الخمور تستهدف الشباب وهذا هو الدليل ..

تقرير: آمنة السيدح :

لم يكد يمر يوم أو يومان إلا وتقرأ خبراً صحفياً يحمل أخباراً عن ضبط كميات من الخمور وهي في طريقها للسوق، وبكميات كبيرة جداً تؤكد أن لهذه الخمور سوقاً رائجاً وسط المجتمع.. ولمعرفة أسباب هذه الظاهرة وكيفية معالجتها والفئة العمرية التي تستهدفها، بدأنا بجمع عدد من الأخبار المنشورة في الصحف، ثم أخذنا رأي المختصين والمعنيين بمحاربة الظاهرة، وقد أكد مصدر مطلع أن هذه الخمور تصنع بطريقة خطيرة جداً، فهي لم تعد مسكرة فقط، وإنما هي تؤذي من يتناولونها بصورة أخطر مما كانت عليه في السابق، وقال إنها تصنع من مواد ضارة جداً مثل حجارة البطارية و السفنجات وغيرها من الأشياء التي تجمع من النفايات، وقال إن القوارير التي تعبأ فيها لا يتم غسلها أو تنظيفها.

ضبط خمور

تمكنت شرطة تأمين وسط الخرطوم من ضبط أكبر عملية لتهريب وتسويق الخمور البلدية بمنطقة السوق العربي بالخرطوم، بعد مطاردة عنيفة جرت بين دورية ارتكاز تأمين وحافلة هايس يقودها اثنان من المتهمين.. وقال مصدر إن العملية أسفرت عن ضبط 35 جوالاً محملاً بما يفوق 3700 قارورة من الخمور البلدية داخل الحافلة، تقدر قيمتها بـ20 ألف جنيه.. وفي خبر ثانٍ داهمت شعبة الديم وأمن المجتمع بالتضامن مع شعبة مراقبة الأجانب احدى الشقق بمنطقة السوق الشعبي بالخرطوم، حيث القي القبض على ثلاث أجنبيات من شرق آسيا يدرن مصنعاً للخمور البلدية، وتم ضبط برميل كبير من البلاستيك مليئاً بالخمور البلدية المعبأة، وفي طريقها للترويج والبيع، وهي ظاهرة تعد الأولى من نوعها لرعايا من دول آسيا.. وخبراً آخر يقول تمكنت شرطة أمن المجتمع بأم درمان من توقيف 11 متهماً، وضبط 6 آلاف قارورة معبأة بالخمور موزعة في عدد 90 جوالاً، وكانت معلومات قد توفرت لشرطة أمن المجتمع تفيد بأن هناك مخازن يتم فيها تخزين الخمور بعد جلبها من أماكن تصنيع مختلفة بغرض ترويجها داخل الخرطوم وبعض الولايات الأخرى، وأماكن التعدين الأهلي، فداهمت الشرطة المخازن التي كان عددها 5 بمنطقة أمبدة الحارة (58).. وكان أحدث الأخبار في أم درمان التي وقف معتمدها الفريق شرطة أحمد إمام التهامي على العملية التي قامت بها شرطة الكبجاب التي قامت بضبط عدد 11.117 قارورة خمور بلدية بأحجام مختلفة، وذلك بحضور كمال حمدنا الله رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية.

