مقالات وآراء سياسية

هل ستنجح تدخلات المصالح الأممية في قلب الانقلاب؟

د/ مبارك همت 
 
بدأت كل محاولات التدخلات الأجنبية في الضغط على السيد البرهان لتصحيح الأوضاع ، هل هنالك أمل في نجاح هذه المحاولات؟ ، فصيغة التصريحات التي تدلي بها هذه الجهات لا تكفي للنأي بالسيد البرهان عن مبتغاه، والسياسة علمتنا أن ما يحاك في دهاليزها دوماً مغاير لم تظهره في مسارحها ، فالسياسة في  كثير من الأحيان “نفاق” ولعبة مصالح وليس في ذلك شك إلا لمن يود إخفاء رأسه بالرمال ، فحينما جلس السيد برهان مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان يونيتامس فولكر بيرتس  بعد الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدومك صرح بعدها السيد فولكر ان الاتفاق حل وسط ، وذلك يعني أنهم قبلوا به ، وقالها السيد فولكر أن الاتفاق غير مقبول لكثير من السودانيين ، ولكنه قبل به شخصياُ لايقاف مزيد من اراقة الدماء والتي لأظن انها غالية عليه كثيراً  رغم أن الانسانية تتطلب ذلك ، فتلك الدماء قد رخُصت لكثير من أبناء جلدتنا ففجعوا بها الاسر السودانية ، وملأوا بها البويوتات حزناً وألماً ، دون أن يثير ذلك ويحرك فيهم شعرة ، فناهيك عن فولكر وغيره ، وقال فولكر بعد الاتفاق السياسي بين حمدوك والبرهان ان ذلك الاتفاق خطوة لاستعادة النظام الدستوري في السودان “الوثيقة الدستورية”، وسينتظر هو والعالم بترقب أن كان الاتفاق سيحقق ما جاء في بنوده من حرية التظاهر , وعدم كبت وممارسة العنف مع المتظاهرين ، وحرية ترك رئيس الوزراء في اختيار كامل طاقمه الوزاري دون أي تدخل ، وهذا ما قاله السيد حمدوك أيضاُ وترك المنصب حينما لم يرى اتفاقه النور ، ولم يجد أن الاتفاق مقبلول للشارع السوداني الذي رفضه من أول وهلة ، ولا نود تجريم حمدوك فقد ذهب كما ذهب اتفاقه مع العسكر ، وفقد الاتفاق مضمونه تماماً من توقيعه ، لانه بني بوجهة نظر احادية ، ولكن حمدوك رغم اختلافنا معه أثبت انه لا يعمل في بيئة انقلابية بحتة ، رغم ما سببه توقيعه على الاتفاق من شرعنته في حينها .
فالحقيقة أن كل ما قاله فولكر بيرتس وكل ما تمنها حمدوك لم يحدث ، فماذا كانت ردة فعل فولكر ؟ هل سينجح في تقريب وجهات النظر أم ستكون حواراته مزيد من كسب الوقت للمكون العسكري الذي يسيطر على المشهد السوداني برمته ، ويفعل ما يريد ، فالبرهان قد عين حكومة سودانية جديدة من 15 وزيرا مكلفين بإدارة مهام الحكومة ، أستناداً على صلاحيات لا ندري !! وقد أبقى البرهان على وزراء شركاء السلام أو شركاء الانقلاب ان صح الاعتبار ، وقد تم تكوين تم تشكيل الوزراء المكلفين بعد لقاء البرهان واجتماعه مع وفد أمريكي ، فهل لذلك دلالات ومؤشرات ؟؟ هل السيد البرهان قد اعطي الضوء الاخضر فيما  فعل وما يريد ؟؟؟ أم هو فرض الامر الواقع الذي يقوم به البرهان منذ انقلابه على الوثيقة الدستورية . فما يفعله البرهان محير للأفئدة ولروح المنطق ، فبينما المفاوضات مستمرة منذ أن بدأتها بعثة يونيتامس في 8  يناير ، والرامية إلى كسر الجمود والاحتقان السياسي الحالي في السودان ، ومحاولة تطوير مسار جديد نحو الديمقراطية والسلام .فهل سينجح ذلك ؟؟ ورغم أن السيد فولكر قد أشار انه قد أجرى عدة مشاورات مع ممثلين عن الأجندة النسائية وحزب الأمة الوطني وجيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي والحزب الاتحادي الديمقراطي واللجنة المركزية لقوى الحرية والتغيير وذلك على حسب ما  نشر بالموقع الرسمي للأمم المتحدة ، فهل كل هذه المكونات أن تسعى بكل جدية للوصول لاتفاق مرضي للحفاظ على الاوطان وعدم جر البلاد للفوضى والتي نعلم جيداً من يسعى لنشرها بالبلاد ، وهل سيحكم المكون العسكري صوت العقل ؟ . فعلى المدنيين عدم وضع الثقة الكاملة للمساعي الاممية ، فالعاقل من اتعظ بالتاريخ ولم يركن للحل المستجلب من الخارج ، فيمكن أعتبار هذه المساعي مدخل لايجاد حل وتجميع للفرقاء وتوحيد للصفوف ولكن ليس هو الحل نفسه” المتغطي بهولاء عريان . برغم من ابداء حسن النية للسيد فولكر ” ولكن لكل مصالحه وأجندته التي  يسعى لتحقيقها ويجب ، وأن توضع في عين الاعتبار ، والكل يعلم أن هنالك مساعي أخري من قبل عدة دولة منها أسرائل التي بدأت تتدخل بقوة في السياسة السودانية عن طريق المكون العسكري ، ووقد تكون هي الداعم الاساسي لهذا المكون الذي يعامل معها بكل وضوح ودون قيود تذكر ، واسرائل لديها قوتها في السياسة الخارجية لكثير من الدول ، وتؤثر في قرارات كثير من البلدان بالتدخل المباشر وغير مباشر عن طريق حلفائها ، وأيضاً هنالك دول المحور التي تعمل من أجل مصالحها فقط والكل يعلم ذلك ، بينما تظهر على انها تقف مع الشعب السوداني ، وهذه الدول  أخطر علينا من أسرائل نفسها ، فالسياسة الاسرائلية تجاه السودان اصبحت واضحة بينما الدول الاخرى تخفي في سرائرها البغض لكل ما يسعى له الشعب السوداني من تطبيق الحرية والديمقراطية والحكم المدني ، والتي تسعى بكل ما تملك لاجهاضه لانه لا يتماشى مع سياساتها ، والتي بدورها أن تحققت ستوقف كثير من المنافع التي يجنونها .
فالحل يعتبر الان السهل الممتنع أن امعنا النظر !!! ، والحل يجب أن يمثل لغة ذات منطق خاص بنا كسودانيين ، منطق مغاير تماماً للواقع التقليدي المتعارف عليه في السياسة السودانية ومع الساسة السودانيين ، والذي تسبب دوماً في أود الديمقراطيات من بداياتها، واقع بعيد عن المناصب والترضيات والتنازلات المخلة لمنطق الثوار  ، واقع تفرضه قوانين الزمان والمكان والهوية المفروضة الان بالامر  بالثوار ، واقع يلبي طموحات الجيل الذي يقدم روحه بكل محبة رخيصة ليعلوا الوطن ، فعلى الجميع فهم هذه الامور جيدأ والنظر بعين الاعتبار . ونحن نتمسك بالأمل ونثق بالشباب والثورة . والحل قادم بأذن الله .
والشعب اقوى أقوى والثورة مستمرة .

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..