغ القوى السياسية للانتخابات بدل مشاركتها في السلطة فكيف يعقل ان يكون هدف الانتقال تحضير البلد لانتخابات وتحضير القوى السياسية لنفسها فعليها تحضير نفسها وجماهيرها بدل المشاركة في السلطة.
–       مخاطبة العالم والاقليم بأهمية دعم الحكومة سياسيا واقتصاديا وحل الضائقة المعيشية وجلب دعم دولي والمساعدة في إيجاد برامج عاجلة لجذب الاستثمار وتشغيل الشباب.
–       إيجاد برامج تنموية محلية لنهضة زراعية وصناعية شاملة فأزمة السماد خير دليل على تخبط الحكومة وعشوائيتها وعدم مقدرتها على حل القضايا بالإضافة لازمة الكهرباء والماء وصحة البيئة.
–       اشراك الشعب في كل شيء فمثلا نظافة المدن لماذا لا تتبنى الحكومة برنامج شهري لنظافة كل البلد يشترك فيه الجميع من رئيس الوزراء وحتى أصغر طالب في الحضانة كما فعلت رواندا ويبدو ان الوزراء يمتطون فارهات السيارات ويجلسون على ارائك مكاتبهم ولا يعرفون شيئا عما يجري على ارض الواقع لا ارض الورق، فنحتاج لبرنامج لإشراك الشعب في تنمية بلده وان يكون المواطن مدافع عن الثورة والحكومة بدلا من حالة اللامبالاة التي رأيناها اليوم عندما طلب من الشعب ان يتحرك لحماية ثورته.
–       الإسراع في محاكمة فلول المؤتمر الوطني بتشكيل محاكم خاصة لهم.
–       اصلاح لجنة إزالة التمكين وتحويلها لمفوضية او جهاز وحتى تتم تصفية اثار الإنقاذ واعمال برنامج من اين لك هذا.
–       اصلاح الخدمة المدنية والنظامية فلا يمكن ان تكون هنالك دفعات معروف انهم جبهة إسلامية بالكامل ما زالوا في القوات النظامية والخدمة المدنية. وإصلاح جهاز الامن واوكال امره لشخص مدني بإعادة هيكليته وتصفية الكيزان منه ليكون جهاز محترف غير حزبي ومحاكمة كل من أجرم او عذب المواطنين.
–       اشراك المغتربين في التنمية ويمكن ان يجلب دعم بطرق مختلفة مثل بيع سندات خزانة بالدولار وغيرها.
–       العمل على توحيد الجبهة الداخلية حول ثوابت الديمقراطية والحرية وحماية الانتقال وحماية الثورة للوصول للديمقراطية واقترح ان تنسحب كل القوى السياسية من الحكومة وتعمل عبر الحاضنة وإذا فشلوا في ذلك فيمكن ان يمثلوا جميعا في البرلمان الانتقالي ويتم الحكم عبره بعد تكوينه.
–       اصلاح الأحزاب والحركات لنفسها وتوحيدها ويمكن تشكيل ائتلافات حزبية للعمل الجبهوي بدلا من حالة السيولة الحزبية التي سوف تؤثر على مستقبل البلد.
إذا لم يحل عجز الحكومة الحالية بإصلاحها وان تعمل ببرنامج واضح فلا مجال للحديث عن اصلاح بعد ما يقارب ثلاثة أعوام الا بتغييرها وتغيير رئيس الوزراء وتغيير طريقة عمل الحاضنة، فاذا استمر الحال كما هو عليه فأما انتفاضة جديدة لإصلاح الثورة وتصحيح مسارها أو انقلاب يرجعنا عشرات السنين للوراء، فهذه فرصة تاريخية للعبور بالسودان لبر الأمان فاذا ضاعت فسوف تجد قيادات القوى السياسية نفسها في سجن كوبر فانهم لا يتعلمون من اخطائهم ابدا. فهذا أو الطوفان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..