استهداف الشباب

حاولنا اكتشاف السوق الذي تصنع له هذه الخمور التي تنتج بكميات كبيرة، فإذا كانت هذه الكمية التي تم ضبطها بهذه الكميات الكبيرة، فليس ببعيد أن تكون هناك كميات أخرى وصلت الى سوقها، فقالت الأستاذة سلافة بسطاوي الاختصاصية الاجتماعية، إن تعاطي الخمور يختلف من المرحلة العمرية وذهبت الى أن تعاطي الخمورعادة ما يبدأ في مرحلة المراهقة من باب الاكتشاف والتجريب والتطبيق، لأنه يريد أن يعرف أضرارها وفوائدها، ويمكن أن يعرف أضرارها ويتركها خاصة إذا تمت توعيته، لكن إذا نشأ في فراغ وضعف معلومات، وبعد الأسر فإنه سيواصل ويمتد معه التعاطي الى مرحلة الشباب، وهي مرحلة عادة ما يعتد فيها الشباب بأنفسهم، لأنهم يريدون أن يثبتوا رجولتهم وقوتهم، ويمكنهم اتخاذ قراراتهم، لكن الواقع يكذب ذلك لأن استمراره في شرب الخمر يعني انه ما زال يعيش في الضعف الذي اكتسبه في سن المراهقة، ولابد لنا في هذا المقام أن نذكر الدوافع الأخرى التي تحول الشاب الى مدمن للخمور، وعلى رأسها المشاكل العاطفية غير الناجحة، ولن ننسى أيضاً ما يسمى بكأس الشجاعة، وهو المشروب الذي يقدم للعريس ليلة عرسه حتى يستطيع مواجهة الكم الهائل من الناس، ودائماً ما تقوم الشلة والأصحاب باقناع العريس به، وكثير منهم أصبحوا مدمنين بعد تلك الليلة، أما من هم دون (40 عاماً) فهم يدمنونها لأسباب كثيرة أولها التهميش والضياع والإهمال والفشل في الحياة الزوجية، وفشل الأبناء، وعادة ما يتناولها هؤلاء بعد أن يفشلوا في مواجهة مشاكلهم، ثم بعد أن يشربوا كمية منها يعودون للمنزل ليقوموا بصولات وجولات وبطولات، وكثير منهم يناقشون مشاكلهم بعد السكر، وعلاج هذه المشاكل يكمن في الأسرة التي يتوجب عليها إعادة دمج أبنائها في مشاكلهم بشفافية تامة، وملء فراغهم، وتمكينهم من أداء دور إيجابي في الأسرة والمجتمع.

جهود مبذولة ولكن!!

أما د. بدر الدين اسحق مدير إدارة الشباب بوزارة الشباب والرياضة ولاية الخرطوم، والباحث في مجال الشباب قال: إن تقضية وتزجية وشغل أوقات الفراغ تحدياً عالميا حيث ان العالم كله عبر منظماته يتحدث ويدرس هذه المشكلات وزاد إن اي تحد لم يستجب له المجتمع ويضع له الحلول ينسحب على أشياء أخرى وبالتحديد في صحة الشباب، لأنهم سينساقون الى الخمور والمخدرات وبعدها يبدأون التحلل القيمي، حيث تحركهم شهواتهم خاصة لدى من هم دون 35 عاماً، لذلك نجد انتشار المخدرات والايدز والخمور دائماً ما تكون في هذه الأوساط، وهي رد فعل لعدم تشغيل الشباب والبطالة، وهي تولد الإحباط الذي يولد بدوره الغبن المجتمعي.. والآليات التي تعمل بها الدولة لمحاربتها لم تستطع مكافحتها، رغم تكاملها مع بعضها البعض وقال إن 40% من سكان الخرطوم من الشباب، حيث يبلغ عددهم تقريباً 2 مليون و376 ألف وقد عملنا من خلال 103 مراكز للشباب في مجال مكافحة المخدرات والإيدز والعادات الضارة وتنمية المجتمع، لكننا ما نزال نحتاج لخلق شراكات مجتمعية مع الجهات ذات الصلة بالإضافة للدور المهم للصحافة والإعلام في التوعية.

ظاهرة تستحق الدراسة

أما رئيس الاتحاد الوطني للشباب السوداني الأستاذ بلة يوسف، فقد سألناه عن دور الاتحاد في محاربة الخمور وسط الشباب بعد انتشارها، فقال إنها أصبحت ظاهرة مخيفة خلال الفترة الأخيرة.. وقال إنها تنذر بوجود عمل مختلف ودور جديد لجهات لنشرها وسط الشباب، لذلك حتى الآن بصدد الوقوف على الظاهرة بتوفير المعلومات من الجهات المعنية والأساليب التي استجدت فيها.. وقال إنهم معنيون بلعب دور مقدر للحد من انتشارها وسط الشباب وادماجها في الحملة المتكاملة التي يقوم بها الاتحاد، وسنفرد لها حيزاً كبيراً في برنامجنا.

يبدو أن هذه الخمور تستهدف الشباب السوداني بمختلف أعمارهم، ولابد من الإسراع في دراسة هذه الظاهرة قبل أن يضيع مستقبل السودان.

اخر لحظة